(الصفحة 409)مسئلة 65 ـ من استقر عليه الحج و تمكن من ادائه ليس له ان يحج عن غيره
تبرعا او بالاجارة، و كذا ليس له ان يتطوع به فلو خالف ففى صحته اشكال بل لا
يبعد البطلان من غير فرق بين علمه بوجوبه عليه و عدمه، و لو لم يتمكن منه صح عن
الغير، و لو آجر نفسه مع تمكن حج نفسه بطلت الاجارة و ان كان جاهلا بوجوبه عليه2 .
مال الغير من دون رضاه او عدم اعتبار رضاه و قد نفى البعد السيد (قدس سره) في
العروة عن جواز استيجار المناسب لحال الميت من حيث الفضل و الاوثقية مع عدم
قبوله الا بالازيد و ظاهر المتن باعتبار عدم استثناء هذه الصورة منع الجواز
فيها و وجه الاستثناء دعوى ان الادلة الواردة في الحج عن الميت منصرفة الى
المتعارف مما يناسب شرفه و مقامه كنفس الميت إذا اراد الاستنابة و الاستيجار
كما ان مبنى المنع منع دعوى الانصراف المذكور.
ثم انه لا تجب المبالغة في الفحص عمن كان اقل اجرة بل اللازم الفحص بنحو يعد
عند العرف كذلك و الزائد عليه غير واجب و ان كان مطابقا للاحتياط.
2 ـ فى هذه المسئلة فروض و صور متعددة لان من استقر عليه الحج تارة يتمكن من
ادائه و لو متسكعا و اخرى لا يتمكن منه و لو كذلك و في كلتا الصورتين تارة يعلم
بوجوب الحج عليه كذلك و اخرى لا يعلم به فالصور اربعة:
الاولى: ما إذا كان متمكنا من الاداء و
عالما بوجوب الحج عليه و البحث فيها تارة في الحكم التكليفى و اخرى في الحكم
الوضعى.
اما من الجهة الاولى فالحكم فيه عدم الجواز لانه بعد ما كان مكلفا بان يحج حجة
الاسلام فورا ففورا فاللازم بحكم العقل اتيان الحج لنفسه بعنوان الوجوب فلا
يجوز له الترك و المخالفة سواء كان في ضمن الترك المطلق او الاتيان بحج غير حجة
الاسلام لنفسه او لغيره تبرعا او بالاجارة.
و اما من الجهة الثانية فالحكم بالصحة او البطلان تارة يلاحظ بالنسبة الى نظائر
(الصفحة 410)
المسئلة كمسئلة الازالة الواجبة فورا و الصلوة و اخرى يلا حظ بالاضافة الى
الخصوصيات الموجودة في المقام غير الجارية في مثل تلك المسئلة فمن الحيث الاول
لا يكون للبحث هنا جهة خاصة بل يجرى فيه ما ذكر هناك من القول بالبطلان مستندا
الى اقتضاء الامر بالشىء للنهى عن ضده و كون ترك احد الضدين مقدمة لوجود الاخر
و مقدمة الواجب واجبة شرعا او الى عدم الامر كما اختاره البهائى (قدس سره) او
القول بالصحة مستندا الى كفاية الملاك في صحة العبادة و عدم الحاجة الى الامر
الفعلى او الى ثبوت الامر من طريق الترتب او غيره.
فالعمدة هو البحث من الحيث الثانى و هى الخصوصيات الموجودة في المقام فنقول هذه
الخصوصيات امور متعددة و اللازم قبل ذكرها الاشارة الى الاقوال في المسئلة
فنقول نسب الى المشهور البطلان و نفى عنه البعد في المتن و ادعى صاحب الجواهر
(قدس سره) انه لا خلاف في بطلان الحج النيابى و حكى عن الشيخ في الخلاف الصحة و
نفى عنها البعد السيد في العروة، و عن صاحب المدارك التردد و فصل بعضهم بين
الحج النيابى و التطوعى بالقول بالبطلان في الاول و الصحة في الثانى و اللازم
ملاحظة الخصوصيات و انه هل يقتضى الصحة في المقام و ان قلنا بالبطلان في مسئلة
الصلوة و الازالة او يقتضى البطلان و ان قلنا بالصحة في تلك المسئلة فنقول:
الاولى: ان الزمان الذى يجب عليه ان يأتى
بالحج الذى قد استقر عليه مختص بحج نفسه و ظرف له خاصة و لا يكون قابلا لغير
حجة الاسلام نظير شهر رمضان الذى لا يكون قابلا لصوم غيره سواء كان تطوعا ام
واجبا كما إذا تعلق النذر به في السفر فشهر رمضان لا بد اما ان يقع فيه صومه او
يكون خاليا عن صومه عصيانا او مشروعا كما إذا كان في السفر ـ مثلا ـ و المقام
ايضا من هذا القبيل.
و الجواب: انه قد قام الدليل في شهر رمضان
على عدم كونه قابلا لصوم غيره و لم يقم في الحج مثل ذلك الدليل و مجرد كون
الوجوب فوريا لا يستلزم عدم القابلية و عدم
(الصفحة 411)
صلاحية وقوع حج آخر في هذا الزمان و الا يلزم ان يكون كذلك في مسئلة الصلوة و
الازالة لان المفروض فيها كون وجوب الازالة فوريا فالفورية امر و عدم القابلية
امر آخر.
ثانيتها: الروايتان الواردتان في المقام:
احديهما: صحيحة سعد بن ابى خلف قال: سئلت
ابا الحسن موسى (عليه السلام) عن الرجل الصرورة يحج عن الميت قال نعم إذا لم
يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فان كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزى عنه حتى
يحج من ماله، و هى تجزى عن الميت، ان كان للصرورة مال، و ان لم يكن له مال.(1)
و الظاهر ان السؤال انما هو عن الحكم التكليفى و ان الصرورة باعتبار انه لم يحج
اصلا هل تجوز له النيابة عن الميت ام لا تجوز بل اللازم ان يكون النائب قد حج
قبلا و لازمه ان يكون عارفا بالمواقف و المشاعر و المناسك و الخصوصيات الاخر
فالجواب ناظر الى انه لا مانع من نيابة الصرورة مقيدا بعدم كونه مستطيعا و
مفهومه عدم الجواز في صورة تحقق الاستطاعة للنائب و هذا هو الحكم التكليفى الذى
ذكرنا انه لا شبهة في ثبوته.
و اما الحكم الوضعى الذى هو محل البحث فالدلالة عليه انما هى بالجملة التى
فرعها على الجملة الاولى و ظاهرها باعتبار رجوع الضمير في «عنه» الى النائب
كالضمائر في قوله «له» و قوله: «عن نفسه» و قوله: «من ماله» انه ان كان النائب
مستطيعا و له ما يحج به عن نفسه لا يكون الحج النيابى مجزيا عن حجة الاسلام
الواجبة على النائب و قوله (عليه السلام) في الذيل: «و هى تجزى عن الميت» تدل
على صحة الحج النيابى و وقوعه عن الميت سواء كان النائب مستطيعا يجب عليه الحج
ام لا، و اما احتمال رجوع الضمير في «عنه» الى الميت المنوب عنه بحيث كان
مدلولها انه مع استطاعة النائب لا يكون الحج النيابى مجزيا عن الميت فتدل على
البطلان في المقام فمصافا الى عدم ملائمته
-
1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الخامس ح ـ 1
(الصفحة 412)
مع قوله: «حتى يحج من ماله» مخالفة لقوله في الذيل «و هى تجزى عن الميت» و
العجب ممن استدل بها على البطلان بل لا مجال لدعوى كون دلالتها على الصحة اولى
كما ذكره السيد (قدس سره) في العروة فانه لا اشعار فيها بالبطلان بل دلالتها
على الصحة واضحة
ثانيتهما: صحيحة سعيد بن عبد اللّه الاعرج
انه سئل ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن الصرورة ا يحج عن الميت؟فقال، نعم إذا
لم يجد الصرورة ما يحج به فان كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله و هو
يجزى عن الميت كان له مال او لم يكن له مال(1) و البحث في دلالتها
كالبحث في الرواية السابقة و ان كان قوله (عليه السلام) هنا: «فليس له ذلك»
بيان للمفهوم المستفاد من الجملة الاولى المتعرضة للحكم التكليفى كما لا يخفى.
الثالثة: ما حكى عن المحقق النائينى (قدس
سره) من ان الترتب لا يجرى في الحج لان الترتب انما يجرى في الواجبين المقيدين
بالقدرة العقلية و اما إذا كان احد الواجبين مقيدا بالقدرة الشرعية فلا يجرى
فيه الترتب لانه في فرض العصيان لا يبقى موضوع للواجب المقيد بالقدرة الشرعية و
لا امر له اصلا كما هو الحال في الوضوء فانه مقيد بالقدرة الشرعية بالتمكن من
استعمال الماء شرعا فلو وجب صرف الماء في واجب آخر اهمّ و عصاه و توضأ به لا
يحكم بصحة وضوئه بالامر الترتبى لانه في فرض العصيان لا موضوع لوجوب الوضوء
اصلا و هكذا الحج فان المأخوذ فيه القدرة الشرعية بمعنى انه اخذ في موضوعه عدم
عصيان واجب آخر اهمّ فاذا عصى لا يتحقق موضوع الحج اصلا.
و الجواب عنه منع المبنى فان المأخوذ في الحج مجرد الاستطاعة المركبة من
الاستطاعات الاربعة: المالية و البدنية و الزمانية و السربية و لا يعتبر فيه
شىء آخر زائد على ذلك فالقدرة الشرعية بالمعنى المذكور و هو عدم استلزامه
لعصيان
-
1 ـ ئل ابواب النيابة في الحج الباب الخامس ح ـ 3
(الصفحة 413)
واجب لا تكون مأخوذة فيه بوجه كما مر الكلام فيه مرارا فلا فرق بين الحج و بين
الازالة في المثال المعروف لان المفروض في هذه الصورة التمكن من حج نفسه و لو
متسكعا و كونه عالما بالوجوب و الفورية.
و اجيب عنه بوجه آخر و هو انه لو سلم اخذ القدرة الشرعية في الحج فانما هى
مأخوذة في حج الاسلام لا في سائر اقسام الحج من التطوعى و النيابى و النذرى فلا
مانع من جريان الامر الترتبى في غير حجة الاسلام و الحكم بصحته في صورة العصيان
و عدم الاتيان بحجة الاسلام.
و يمكن المناقشة في هذا الجواب بان مدعاه (قدس سره) عدم كون احد الواجبين مقيدا
بالقدرة الشرعية من دون فرق بين الواجب الاهم و الواجب المهم فمجرد كون حجة
الاسلام مشروطة بالقدرة الشرعية يكفى على مبناه (قدس سره) في الخروج عن الامر
الترتبى و ان كان غير حجة الاسلام كالتطوعى و النيابى غير مشروط بذلك.
و يمكن الجواب عنه بوجه آخر و هو انه على فرض اشتراط حجة الاسلام بالقدرة
الشرعية يمكن ان يقال بكون المشروط بها هى حجة الاسلام التى اريد الاتيان بها
في عام الاستطاعة و اما إذا استقرت و اريد الاتيان بها في العام الثانى فلم يقم
دليل على الاشتراط بالقدرة الشرعية كما انه غير مشروط ببعض الاستطاعات الاربعة
كالاستطاعة المالية لوجوبه مع التسكع ايضا و كيف كان فهذه الخصوصية الثالثة
ايضا غير ثابتة.
الرابعة: ان اللام في قوله تعالى: و للّه
على الناس حج البيت....لما كانت ظاهرة في الملك كانت الآية دالة على كون الحج
الذى هو فعل المكلف و عمله يكون مملوكا للّه تعالى و ـ ح ـ لا يجوز التصرف فيه
بنحو لا يكون مأذونا فيه من قبل اللّه تعالى فاذا حج نيابة عن الغير او عن نفسه
تطوعا يكون تصرفا فيه بغير اذنه تعالى فيقع باطلا و «دعوى» انه إذا كان مفاد
الاية ما ذكر فلا دلالة لها ـ ح ـ على الوجوب