(الصفحة 320)مسئلة 52 ـ لا يشترط اذن الزوج للزوجة في الحج و ان كانت مستطيعة و لا
يجوز له منعها منه، و كذا في الحج النذرى و نحوه إذا كان مضيقا و في المندوب
يشترط اذنه، و كذا الموسع قبل تضييقه على الاقوى، بل في حجة الاسلام له منعها
من الخروج مع اول الرفقة مع وجود اخرى قبل تضييق الوقت، و المطلقة الرجعية
كالزوجة ما دامت في العدة بخلاف البائنة و المعتدة للوفاة فيجوز لهما في
المندوب ايضا، و المنقطعة كالدائمة على الظاهر، و لا فرق في اشتراط الاذن بين
ان يكون ممنوعا من الاستمتاع لمرض و نحوه اولا1.
المذكورة في الصدر و ليس شيئا آخر زائدا على الصدر بحيث كان مفاد الصدر مجرد
ثبوت الاجر و كان مفاد الذيل عدم وجوب القضاء في العبادات الثلاثة و ظاهره عدم
الوجوب بعد تحققها و الفراغ عنها كما لا يخفى فالانصاف تمامية دلالة الصحيحة
على عدم وجوب الاعادة في الاثناء ايضا و هذا الوجه هو الظاهر فلا فرق بين ما
إذا كان الاستبصار بعد تمامية الحج او في الاثناء نعم ظهر مما ذكرنا اختصاص هذا
الامر بالحج و عدم جريانه في مثل الصلوة و الصيام فالاستبصار في اثنائهما لا
يجدى بالنسبة الى عدم وجوب الاعادة بل يجب الرجوع فيهما الى القاعدة المقتضية
لوجوب الاعادة كما هو ظاهر.
1 ـ فى هذه المسئلة ايضا جهات من البحث:
الاولى: في عدم اشتراط اذن الزوج للزوجة في
وجوب الحج عليها إذا كانت مستطيعة بالاستطاعة المعتبرة الجامعة للاستطاعات
الاربعة و لا خلاف يوجد فيه كما في محكى المستند و يدل عليه جملة من النصوص
المعتبرة: منها صحيحة محمد ـ يعنى ابن مسلم ـ عن ابى جعفر (عليه السلام) قال:
سئلته عن امرأة لم تحج و لها زوج و ابى ان يأذن لها في الحج فغاب زوجها فهل لها
ان
(الصفحة 321)
تحج؟
قال: لا اطاعة له عليها في حجة
الاسلام.(1)
و منها: صحيحة معاوية بن وهب قال: قلت لابى
عبد اللّه (عليه السلام) امرأة لها زوج فابى ان يأذن لها في الحج، و لم تحج حجة
الاسلام، فغاب عنها زوجها و قد نهاها ان تحج فقال: لا طاعة له عليها في حجة
الاسلام و لا كرامة، لتحج ان شاءت.(2) و هذه الرواية دليل على ان
التعليق على المشية لا ينافى الوجوب كما قد مر.
و منها: صحيحة زرارة عن ابى جعفر (عليه
السلام) قال سئلته عن امرأة لها زوج و هى صرورة و لا يأذن لها في الحج قال: تحج
و ان لم يأذن لها.(3)
و منها غير ذلك من الروايات الدالة عليه.
ثم ان القدر المتيقن من مورد الروايات هو ما إذا كان الحج مستقرا عليها و اما
إذا لم يكن كذلك كما إذا كانت في عام الاستطاعة فمقتضى القاعدة بناء على ما
اخترنا من عدم اعتبار الاستطاعة الشرعية في وجوب الحج و ان المعتبر فيه هى
الاستطاعة الجامعة للاستطاعات الاربعة فقط عدم اشتراط الاذن في وجوب الحج عليها
لفرض تحقق الاستطاعة المعتبرة، و اما بناء على اعتبار الاستطاعة الشرعية التى
لازمها عدم استلزام الاتيان بالحج لترك واجب او فعل محرم فاللازم بمقتضى
القاعدة عدم الوجوب عليها مع عدم الاذن و المنع لاستلزام الحج الخروج من البيت
غير الجائز بدون اذنه كما قد وقع التصريح به في جملة من الروايات هذا مع قطع
النظر عن روايات المقام.
و اما مع ملاحظتها فالظاهر ان مقتضاها عدم الاشتراط في الحج غير المستقر ايضا
لان قوله (عليه السلام) في كثير منها: لا اطاعة له عليها في حجة الاسلام شامل
له ايضا
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 3
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع الخمسون ح ـ 4
(الصفحة 322)
و لا اختصاص له بالحج المستقر مضافا الى اطلاق السؤال فيها و ترك الاستفصال في
الجواب فلا تنبغى المناقشة في هذه الصورة ايضا.
الثانية انه لا يجوز للزوج منع الزوجة عن
حجة الاسلام لا بالمنع القولى و لا بالمنع العملى اما الاول فلكونه امرا
بالمنكر و اما الثانى فلكونه سببا لتحققه مضافا الى انه خلاف السلطنة على النفس
و الى ان الجواز فرع ثبوت الحق له و المستفاد من الروايات المتقدمة عدم ثبوت
الحق له في هذه الجهة و يدل عليه مرسلة المقنعة المعتبرة قال: سئل (عليه
السلام) عن المرأة تجب عليها حجة الاسلام يمنعها زوجها من ذلك، اعليها
الامتناع؟ فقال (عليه السلام) ليس للزوج منعها من حجة الاسلام، و ان خالفته و
خرجت لم يكن عليها حرج.(1)
الثالثة ظاهر المتن و غيره الحاق الحج
الواجب بالنذر و نحوه إذا كان مضيقا بحجة الاسلام في عدم اشتراط الاذن من الزوج
في وجوب الوفاء به و الدليل على الالحاق ـ كما فى المستمسك ـ مع ان الروايات
المتقدمة موردها خصوص حج الاسلام اما الغاء خصوصية المورد من تلك الروايات و
اما الاجماع و اما ما في المعتبرة و غيره من قوله (عليه السلام)لا طاعة لمخلوق
في معصية الخالق.(2)
اقول ما حديث الغاء الخصوصية فلا موقع له
لانه بعد ما كانت حجة الاسلام لها خصوصية من جهة الاهمية التى يكشف عنها
التعبير بالكفر في مورد تركه في الاية الشريفة و كون تاركه يموت يهوديا او
نصرانيا لا مجال لالغاء الخصوصية عنها لاحتمال كون الاهتمام بها موجبا لالغاء
اشتراط اذن الزوج و من الواضح عدم ثبوته في مثل حج النذر كما لا يخفى.
و اما الاجماع فالظاهر انه لا اصالة له في مثل المقام مما يوجد فيه ما يمكن ان
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 6
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 7
(الصفحة 323)
يستدل به من الروايات كالغاء الخصوصية على ما عرفت و كالرواية الآتية فلا يكون
الاجماع على فرض تحققه دليلا مستقلا.
و اما مرسلة المعتبر فهى و ان كانت معتبرة من حيث السند لانها من جملة المرسلات
التى اسند المرسل الرواية الى الامام (عليه السلام) بمثل «قال» و هذا يكفى في
اعتبار الرواية لان ذلك بمنزلة توثيق جميع الوسائط الا انه نوقش في دلالتها من
وجهين:
احدهما ما يظهر من بعض الاعلام في بيان
مقتضى القاعدة في حج النذر من ان النذر واجب فيما إذا كان الرجحان في متعلقه في
ظرف العمل بمعنى ان النذر انما ينعقد و يجب الوفاء به إذا كان المنذور راجحا في
ظرف العمل به و اما إذا كان مرجوحا و محرما في نفسه فلا ينعقد من الاول و ينحل
و لا يجب الوفاء به و يقدم الواجب الاخر عليه فان العمل لا بد ان يكون في نفسه
راجحا مع قطع النظر عن تعلق النذر به و عليه إذا فرض ان خروج الزوجة من البيت
من دون اذن الزوج محرم كما في النصوص المعتبرة فلا ينعقد نذرها للحج المستلزم
للخروج من البيت.
و محصل هذه المناقشة عدم انعقاد النذر فلا يكون هناك معصية الخالق حتى لا تكون
اطاعة للمخلوق بالاضافة اليها كما لا يخفى.
و يدفع هذه المناقشة بعد تسليم اعتبار
الرجحان في المتعلق في ظرف العمل و تحقق الفعل ان المنذور و هو الحج لا يكون
فاقدا للرجحان في ظرف الاتيان به و استلزامه للخروج من البيت بغير اذن الزوج لا
يستلزم فقدان الحج للرجحان لانه لا موجب لذلك اصلا غاية الامر ان الاستلزام
المذكور موجب لتحقق المزاحمة بين دليل وجوب الوفاء بالنذر و دليل حرمة الخروج
من البيت بغير اذن الزوج فاذا فرض ان المرسلة اقتضت عدم ثبوت الطاعة للمخلوق في
معصية الخالق فلازمه تقديم وجوب الوفاء بالنذر و ان كان مستلزما للخروج المذكور
و الانصاف ان هذا الكلام من بعض الاعلام في غاية الغرابة و نهاية الاستبعاد.
(الصفحة 324)
ثانيهما ما يظهر من صاحب «جامع المدارك» من
ان المرسلة ناظرة الى ما لم تكن اطاعة المخلوق اطاعة للّه تعالى ايضا و في مثل
المقام من الزوج و المولى تكون اطاعة الزوجة و العبد اطاعة له تعالى لانها
واجبة من قبل الشرع فهو خارج عن المرسلة.
و يدفعه ـ مضافا الى استناد الفقهاء اليها
في موارد وجوب الاطاعة مثل ما إذا اذن المولى لعبده في الحج ثم رجع في اثناء
الحج عن اذنه و في غيره ـ انه لا معنى لحمل المرسلة على موارد الاطاعة غير
الواجبة فانه لا معنى لان تكون الاطاعة الكذائية مقدمة على اطاعة الخالق و
ارتكاب معصية بل الظاهر هى الاطاعة الواجبة مع قطع النظر عن معصية الخالق
فالمراد انه لاطاعة لمخلوق فيما تجب اطاعته في نفسه إذا كانت مستلزمة لمعصية
الخالق فالانصاف تمامية الاستدلال بالمرسلة لعدم اشتراط مثل حج النذر و الحج
الاستيجارى باذن الزوج فتدبر.
الرابعة يشترط اذن الزوج في الحج المندوب و
في الجواهر: اجماعا محكيا عن التذكرة بل في المدارك نسبته الى علمائنا اجمع بل
فيها عن المنتهى لا نعلم فيه خلافا بين اهل العلم و هو الحجة.
و استدل عليه ـ مضافا الى الاجماع ـ بان حق الزوج واجب فلا يجوز تفويته بما ليس
بواجب و بموثقة اسحق بن عمار عن ابى ابراهيم (ع) قال: سئلته عن المرأة الموسرة
قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها احجّنى مرة اخرى، اله ان يمنعها؟ قال: نعم،
يقول لها: حقى عليك اعظم من حقك علىّ في هذا.(1) لكن في محكى
المدارك: «و قد يقال ان الدليل الاول انما يقتضى المنع من الحج إذا استلزم
تفويت حق الزوج و المدعى اعم من ذلك، و الرواية انما تدل على ان للزوج المنع و
لا يلزم منه التوقف على الاذن...» و اجاب عن الاشكال على الاول في «المستمسك»
بما حاصله ان الروايات الدالة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 2