(الصفحة 71)
مسئلة 7 ـ لو مشى الصبى الى الحج فبلغ قبل ان يحرم من الميقات و كان
مستطيعا و لو من ذلك الموضع فحجه حجة الاسلام1.
اوقعها في عام اخر فلا جهة للاكتفاء بها و إذا قيل بالعدم فيكون كمن عدل الى
الافراد اضطرارا فاذا اتم المناسك اتى بعمرة مفردة في عامه ذلك او بعده».
و قيل في تتميمه: انه يأتى بعد التمام بعمرة اخرى للتمتع في ذلك العام ان كانت
اشهر الحج باقية و يسقط الترتيب بين عمرة التمتع و حجه للضرورة و ان لم يبق
اشهر الحج اتى بالعمرة في القابل و هل يجب عليه فيه حجة اخرى وجهان: من الاصل و
من دخول العمرة فى الحج و وجوب الاتيان بهما في عام واحد على المتمتع
اقول لا ينبغى الترديد في ان المستفاد من
ادلة الاجزاء بحسب ما هو المتفاهم منها هو كفاية العمرة الواقعة في حال الصغر
او العبودية و الوجه فيه كون حج التمتع و عمرته فعلا واحدا بخلاف حج القران و
الافراد مضافا الى تقدم العمرة على الحج فبعد الالتزام بشمول ادلة الاجزاء لحج
التمتع لا يكون مفادها الا ذلك.
و من هذه الادلة العامة الشاملة لحج التمتع يظهر انه لو بلغ الصبى في اثناء
العمرة او بعدها قبل الشروع في الحج يكون عمله مجزيا عن حجة الاسلام كما إذا
بلغ في اثناء الحج قبل الوقوف بالمشعر كما لا يخفى.
1 ـ لا شبهة في كون الحج في المورد المفروض في المتن حجة الاسلام لفرض وقوعه
بتمامه في حال الكمال مع الاستطاعة و من الواضح كفاية الاستطاعة من موضع
الاحرام و عدم لزوم ثبوتها من البلد بعد كون طى الطريق مقدمة لا دخل له في اصل
الحج و المفروض الاتيان به في حال الصغر فهو كمن طى الطريق متسكعا ثم استطاع في
موضع الاحرام فانه لا شبهة في وجوب الحج عليه.
و الذى ينبغى التعرض له في هذه المسئلة فرعان:
الاول الفرع الذى لم ار من تعرض له و هو ما
إذا كان الصبى مستطيعا في البلد و لكنه غير بالغ و يعلم بانه سيصير بالغا قبل
الاحرام و في المدينة ـ مثلا ـ لتمامية
(الصفحة 72)
سنه المعتبر في البلوغ في ذلك الوقت فهل يلزم عليه ـ و لو من ناحية العقل ـ ان
يسلك الطريق و يوصل نفسه الى الميقات للاحرام و يأتى بحجة الاسلام او انه لا
تجب عليه الحجة في هذا العام بل ان بقيت استطاعته الى العام القابل يجب عليه
فيه؟ربما يتخيل الثانى نظرا الى انه لا سبيل الى الزام الصبى بشىء اصلا فلا
مجال لايجاب طى الطريق عليه و لو مع العلم بما ذكر.
و لكن الظاهر بطلان هذا التخيل فان الالزامات الشرعية و ان كانت مرفوعة عن
الصبى بحديث رفع القلم و مثله الا ان الالزامات العقلية لا مجال لدعوى عدم
ثبوتها في حق الصبى المميز فكما ان الحسن و القبح العقليين يجريان في الصبى
المميز فالظلم منه قبيح و الاحسان منه حسن فكذلك الالزامات العقلية ثابتة في
حقه و طى الطريق يكون مشمولا لذلك فاذا كانت الاستطاعة البلدية موجودة على
الفرض و الصبى يعلم بارتفاع النقص قبل الشروع في العمل فما المانع من توجه وجوب
الحج اليه لا فعلا بل عند البلوغ و ما المسوغ لترك الواجب في حقه و التأخير عن
وقته و عدم فعلية وجوب الحج فعلا لا يمنع عن تحقق الالزام العقلى بعد فرض
اجتماع شرائط الوجوب قبل الاتيان بالواجب فهذا المقام نظير المقدمة التى يعلم
المكلف بعدم التمكن منها في ظرف فعلية التكليف و تحقق شرائطه و لكنه متمكن منها
فعلا فالظاهر انه محكوم من ناحية العقل بطى الطريق للاتيان بالواجب في وقته.
الثانى ما تعرض له بعض الاعلام في شرح
العروة معترضا على الماتن من جهة عدم التعرض له و هو ما لو بلغ بعد الاحرام و
قبل الشروع في الاعمال و ذكر في حكمه: انه هل يتم ذلك ندبا او حين البلوغ ينقلب
الى حجة الاسلام فيعدل اليها او يستأنف و يحرم ثانيا من الميقات ثم رجح
الاحتمال الثالث نظرا الى ان الاكتفاء بالاحرام الاول بدعوى انقلاب حجه الى حجة
الاسلام لا دليل عليه، و اتمامه ندبا لا وجه له الا ما قيل من ان المحرم ليس له
ان يحرم ثانيا و هذا واضح الدفع فان الاحرام
(الصفحة 73)
الاول ينكشف فساده بالبلوغ المتأخر و لذا لو علم حال الاحرام بانه يبلغ بعد
يومين ـ مثلا ـ ليس له ان يحرم و هو صبى فلا بد من اعادة الاحرام و يرجع الى
الميقات و يحرم احرام حجة الاسلام و هكذا لو دخل في افعال العمرة و اتمها ثم
بلغ فانه يجب عليه الرجوع الى الميقات و اتيان العمرة ثانيا إذا وسع الوقت.
اقول لم يظهر لى كون هذا الفرع فرعا جديدا
مغايرا لما وقع التعرض له في المسئلة السادسة المتقدمة و هو ما إذا بلغ الصبى و
ادرك المشعر فان عمدة مستند الحكم بالاجزاء فيه هو الروايات الواردة في انعتاق
العبد و هو يصرح في مسئلة العبد التى تعرض لها بعد صفحات بعموم روايات العبد و
شموله لحج التمتع ايضا من جهة و بان المستفاد من اطلاق النصوص عدم الفرق بين
حصول الحرية قبل الشروع في اعمال الحج و حصولها فى اثناء العمرة و بين حصول
الحرية بعد العمرة و قبل الموقف بمدة يسيرة ـ مثلا ـ فان الميزان في الاجتزاء
كونه حرا في احد الموقفين سواء حصلت الحرية في اثناء العمرة ام بعدها قبل احد
الموقفين.
فاذا كان هذا حال العبد و الملاك هو حصول الحرية في احد الموقفين فيكون حال
الصبى ايضا كذلك لانه لا فرق بينهما الا ان يستثنى من حكم العبد خصوص ما إذا
انعتق بعد الاحرام و قبل الشروع في اعمال العمرة في حج التمتع و من الواضح انه
لا وجه لهذا الاستثناء بعد كون الضابط ما ذكر خصوصا بعد تصريحه هنا بانه إذا
بلغ بعد اتمام العمرة يجب عليه الرجوع الى الميقات للاتيان بالعمرة ثانيا و ان
كان مستند الحكم بالاجزاء في الصبى هى الروايات الدالة على ان من ادرك المشعر
فقد ادرك الحج فقد عرفت ان مقتضاها ان ادراك المشعر و ان كان مقرونا بفوات
عرفات يوجب ادراك الحج فالميزان هو ادراك المشعر سواء ادرك الوقوف بعرفات ام لا
و من المعلوم تحققه في المقام لا لان له خصوصية بل لانه من مصاديق الفرع
المتقدم.
(الصفحة 74)
مسئلة 8 ـ لو حج ندبا باعتقاد انه غير بالغ فبان بعد الحج خلافه او
باعتقاد عدم الاستطاعة فبان خلافه لا يجزى عن حجة الاسلام على الاقوى الا إذا
امكن الاشتباه في التطبيق1.
و مما ذكرنا يظهر الخلل فيما افاده من كون البلوغ المتأخر كاشفا عن بطلان
الاحرام المتقدم او العمرة المتقدمة فانه لم يقم دليل على هذا الكشف بعد وقوع
العمل صحيحا و اجزائه عن حجة الاسلام بناء على مذهب المشهور القائل بالاجزاء في
تلك المسئلة.
و بالجملة لم يظهر لنا اصلا ان هناك يكون فرعا جديدا غير الفرع المتقدم فتدبر
جيدا.
1 ـ الاشكال في الاجزاء عن حجة الاسلام في الفرضين المذكورين في المتن اما على
القول بعدم كون الحج ذات حقيقة واحدة و طبيعة فاردة بل له حقائق متعددة و
متخالفة و ان كانت الصورة واحدة كصلوة الظهر و صلوة العصر فانهما و ان كانتا
متحدتين فى الصورة الاّ انه لا اشكال في تعددهما نظرا الى كون عنوانى الظهرية و
العصرية من العناوين القصدية التى لا تمتاز الاّ بالقصد و لذا لو صلى صلوة
العصر بتخيل الاتيان بصلوة الظهر ثم انكشف انه لم يات بها بعد لا يجوز له
احتساب ما اتى به بعنوان صلوة الظهر بل يأتى بصلوة الظهر بعدها و يسقط الترتيب
لاجل الاعتقاد باتيان صلوة الظهر فلان ما قصده من الحقيقة غير ما عليه من
الحقيقه الاخرى كمثال الصلوة فالوجه في الاشكال في الاجزاء على هذا المبنى كون
ما قصده غير ما عليه.
و اما على القول بوحدة الحقيقة و عدم تعدد الطبيعة غاية الامر انه قد يعرض لها
الوجوب و قد يعرض لها الاستحباب كما عرفت نقله من بعض المحققين فالوجه في
الاشكال على تقدير اعتبار قصد الوجه من الوجوب او الاستحباب هو عدم رعاية هذا
القصد لانه لم يأت به بنية الوجوب و هى كانت لازمة المراعاة في الامتثال و تحقق
(الصفحة 75)
الموافقة في الامور العبادية.
و على تقدير عدم اعتبار قصد الوجه ايضا فالوجه في الاشكال ـ ح ـ ان قصد الوجه و
ان لم يكن معتبرا على ما هو المفروض الاّ انه يمكن ان يقال بان مرجع عدم
الاعتبار الى عدم لزوم نية الوجوب او الاستحباب و اما نية الخلاف فقادحة في
تحقق الامتثال و المفروض في المقام ثبوت هذه النية.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه على التقدير الاول الذى يبتنى على تعدد الحقيقة و تكثر
الطبيعة لا محيص عن الاشكال و الحكم بالبطلان لما ذكر من مغايرة ما قصده لما
عليه من جهة الحقيقة و لا مجال معها للاجزاء كما عرفت في مثال الصلوة.
نعم يستثنى فرض يمكن ان يتحقق و هو ما إذا اخطأ في التطبيق و نظيره في مئال
الصلوة ان تكون نيته امتثال الامر المتعلق بما هو الواجب اولا بعد زوال الشمس
غاية الامر انه يتخيل انه معنون بعنوان صلوة العصر فالمنوى و ان كان هذا
العنوان الا ان النية كانت متعلقة بالاصل بما هو الواجب او لا فيكون الخطأ و
الاشتباه في التطبيق بحيث لو كان يعلم بان الواجب اولا هى صلوة الظهر لكان
يقصدها و في المقام ان تكون نيته امتثال الامر المتعلق بالحج المتوجه اليه
بعنوان انه يأتى به اول مرة مثلا غاية الامر انه يتخيل لاجل اعتقاد عدم البلوغ
او عدم الاستطاعة انه امر ندبى و لاجله ينوى متعلقه المغاير في الحقيقة مع الحج
الوجوبى فالمنوى اولا و بالاصل هو الحج الذى تكون وظيفته في هذه السنة الاتيان
به و لاجل الاشتباه في التطبيق تخيل انه الحج الندبى فنواه و قصده لاجل ذلك.
ففى هذه الصورة يرتفع الاشكال و الحكم فيها الاجزاء عن حجة الاسلام كما لا
يخفى.
و اما على التقدير الثانى فيمكن التخلص عن الاشكال بان قصد الوجه على تقدير
اعتباره في تحقق الامتثال في الامور العبادية على خلاف ما هو الحق المحقق
|