(الصفحة 90)مسئلة 10 ـ لا يشترط وجود الزاد و الراحلة عنده عيبا بل يكفى وجود ما
يمكن صرفه في تحصيلهما من المال نقدا كان او عروضا1.
بالاستطاعة فيها هى الزاد و الراحلة ـ مثلا ـ فان مثل هذا التفسير يرجع الى
تبيين المراد الجدى و هو لا ينافى كون المراد الاستعمالى ما ذكرنا فالجمع بين
ذلك و بين ظهور الآية في الاستطاعة هو الجمع بين الخاص و العام كما قد حقق في
محله من الاصول فراجع.
و مما ذكرنا يظهر النظر فيما افاده بعض الاعاظم (قدس سره) من انه في مورد الشك
لا يمكن التمسك باطلاق ادلة وجوب الحج على المستطيع لكونه تمسكا بالعام في
الشبهة المصداقية لكن الاخبار المفسرة لها ليست مجملة فمهما شككنا في دخالة شىء
زائد في الاستطاعة يكون المرجع اطلاق نفس الاخبار المفسرة لها و لا تصل النوبة
الى الاصل العملى المتأخر عن الاصل اللفظى.
وجه النظر ما عرفت من ان الاخبار المفسرة لا دلالة لها على ان الاستطاعة في
الآية قد استعملت في الاستطاعة الشرعية بل مرجع التفسير الى ما ذكر من بيان
المراد الجدى و تضيق دائرة المراد الجدى لا يستلزم ضيقا في ناحية الاستعمال و
المرجع هو اللفظ بلحاظ الاستعمال و عليه فلو لم تكن الاخبار المفسرة ذات اطلاق
ايضا لكان المرجع هى الاية الشريفة كما عرفت.
1 ـ مقتضى الجمود على ظاهر اعتبار الزاد و الراحلة في وجوب الحج و ان كان هو
وجود عينهما خصوصا بعد ورود بعض النصوص الواردة في هذا المجال في مقام تفسير
الاية الاّ ان الظاهر عدم اعتبار وجودهما عينا بحيث لم يجب تحصيلهما لانه من
تحصيل الاستطاعة و هو غير واجب و ذلك مضافا الى عدم فهم العرف من ذلك الاّ
التمكن و القدرة عليهما سواء كانت بدون الواسطة او معها للروايات الظاهرة فى
اعتبار المال او وجود ما يحج به مثل: صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام)قال: قال اللّه تعالى و للّه
(الصفحة 91)
على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا قال هذه لمن كان عنده مال و صحة الى
اخر الحديث.(1) و صحيحته الاخرى قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه
السلام) عن رجل له مال و لم يحج قط قال هو ممن قال اللّه تعالى و نحشره يوم
القيامة اعمى الى آخر الحديث.(2) و صحيحة الحلبى عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك و ليس له شغل يعذره
به فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام الحديث(3) و صحيحة ابى الصباح
الكنانى عن ابى عبد اللّه (عليه السلام)قال قلت له ارأيت الرجل التاجر ذا المال
حين يسوف الحج كل عام و ليس يشغله عنه الاّ التجارة او الدين فقال: لا عذر له
يسوف الحج الى آخر الحديث.(4) و غير ذلك من الروايات الدالة على ذلك
و لا مجال لتوهم كون مقتضى الجمع بينها و بين ما ظاهره اعتبار خصوص الزاد و
الراحلة حمل المال عليهما بل الظاهر بنظر العرف حمل الطائفة الثانية على انه لا
خصوصية لعين الزاد و الراحلة بل المناط التمكن منهما عينا او بواسطة مال آخر
نقدا كان او عروضا كما لا يخفى.
ثم انه تعرض السيد في العروة في ذيل هذه المسئلة لحكم حمل الزاد الشامل للطعام
و الماء و علف الدابة و غيرها من الحوائج فقال: و لا يشترط امكان حمل الزاد معه
بل يكفى امكان تحصيله في المنازل بمقدار الحاجة و مع عدمه فيها يجب حمله مع
الامكان من غير فرق بين علف الدابة و غيره و مع عدمه يسقط الوجوب.و لعل علة ترك
التعرض فى المتن ان العمدة في هذا البحث انما هو الماء و العلف للدابة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس ح ـ 2
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس ح ـ 3
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس ح ـ 4
(الصفحة 92)
و من المعلوم انها غير مبتلى بها في هذه الازمنة مع انه يمكن فرض مثله في هذا
الزمان بالاضافة الى المادة المحركة للسيارة فانه لو علم بعدم وجودها في الطريق
هل يجب عليه حملها مع الامكان و عدم المشقة ام لا و كيف كان ففى محكى التذكرة:
و ان كان يجد الزاد في كل منزل لم يلزمه حمله و ان لم يجده كذلك لزمه حمله و
اما الماء و علف البهائم فان كان يوجد في المنازل التى ينزلها على حسب العادة
فلا كلام و ان لم يوجد لم يلزمه حمله من بلده و لا من اقرب البلدان الى مكة
كاطراف الشام و نحوها لما فيه من عظم المشقة و عدم جريان العادة به و لا يتمكن
من حمل الماء لدوابه في جميع الطريق و الطعام بخلاف ذلك.
و قال في محكى المنتهى: و اما الماء و علف البهائم فان كانت توجد في المنازل
التى ينزلها على حسب العادة لم يجب عليه حملها و الاّ وجب مع المكنة و مع عدمها
يسقط الفرض.
و الظاهر ان كلامه في التذكرة ناظر الى انه لا يكون هناك قدرة نوعا كما يدل
عليه التعبير بقوله: و لا يتمكن فلا ينافى ما في المنتهى من التفصيل بين صورة
المكنة و عدمها.
و كيف كان فمبنى القول بعدم وجوب الحمل انه من تحصيل الاستطاعة و هو غير واجب
فلا يجب عليه الحج في هذا الحال.
و مبنى القول الثانى صدق الاستطاعة بامكان الحمل و عدم استلزامه للحرج و العسر
فان من يقدر على حمل ذلك من غير مشقة لا يكون خارجا عن الاستطاعة بوجه بمجرد
عدم وجدانه في الطريق و هذا القول هو الاقوى كما هو ظاهر.
(الصفحة 93)مسئلة 11 ـ المراد من الزاد و الراحلة ما هو المحتاج اليه في السفر بحسب
حاله قوة و ضعفا و شرفا و ضعة و لا يكفى ما هو دون ذلك و كل ذلك موكول الى
العرف، و لو تكلف بالحج مع عدم ذلك لا يكفى عن حجة الاسلام، كما انه لو كان
كسوبا قادرا على تحصيلهما في الطريق لا يجب و لا يكفى عنها1.
1 ـ فى هذه المسئلة امران:
احدهما المراد من الزاد و الراحلة ما هو المحتاج اليه في السفر من جهة الطعام و
المأكول و المشروب و ما يتعلق به حتى الاوعية و الوسيلة التى بها يتحقق طى
الطريق سواء كانت دابة كما هو المتداول في تلك الازمنة او سيارة و طيارة كما هو
المتعارف في هذا الزمان او سفينة او غيرها مما يتحقق به ذلك و الظاهر انه لا
يشترط ان يكون مالكا للراحلة و الوسيلة عينا او قيمة بل يكفى ان يكون مالكا
لاجرتها في صورة الاستيجار بحيث صار مالكا للمنفعة كما لعلّه سيأتى.
و يبقى في هذا الامر جهتان:
الاولى انّه هل يكون اختلاف الحال من جهة
القوة و الضعف موجبا لاختلاف الزاد و الراحلة نظرا الى ان اختلاف الحال يوجب
اختلاف الحاجة فالقوى لا يحتاج الى ازيد من السيارة لفرض قوته و عدم كون الحركة
معها موجبة لوقوعه في الشدة و المشقة و الضعيف يحتاج الى الطيارة لعدم اقتضاء
حاله للركوب في السيارة او لا يوجب و الظاهر انه لا خلاف بينهم في الايجاب و قد
استدل عليه بحكومة ادلة نفى العسر و الحرج على الاطلاقات.
و الظاهر انه لا حاجة الى هذا النحو من الاستدلال حتى يرد عليه ما اورد على
الاستدلال بهذه الحكومة في الجهة الثانية بل يمكن ان يستدل عليه بحكم العرف
بالفرق بينهما فانه بعد ما كان المرجع في تشخيص الاستطاعة الواقعة في الاية هو
العرف كما قويناه و كان المرجع في تشخيص معنى الزاد و الراحلة الواقعين تفسيرا
(الصفحة 94)
للاية في الروايات ايضا هو العرف فهو يقضى بالفرق بين الضعيف و القوى في الزاد
و الراحلة كما لا يخفى.
الثانية هل يكون اختلاف الشأن من جهة الشرف
و الضعة موجبا للاختلاف في الزاد و الراحلة ام لا فيه وجهان بل قولان قال في
الجواهر بعد قول المحقق و المراد من الراحلة راحلة مثله: «كما في القواعد و
ظاهرهما اعتبار المثلية في القوة و الضعف و الشرف و الضعة كما عن التذكرة
التصريح به لكن في كشف اللثام الجزم بها في الاولين دون الاخيرين لعموم الآية و
الاخبار و خصوص قول الصادق (عليه السلام)فى صحيح ابى بصير من عرض عليه الحج و
لو على حمار اجدع مقطوع الذنب فابى فهو مستطيع، و نحوه غيره و لانهم (عليهم
السلام) ركبوا الحمير و الزوامل و اختاره في المدارك كذلك ايضا بل هو ظاهر
الدروس قال: و المعتبر في الراحلة ما يناسبه و لو محملا إذا عجز عن القتب فلا
يكفى علو منصبه فى اعتبار المحمل و الكنيسة فان النبى (صلى الله عليه وآله) و
الائمة (عليهم السلام) حجوا على الزوامل الا ان الانصاف عدم خلوه عن الاشكال مع
النقص في حقه اذ فيه من العسر و الحرج ما لا يخفى، و حجهم (عليه السلام) لعله
كان في زمان لا نقص فيه في ركوب مثل ذلك».
و اجاب بعض الاعاظم (قدس سره) عن الاستدلال للاختلاف بالعسر و الحرج بعد
استدلاله لعدم الفرق بين الشرف و الضعة بالروايات الواردة في البذل الدالة على
وجوب الحج و لو على حمار اجدع ابتر نظرا الى انها و ان كانت واردة في مورد
البذل لكن الظاهر انها واردة في مقام بيان مفهوم الاستطاعة المعتبرة في وجوب
الحج و لا يختلف الحال باختلاف منا شىء حصولها بان عمومات نفى العسر و الحرج
مخصصة بهذه الاخبار الخاصة الدالة على ثبوت الحكم حرجيا الذى هو صريح هذه
الروايات.
و يرد عليه اولا ان هذه الاخبار كما مر
البحث فيها في البعيد القادر على