(الصفحة 115)
مسئلة 17 ـ لو لم يكن عنده من اعيان ما يحتاج اليه في ضروريات معاشه و
تكسبه و كان عنده من النقود و نحوها ما يمكن شرائها يجوز صرفها في ذلك من غير
فرق بين كون النقد عنده ابتداء او بالبيع بقصد التبديل او لا بقصده بل لو صرفها
في الحج ففى كفاية حجه عن حجة الاسلام اشكال بل منع. و لو كان عنده ما يكفيه
للحج و نازعته نفسه للنكاح جاز صرفه فيه بشرط كونه ضروريا بالنسبة اليه اما
لكون تركه مشقة عليه او موجبا لضرر او موجبا للخوف في وقوع الحرام او كان تركه
نقصا و مهانة عليه.و لو كانت عنده زوجة و لا يحتاج اليها و امكنه طلاقها و صرف نفقتها في
الحج لا يجب و لا يستطيع1.
الفرض بعد كون الاقل ثمنا لايقا بحاله غير مناف لشأنه و لا موجبا للمنقصة عليه.
الثانى ما عن الكركى من عدم وجوب الاستبدال
و احتمله كاشف اللثام و العلامة في التذكرة نظرا الى عدم كون العين زائدة على
الحاجة و الاصل عدم وجوب التبديل.و قد اختار في المتن القول الاول و اشار
بقوله: «و لو كانت قليلة» الى خلاف ما عليه السيد في العروة من استثناء صورة ما
إذا كانت الزيادة قليلة جدّا بحيث لا يعتنى بها، و الوجه في المخالفة انه لو
فرض كون الزيادة مع فرض قلّتها متممة لمؤونة الحج فاىّ دليل يدل على الاستثناء
في المقام و لا ربط له بخيار الغبن اصلا.
1 ـ فى هذه المسئلة فروع ثلاثة:
الاول: لو لم يكن عنده من اعيان ما يحتاج
اليه كالدار ـ مثلا ـ و لكن كان عنده من النقود ما يمكن شرائها فهل يجوز الصرف
في شراء الدارام لا بل يكون مستطيعا؟ حكى فى الجواهر عن الدروس و المسالك و
غيرهما الاول و هو الظاهر و لا فرق فيه بين الصور المذكورة في المتن من كون
النقد عنده ابتداء او بالبيع بقصد التبديل اولا بقصد التبديل فان المعيار في
الجميع هو العسر و الحرج المخرج لنفس العين
(الصفحة 116)
عن الزاد و الراحلة ففى الحقيقة لا فرق بين نفس الدار التى يكون عدمها موجبا
للحرج و بين الصور المذكورة اصلا لانه كما يكون بيع الدار موجبا للحرج كذلك صرف
النقود الموجودة او الحاصلة من بيع الدار في الحج يكون كذلك سواء كان بقصد
التبديل اولا بقصده و عدم قصده مع ثبوت الحرج لا ينافى جريان قاعدته و عليه فلو
حج و الحال هذه و صرف مقدارا من النقود فيه لا يكون حجه حجة الاسلام.
و العجب من السيد في العروة حيث انه مع ذهابه الى ان الدليل على الاستثناء في
المستثنيات هو قاعدة العسر و الحرج صرح بالتفصيل بين ما إذا كانت العين مثل
الدار موجودة عنده فانه لا يجب الا مع عدم الحاجة و كذا لو باعها بقصد التبديل
بدار آخر فان حكم ثمنها حكم نفسها فلا يجب صرفه في الحج الا مع عدم الحاجة و
بين ما إذا كان عنده من النقود ابتداء فانه لا يجوز شراء الدار بها و ترك الحج
الا ان يكون عدمها موجبا للحرج عليه فالمدار فيه هو الحرج و عدمه و كذلك لو
باعها لا بقصد التبديل فانه يجب صرف ثمنها في الحج الا مع الضرورة اليها على حد
الحرج في عدمها.
و بالجملة فقد جعل المدار في الصورتين الاولتين هو عدم الحاجة و في الصورتين
الاخيرتين هو العسر و الحرج و لم يعلم وجه لهذا التفصيل الا ان يقال ان الوجه
في استثناء الدار و الخادم و الثياب هو الاجماع و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين
ما إذا هناك ضرورة و ما إذا لم يكن نعم يخرج منه صورة عدم الحاجة قطعا و يبقى
الباقى و عليه فلا يجب بيع الدار الموجودة في صورة الحاجة و ان لم يكن عسر و
حرج لكنه يرد على هذا الوجه ـ مضافا الى ما عرفت من عدم ثبوت الاصالة في المقام
للاجماع على تقدير كونه محصلا لاحتمال استناد المجمعين الى قاعدة نفى الحرج
فالمدار عليها لا عليه ـ انه على تقدير ثبوت الاصالة نقول ان معقده هى الدار
الموجودة ـ مثلا ـ و اما إذا بيعت و لو بقصد التبديل فلا يشمل الاجماع ثمنها
بوجه، مع انك
(الصفحة 117)
عرفت انه (قدس سره) اعتمد في الاستثناء على القاعدة من دون اشارة الى الاجماع
فالتفصيل المذكور في كلامه مما لا مجال له اصلا.
و قد ظهر مما ذكرنا ان المدار هى القاعدة و لا فرق فيها بين الصور الاربع اصلا
نعم ذكر بعض الاعلام انه لو باع داره الموجودة المحتاج اليها للتحفظ على المال
و ارادة الادخار و البناء على عدم الصرف في الحوائج اصلا لا يكون الزامه بالحج
ـ حينئذ ـ حرجيا عليه لانه لا حرج عليه في صرفه في الحج بعد فرض انه عازم على
عدم صرفه في حوائجه فانه على تقدير صرف المال و عدمه يعيش عيشة حرجية نعم صرف
المال مناف لعزمه و تصميمه بادخار المال و الا فلا حرج عليه من ناحية الحج.
و يمكن الايراد عليه بان بنائه على تحمل الحرج لا يوجب خروج التكليف الشرعى عن
الحرجية فان الالزام في هذا الفرض مثل الفروض المشابهة يجىء منه الحرج و البناء
على التحمل لا يوجب الخروج عن هذا الوصف مثل ما إذا كان الصوم حرجيا على شخص و
لكنه على تقدير عدم الوجوب ايضا يتحمل الامساك فهل يكون الصوم واجبا عليه
فالظاهر عدم الوجوب في هذا الفرض ايضا.
الفرع الثانى: لو كان عنده ما يكفيه للحج و
لكن نازعته نفسه للنكاح فهل يجب عليه الصرف في الحج ام لا؟قال المحقق في
الشرايع في هذا الفرض: «لم يجز صرفه في النكاح و ان شق تركه» و مثله ما عن
المبسوط و الخلاف و القواعد و التحرير نظرا الى ان النكاح المستحب لا يعارض
الحج الواجب.
و الظاهر ان مرادهم المشقة غير البالغة حد الحرج و الا إذا كان الترك موجبا
لثبوت الحرج و الضرورة فالظاهر عدم وجوب الحج كسائر الموارد التى يتحقق الحرج.
ثم ان جعل صورة الخوف من الوقوع في الحرام من موارد الحرج و الضرورة ـ كما فى
المتن ـ محل اشكال لان العلم بالوقوع في الحرام اختيارا فضلا عن الخوف
(الصفحة 118)
مسئلة 18 ـ لو لم يكن عنده ما يحج به و لكن كان له دين على شخص بمقدار
مؤونته او تتميمها يجب اقتضائه ان كان حالا و لو بالرجوع الى حاكم الجور مع فقد
حاكم الشرع او عدم بسط يده نعم لو كان الاقتضاء حرجيا او المديون معسرا لم يجب
و كذا لو لم يكن اثبات الدين، و لو كان موجلا و المديون باذلا يجب اخذه و صرفه
فيه، و لا يجب في هذه الصورة مطالبته و ان علم بادائه لو طالبه.و لو كان غير مستطيع و امكنه الاقتراض للحج و الاداء بعده بسهولة لم يجب
و لا يكفى عن حجة الاسلام، و كذا لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج فعلا
او مال حاضر كذلك او دين مؤجل لا يبذله المديون قبل اجله لا يجب الاستقراض و
الصرف في الحج بل كفايته على فرضه عن حجة الاسلام مشكل بل ممنوع1.
منه لا يكون مجوزا لترك الحج لعدم استناده الى الحج بل انما يرتكبه بسوء
الاختيار و اللازم عليه تركه و لا يوجب ذلك سقوط الحج بوجه.
الفرع الثالث: ما إذا كانت عنده زوجة و لكن
لا حاجة له اليها و امكنه طلاقها و صرف نفقتها في الحج فانه لا يجب عليه الطلاق
و الاتيان بالحج فانه من قبيل تحصيل الاستطاعة و هو غير واجب كما مرّ مرارا.
1 ـ فى هذه المسئلة ايضا فروع:
الاول: لو لم يكن عنده ما يحج به و لكن كان
له دين على شخص بمقدار اصل المؤنة او تتميمها فتارة يكون الدين حالا و اخرى
يكون مؤجلا.
ففى الصورة الاولى ان كان المديون موسرا معترفا بثبوت الدين باذلا له الى
الدائن من دون مطالبة لا شبهة في تحقق الاستطاعة و وجوب الحج و كذلك إذا توقف
بذله على مجرد المطالبة فانه يجب الاقتضاء ـ حينئذ ـ لانه يصدق عليه انه يكون
عنده
(الصفحة 119)
ما يحج به الذى هو شرط لوجوب الحج و ليست المطالبة بمنزلة تحصيل الاستطاعة الذى
لا يكون واجبا بل هو مثل ما إذا كانت نقود مدخرة في البنك و كان الوصول اليها
متوقفا على تحرير ما يقال له بالفارسية به (چك) و امضائه فان مثل هذا التوقف لا
ينافى الاستطاعة الفعلية كما لا يخفى.
و كذلك إذا توقف الاقتضاء على الرجوع الى حاكم الشرع الذى يكون مبسوط اليد فان
مجرد هذا التوقف لا يمنع عن فعلية الاستطاعة و اما إذا توقف على الرجوع الى
حاكم الجور فقد قال في الجواهر: «و ان كان قد يقوى في النظر عدمها ـ يعنى
الاستطاعة ـ مع التوقف على حاكم الجور للنهى عن الركون اليه و الاستعانة به و
ان حملناه على الكراهة مع التوقف عليه ترجيحا لما دل على الجواز بالمعنى الشامل
للوجوب من دليل المقدمة و غيره و مثله لا يتحقق به الاستطاعة بعد فرض ان الجواز
المزبور كان بعد ملاحظة المعارضة بين ما دل على المنع و ما دل على خلافه من
المقدمة و غيرها».
و اورد عليه في المستمسك بقوله: «و ما ذكره
غير ظاهر الاّ إذا لم نقل بجواز الرجوع الى الجائر اذ ـ حينئذ ـ يكون دليل
المنع رافعا للاستطاعة فلا وجوب كى يزاحم حرمة الرجوع، اما إذا قلنا بالجواز
اعتمادا على ادلة الجواز مع انحصار استنقاذ الحق به فح لا رافع للاستطاعة كى
يرتفع الوجوب».
و الظاهر ان عبارة الجواهر محتملة لوجهين:
الاول ان يكون المراد ترجيح دليل الوجوب على
دليل المنع بعد تحقق المعارضة و لا محالة يكون الوجه في الترجيح اهمية الحج في
الاسلام و كونه مما بنى عليه الاسلام فعلى هذا الوجه لا مجال للشك في تحقق
الاستطاعة و جواز الرجوع الى حاكم الجور لاقتضاء الدين.
الثانى ان يكون المراد انه بعد فرض المعارضة
يكون الجمع بين الدليلين
|