(الصفحة 241)
جاء بابيه الى النبى صلّى اللّه عليه و اله فقال يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و اله هذا ابى و قد ظلمنى ميراثى عن امى فاخبره الاب انه قد انفقه عليه و على
نفسه و قال انت و مالك لابيك و لم يكن عند الرجل شىء او كان رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و اله يحبس الاب للابن.(1) و هذه هى الرواية التى اشرنا
اليها و قلنا بدلالتها على عدم كون حكم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)و قوله
حكما كليا فقهيا بل حكما ادبيا اخلاقيا واقعا في واقعة خاصة و يؤيده انه لا
معنى لكون الابن بنفسه ملكا للاب بحيث يعامل معه معاملة العبد المملوك يبيعه و
يتصرف فيه بما يتصرف فيه فهو يدل على عدم كون اضافة ماله اليه اضافة ملكية
كاموال نفس الاب.
و منها رواية على بن جعفر (عليه السلام) عن
ابى ابراهيم (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل ياكل من مال ولده؟قال لا الاّ ان
يضطر اليه فيأكل منه بالمعروف و لا يصلح للولدان يأخذ من مال والده شيئا الاّ
باذن والده.(2)
و منهاصحيحة اسحق بن عمار عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال سئلته عن الوالد يحل له من مال ولده إذا احتاج اليه قال: نعم
و ان كان له جارية فاراد ان ينكحها قومها على نفسه و يعلن ذلك قال و ان كان
للرجل جارية فابوه املك بها ان يقع عليها ما لم يمسها الابن.(3) ثم
انه ذكر السيد (قدس سره) في العروة ان قول الشيخ ضعيف و ان كان يدل عليه صحيح
سعيد بن يسار و استدل عليه باعراض الاصحاب عنه قال مع امكان حمله على الاقتراض
من ماله مع استطاعته من مال نفسه، او على ما إذا كان فقيرا و كانت نفقته على
ولده و لم يكن نفقة السفر الى الحج ازيد من نفقته في الحضر اذ الظاهر الوجوب ـ
ح ـ اقول: اما الاعراض فلا مجال لاثباته بل لا مجال لدعويه بعد ذهاب الشيخين
-
1 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 8
-
2 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 6
-
3 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب التاسع و السبعون ح ـ 2
(الصفحة 242)
الى مفاده و الفتوى على طبقه خصوصا مع ادعاء الشيخ الاجماع على وفقه كما عرفت
في عبارته المتقدمة و فتوى المشهور على الخلاف لا دلالة لها على الاعراض فانه
يمكن ان يكون وجهها ترجيح الطائفة المعارضة و تقديمها عليه لا الاعراض و اما
امكان الحمل الاول المحكى عن الاستبصار و بعض كتب العلامة فلا يكفى بمجرده بعد
عدم اقتضاء الجمع العرفى له و كذا امكان الحمل الثانى المحكى عن كاشف اللثام
فانه ايضا بمجرده لا يكفى الا إذا كان مقتضى الجمع العرفى.
و التحقيق في المقام ان يقال ان ما استدل به الشيخ لمرامه في كتاب الخلاف امران
احدهما: الحديث النبوى و قوله صلّى اللّه عليه و اله انت و مالك لابيك الثانى:
صحيح سعيد بن يسار.
اما الحديث النبوى فظاهره و ان كان ثبوت الملكية للوالد بالاضافة الى مال الولد
مطلقا لكنه قد ورد في تفسيره و بيان المراد منه طائفتان من الروايات من الائمة
الاطهار ـ عليهم الصلوة و السلام ـ و من الظاهر ثبوت المعارضة بين الطائفتين و
عدم امكان الجمع بين التفسيرين فانه كيف يجتمع ثبوت الملكية المطلقة التى
مقتضاها التصرف فيه ما شاء و باىّ نحو اراد مع كون المراد هو القوت مع الاضطرار
اليه بدون ان يتحقق الاسراف و بعد تحقق التعارض لا محيص عن الرجوع الى المرجحات
و قد ذكرنا مرارا ان اول المرجحات على ما يستفاد من المقبولة هى موافقة الشهرة
الفتوائية و من المعلوم موافقتها مع الروايات الحاكمة بالتحديد و لزوم الاقتصار
على القوت المذكور.
نعم بعض الروايات المتقدمة خالية عن التعرض للنبوى و التفسير له و تدل على جواز
وطى جارية الابن ان احبّ الاب و لكنها قابلة للحمل على ما إذا قومها على نفسها
بشهادة الروايات الاخر المتعددة الدالة على ذلك و مقتضى الجمع مع ذلك انّه حكم
ارفاقى بالاضافة الى الوالد على خلاف القاعدة لدلالته على جواز التقويم
(الصفحة 243)مسئلة 41 ـ لو حصلت الاستطاعةلا يجب ان يحج من ماله فلو حج متسكعا او من
مال غيره ولو غصبا صح واجزأه نعم الاحوط عدم صحة صلوة الطواف مع غصبية ثوبه، و
لو شراه بالذمة او شرى الهدى كذلك فان كان بنائه الاداء من الغصب ففيه اشكال و
الا فلا اشكال في الصحة، وفي بطلانه مع غصبية ثوب الاحرام والسعى اشكال والاحوط
الاجتناب1.
ولو من غير اذن الابن او رضاه و الظاهر انه لا فرق فيه بين ما إذا كان الابن
صغيرا او كبيرا للتعبير عن الولد بالرجل في بعض الروايات المتقدمة.
و اما صحيحة سعيد بن يسار فلو كانت خالية من الذيل المشتمل على التعليل بالنبوى
و التفسير له بما يوافق احدى الطائفتين المتقدمتين لكان من الممكن القول بوجوب
الحج على الوالد من مال الولد لعدم المخالف له في هذه الجهة و عدم منافاته مع
التفسير بالقوت بغير سرف كعدم منافاة تقويم الجارية لنفسه على ما عرفت الا ان
اشتمالها على التعليل المزبور المبتنى على احد التفسيرين و رجحان التفسير الاخر
عليه يوجب ضعف الرواية و عدم امكان الالتزام بمفادها فالحق ـ ح ـ ما عليه
المشهور من عدم الوجوب بل عدم الجواز مطلقا حتى في الفرض الذى استظهر السيد
(قدس سره) الوجوب فيه كما لا يخفى.
1 ـ الاستطاعة الحاصلة شرط لوجوب الحج و ثبوته على المكلف و اما صرفها في الحج
فلا دليل على وجوبه الا فيما إذا توقف الاتيان بالحج عليه و في غير هذه الصورة
لا مجال لتوهم الوجوب و عليه فلو حج المستطيع متسكعا و مضيقا على نفسه في
المركب و المسكن و غيرهما لا يقدح ذلك في صحة حجه و تمامية عمله بوجه كما انه
لو حج من مال غيره مثل ما إذا بذل له الغير مصارف الحج ليحج لنفسه فقبل و صرف
المال المبذول لا يضر ذلك بعمله اصلا و لا يوجب عدم اتصاف حجه بكونه حجة
الاسلام الواجبة بسبب الاستطاعة المالية بل لو كان مال الغير الذى صرفه في الحج
قد صرفه بغير اذنه و رضاه فانه لا يوجب البطلان نعم الكلام يقع في موارد خاصة:
(الصفحة 244)
منها الطواف فانه حكم جماعة و منهم السيد
(قدس سره) في العروة باعتبار الستر في الطواف كاعتباره في الصلوة و لذا افتى
السيد (قدس سره) في المقام بعدم الصحة إذا كان ثوب الطواف غصبا و يظهر من
الماتن (قدس سره) عدم الاعتبار لتعرضه لحكم صلوة الطواف مع غصبية الثوب دون نفس
الطواف و قد احتاط وجوبا في كتاب الصلوة في مسئلة اعتبار الستر في الصلوة
باعتباره في الطواف ايضا و قد اخترنا هناك عدم الاعتبار.
و كيف كان فالظاهر عندنا عدم البطلان سواء قلنا باعتباره في اصل الطواف او
باعتباره فى خصوص صلوته لان البطلان مبنى على القول بالامتناع و تقديم جانب
النهى في مسئلة اجتماع الامر و النهى المعروفة او على القول بالاجتماع و دعوى
عدم امكان كون المبعد مقربا في الخارج كما اختاره سيدنا العلامة الاستاذ
البروجردى (قدس سره) و اما على تقدير القول بالاجتماع و امكان اجتماع المقرب و
المبعد في عمل واحد خارجى لاجل العنوانين و انطباق المفهومين فاللازم هو القول
بالصحة و يظهر من الماتن (قدس سره) الترديد في ذلك لجعل عدم الصحة مقتضى
الاحتياط الوجوبى و كان (قدس سره) في مجلس الدرس ايضا مرددا فى هذه الجهة.
و منها الهدى فانه لو اشتراه بثمن معين
مغصوب فالمعاملة باطلة و لازمها عدم انتقال الهدى الى ملكه و عليه يكون الحج
باطلا و لو اشتراه بثمن كلى في الذمة فمقتضى اطلاق بعض الكلمات الصحة و لو ادى
الثمن من المال المغصوب فان الاداء المذكور لا يوجب بطلان المعاملة بل غايته
ثبوت الثمن في ذمته بعد صحة المعاملة هذا و لكن يظهر من الماتن (قدس سره) انه
في هذه الصورة إذا كان بنائه حال المعاملة على الاداء من المال المغصوب ففى صحة
المعاملة اشكال و هو يستلزم الاشكال في صحة الحج و الوجه فيه انه مع هذا البناء
ربما يمكن ان يقال بتحقق اكل المال بالباطل المنهى عنه نعم مع عدم هذا البناء
لا مجال للاشكال في الصحة سواء كان بنائه على
(الصفحة 245)مسئلة 42 ـ يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية فلا يجب على مريض لا
يقدر على الركوب او كان حرجا عليه و لو على المحمل و السيارة و الطيارة، و
يشترط ايضا الاستطاعة الزمانية فلا يجب لو كان الوقت ضيقا لا يمكن الوصول الى
الحج او امكن بمشقة شديدة، و الاستطاعة السربية بان لا يكون في الطريق مانع لا
يمكن معه الوصول الى الميقات او الى تمام الاعمال و الا لم يجب، و كذا لو كان
خائفا على نفسه او بدنه او عرضه او ماله و كان الطريق منحصرا فيه او كان جميع
الطرق كذلك، و لو كان طريق الا بعد مأمونا يجب الذهاب منه، و لو كان الجمع
مخوفا لكن يمكنه الوصول اليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لا تعد طريقا اليه
لا يجب على الاقوى1.
الاداء من مال نفسه او لم يكن له بناء على الاداء من اىّ مال.
و منها ثوب الاحرام و قد حكم السيد (قدس
سره) في العروة بعدم الصحة مع غصبيته مع انه حكم في مباحث الاحرام بعدم مدخلية
لبس الثوبين في ماهية الاحرام و حقيقته بل هو واجب تعبدى آخر و لا يكون من
الاركان و عليه فلا يكون غصبيته موجبة لبطلان الحج اصلا.
نعم لو كان دخيلا و شرطا في الاحرام لكان اللازم الحكم بالبطلان بناء على
مبناهم و اما على ما اخترنا فلا مجال للحكم بالبطلان و لو على هذا التقدير كما
لا يخفى.
و منها ثوب السعى و الظاهر انه لا مجال
للحكم بالبطلان مع كونه مغصوبا اصلا لانه لا يعتبر فيه الستر و يصح حتى في صورة
عدم وجوده و كونه عاريا و لكنه ذكر السيد (قدس سره) في العروة انه لا يصح الحج
في هذا المورد ايضا.
1 ـ تشتمل هذه المسئلة على اعتبار ثلاث استطاعات في وجوب الحج:
الاولى الاستطاعة البدنية و الكلام فيها يقع
في مراحل:
المرحلة الاولى اصل اعتبارها في الوجوب في
الجملة و يدل عليه ـ مضافا الى ما في الجواهر: من قوله بلا خلاف اجده فيه بل عن
المنتهى كانه اجماعى بل عن المعتبر