(الصفحة 264)
الى العذر كما في المقام لا موجب له و عليه فالظاهر في المقام العدم».
اقول: عمدة ما يرد عليه امران:
احدهما انا قد حققنا في الاصول تبعا لسيدنا
الاستاذ الماتن ـ رضوان اللّه تعالى عليه و حشره مع اجداده الطاهرين سلام اللّه
عليهم اجمعين ـ ان الخطابات العامة لا تكاد تنحل الى خطابات متعددة حسب تعدد
المكلفين و تكثر افرادهم حتى يلاحظ حال المكلف و انه يمكن ان يتوجه اليه خطاب
ام لا بل الملحوظ فيها حال الغالب و انه صالح لتوجه التكليف و الخطاب اليه ام
لا و عليه فكما يكون الجاهل مشمولا للخطابات كذلك يكون المعتقد بالخلاف ايضا
مكلفا واقعا و التكليف ثابت عليه غاية الامر انه يكون معذورا في المخالفة غير
مستحق للعقوبة عليها و عليه فلا مجال لدعوى عدم ثبوت التكليف بالاضافة الى من
اعتقد عدم كونه بالغا.
ثانيهما انه لا بد من ملاحظة ان الاستقرار
في موارد ثبوته هل يكون على وفق القاعدة و ثابتا بمقتضى الادلة الاولية الدالة
على وجوب الحج على المستطيع او انه يكون على خلافها و ان تلك الادلة لا تدل على
ثبوته بل يحتاج الى مثل الروايات الواردة في التسويف بحيث لو لا تلك الروايات
لما كان دليل على الاستقرار اصلا.
و الظاهر هو الوجه الاول فان موضوع وجوب الحج و ان كان هو عنوان المستطيع الا
انه لا دليل على كونه مثل عنوانى المسافر و الحاضر من العناوين التى لها دخل في
ترتب الحكم حدوثا و بقاء بل الظاهر كونه من العناوين التى لها دخل في ترتب
الحكم حدوثا فقط و عليه فحدوث الاستطاعة يكفى في بقاء التكليف و ثبوته بعد زوال
الاستطاعة غاية الامر انه ليس المراد بالحدوث مجرده بل ما به يتحقق الاستقرار
من الاحتمالات التى اشرنا اليها في اول هذا الفرع.
و الدليل على ذلك اى كون عنوان المستطيع من قبيل هذه العناوين ـ مضافا الى انه
لا يبعد الاستظهار مطلقا في جميع العناوين المأخوذة الا ما قام الدليل فيه على
(الصفحة 265)
الخلاف ـ ما هو المرتكز بين المتشرعة و المتفاهم عندهم من آية الحج و غيرها من
ادلة وجوب الحج و عليه فيكون الاستقرار على وفق القاعدة فالحكم في المقام ما في
المتن من الاستقرار.
الفرع السابع ما لو اعتقد عدم كفاية ماله عن
حجة الاسلام فترك الحج ثم بان الخلاف و انه كان مستطيعا مالا و المفروض وجود
باقى الشرائط ايضا و الحكم فيه ما تقدم في الفرع السادس من دون فرق اصلا و قد
مرّ ان الاقوى هو الاستقرار.
الفرع الثامن ما لو اعتقد المانع من العدو
او الحرج او الضرر المستلزم له فترك الحج فبان الخلاف و قد استظهر الماتن (قدس
سره) الاستقرار في هذا الفرع ايضا و لكن السيد (قدس سره) فى العروة بعد ان ذكر
ان فيه وجهين قد قوى عدم الاستقرار قال لان المناط من الضرر الخوف و هو حاصل
الا إذا كان اعتقاده على خلاف روية العقلاء و بدون الفحص و التفتيش.
و عليه فالفرق بين هذا الفرع و الفرعين السابقين ـ بنظر السيد ـ يرجع الى ان
الاعتقاد بالخلاف كان محققا فيهما دونه لان الشرط ليس هو عدم الضرر واقعا و عدم
العدو كذلك بل الشرط هو عدم خوف الضرر و المفروض تحققه بمجرد الاعتقاد و عليه
فلا يكون ترك الحج مستندا الا الى عدم تحقق شرط الوجوب واقعا لا الى الاعتقاد
بالخلاف مع وجوده كذلك.
و لذا اورد عليه بعض الاعلام بانه لا يتم على مسلكه من شرطية هذه الامور واقعا
فان الخوف بوجود العدو او الضرر و ان كان طريقا عقلائيا الى وجوده و لكن الحكم
بعدم الوجوب في ظرف الجهل بتحقق الشرط حكم ظاهرى لا واقعى فيكون المقام نظير ما
إذا اعتقد عدم المال و ترك الحج ثم بان الخلاف.
اقول قد مر في المسئلة الثانية و الاربعين
ما يتعلق ببحث الخوف فراجع.
الفرع التاسع ما لو اعتقد وجود مزاحم شرعى
اهم فترك الحج لاجله فبان
(الصفحة 266)
مسئلة 45 ـ لو ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا استقر عليه مع بقائها الى
تمام الاعمال و لو حج مع فقد بعضها فان كان البلوغ فلا يجزيه الا إذا بلغ قبل
احد الموقفين فانه مجز على الاقوى، و كذا لو حج مع فقد الاستطاعة المالية، و ان
حج مع عدم امن الطريق او عدم صحة البدن و حصول الحرج فان صار قبل الاحرام
مستطيعا و ارتفع العذر صح و اجزأ، بخلاف ما لو فقد شرط في حال الاحرام الى تمام
الاعمال، فلو كان نفس الحج و لو ببعض اجزائه حرجيا او ضرريا على النفس فالظاهر
عدم الاجزاء1.
الخلاف بعد الحج و الحكم فيه ما في الفرعين المتقدمين ـ السادس و السابع ـ من
دون فرق و عليه فالحكم فيه هو الاستقرار ايضا.
1 ـ فى هذه المسئلة ايضا فروع يكون الجامع لغير الفرع الاول الحج مع فقد بعض
الشرائط فنقول:
الاول: لو كانت الشرائط المعتبرة في وجوب
الحج متحققة باجمعها و المكلف عالم بها و بوجوب الحج عليه و مع ذلك تركه عامدا
اختيارا فهذا هو القدر المسلم من مورد استقرار الحج عليه و لزوم الاتيان به في
القابل و لو متسكعا مع بقاء الشرائط الى تمام الاعمال الذى يمكن تحققه في اليوم
الثانى عشر من ذى الحجة و قد مر ان الحبث فيما به يتحقق الاستقرار من جهة بقاء
الشرائط يأتى في بعض المسائل الآتية و اما اصل الاستقرار و ثبوته في المقام فلا
مجال للاشكال فيه و هذا هو المورد الذى نفى الاشكال فيه نصا و فتوى في عبارته
المتقدمة لان الاهمال فيها بمعنى ترك الحج متعمدا و متساهلا و لا فرق فيه بين
القول بكون اصل الاستقرار على وفق القاعدة او على خلافها غاية الامر انه على
التقدير الثانى يدل عليه الروايات الكثيرة الواردة في التسويف الذامة له الدالة
على انه تضييع شريعة من شرايع الاسلام و انه يوجب ان يموت يهوديا او نصرانيا و
لا فرق في مفادها بين كون التسويف الى العام القابل او الى الاعوام المتعددة بل
الى آخر
(الصفحة 267)
العمر فاصل الاستقرار لا مجال للمناقشة فيه.
الثانى: لو حج مع فقد البلوغ فان وقع تمام
الحج معه فالحج و ان كان صحيحا بناء على مشروعية عبادات الصبى و رجحانها و
استحبابها كما هو مقتضى التحقيق الا انه لا يكون مجزيا عن حجة الاسلام لدلالة
الروايات المتعددة عليه و في بعضها انه لو حج عشر حجج لا يجزيه عن حجة الاسلام.
و ان وقع بعضه معه فقد اختار الماتن (قدس سره) انه لو بلغ قبل احد الموقفين فهو
يجزى عن حجة الاسلام و الوجه فيه الغاء الخصوصية من الروايات الواردة في العبد
الذى انعتق قبل احد الموقفين الدالة على اجزاء حجه عن حجة الاسلام و قد مرّ
تفصيل البحث في ذلك فى شرح المسئلة السادسة من كتاب الحج فراجع
الثالث: لو حج مع فقد الاستطاعة المالية
فتارة يقع تمام الحج معه و اخرى يرتفع ذلك قبل احد الموقفين و مقتضى المتن
الاجزاء في الفرض الثانى و منشأه ايضا الغاء الخصوصية من روايات العبد كما في
الصغير و عليه يكون المستفاد منه ان ما جعله السيد فى العروة مادة النقض
بالاضافة الى الغاء الخصوصية و هو ان مقتضاه الالتزام به في الاستطاعة إذا حصلت
قبل احد الموقفين و انهم لا يقولون به قد التزم به الماتن (قدس سره)لعدم الدليل
على عدم الاجزاء في هذه الصورة و كيف كان فمقتضى الغاء الخصوصية الحكم بالاجزاء
في هذا الفرض.
و اما الفرض الاول الذى هو عبارة عن وقوع الحج باجمعه او الموقفين معا مع فقد
الاستطاعة المالية فمقتضى المتن فيه عدم الاجزاء و قال السيد (قدس سره) في
العروة: «و ان حج مع عدم الاستطاعة المالية فالظاهر مسلمية عدم الاجزاء و لا
دليل عليه الا الاجماع و الاّ فالظاهر ان حجة الاسلام هو الحج الاول و إذا اتى
به كفى و لو كان ندبا كما إذا اتى الصبى صلوة الظهر مستحبا ـ بناء على شرعية
عباداته ـ فبلغ في اثناء الوقت فان الاقوى عدم وجوب اعادتها، و دعوى ان المستحب
لا يجزى عن الواجب
(الصفحة 268)
ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب و المستحب نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع و
المستطيع تم ما ذكر لا لعدم اجزاء المستحب عن الواجب».
و يظهر منه الترديد في تعدد ماهية الحج بالاضافة الى المتسكع و المستطيع بل
الميل الى العدم اما الكبرى و هو عدم الاجزاء على فرض التعدد فلا ريب فيه هنا و
شبهه كصلوتى الظهر و العصر فانهما ماهيتان متغايرتان ضرورة ان عنوانى الظهر و
العصر من العناوين القصدية التى يتقوم تحقق المأمور به بهما فان صلوة الظهر
ليست مجرد اربع ركعات يؤتى بها بعد الزوال بل ما كانت مقرونة بقصد الظهرية و
عليه فمن اتى بصلوة العصر قبل صلوة الظهر باعتقاد انه اتى بها اولا ثم انكشف
الخلاف بعد الصلوة لا مجال لدعوى وقوع ما اتى به ظهرا و الاتيان بالعصر بعدها
نعم اختار ذلك السيد (قدس سره) في العروة في مباحث النية استنادا الى رواية
صحيحة دالة على قيام الاربع مكان الاربع و اعترض عليه اكثر المحشين و الشارحين
بان الرواية غير معمول بها فلا بد من المشى على طبق القاعدة و هى تقتضى عدم
الاجزاء و كيف كان فلا مناقشة في الكبرى و اما الصغرى فالدليل على تعدد ماهية
الحج بالاضافة الى الفاقد لشرائط الوجوب و الواجد لها اما في مورد الصغير فما
عرفت من ورود روايات متعددة دالة على ان الصبى لو حج عشر حجج لا يكون حجه مجزيا
عن حجة الاسلام فيظهر منها ثبوت الاختلاف بين الصلوة و الحج الصادرين من الصبى
و ان اشتركا في المشروعية و الصحة و اما في المقام فالدليل على التغاير و
التعدد اطلاق ادلة وجوب الحج على المستطيع من الاية و الرواية فان مقتضاه وجوبه
على المستطيع و ان حج قبله في حال عدم الاستطاعة و لازمه عدم الاجزاء و هو يدل
على تعدد الماهية و بالجملة اطلاق مثل الاية يقتضى حدوث الوجوب على المستطيع و
ان حج سابقا ندبا و هذا الاطلاق و ان كان قابلا للتقييد الاّ انه مع عدم نهوض
دليل عليه لا بد من الاخذ به و الحكم بعدم الاجزاء و عليه فالحكم الاجماعى
موافق للقاعدة و ـ ح ـ لا يبقى للاجماع اصالة بل يكون مستندا اليها ـ قطعا او
احتمالا ـ
|