(الصفحة 292)
الضرر او الحرج فالحج لا يجب عليه لا مباشرة و لا نيابة.
اقول لا مجال لدعوى ان المستفاد من ادلة الاستنابة لزوم القضاء عنه بعد الموت
فان الاستنابة الواجبة ـ على تقديره ـ امر مرجعه الى عدم مدخلية المباشرة و
الاكتفاء بعمل النائب و لزوم القضاء امر آخر مترتب على تنجز التكليف و المفروض
عدمه لتعذر المباشرة و الاستنابة معا و هذا بخلاف من استقر عليه الحج الذى يجب
القضاء عنه بعد الموت.
نعم لازم ما ذكرنا وجوب القضاء إذا كان متمكنا من الاستنابة غاية الامر انه لم
تتحقق منه خارجا عصيانا فتدبر و سيأتى تفصيل مسئلة القضاء انشاء اللّه تعالى.
الفرع السابع: لو استناب مع رجاء الزوال ففى
المتن لم يجز عنه فيجب بعد زواله قال و لو حصل اليأس بعد عمل النائب فالظاهر
الكفاية اقول اما عدم الاجزاء فيما لو استناب مع رجاء الزوال فتحقق الزوال
فلاجل ان جواز الاستنابة مترتب على اليأس من الزوال فلا مجال لها مع الرجاء و
عليه فالنيابة غير صحيحة فلا يجزى حج النائب عن المنوب عنه هذا بناء على مبنى
المتن من اختلاف الحكم باختلاف حال المنوب عنه من جهة اليأس و الرجاء.
و اما بناء على القول بان موضوع وجوب الاستنابة هى الحيلولة الواقعية للمرض
بينه و بين الحج غاية الامر انه ربما يحرز بالوجدان اعم من القطع و الاطمينان و
اخرى بالاستصحاب فالظاهر جريان الاستصحاب و لو مع رجاء الزوال لعدم المنافات
بينه و بين الاستصحاب و إذا كان الاستصحاب جاريا تصير الاستنابة مشروعة و ـ ح ـ
زوال المرض بعد العمل لا يكاد يقدح في الاجزاء اصلا كما مرّ في الفرع الخامس
نعم إذا كان الزوال في الاثناء او قبل الشروع لا يكون مجزيا.
و اما استظهار الكفاية فيما لو حصل اليأس بعد عمل النائب مع رجاء الزوال عند
الاستنابة فتمكن المناقشة فيه بانه ان كان الموضوع هو الحيلولة الواقعية فقد
(الصفحة 293)
عرفت الكفاية و لو لم يحصل اليأس بعد عمل النائب و ان كان الموضوع هى حال
النائب و هو اليأس من الزوال فالمفروض عدم تحققه حين الاستنابة و هو دخيل في
جوازها و مشروعيتها فلا يبقى مجال للاجزاء و الكفاية كما لا يخفى.
الفرع الثامن: لو حج المتبرع عنه في صورة
وجوب الاستنابة ففى المتن: «الظاهر عدم الكفاية» وجه الظهور انه لو لم يكن في
البين ادلة وجوب الاستنابة و كنا نحن و ادلة وجوب الحج على المستطيع لم نكن
نتجاوز عن اعتبار صدوره بنحو المباشرة و عدم كفاية الاستنابة ايضا لكن ادلة
وجوب الاستنابة نفى مدخلية المباشرة و وسّع في الحكم بنحو اكتفى بصدوره من
النائب الذى استنابه المنوب عنه و كلا الفرضين يشتركان في الانتساب الى المنوب
عنه و الاضافة الصدورية اليه غاية الامر ان الصدور في الاول بالمباشرة و في
الثانى بالتسبيب و عليه فلم يقم دليل على كفاية الصدور من الغير بنحو التبرع مع
عدم انتسابه اليه و عدم استناد صدوره اليه بوجه و ليس هذا الفرض كصورة الموت
التى لا بد من القضاء عنه كقضاء دينه و يكفى فيه تبرع القضاء فان زمن الحيوة لا
بد من استناد العمل الواجب اليه و اضافة صدوره به بالمباشرة كما في مثل الصلوة
و الصوم او الاعم منها و من التسبيب كما في المقام و عليه فلا يكفى تبرع الغير
في ذلك.
الفرع التاسع: هل تكفى الاستنابة من الميقات
ففى المتن استقرب الكفاية بعد ان استشكل فيها، وجه الكفاية ان المستفاد من
الروايات الواردة في الاستنابة ان الواجب هو تجهيز رجل ليحج عنه فاللازم هى
تهية مقدمات صدور الحج بعنوان النيابة عنه و ارسال شخص لذلك و اما لزوم كون
الارسال من بلد المنوب عنه فلا دلالة لها على وجوبه خصوصا بعد انه لا يلزم على
المنوب عنه طى الطريق الى الميقات بقصد الحج بل اللازم هو الحج الذى شروعه من
الميقات و اما قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة: «ثم ليبعثه
مكانه» فلا دلالة له ايضا على لزوم
(الصفحة 294)مسئلة 49 ـ لو مات من استقر عليه الحج في الطريق فان مات بعد الاحرام و
دخول الحرم اجزأه عن حجة الاسلام، و ان مات قبل ذلك وجب القضاء عنه و ان كان
موته بعد الاحرام على الاقوى، كما لا يكفى الدخول في الحرم قبل الاحرام كما إذا
نسيه و دخل الحرم فمات و لا فرق في الاجزاء بين كون الموت حال الاحرام او بعد
الحل كما إذا مات بين الاحرامين، و لو مات في الحل بعد دخول الحرم محرما ففى
الاجزاء اشكال، و الظاهر انه لو مات في الحل بعد دخول الحرم محرما ففى الاجزاء
اشكال، و الظاهر انه لو مات في اثناء عمرة التمتع اجزأه عن حجه، و الظاهر عدم
جريان الحكم في حج النذر و العمرة المفردة لو مات في الاثناء، و في الافسادى
تفصيل، و لا يجرى فيمن لا يستقر عليه الحج فلا يجب و لا يستحب عنه القضاء لو
مات قبلهما1.
البعث من بلد المنوب عنه بل المراد هو بعثه مكانه في الاتيان بالحج و تحقق
المناسك منه فالظاهر حينئذ هو الكفاية من الميقات.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في مقامين:
المقام الاول: فيمن استقر عليه الحج و قد
مات في الطريق قبل ان يتم اعمال الحج و يأتى بمناسكه و فيه صور:
الاولى: ما إذا مات بعد الاحرام و دخول
الحرم و قد نفى في محكى «المدارك» وجدان الخلاف في الاجزاء عن حجة الاسلام و
عدم لزوم القضاء عنه على الوارث بل عن «المنتهى» الاجماع عليه و يدل عليه صحيحة
ضريس عن ابى جعفر (عليه السلام) قال في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في
الطريق فقال: ان مات في الحرم فقد اجزأت عنه حجة الاسلام و ان مات دون الحرم
فليقض عنه وليه حجة الاسلام.(1) و عدم فرض الاحرام فى الموت في
الحرم لعله لاجل تحقق الاحرام من الميقات قبل دخول الحرم نوعا و ندرة تحقق
النسيان للاحرام من الميقات و دخول الحرم
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 1
(الصفحة 295)
بدونه مع ان هذا المورد هو القدر المتيقن فلا شبهة في دلالة الرواية على
الاجزاء فيما هو المفروض في هذه الصورة كما ان صورة الاستقرار هى القدر المسلم
من موردها نعم فى بعض الروايات ذكر مكان الحرم «مكة» و هى صحيحة زرارة عن ابى
جعفر (عليه السلام)المشتملة على قوله: قلت فان مات و هو محرم قبل ان ينتهى الى
مكة قال: يحج عنه ان كان حجة الاسلام و يعتمر انما هو شىء عليه.(1)
و لكنه ـ مع انه لا قائل به ـ يحتمل ان يكون المراد من مكة هو الحرم باعتبار ان
الفصل بين الحرم و مكة قليل جدا و كان الحرم محيطا بها في زمن صدور الروايات و
ان كانت توسعة مكة في الازمنة المتأخرة صارت موجبة لدخول حرم فيها في بعض
الجوانب الا انه في ذلك الزمان كانت مكة محاطة بالحرم و عليه فلا تبعد دعوى
شمول مكة لذلك باعتبار كونه من توابعها و نواحيها.
هذا مضافا الى ان دلالة هذه الصحيحة على عدم الاجزاء انما هو بالاطلاق لان عدم
الانتهاء الى مكة مطلق شامل لعدم دخول الحرم و دخوله و صحيحة ضريس صريحة في
الاجزاء إذا مات في الحرم فهى صالحة لتقييد رواية زرارة كما لا يخفى فلا اشكال
في الحكم.
الثانية: ما إذا مات بعد الاحرام و قبل دخول
الحرم و المشهور عدم الاجزاء و وجوب القضاء عنه و نسب الخلاف الى خلاف الشيخ
(قدس سره) و ابن ادريس و في محكى كشف اللثام نسبة الخلاف الى الحلى فقط و ذلك
لعدم صراحة كلام الشيخ فيه لانه و ان قال: «إذا مات او احصر بعد الاحرام سقطت
عنه عهدة الحج» لكن استدلاله بالنصوص و الاجماع ربما يدل على ان مراده الاحرام
و دخول الحرم لا مجرد الاحرام فقط.
و الدليل للاجزاء مفهوم الجملة الشرطية الثانية الواقعة في صحيحة بريد العجلى و
لاجله يكون التعجب من الحلى فانه مع عدم اعتماده على خبر الواحد و لو كان صحيحا
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 3
(الصفحة 296)
كيف اعتمد في الحكم المخالف للقاعدة المقتضية لعدم الاجزاء لانه لا مجال
للاجزاء بمجرد الاحرام و يفتقر الحكم بالاجزاء الى تعبد واضح على مفهوم جملة
شرطية فى رواية واحدة و هى صحيحة بريد العجلى قال سئلت ابا جعفر (عليه السلام)
عن رجل خرج حاجا و معه جمل له و نفقة و زاد فمات في الطريق قال ان كان صرورة ثم
مات في الحرم فقد اجزأ عنه حجة الاسلام، و ان كان مات و هو صرورة قبل ان يحرم
جعل جمله و زاده و نفقته و ما معه في حجة الاسلام فان فضل من ذلك شىء فهو
للورثة ان لم يكن عليه دين، قلت ارأيت ان كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق
قبل ان يحرم لمن يكون جمله و نفقته و ما معه؟قال يكون جميع ما معه و ما ترك
للورثة الا ان يكون عليه دين فيقضى عنه او يكون اوصى بوصية فينفذ ذلك لمن اوصى
له و يجعل ذلك من ثلثة(1) و يرد على الاستدلال بها انه ان قيل بثبوت
المفهوم للقضية الشرطية ـ على خلاف ما هو التحقيق و الثابت في محله ـ ففى
الرواية قضيتان شرطيتان مفهوم الاولى انه إذا لم يكن الموت في الحرم لا يكون ما
اتى به مجزيا عن حجة الاسلام و مفهوم الثانية انه إذا كان موته بعد الاحرام
يكون مجزيا و بينهما تهافت و تناقض فاللازم ان يقال: اما بعدم ثبوت المفهوم
لشىء من الشرطيتين لاجل ثبوت التعارض و لازمه عدم تعرض الرواية لهذه الصورة
التى هى محل البحث و هو الموت بعد الاحرام و قبل دخول الحرم فلا يبقى مجال
للاستدلال بها على الاجزاء.
و اما بما حكى عن «المستند» و احتمله السيد (قدس سره) في العروة من كون المراد
من قوله في الرواية: «قبل ان يحرم» قبل ان يدخل في الحرم كما يقال: «انجد» اى
دخل في نجد و ايمن اى دخل اليمن و هذا المعنى و ان كان خلاف الظاهر في نفسه الا
انه
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 2