(الصفحة 37)
لابد في الاجزاء و عدم الاجزاء من فرض الصحة لان الحج الباطل لا مجال لاجزائه
عن حجة الاسلام اصلا فاللازم استفادة صحة حج الصبى من الروايات الاخرى او من
القاعدة الكلية الدالة على ان عبادة الصبى شرعية و قد حققناها في كتابنا:
«القواعد الفقهية» و سيأتى في ذيل هذه الجهة انشاء اللّه تعالى.
و منها ما رواه الصدوق باسناده عن ابان بن الحكم قال: سمعت ابا عبد اللّه (عليه
السلام) يقول: الصبى إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر(1) و
الكلام في هذه الرواية تارة من حيث السند و اخرى من حيث الدلالة.
اما الاول فقد روى صاحب الوسائل الرواية عن
ابان بن الحكم و ربما يقال مع توضيح منا: انه لا وجود له في الكتب الرجالية و
لا في كتب الحديث و الصحيح كما في محكى الفقيه هو ابان عن الحكم و الظاهر ان
ابانا هذا لا يكون ابان بن تغلب الذى هو من اعاظم الرواة وثقاتهم لعدم روايته
عن غير الامام (عليه السلام) غالبا و لا يكون ابان بن عثمان ايضا لعدم ثبوت
رواية له عن حكم بن الحكيم نعم يوجد فمن روى عن حكم بن الحكيم الصيرفى الثقة
روايتان رواهما ابان عنه ـ كما في جامع الرواة و ازاحة الاشتباهات عن الطرق و
الاسناد: احد بهما في التهذيب و الاخرى في الكافى و لكن لا يعلم حاله من جهة
الوثاقة فالرواية من حيث السند ضعيفة هذا و لكن الظاهر انه هو ابان بن عثمان
الثقة و الرواية معتبرة من حيث السند كما سيأتى في بعض المباحث الآتية انشاء
اللّه تعالى.
و قد صرح هذا القائل ايضا في بعض المباحث الاتية بان الراوى عن حكم بن الحكيم
هو ابان بن عثمان و قد حكى ذلك ايضا عن المجلسى في المرآت.
و اما من حيث الدلالة فظاهرها اطلاق حجة الاسلام على حج الصبى و ان كان التقييد
بقوله: حتى يكبر ظاهرا ايضا في عدم اجزائه عن الحج بعد الكبر
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثالث عشر ح ـ 1
(الصفحة 38)
و هذا تصير قرينة على ان الاطلاق المذكور ليس مبتنيا على الاصطلاح المعروف في
حجة الاسلام بل المراد به هو الحج المشروع في الاسلام او الحج الواقع في حال
الاسلام.
و ربما يقال بانه قد اطلق حجة الاسلام على حج النائب في بعض الروايات مع انه لا
اشكال في بقاء حجة الاسلام على النائب لو استطاع.و الرواية التى اشير اليها هى
موثقة معاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن رجل حج عن غيره
يجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال: نعم.(1)
ولكن لو كان مرجع الضمير في قوله «يجزيه» هو الغير الذى هو المنوب عنه بحيث كان
مرجع السؤال الى كفاية حج النائب عن المنوب عنه لا يبقى للاستشهاد به مجال كما
انه لو كان مرجع الضمير هو الرجل النائب لكانت الرواية دالة على الاجزاء غاية
الامر كونها مخالفة للنصوص الاخر و الفتاوى نعم لو اريد توجيهها تصير كالمقام.
ثم انك عرفت انه لا دلالة للروايات الدالة على ان حج الصبى لا يكفى عن حجة
الاسلام بعد ما بلغ على صحة حج الصبى و مشروعيته و استحبابه و لكن يستفاد ذلك
من طرق آخر: احدها: نفى الخلاف عنه و في محكى ظاهر التذكرة و المنتهى انه لا
خلاف فيه بين العلماء بل ادعى عليه الاجماع كما في المستند و هذا الاتفاق في
مسئلة الحج إذا انضم الى الخلاف في مسئلة مشروعية عبادات الصبى يكشف عن ان للحج
خصوصية من بين العبادات و لا تكون من صغريات تلك القاعدة و لكن حيث يحتمل ان
يكون مستند المجمعين بعض الوجوه الآتية يخرج الاجماع عن الاصالة و لا تكون له
كاشفية بنفسه كما هو ظاهر.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الواحد و العشرون ح ـ 4
(الصفحة 39)
ثانيها: الاخبار الدالة على رجحان الحج و
استحبابه و ترتب فوائد كثيرة اخروية و دنيوية فانها ـ بعمومها او اطلاقها ـ
تشمل الصبى ايضا و قد اورد كثيرا منها في الوسائل في الباب الثامن و الثلاثين
من ابواب وجوب الحج و شرائطه و من المعلوم انه لا مجال لتخصيصها او تقييدها
بحديث رفع القلم عن الصبى بعد ظهوره في نفسه بلحاظ كلمة الرفع و تعديته بعن و
بلحاظ وقوعه في مقام الامتنان في رفع خصوص التكاليف الالزامية لعدم ثبوت الكلفة
و المشقة في غيرها و عدم كون رفعه ملائما للامتنان بوجه فتبقى دلالة هذه
الروايات باقية على عمومها و اطلاقها شاملة للصبى ايضا.
ثالثها: الاخبار الدالة على استحباب احجاج
الصبى غير المميز بتقريب انه إذا كان احجاج الصبى غير المميز مستحبا فحج الصبى
المميز مستحب بالاولوية القطعية بل ربما يقال ان بعض هذه الاخبار يشمله بل يختص
به مثل: صحيحة زرارة عن احدهما (عليهما السلام) قال: إذا حج الرجل بابنه و هو
صغير فانه يامره ان يلبّى و يفرض الحج فان لم يحسن ان يلبّى لبّوا عنه و يطاف
به و يصلى عنه قلت ليس لهم ما يذبحون قال: يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقى
عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب و الطيب و ان قتل صيدا فعلى ابيه.(1)نظرا
الى صراحتها في انه انما يحج بالصبى ان لم يقدر على ان يحج بنفسه و الاحج
بنفسه.
و يرد عليه ان قوله: «فان لم يحسن ان يلبّى» و ان كان ظاهرا في ثبوت فرضين الا
ان الظاهر كون كلا الفرضين مصداقا للصبى غير المميز غير القادر على ان يحج
بنفسه و الشاهد عليه قوله (عليه السلام) بعد ذلك و يطاف به و يصلى عنه فانه حكم
في كلا الفرضين فمن اين يستفاد حج الصبى بنفسه كما لا يخفى و اما قوله يأمره ان
يلبّى و يفرض الحج فليس المراد به هو اذنه له في ان يحج و الا لا يلتئم مع قوله
«حج الرجل بابنه» فانه ظاهر في الاحجاج فالمراد من الامر بالتلبية هو تلقينه
اياها كما لا يخفى
-
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5
(الصفحة 40)
و رواية ابان بن الحكم قال سمعت ابا عبد اللّه (عليه السلام)يقول الصبى إذا حج
به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر، و العبد إذا حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى
يعتق.(1) بتقريب ان الذيل قرينة على ان المراد من «حج به» هو الامر
بالحج و الاذن له فيه لانه لا معنى لاحجاج العبد في مقابل الصبى و قد عرفت ان
الصحيح هو ابان عن الحكم و ان ابانا هذا هو ابان بن عثمان فالرواية من حيث
السند لا مجال للخدشة فيها.
و اما الاولوية المذكورة اولا فغير واضحة لان استحباب الاحجاج ثابت في حق الولى
فكيف يستفاد منه الاستحباب على الصبى بنفسه إذا كان مميزا و لكن الطريق الثانى
كاف فى اثبات المشروعية و الصحة و ان لم نقل بها في سائر العبادات.
الجهة الثالثة في اعتبار اذن الولى في
مشروعية حج الصبى و استحبابه و عدمه و المنسوب الى المشهور الاعتبار بل في
الجواهر استظهار الاجماع من نفى الخلاف فيه بين العلماء في محكى المنتهى و
التذكرة و لكن الذى ذهب اليه السيد في العروة و اختاره اكثر المتأخرين منه هو
العدم و استدل للمشهور بامرين:
احدهما ـ ان الحج عبادة خاصة متلقاة من
الشارع و قد قام الدليل على مشروعيته مضافا الى البالغ ـ في حق الصبى الذى اذن
له الولى لانه القدر المتيقن من الادلة الدالة على المشروعية للصبى و في غير
هذه الصورة نشك في اصل المشروعية و مع الشك فيها تجرى اصالة العدم و لا مجال
لقياس المقام على الموارد التى تكون اصل المشروعية مسلما و لكن الشك وقع في قيد
وجودى او عدمى كموارد دوران الامر بين الاقل و الاكثر الارتباطيين حيث يرجع
فيها عند عدم الاطلاق الى اصالة البرائة عن وجوب الزائد و الوجه فيه كون اصل
المشروعية في المقام مشكوكا.
و الجواب عنه انه لا فرق في جواز الرجوع الى
الاطلاق بين الصورتين اصلا
-
1 ـ ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 2
(الصفحة 41)
فمن اطلاق الادلة المتقدمة الدالة على المشروعية للصبى يستفاد انه لا فرق بين
صورة وجود الاذن و صورة عدمه اصلا فلا وجه لهذا الدليل.
ثانيهما: استتباع الحج للمال و من المعلوم
ان جواز تصرف الصبى في المال مشروط باذن الولى و قد مثل في العروة للمال بالهدى
و الكفارة و لاجله اورد على هذا الدليل بانه يمكن ان يقال او لا بعدم ثبوت
الكفارات عليه لان عمد الصبى و خطأه واحد و اتيانه ببعض محرمات الاحرام لا يوجب
الكفارات و سيأتى البحث فيه انشاء اللّه تعالى و ثانيا بانه لو سلم ثبوت
الكفارة فان امكن الاستيذان من الولى فهو و الا فيدخل في العاجز و مجرد ذلك لا
يوجب سقوط الحج و توقفه على اذن الولى بل يمكن الالتزام بانه يأتى بالكفارة بعد
البلوغ و هكذا ثمن الهدى ان امكن الاستيذان من الولى فهو و الا فيكون عاجزا عن
الهدى.
و لكن الظاهر ان المراد به هو مصارف الحج المتوقف عليها الحج نوعا لاستلزامه
السفر و غيره فيكون المراد ان استتباع الحج له يوجب توقفه على الاذن.
و لكنه يرد عليه ـ مضافا الى امكان ان يتحقق البذل من اخيه ـ مثلا ـ او من غيره
بحيث لا يكون الحج له مستلزما لصرف شىء من اموال نفسه اصلا ـ انه لو سلم
استلزامه لصرف مال نفسه مطلقا نقول ان في مقابل ما يدل على اعتبار اذن الولى في
التصرفات المالية الصادرة من الصغير الادلة الدالة على استحباب الحج و مشروعيته
بالاضافة اليه غاية الامر انك عرفت ان في هذا المجال طائفة تدل بعمومها او
اطلاقها على الاستحباب للصبى و طائفة تدل على خصوص الاستحباب للصبى اما الطائفة
الاولى فالنسبة بينها و بين ادلة اعتبار الاذن في التصرف المالى عموم و خصوص من
وجه لثبوت مادتى الافتراق و مادة الاجتماع اما الاولتان فهما حج غير الصبى و
التصرف المالى في غير الحج و اما الثانية فحج الصبى و لا مرجح لدليل اعتبار
الأذن بل يقع التساقط و يرجع الى اصالة عدم الاعتبار لو لم نقل بان موافقة
المشهور مرجحة لدليل