(الصفحة 375)
ضمان، و ان كان يبلغ ما يحج به من مكة فانت ضامن.(1) و الوجه في
الحكم بالاستحباب ضعف سند الرواية لجهالة الراوى و لكن الرواية مع ذلك واردة
اولا في مورد الوصية بالحج و ثانيا تدل على ان الانتقال الى الصدقة انما هو بعد
عدم بلوغ التركة للحج من مكة الذى هو حج الافراد و اما بعد بلوغها اليه فلا
مجال للانتقال بل ينتقل حج التمتع الواجب على الميت لكون الظاهر انه كوفى و هو
يجب عليه حج التمتع الى الافراد.
ثم الظاهر ان الفرق بين هذا الفرع الذى يكون الحكم فيه كون التركة للورثة و بين
ما تقدم من اقرار بعض الورثة بثبوت الحج على الميت حيث قلنا بان مقتضى القاعدة
صرف المأتين المقر به في المثال الذى ذكره صاحب الجواهر فيما يرجع الى جهات
الميت الاقرب فالاقرب من دون فرق بين المبنيين انه هناك حيث تكون التركة وافية
بالحج بحسب الواقع فلا محالة تكون المأتان باقية على ملك الميت او متعلقة لحقه
و اما في المقام فحيث لا تكون التركة وافية بالحج اصلا فلا مجال للحكم بالبقاء
على ملك الميت او تعلق حقه بها.
ثم انه استثنى في المتن صورة احتمال كفاية التركة للحج بعد ذلك او وجود متبرع
يدفع التتمة و حكم فيه بوجوب الابقاء و قد مر ان مقتضى الاستصحاب عدم الوجوب
لان استصحاب عدم الكفاية مع الشك فيها فيما بعد و كذا استصحاب عدم وجود المتبرع
يقتضى الحكم بعدم وجوب الابقاء و يرد على المتن اشكال آخر و هو ان الحكم
بالاحتياط اللزومى في الفرع السابق في صورة الشك و الفتوى بوجوب الابقاء هنا في
صورة الاحتمال لا يكاد يجتمع.
الفرع الثالث ما لو تبرع متبرع بالحج عن
الميت فالكلام تارة في اصل صحة التبرع عن الميت و اخرى في رجوع اجرة الاستيجار
الى الورثة و ثالثة في
-
1 ـ ئل كتاب الوصايا الباب السابع و الثلاثون ح ـ 2
(الصفحة 376)
ان مقتضى الاحتياط صرف الكبار حصتهم في وجوه البرّ اى عن الميت فنقول: اما اصل
صحة التبرع فيدل عليه مثل صحيحة معاوية بن عمار قال سئلت ابا عبد اللّه (عليه
السلام) عن رجل مات و لم يكن له مال و لم يحج حجة الاسلام فاحج عنه بعض اخوانه
هل يجزى ذلك عنه او هل هى ناقصة؟ قال بل هى حجة تامة،(1) و المراد
بالتمامية بقرينة المقابلة الواقعة فى السؤال هى الاجزاء و برائة ذمة الميت و
سقوط الحج عنه و الظاهر انه لا مدخل لعدم وجود التركة المفروض في السؤال للحكم
بصحة التبرع بل الملاك صلاحية حج الميت للسقوط بفعل المتبرع كالدين حيث انه لا
فرق في سقوطه باداء المتبرع بين صورة وجود التركة و عدمها كما لا يخفى.
و رواية عامر بن عميرة قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) بلغنى عنك انك قلت
لو ان رجلا مات و لم يحج حجة الاسلام فحج عنه بعض اهله اجزء ذلك عنه؟فقال نعم
اشهد بها على ابى انه حدثنى ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) اتاه رجل فقال
يا رسول اللّه ان ابى مات و لم يحج فقال له رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) حج
عنه فان ذلك يجزى عنه.(2) و غير ذلك من الروايات الدالة على صحة
التبرع في الحج عن الميت.
و اما رجوع اجرة الاستيجار الى الورثة فلان المانع عن الرجوع انما هو الحج و
المفروض سقوطه باداء المتبرع و قد صرح في المتن بانه لا فرق في الرجوع بين ما
إذا عيّنها الميت و ما إذا لم يعين اى سواء كان هناك وصية ام لا.
و اما الاحتياط المذكور فان كان منشأه الرواية الضعيفة المتقدمة في الفرع
الثانى كما صرح به السيد (قدس سره) في العروة فقد عرفت ان الرواية واردة اولا
في خصوص مورد الوصية و ثانيا دالة على ان الانتقال الى التصدق انما هو بعد
اليأس عن تحقق الحج لاجل قصور التركة فلا يمكن ان يستفاد منها التصدق مع تحقق
الحج
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الواحد و الثلاثون ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الواحد و الثلاثون ح ـ 2
(الصفحة 377)مسئلة 58 ـ الاقوى وجوب الاستيجار عن الميت من اقرب المواقيت الى مكة ان
امكن و الا فمن الاقرب اليه فالاقرب، و الاحوط الاستيجار من البلد مع سعة المال
و الا فمن الاقرب اليه فالاقرب لكن لا يحسب الزائد على اجرة الميقاتية على صغار
الورثة.و لو اوصى بالبلدى يجب و يحسب الزائد على اجرة الميقاتية من الثلث، و لو
اوصى و لم يعين شيئا كفت الميقاتية الا إذا كان هناك انصراف الى البلدية او
قامت قرينة على ارادتها فحينئذ تكون الزيادة على الميقاتية من الثلث، و لو زاد
على الميقاتية و نقص عن البلدية يستأجر من الاقرب الى بلده فالاقرب على الاحوط،
و لو لم يمكن الاستيجار الا من البلد وجب و جميع مصرفه من الاصل1.
عن الميت و لو من ناحية المتبرع و التعدى عن مورد الوصية الى غيره و ان كان
يمكن القول به الا ان التعدى الى صورة وقوع الحج مما لا مجال له اصلا.
و ان كان منشأه عدم انتقال مقدار مصرف الحج الى الورثة او كونه متعلقا لحق
الميت فقد عرفت انه مع وقوع الحج من المتبرع لا مجال للاحتياط المذكور خصوصا مع
التخصيص بحصة الكبار كما لا يخفى.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في صورتين:
الاولى: ما إذا لم يكن هناك وصية و فيه
اقوال: قال في الشرايع: «الثانية ـ يعنى المسئلة الثانية ـ يقضى الحج من اقرب
الاماكن و قيل يستأجر من بلد الميت و قيل ان اتسع المال فمن بلده و الاّ فمن
حيث امكن» و البحث في هذا الكلام يقع من جهتين:
الجهة الاولى: في المراد من اقرب الاماكن
بعد وضوح انه ليس المراد هى الاقربية المكانية بل الاقلية من حيث النفقة و
المؤنة لانه لا مدخل للقرب و البعد المكانيين في ذلك اصلا فنقول: قال في
المدارك: «ان المراد به اقرب المواقيت الى مكة ان امكن الاستيجار منه و الاّ
فمن غيره مراعيا الاقرب فالاقرب فان تعذر الاستيجار
(الصفحة 378)
من احد المواقيت وجب الاستيجار من اقرب ما يمكن الحج منه الى الميقات».
و قد فسر بهذا النحو كاشف اللثام عبارة القواعد قال في القواعد: من اقرب
الاماكن الى الميقات و في كشف اللثام: و انما يجب اى الحج عنه من اقرب الاماكن
الى مكة من بلده الى الميقات فان امكن من الميقات لم يجب الاّ منه و الا فمن
الاقرب اليه فالاقرب و لا يجب من بلد موته او بلد استقراره عليه.
و في الجواهر بعد نقل ما ذكر: «قلت الظاهر اتحاد المراد و هو الحج عنه من اقرب
الاماكن الى مبدء نسك الحج».و الظاهر عدم شمول هذه العبارة للاستيجار من نفس
الميقات و لا الترتيب في المواقيت بين القريب و البعيد و الظاهر ان مراد
المشهور هو التعبير الواقع في مثل المتن.
الجهة الثانية: في المراد من القولين
الاخرين المذكورين في الشرايع فنقول الظاهر من القول الثانى و هو لزوم
الاستيجار من بلد الميت هو الاستيجار مع اتساع المال له و احتمال لزوم التكميل
من الولى مع عدم الاتساع او الحج عنه بنفسه في غاية البعد و الغرابة.
و على ما استظهرنا يقع الكلام في الفرق بين القولين بعد اشتراكهما في لزوم
الاستيجار من البلد مع سعة المال و فيه احتمالان:
الاول سقوط الحج مع عدم السعة كما في محكى
المدارك حيث قال: الموجود في كلام الاصحاب حتى في كلام المصنف في المعتبر ان في
المسئلة قولين و قد جعل المصنف هنا الاقوال ثلاثة و لا يتحقق الفرق بين القولين
الاخيرين الاّ على تقدير القول بسقوط الحج مع عدم سعة المال للحج من البلد على
القول الثانى و لا نعرف بذلك قائلا مع انه مخالف للروايات كلها.
الثانى: ما ذكره في الجواهر في مقام
المناقشة على الفرق الذى ذكره المدارك من انه يمكن عدم التزام سقوط الحج بل
ينتقل الى الحج من الميقات و لا يجب الاستيجار من حيث امكن كما هو مقتضى جملة
من الروايات و بذلك يتحقق الفرق
(الصفحة 379)
بين القولين.
و هذا هو الذى ذكره السيد (قدس سره) في العروة بصورة الاحتمال لا القول و لعل
الوجه فيه عدم وضوح كون مراد القائل بهذا القول هذا المعنى و لكن من جميع ما
ذكرنا يظهر انه لا يكون في المسئلة اقوال اربعة كما ذكره بعض الاعلام حيث جعل
الاستيجار من البلد مقابلا للقول الثانى بناء على التوجيه المذكور في الجواهر و
للقول الثالث و قد عرفت اعتراض المدارك على الشرايع بجعل الاقوال فيها ثلاثة مع
تصريحه في المعتبر كالموجود فى كلام الاصحاب بان في المسئلة قولين و عليه فكيف
يمكن القول بوجود اقوال اربعة.
و كيف كان فالقول الاول المذكور في الشرايع منسوب الى الاكثر بل الى المشهور بل
عن الغنية الاجماع عليه و القول الثانى نسبه في الجواهر الى الشيخ و ابن ادريس
و يحيى بن سعيد و غيرهم و الظاهر اختيار الشيخ له في النهاية و اما في المبسوط
و الخلاف فقد اختار ما هو المشهور كما ذكره العلامة في المختلف و القول الثالث
محكى عن الدروس.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان ما تقتضيه القاعدة ـ مع قطع النظر عن الادلة الخاصة
و النصوص الواردة على تقدير ورودها في المقام او استفادة حكم المقام منها ـ هو
ما ذهب اليه المشهور و تبعهم العروة و المتن لان الثابت بمقتضى الادلة المتقدمة
هو وجوب قضاء حجة الاسلام عن الميت بعد استقرارها عليه في حال الحيوة و عدم
الاتيان بها مسامحة و مساهلة فاللازم على وليّه الاتيان بحجة الاسلام و من
الواضح ان حجة الاسلام عبارة عن الاعمال المخصوصة و المناسك المعروفة التى
شروعها من الميقات و طىّ الطريق و قطع المسافة و ان كان واجبا على الميت الا ان
وجوبه انما هو من باب المقدمة و لا يكون وجوب المقدمة الا عقليا و على تقدير
كونه شرعيا ـ كما اختاره القائل بوجوب المقدمة ـ لا يكون الا غيريا و الغرض
الاصلى تحقق الحج و هى