(الصفحة 397)
الفور فالفور فاللازم في القضاء مراعات ذلك من دون فرق بين المبنيين.
و اما وجه الخصوصية فيما إذا كان الفوت عن الميت بعد الاستقرار عن تقصير فانما
هو مدخلية الاتيان بالحج في رفع العقاب عنه لانه بتقصيره يكون معاقبا و بالحج
ترتفع العقوبة الا ان يقال ان ارتفاع العقوبة عن الميت لا يؤثر في الالزام على
الورثة بالاضافة الى الفورية فتدبر.
الثانى: لزوم الاستيجار من البلد لو لم يمكن
الا منه و لو امكن من الميقات في السنين الاخر و الوجه فيه انه مع فرض عدم جواز
التأخير كما عرفت يكون اللازم القضاء عنه في سنة الفوت و لو كان متوقفا على
الاستيجار من البلد المستلزم لصرف مقدار زائد من التركة و لا يكون ذلك مستلزما
للضرر على الورثة بعد تأخر الارث عن قضاء الحج الذى هو بمنزلة الدين الواجب
غايته تفويت منفعة لهم و لا دليل على عدم جوازه و مثل ذلك وجوب الاستيجار من
الميقات في سنة الفوت و لو كان بازيد من الاجرة المتعارفة.
الثالث: ضمان الوصى او الوارث لو اهمل فتلفت
التركة و الوجه في الحكم بالضمان ان يد كل منهما على المال يد امانة شرعية و
مرجعها الى ثبوت الاذن من الشارع في اثبات اليد عليه و من الواضح عدم ثبوت
الاذن منه في الاهمال و التأخير فتكون اليد ـ ح ـ يدا عادية مستلزمة للضمان
بمقتضى «على اليد ما اخذت حتى تؤدى».
ثم ان السيد (قدس سره) في العروة عطف على التلف المترتب عليه الضمان صورة نقصان
القيمة بحيث لم تف بالاستيجار لقضاء الحج و هذا انما يتم فيما لو كان النقصان
مستندا الى زوال بعض التركة و تلفه او زوال بعض الصفات الموجبة لارتفاع القيمة
كالسمن و نحوه و اما لو كان مستندا الى السوق و نقصان القيمة السوقية فالحكم
بالضمان فيه مشكل بعد عدم كون الواقع تحت اليد الا العين ـ بالذات ـ و الصفات
المذكورة ـ بالتبع ـ و اما القيمة السوقية فلا تقع تحت اليد فلا مجال للضمان
بالنسبة اليها و التحقيق
(الصفحة 398)
موكول الى كتاب الغصب.
الرابع: عدم وجوب قضاء الحج عن الميت على
الورثة لو لم يكن للميت مال و تركة و الوجه فيه ان الروايات المتقدمة الواردة
في هذا الحكم تدل على وجوب القضاء من مال الميت و تركته فلا دلالة لها على
الوجوب مع عدم ثبوت المال فليس الحج مثل الصلوة التى تقتضى عن الميت نعم ظاهر
صحيحة ضريس عن ابى جعفر (عليه السلام) المتقدمة الوجوب مطلقا قال في رجل خرج
حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق فقال ان مات في الحرم فقد اجزأت عن حجة
الاسلام و ان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام.(1) و في
الجواهر: انه يشعر بالوجوب كلام ابن الجنيد، و في كشف اللثام: قد يستظهر الوجوب
من كلام ابى على و ليس فيه الا ان الولى يقضى عنه ان لم يكن ذا مال.و من
المعلوم ان ظاهره الوجوب كما في الدروس.
و لكنه ذكر في «الجواهر» انه ـ يعنى صحيح ضريس ـ محمول على الندب قطعا.و ذكر
صاحب «المستمسك» ان مقتضى الجمع العرفى التقييد بالتركة لا الحمل على الندب.
و يرد على الجمع الاول انه ليس هنا ما يدل على عدم الوجوب مع عدم المال حتى
يكون مقتضى الجمع بينه و بين صحيحة ضريس حملها على الندب بقرينته كما انه يرد
على الجمع الثانى ان التقييد بالتركة مع كون الدليلين مثبتين و عدم ثبوت منافاة
في البين لا مساغ له اصلا.
و الحق في المقام ان يقال انه لا اطلاق في الصحيحة فان موردها صورة وجود التركة
فان من يخرج حاجا لا يكون فاقدا للمال و التركة نوعا و يؤيده وجود هذا التعبير
في صحيحة بريد العجلى(2) مع اضافة قوله: «و معه جمل له و نفقة و
زاد» فان الظاهر
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 2
(الصفحة 399)مسئلة 62 ـ لو اختلف تقليد الميت و من كان العمل وظيفته فى اعتبار البلدى
و الميقاتى فالمدار تقليد الثانى، و مع التعدد و الاختلاف يرجع الى الحاكم، و
كذا لو اختلفا فى اصل وجوب الحج و عدمه فالمدار هو الثانى، و مع التعدد و
الاختلاف فالمرجع هو الحاكم، و كذا لو لم يعلم فتوى مجتهده، او لم يعلم مجتهده،
او لم يكن مقلدا، او لم يعلم انه كان مقلدا ام لا، او كان مجتهدا و اختلف رأيه
مع متصدى العمل، او لم يعلم رأيه1.
كون الاضافة توضيحية كما لا يخفى.
الخامس: استحباب الحج على الولى مع عدم
التركة و هو انما يتم على تقدير حمل صحيحة ضريس على الاستحباب كما فعله صاحب
الجواهر و اما على ما ذكرنا من اختصاص موردها بصورة وجود التركة فيشكل بانه لا
دليل على الاستحباب ـ ح ـ الا ان يقال بان الحج عنه انما هو من مصاديق الاحسان
اليه و يرد عليه ـ مضافا الى ان متعلق الاستحباب ـ ح ـ هو الاحسان لا الحج
بعنوانه ـ انه لا يختص ذلك بالولى بل يعم غيره ايضا كما هو ظاهر.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسئلة في مقامين:
المقام الاول: فيما لو اختلف تقليد الميت و
تقليد من كان العمل وظيفته سواء كان وارثا او وصيّا في اعتبار البلدى و
الميقاتى كان يقول احدهما بلزوم الحج من البلد و الاخر بلزومه من الميقات او في
اصل وجوب الحج و عدمه كان يقول احدهما بعدم اعتبار الرجوع الى الكفاية في وجوب
الحج و الاخر بالاعتبار فلم يكن الميت واجبا عليه الحج لعدم تحقق هذا الشرط
فيه.
و قبل البحث في هذا المقام لا بد من التنبيه على امر و هو ان السيد (قدس سره)
(الصفحة 400)
فى «العروة» صرح بجريان حكم هذا المقام بالاضافة الى الوصى ايضا حيث عطف الوصى
على الوارث و ظاهر المتن باعتبار ذكر عنوان جامع بينهما و هو من كان العمل
وظيفته عدم الاختصاص بالوارث الا انه ذكر بعض الاعلام انه لا اثر للاختلاف في
باب الوصية لانها نافذة بالاضافة الى الثلث و يجب على الوصى تنفيذها حسب وصية
الميت و نظره و لا اثر لنظر الوصى سواء كان الاختلاف بينهما موجودا بالنسبة الى
اصل الوجوب او المكان ام لم يكن فالواجب على الوصى تنفيذ الوصية سواء وافق رأيه
رأى الميت ام خالف بل لو لم يوص بالحج و عين مصرفا خاصا للثلث يجب صرفه فيما
عينه و لا يجوز له التبديل و التغيير.
و يرد عليه انه يمكن فرض المسئلة في باب الوصية بالاضافة الى المكان و ذلك كما
فى الوصية المطلقة بالحج من غير تعيين حيث عرفت وجود الاختلاف في هذا الفرض حيث
ان مقتضى بعض الفتاوى كفاية الميقاتية كما في المتن و مقتضى البعض الاخر لزوم
كونه من البلد كما اخترناه و حينئذ إذا اختلف تقليد الميت و تقليد الوصى في هذه
الجهة يتحقق موضوع المقام و انه هل اللازم على الوصى مراعاة تقليد الميت او ان
اللازم مراعاة تقليد نفسه فلا مجال لاخراج الوصية ـ مطلقا ـ من هذا البحث كما
لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه صرح السيد (قدس سره) في العروة في كتاب الحج ان المدار
على تقليد الميت و لكنه ذكر في اول فصل مباحث الوصية ان المدار على تقليد
الوارث او الوصى كما هو مختار المتن و اكثر شروح العروة و قد اختاره المحقق
النائينى (قدس سره).
و الوجه في لزوم رعاية تقليد الوارث او الوصى ان الحكم الواقعى ـ على ما هو
مقتضى التحقيق عندنا معاشر المخطئة ـ ليس الا واحدا و لا يكون الاجتهاد مغيرا
له بوجه بل هو معتبر من باب الكشف و الطريقية فان اصاب الواقع فهو و الا فهو
(الصفحة 401)
معذور و لا موضوعية له اصلا و عليه فبعد كون التكليف الفعلى بعد تحقق الموت
متوجها الى الوارث و ان كان المنشأ هو اهمال الميت و استقرار الحج عليه او
تخليه عدم الوجوب الا انه بالفعل لا يكون متوجها الاّ الى الوارث او الوصى
فاللازم مراعاة تقليد نفسه ليتحقق الفراغ عن التكليف المتوجه اليه قطعا فاذا
كان مقلده ـ بالفتح ـ يرى وجوب الحج مع عدم الرجوع الى الكفاية و المفروض ان
الميت كان فاقدا له و لاجله ترك الحج تقليدا لمن يقول بالاعتبار و عدم الوجوب
مع عدم الرجوع فكيف يجوز للوارث ترك القضاء و عدم الاتيان بالحج مع ان مقتضى
تقليده وجوب الحج على الميت و انه يجب القضاء عنه بعد الموت و هكذا بالاضافة
الى المكان.
و بالجملة لا ينبغى الاشكال في ان اللازم على الولى مراعاة تقليده لانه المكلف
بالفعل دون الميت و ان فتوى مجتهده حجة بالاضافة اليه دون فتوى مجتهد الميت و
كون الحج قضاءا عنه لا يقتضى رعاية تقليد الميت.
نعم لو كان الاجتهاد او التقليد معتبرا من باب الموضوعية لكان المدار هو نظر
الميت لكنه مستلزم للتصويب الباطل بلا ريب و لذا يحكم في موارد تبدل رأى
المجتهد بان الملاك هو الرأى الثانى فاذا كان رأى المجتهد اوّلا اعتبار الرجوع
الى الكفاية في وجوب الحج و لاجله ترك الحج لفقدان الرجوع ثم بعد مضى سنين ـ
مثلا ـ تبدل رأيه و اختار عدم اعتبار الرجوع اليها لكان اللازم عليه ـ الحج ـ
فعلا ـ و لو متسكعا لانه يرى انه كان في ذلك الزمان واجب الحج و قد تركه و ان
كان في الترك معذورا.
و بالجملة لا ينبغى الاشكال في ان العبرة انما هو بنظر الوارث او الوصى و قد
عرفت ان السيد (قدس سره) عدل في باب الوصية عما افاده في كتاب الحج و العمدة في
وجهه ما اشرنا اليه من كون التكليف متوجها الى الوارث و اللازم عليه رعاية
تقليد نفسه لانه الحجة بالاضافة اليه و لا يرتبط ذلك بالميت و تقليده اصلا غاية
الامر