(الصفحة 421)
احدها: ان يكون المراد منه مجرد افادة الحكم
التكليفى من دون ان يترتب على مخالفته شىء بل المشروط عليه محكوم بمجرد التكليف
و العمل بالشرط و لا يترتب على مخالفته سوى استحقاق العقوبة الثابت في مخالفة
سائر التكاليف.
ثانيها: ان يكون مفاده قصر ملكية المشروط
عليه و حصر دائرتها و تحديدها بخصوص الشرط فالملكية الحاصلة للمشترى في مثال
العبد المذكور ملكية محدودة و مقصورة بالاعتاق فاذا وقع الاعتاق يقع في ملكه و
يصدر عن المالك و إذا وقع البيع فهو يقع عن غير المالك.
ثالثها: ان لا يكون المراد مجرد حكم تكليفى
محض و لا يكون مفاده تحديد دائرة الملكية و قصر السلطنة على خصوص المشروط عليه
بل امر بين الامرين و مرجعه الى ثبوت الخيار للشارط عند التخلف و وجوب الوفاء
بالشرط على المشروط عليه و الوجه فيه ان البيع ينحل الى امرين احدهما انشاء
الملكية و ثانيهما الالتزام بهذا التمليك و ترتيب الاثر عليه و الشرط الواقع في
ضمنه مرتبط بهذا الامر الثانى دون الامر الاول حتى يوجب محدودية دائرة الملكية
و مرجعه الى كون التزامه معلقا على العمل بالشرط فاذا تحقق العمل فالالتزام
بحاله و مع التخلف لا يكون هناك التزام و مرجعه الى ثبوت خيار تخلف الشرط و عدم
وجود الالتزام معه و يؤيد هذا الوجه ـ مضافا الى ان موقعية الشرط عند العقلاء
في المعاملات المشروطة تكون بهذا المقدار الذى هو برزخ بين الوجهين ـ معنى
الشرط فانه عبارة كما في بعض الكتب المعتبرة في اللغة عن الالتزام المرتبط
بالتزام آخر و عليه لا يكون خيار التخلف مفتقرا الى دليل خاص مثل خيارى المجلس
و الحيوان و غيرهما من الخيارات التى لو لا الدليل الخاص على ثبوتها لم يكن وجه
للالتزام بها و الوجه في عدم الافتقار في المقام نفس كون الالتزام و عدم ثبوت
الخيار معلقا على الوفاء بالشرط و العمل به فاذا وقع التخلف لا يكون في البين
التزام اصلا.
(الصفحة 422)
و الظاهر ان الوجه الثالث هو الاظهر في مفاد دليل الشرط و قوله صلّى اللّه عليه
و اله المؤمنون عند شروطهم لما عرفت من موقعية الشرط عند العقلاء و عدم كون
مفاده زائدا على ما هو الثابت عند العقلاء و عليه فلا مجال للوجه الثانى و ان
حكى عن المحقق النائينى (قدس سره) و يرد عليه ايضا ان لازمه التفكيك في الشرائط
بين مثل الخياطة و الكتابة و بين مثل البيع كما لا يخفى كما انه لا مجال للوجه
الاول.
و مما ذكرنا يظهر الجواب عن الاشكال الذى اورده في «المستمسك» على السيد في
جوابه عن الاشكال الذى اورده على نفسه و حاصله ان الجمع بين صحة البيع في مثال
العبد المتقدم و خيار تخلف الشرط غير ممكن نظرا الى ان القيد المذكور إذا اخذ
قيدا في المملوك فقد ملك الشارط على المشروط عليه بقاء العبد على ملكه الى ان
يتحقق العتق منه و مقتضى ذلك عدم سعة دائرة السلطنة للبيع لانه تصرف في حق غيره
و إذا اخذ قيدا فى الملك يعنى يملك عليه العتق إذا كان العبد باقيا في ملكه
فهذا الملك لا يقتضى بقاء العبد في ملكه و معه يجوز للمشروط عليه البيع و لا
يكون من قبيل تخلف الشرط.
وجه ظهور الجواب ما عرفت من كون القيد راجعا الى الالتزام لا الى اصل الانشاء
كالشرط في سائر الموارد من دون فرق اصلا و عليه فيتحقق الجمع بين الصحة و بين
الخيار كما افاده السيد (قدس سره) نعم يرد عليه ما عرفت من انه لا مجال لتوجه
الاشكال الذى اورده على نفسه كما مرّ هذا تمام الكلام فيما يتعلق بمباحث شرائط
وجوب حجة الاسلام.
(الصفحة 423)
القول في الحج بالنذر و العهد و اليمين
مسئلة ـ 1 يشترط في انعقادها البلوغ و العقل و القصد و الاختيار فلا
تنعقد من الصبى و ان بلغ عشرا و ان صحت العبادات منه، و لا من المجنون و الغافل
و الساهى و السكران و المكره، و الاقوى صحتها من الكافر المقر باللّه تعالى بل
و ممن يحتمل وجوده تعالى و يقصد القربة رجاء فيما يعتبر قصدها1.
1 ـ ينبغى قبل التعرض لشرح المسئلة من التنبيه على امر قد نبهنا عليه مرارا و
هو ان الوجوب المتعلق بعنوان الحج يكون ثابتا في الكتاب و السنة بالاضافة الى
حجة الاسلام فقط فهى الواجبة باصل الشرع و اما الحج بالنذر و اخويه و كذا الحج
الاستيجارى فالوجوب فيها لا يكون متعلقا بعنوان الحج بل بعنوان الوفاء بالنذر
او الوفاء بعقد الاجارة ـ مثلا و تحقق هذا العنوان في الخارج و ان كان في
المقام بايجاد الحج في الخارج الا انه لا يوجب سراية الحكم من عنوان الوفاء الى
عنوان الحج و هذا كما في نذر صلوة الليل ـ مثلا ـ فان النذر يوجب ان يكون
الوفاء به واجبا و لا يوجب سراية الوجوب الى صلوة الليل بحيث تصير صلوة الليل
واجبة بعد كونها مستحبة و كان اللازم فيها قصد الوجوب بناء على اعتبار نية
الوجه فتوصيف الحج بالنذر ـ مثلا ـ بالوجوب انما يكون على سبيل المسامحة و
العناية.
و بعد ذلك يقع الكلام في الامور المعتبرة في انعقاد النذر و اخويه فنقول:
الاول: البلوغ و عمم اعتباره في المتن للصبى
البالغ عشرا نظرا الى وجود بعض النصوص و الفتاوى في وصية البالغ عشرا و نفوذها
و الغرض من التعميم انه على تقدير القول بصحة وصيته لا دليل على تسرية الحكم
الى باب النذر و نحوه كما ان الحكم بان العبادات الصادرة من الصبى شرعية مستحبة
يترتب عليها استحقاق المثوبة لا تمرينية لا يقتضى الحكم بانعقاد نذره كما هو
ظاهر.
(الصفحة 424)
و قد استدل السيد (قدس سره) في العروة لاعتبار البلوغ برفع قلم الوجوب عنه و
يشير بذلك الى حديث: «رفع القلم عن الصبى حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق و
عن النائم حتى يستيقظ».
و يرد على هذا الدليل ان مقتضى الحديث رفع قلم الالزام و التكليف الوجوبى و
التحريمى و مرجعه الى عدم توجه مثل اقيموا الصلوة اليه و اما المقام فالكلام
فيه انما هو فى السببية التى هى حكم وضعى و قد ثبت في محله عدم اختصاص الاحكام
الوضعية بالبالغين و شمولها لغيرهم فان اتلاف الصبى لمال الغير سبب لضمانه و
اللازم ـ ح ـ ان يكون العقد او الايقاع الصادر من الصبى مؤثرا في حصول مقتضاه
سواء كان المقتضى عبارة عن الحكم الوضعى كالملكية المترتبة على البيع او الحكم
التكليفى كالنذر الذى يكون سببا لوجوب الوفاء به فان النذر من الايقاعات لانه
من الامور الانشائية غير المفتقرة الى القبول كالطلاق و هكذا العهد و اما
اليمين فالظاهر انه من قبيل الوعد الذى يكون مرجعه الى الايجاد في المستقبل لا
الاخبار عنه و لا يكون تخلفه الا خلفا لا كذبا.
و بالجملة فمقتضى سببية الايقاع النذرى لوجوب الوفاء به صحة وقوعه من الصبى
كالجنابة الاختيارية الحاصلة له التى تكون سببا لوجوب الغسل و لو بعد البلوغ
فمثل الحديث المزبور لا يصلح للاستدلال به في المقام.
نعم قد ورد في بعض الروايات ان عمد الصبى خطاء فلو ثبت كونه بعنوان الضابطة
الكلية غير المختصة بالقتل الذى هو مورده يكون مفاده ان الاعمال الاختيارية
الارادية الصادرة عن الصبى كالاعمال الخطائية الصادرة عن غيره فاللازم ـ ح ـ
الحكم بالبطلان في مثل المقام لان النذر الواقع عن غير القاصد و غير الملتفت لا
يكاد يترتب عليه اثر لما سيأتى من شرطية القصد انشاء اللّه تعالى و الظاهر ان
العمدة في المسئلة الاجماع على بطلان انشاءات الصبى عقدا او ايقاعا فالاتكاء ـ
ح ـ عليه لا على ما افاده السيد (قدس سره).
(الصفحة 425)
الثانى: العقل و الكلام فيه هو الكلام في
اعتبار البلوغ من دون فرق.
الثالث: القصد بمعنى التوجه و الالتفات الى
مفاد الصيغة في مقابل الغافل و الساهى و السكران و النائم حيث لا يصدر منهم مع
الالتفات و التوجه و الدليل على اعتبار هذا الامر ظهور مثل دليل وجوب الوفاء
بالعقود و بالنذر و امثالهما في الانشاءات الصادرة كذلك ضرورة عدم كون العقد او
الايقاع الصادر من الغافل او النائم ـ مثلا ـ مصداقا لعنوان العقد و الايقاع
عند العرف و العقلاء كما هو ظاهر،
الرابع: الاختيار في مقابل الاكراه و يدل
عليه حديث الرفع بعد الاستشهاد به في بعض الروايات لبطلان الطلاق إذا وقع عن
اكراه و غيره من الادلة الاخرى.
الخامس: الاسلام فالمشهور في باب النذر
اعتباره بل قال صاحب الجواهر (قدس سره) لا خلاف في عدم صحته ـ اى النذر من
الكافر ـ بين اساطين الاصحاب و استظهر في محكى الرياض الاجماع لكن المحكى عن
صاحبى المدارك و الكفاية التأمل فيه.
و المشهور في باب اليمين عدم الاعتبار نعم حكى عن الشيخ في الخلاف و ابن ادريس
عدم الفرق بينها و بين النذر، و المذكور في وجه الفرق بين اليمين و النذر ـ كما
هو المشهور ـ ان قصد القربة لا يعتبر في اليمين و يعتبر في النذر و لا تتحقق
القربة من الكافر.
قال المحقق في الشرايع: يشترط مع الصيغة قصد القربة فلو قصد منع نفسه بالنذر لا
للّه لم ينعقد...ثم قال بعد ذلك و اما متعلق النذر فضابطه ان يكون طاعة للّه
مقدورا...و قد ادعى في الجواهر الاجماع بقسميه على الحكم المذكور.
و قد وقع الاختلاف في المراد من عبارة الشرايع ففى محكى المسالك: «ان الظاهر ان
المراد جعل شىء للّه تعالى في مقابل جعل شىء لغيره او جعل شىء من دون ذكر انه
له تعالى او لغيره».
و يبعده ان ظاهر عبارة الشرايع اعتبار قصد القربة زائدا على الصيغة المعتبرة في
النذر مع ان جعل شىء له تعالى انما هو مفاد نفس الصيغة فان الالتزام النذرى
انما
|