(الصفحة 436)
عند العرف من الوالد بلحاظ اتصافه ما هو المتفاهم عندهم من الولد بلحاظ هذه
الاضافة و ليس مرجع ذلك الى تقدير الوجود بوجه.
انه على تقدير كون المقدر هو الوجود يكون مفاد العبارة عدم صحة يمين الولد مع
وجود الوالد و مرجعه الى عدم الانعقاد ما دام كونه حيا و لا مجال للحمل على هذا
التقدير على كون المراد عدم الاذن لانه بعد فرض عدم ارادة وجود الوالد من حيث
هو تكون نسبة عدم الاذن و اضافته الى الوالد متساوية مع اضافة المنع و
المعارضة.
فالظاهر حينئذ ان الامر يدور بين تقدير عدم الاذن و بين تقدير المعارضة و المنع
و لا يرجع تقدير عدم الاذن الى قوله لا يمين للولد الا مع اذن والده حتى يقال
كما في بعض الكلمات بانه لا مجال لتقدير الاستثناء و ذلك لان المقدر نفس عدم
الاذن من دون حاجة الى الاستثناء اصلا.
و على ما ذكرنا لو فرض اجمال الرواية من جهة ما هو المقدر فاللازم الرجوع الى
اصالة العموم فيما إذا كان المخصص المنفصل مجملا مرددا بين الاقل و الاكثر كما
عرفت و لكن هنا قرينة على كون المراد هو عدم الاذن و هو ان العبد لا يكفى في
انعقاد يمينه مجرد منع المولى و معارضته بل يحتاج الى الاذن لانه لا يقدر على
شىء على ما وصفه به فى الكتاب العزيز فاذا كان الحكم في العبد كذلك فالظاهر عند
العرف بمقتضى وحدة السياق خصوصا مع وقوع قوله صلّى اللّه عليه و اله: و لا
للمملوك مع مولاه بين الجملتين ان المراد في جميع الجملات الثلاثة واحد و
المقدر هو عدم الاذن لا المعارضة و المنع و بما ذكرنا يظهر عدم صحة ما هو
المنسوب الى المشهور على ما مرّ.
و بعد ذلك يقع الكلام في ان المراد بالاذن هل هو خصوص الاذن السابق او الاعم
منه و من الاجازة اللاحقة؟ربما يقال بالاول نظرا الى انه من الايقاعات و ادعى
الاجماع على عدم جريان الفضولية فيها كالطلاق و العتق و نحوهما.
(الصفحة 437)
و لكنه اجيب عنه بان الاجماع حيث انه دليل لبى يؤخذ بالقدر المتيقن منه و هو
الايقاع الواقع على مال الغير كعتق عبده او ما يتعلق بالغير محضا كطلاق زوجة
الغير فان الاجازة اللاحقة لا تجدى في مثل ذلك من الامور الاجنبية عنه بالمرة،
و اما إذا كان الايقاع متعلقا بفعل نفسه مالا كان او غيره غاية الامر تعلق حق
الغير به كحق المرتهن و حق الغرماء او قيام الدليل على اعتبار رضا الغير فيه
كما في مثل المقام فلا دليل على عدم تأثير الاجازة اللاحقة فاذا اعتق الراهن
العبد المرهون ثم لحقته اجازة المرتهن لا دليل على بطلان عتقه و كذا لو اعتق
المفلس المحجور عليه عبده ثم لحقته اجازة الغرماء و الديان فانه ايضا كذلك و
كذلك إذا قام الدليل على مجرد اعتبار رضا الغير كما في العمة و الخالة حيث
يعتبر رضاهما في نكاح بنت اخيها او اختها من دون فرق بين السابق و اللاحق و
المقام ايضا من هذا القبيل فان الاجماع المذكور لا ينهض لاعتبار خصوص الاذن
السابق على ما عرفت فالاستناد اليه غير صحيح.
كما انه يمكن ان يقال بالثانى نظرا الى التعليل الوارد في الرواية الواردة في
تزويج العبد و هى ما رواه في الكافى و الفقيه عن زرارة عن الباقر (عليه السلام)
سئله عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذلك الى سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق
بينهما قلت اصلحك اللّه تعالى ان حكم بن عتيبة و ابراهيم النخعى و اصحابهما
يقولون ان اصل النكاح فاسد و لا يحلّ اجازة السيد له فقال ابو جعفر (عليه
السلام) انه لم يعص اللّه انما عصى سيده فاذا اجاز فهو له جائز.
فان موردها و ان كان هو النكاح الذى يكون من العقود الا ان مقتضى التعليل جريان
الحكم في الايقاعات ايضا فانه لا فرق من جهة عدم تحقق معصية اللّه و كذا تحقق
معصية المولى باىّ معنى فسرت المعصية به في الموردين بين العقود و الايقاعات و
لازمه كون الاجازة اللاحقة كافية كالاذن السابق.
(الصفحة 438)
هذا و لكن ورد في مورد طلاق العبد زوجته بعض الروايات التى استدل الامام (عليه
السلام)فيها بقوله تعالى: عبدا مملوكا لا يقدر على شىء على افتقار طلاق العبد
الى اذن المولى نظرا الى ان الطلاق شىء فهو لا يقدر عليه اى لا يستقل به و لكنه
لا يعلم ان المراد بالاذن فيها هل هو خصوص الاذن السابق او الاعم منه و من
الاجازة اللاحقة و حيث ان الطلاق من الايقاعات فالظاهر جريان حكمه في يمين
العبد و بمقتضى وحدة السياق يجرى في يمين الولد و الزوجة فاللازم ملاحظة تلك
المسئلة.
بقى الكلام في ان اليمين التى تحتاج الى
الاذن او الاعم منه و من الاجازة او يجوز حلها هل تنحصر بموارد خاصة او تعم
جميع الموارد؟و في هذه الجهة اقوال ثلاثة:
احدها ما ذكره في الجواهر فانه بعد اختياره
كون المقدر هو المنع و المعارضة قال: «فالمراد ـ ح ـ من نفى اليمين مع الوالد
في الفعل الذى يتعلق بفعله ارادة الولد و تركه ارادة الوالد و ليس المراد مجرد
نهى الوالد عن اليمين...» و اوضحه السيد (قدس سره) في العروة بان جواز الحل او
المتوقف على الاذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقا كما هو ظاهر كلماتهم بل
انما هو فيما كان المتعلق منافيا لحق المولى او الزوج و كان مما يجب فيه طاعة
الوالد إذا امر او نهى، و اما ما لم يكن كذلك فلا كما إذا حلف المملوك ان يحج
إذا اعتقه المولى، او حلفت الزوجة ان تحج إذا مات زوجها او طلقها، او حلفا ان
يصليا صلوة الليل مع عدم كونها منافية لحق المولى او حق الاستمتاع من الزوجة او
حلف الولد ان يقرء كل يوم جزء من القرآن او نحو ذلك مما لا تجب طاعتهم فيها
للمذكورين فلا مانع من انعقاده و هذا هو المنساق من الاخبار فلو حلف الولد ان
يحج إذا استصحبه الوالد الى مكة ـ مثلا ـ لا مانع من انعقاده و هكذا بالنسبة
الى المملوك و الزوجة فالمراد من الاخبار انه ليس لهم ان يوجبوا على انفسهم
باليمين ما يكون منافيا لحق المذكورين
(الصفحة 439)
ثانيها ما اختاره المحقق في الشرايع حيث
قال: «و لا تنعقد من الولد مع والده الا مع اذنه و كذا يمين المرأة و المملوك
الا ان يكون في فعل واجب او ترك حرام» و مقتضاه استثناء صورة ما إذا كان في فعل
الواجب او ترك الحرام من قوله (صلى الله عليه وآله) لا يمين للولد مع والده.
ثالثها ما نفى عنه البعد في المتن و استظهره
السيد (قدس سره) من الكلمات من عدم الفرق بين الموارد اصلا حتى ما إذا كان في
فعل واجب او ترك حرام و ان احتاط وجوبا في المتن بالاضافة اليهما.
و يرد على ما افاده صاحب الجواهر اولا انه لو سلم كون المقدر هى المعارضة و
المنع لكن الظاهر من الرواية بلحاظ عدم وقوع التعرض فيها لمتعلق اليمين من
الفعل او الترك الذى يراد بسبب اليمين و الالتزام ايجاده في الخارج بل التعرض
فيها انما هو لنفس اليمين و النفى قد تعلق بطبيعتها و عليه فالظاهر تعلق
المعارضة و المنع بنفسها التى هى التزام من الولد و الزوجة فالمراد ان نفس
الالتزام اليمينى إذا كان ممنوعا من قبل الوالد او الزوج فلا ينعقد الالتزام و
لا يترتب عليه آثاره و احكامه فلا مجال لجعل المنفى نفس الالتزام و اضافة المنع
الى متعلقه فانه خلاف الظاهر جدّا.
و ثانيا ان حمل الرواية على المعنى المذكور
يوجب الالتزام بامرين يكون كل واحد منهما خلاف الظاهر:
احدهما الالتزام بكون مفادها هو مفاد قوله:
لا يمين في المعصية على ما ورد في بعض الروايات فهل يكون المتفاهم عند العرف من
الروايتين امرا واحدا او انه لا ينبغى انكار كون المستفاد من احديهما غير ما
يستفاد من الاخر مع انه على تفسير صاحب الجواهر لا بد من الالتزام بوحدة المفاد
كما لا بخفى.
ثانيهما ان ظاهر الرواية كون العناوين
الثلاثة المذكورة فيها و هى عنوان الوالد و المولى و الزوج لها خصوصية ناشئة عن
اهميتها و عظمتها عند الشارع بحيث
(الصفحة 440)
كان مراد الشارع من الرواية اثبات حرمة لها مقتضية لاعتبار اذنها و لا اقل عدم
منعها و معارضتها و هذا انما يتحقق على تقدير كون عدم الاذن او المنع راجعا الى
نفس اليمين و الالتزام لانه لو كان راجعا الى المتعلق لا ينحصر الحكم بهذه
العناوين بل يجرى في الزوج بالاضافة الى الزوجة فانه لو حلف على عدم رعاية بعض
حقوقها الواجبة كالنفقة و نحوها يكون الحكم ايضا كذلك لعدم الفرق بين حلف
الزوجة على عدم رعاية بعض حقوقه الواجبة و بين العكس و هكذا في المولى بالاضافة
الى العبد كما لو حلف المولى على ترك انفاق العبد مع كونه واجبا عليه بل و كذا
في الوالد بالاضافة الى الولد في بعض الحقوق الواجبة على الوالد بل لا يختص
بذلك فانه يجرى في جميع الموارد التى تعلق الحلف بما هو متعلق حق الغير و كان
متعلقه عدم رعاية حقه كما إذا حلف الراهن على بيع العين المرهونة مع عدم
المراجعة الى المرتهن او حلف المفلس على بيع العين التى هى متعلق حق الغرماء من
دون رعاية حقهم فاللازم بمقتضى ما ذكر حمل الرواية على ظاهرها الذى هو الاختصاص
بالعناوين الثلاثة المذكورة فيها و لازمه ارتباط الاذن و المنع بنفس اليمين من
دون فرق بين كون متعلقها منافيا لحقهم الواجب و بين عدم كونه كذلك كما في
الامثلة المذكورة في كلام السيد (قدس سره).
و يرد على ما افاده صاحب الشرايع انه لم يعلم وجه لاستثناء فعل الواجب و ترك
الحرام من عموم دليل التوقف على الاذن او مانعية المنع الا دعوى انصراف الدليل
المزبور عما إذا كان هناك الزام و التزام اخر غير الالتزام اليمينى و مرجعها
الى ان الظاهر من الدليل انحصار الالتزام بما يرتبط باليمين و عليه فاللازم ان
لا يكون متعلقه فعل واجب او ترك حرام.
و الظاهر عدم تمامية دعوى الانصراف فانه حيث تكون الرواية ناظرة الى خصوص
الالتزام اليمينى الذى يترتب على مخالفته ثبوت الكفارة و من المعلوم مغايرة
|