(الصفحة 47)
متوضأين لم يجز الطواف، و ان كان الصبى متطهرا و الولى محدثا لم يجزه ايضا لان
الطواف بمعونة الولى يصح و الطواف لا يصح الا بطهارة و ان كان الولى متطهرا و
الصبى محدثا فللشافعية قولان احدهما لا يجزى...» و ذكر في الجواهر بعد نقل هذه
العبارة: قلت لا ريب في ان الاحوط طهارتهما معا لانه المتيقن من هذا الحكم
المخالف للاصل و ان كان يقوى في النظر الاكتفاء بطهارة الولى كما يؤمى اليه ما
في خبر زرارة من الاجتزاء بالصلوة عنه.
اقول: مسئلة الصلوة لا تقاس بالطواف بعد كون
التعبير في الرواية المذكورة يطاف به و يصلى عنه و الوجه في الفرق هو امكان
الطواف بالصبى غير المميز مطلقا سواء كان بالحمل او بالتعليم و اما الصلوة فلا
تجرى فيه ذلك لانه لا يمكن حمل الصبى في السنة الاولى من ولادته ـ مثلا ـ على
الصلوة فاعتبار الطهارة فيها باعتبار كون الولى هو المصلى و اما الطواف فالطائف
هو الطفل و ان كان بمعونة الولى.
هذا و يظهر من كشف اللثام ان اعتبار طهارة الولى كانه لا اشكال فيه و انما
الاشكال فى اعتبار طهارة الصبى حيث قال: «و على من طاف به الطهارة كما قطع به
في التذكرة و الدروس و هل يجب ايقاع صورتها بالطفل او المجنون وجهان كما في
الدروس و ظاهر التذكرة من انها ليست طهارة مع الاصل و من انه طوافه لانه طواف
بالمحمول».
و قال بعض الاعلام في شرح العروة ما خلاصته: انه ان تمكن الطفل من الوضوء و لو
بتعليم الولى اياه فهو و ان لم يكن الطفل قابلا للوضوء فلا دليل على وضوئه و ما
ورد من احجاج الصبى انما هو بالنسبة الى افعال الحج كالطواف و السعى و اما
الامور الخارجية التى اعتبرت في الطواف فلا دليل على اتيانها صورة فان الادلة
منصرفة عن ذلك كما انه لا دليل على ان الولى يتوضأ عنه فيما إذا لم يكن الطفل
قابلا للوضوء فان الوضوء من شرائط الطائف لا الطواف و المفروض ان الولى غير
طائف و انما يطوف بالصبى فالصحيح انه لا يعتبر الوضوء اصلا.
(الصفحة 48)
اقول لو فرض ان الادلة منصرفة عن الامور الخارجية المعتبرة في الطواف فلا دليل
على لزوم الوضوء و ان تمكن الطفل منه و لو بتعليم الولى كما لا يخفى.
و الظاهر انه لا مجال لدعوى الانصراف بل المستفاد من الادلة بعنوان الضابطة ان
كل ما يتمكن الصبى من الاتيان به فاللازم ان يأتى به بنفسه و لو بتعليم الولى
اياه من دون فرق بين الافعال و بين المقدمات و لكن تسلم لزوم طهارة الولى على
ما في التذكرة و كشف اللثام يوجب التزلزل في الاقتصار على طهارة الصبى و ان كان
الدليل المذكور في التذكرة غير صالح للاستدلال به فان مجرد توقف صحة طواف الصبى
على معونة الولى لا يقتضى اعتبار طهارة الولى بوجه بعد عدم كونه متصفا بانه
طائف و قد عرفت الفرق بين الطواف و بين الصلوة كما في الرواية فالاحوط الجمع
بين الطهارتين وضوء الصبى او توضأه و وضوء الولى.
ثم انه لم يعلم ان الوجه في عدم التعرض للطهارة في الطواف و تعرضه لها بالاضافة
الى الصلوة كما في المتن هل هو لعدم اعتبار الطهارة عنده في الطواف بوجه كما
عرفته من بعض الاعلام او يكون الطواف بنظره مثل الصلوه لا يبعد ان يكون الوجه
هو الثانى.
كما ان الظاهر بملاحظة تحقق نية الاحرام من الولى ان نية الطواف ايضا وظيفته
لانه لا يمكن ان تحقق من الطفل بعد كونه غير مميز كما هو المفروض.
ثم ان ظاهر جملة من الروايات المتقدمة هو رمى الولى عنهم و معناه ان هذا العمل
خارج عن دائرة قدرة الصبى غير المميز فياتى به الولى و لكن في محكى القواعد و
المبسوط انه يستحب له ترك الحصى في يد غير المميز ثم يرمى الولى اى بعد اخذها
من يده و في محكى المنتهى: «و ان وضعها في يد الصغير و يرمى بها فجعل يده
كالالة كان حسنا» و سيأتى البحث في هذه الجهة في مباحث الرمى انشاء اللّه تعالى
(الصفحة 49)مسئلة 2 ـ لا يلزم ان يكون الولى محرما في الاحرام بالصبى بل يجوز ذلك و
ان كان محلا1.
مسئلة 3 ـ الاحوط ان يقتصر في الاحرام بغير المميز على الولى الشرعى من
الاب و الجد و الوصى لاحدهما و الحاكم و امينه او الوكيل منهم، و الام و ان لم
تكن وليا، و الاسراء الى غير الولى الشرعى ممن يتولى امر الصبى و يتكفله مشكل و
ان لا يخلو من قرب2 .
1 ـ وجه عدم اللزوم انه و ان كان المفروض في بعض الروايات المتقدمة كصحيحة
زرارة الواردة فيما إذا حج الرجل بابنه الصغير صورة حج الولى ايضا الا ان
الظاهر اطلاق البعض الاخر و شموله لما إذا لم يرد الولى الحج اصلا فالحكم عام
لكلا الفرضين.
2 ـ القدر المتيقن من ثبوت الحكم الاستحبابى بالاضافة الى الاحجاج هو الولى
الشرعى الشامل للمذكورين في المتن و البحث في ثبوت الولاية لهم موكول الى محله.
و اما غير الولى الشرعى فان كان هو الام فالظاهر ثبوت هذه الولاية لها وفاقا
للمبسوط و الخلاف و المعتبر و المنتهى و التحرير و المختلف و الدروس بل في
المدارك نسبه الى الاكثر و ان نسبه في الشرايع الى القول مشعرا بتضعيفه او
الترديد فيه و يدل عليه ـ مضافا الى اشعار صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المشتملة
على امر الامام (عليه السلام) بان تلقى ام المولود حميدة و تسئل عنها كيف تصنع
بصبيانها بذلك بل دلالتها عليه ـ صحيحة عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال: سمعته يقول مر رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) برويثة و هو
حاج فقامت اليه امرأة و معها صبى لها فقالت يا رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)
ايحج عن مثل هذا قال: نعم و لك اجره(1)فان السؤال و ان كان لا دلالة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب العشرون ح ـ 1
(الصفحة 50)
له في نفسه على تصدى الام للاحجاج لاجتماعه مع احجاج الاب فان محط نظر السائلة
ان كون الصبى غير مميز يناسب مع الحج عنه ـ الذى يكون المراد هو الحج به و ليس
المراد هو النيابة في الحج عن الصبى ـ ام لا الا ان قوله (صلى الله عليه وآله)
في الجواب: و لك اجره ظاهر فى تصدى الام للاحجاج و ثبوت الاجر لها فلا مجال
للاشكال في الام بوجه و دعوى ان ثبوت الاجر لها اعم من احجاجها اياه مدفوعة
بكونه خلاف الظاهر جدا.
و اما غير الام فربما يقال ـ كما قاله بعض الاعلام ـ بانه يجوز لكل احد ان يحرم
بالصبى لانه لا دليل على حرمة التصرف بالصبى ما لم يستلزم التصرف تصرفا ماليا و
الذى يحتاج الى اذن الولى ما إذا رجع التصرف بالصبى الى التصرف في امواله و اما
إذا لم يرجع اليه فلا دليل على توقف جوازه على اذن الولى و عليه يجوز احجاج
الصبى لكل من يتولى امر الصبى و يتكفله و ان لم يكن وليا شرعيا بل كان من
الاجانب و الظاهر انه ليس البحث فى الجواز من جهة كونه تصرفا في الصبى حتى
يتكلم بمثل ما ذكر بل البحث انما هو في ثبوت الاستحباب المستفاد من الادلة
المتقدمة و انه هل يختص بالولى او يعم غيره ايضا و هذا لا يرتبط بالجواز من جهة
كونه تصرفا في الصبى بوجه بل اللازم ملاحظة تلك الادلة و ربما يقال بدلالة
صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة على ذلك نظرا الى قوله (عليه السلام) انظروا من
كان معكم من الصبيان فقدموه الى الجحفة...(1) فان من كان معهم من
الصبيان عام يشمل صبى نفسه و صبى غيره و لكن الظاهر انه لا مجال لاستفادة
العموم منه فانه حيث يكون المراد هو الصبيان غير المميزين و من المعلوم ان
مثلهم يكونون مع اوليائهم لان استصحاب صبى الغير مع فرض كونه غير مميز خلاف
المتعارف خصوصا في سفر الحج فلا دلالة للرواية على تصدى غير الولى للتقديم الى
الجحفة كما لا يخفى.
-
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 3
(الصفحة 51)مسئلة 4 ـ النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولى لا من مال الصبى الا
إذا كان حفظه موقوفا على السفر به فمؤنة اصل السفر ـ ح ـ على الطفل لا مؤنة
الحج به لو كانت زائدة1.
و ربما يتوهم دلالة صحيحة زرارة المتقدمة ايضا على ذلك نظرا الى قوله (عليه
السلام): و ان لم يحسن ان يلبّى لبّوا عنه.(1) فان الاتيان بصيغة
الجمع مع كون المفروض في المورد حج الرجل بابنه و هو صغير لا يناسب الا مع جواز
تلبية غير الولى من الحجاج المتعددين لانه لا معنى للزوم تلبية الجميع و بعبارة
اخرى المفروض في الرواية بلحاظ هذا التعبير تعدد الحاج فاضافة التلبية الى
الجميع لا يكاد يصح الا مع صحة تلبية غير الولى كما لا يخفى.
و فيه ان ذيل الرواية قرينة على كون التعدد المفروض في الرواية تعدد الاولياء و
الصغار فكما ان الجمع ثابت في ناحية الاولياء كذلك متحقق في ناحية الصغار و ذلك
قوله (عليه السلام) يذبح عن الصغار و يصوم الكبار و يتقى عليهم ما يتقى على
المحرم...فلا دلالة للرواية على تلبية غير الولى بل كل ولى يتصدى لتلبية صغيره
و لاجله يصح التعبير بقوله: لبّوا عنه و الجمع بين هذا التعبير و بين كون
المفروض في اول الرواية هو حج الرجل بابنه هو حمله على كون المراد به هو الجنس
القابل لارادة الجمع منه فتدبر جيدا.
1 ـ حيث ان احجاج الصبى عمل يصدر من الولى بعنوان الاستحباب و ما يترتب عليه من
الثواب انما يكون عائدا الى الولى لا الى الصبى و عليه فاذا كان الاحجاج متوقفا
على السفر المستلزم لثبوت النفقة زائدة على الحضر فلا وجه لثبوتها في مال الصبى
بوجه بعد عدم كونها غبطة له دنيوية و لا مصلحة له اخروية اصلا و ان كان مجرد
المصلحة الاخروية ايضا غير كاف ظاهرا فان التصدق بمال الطفل لا يجوز و ان كان
له.
-
1 ـ ئل ابواب اقسام الحج الباب السابع عشر ح ـ 5