(الصفحة 482)
احدها: ما هو المناط في الاستدلال من كون
المراد هو نذر الحج ماشيا بحيث كان المنذور الحجّ من غير تقييد مع كونه مستطيعا
ـ حال النذر او حصول الاستطاعة بعده قبل الحج ـ يجب عليه حجة الاسلام فمحّط
النظر في السؤال هو الاكتفاء بالاتيان بالحج المنذور بنيّة الوفاء بالنذر و عدم
نية حجة الاسلام.
ثانيها: كون المراد هو نذر الحج ماشيا
بالنحو المذكور في الاحتمال الاول و عدم ثبوت الاستطاعة في شىء من الحالين و
تحققها بعد الاتيان بالحج النذرى فمحّط النظر هى كفاية ذلك الحج عن حجة الاسلام
مع فرض حصول الاستطاعة بعده و على هذا الاحتمال لا تكون الرواية معمولا بها
اصلا.
ثالثها: هو كون المراد انّ المنذور مجرد
المشى الى بيت اللّه الحرام ثم أراد ان يحج حجة الاسلام و قد حمل الرواية على
ذلك في محكّى كشف اللثام و غيره.
رابعها: كون المنذور الاتيان بحجة الاسلام
ماشيا كما حمل الرواية عليه العلاّمة في محكّى المختلف و ان استبعده صاحب
المدارك و غيره هذا مع قطع النظر عن السؤال الثانى و امّا بملاحظته فالظاهر ان
المراد هو الاحتمال الاول و هو كون المنذور هو الحجّ ماشيا و المراد من السؤال
الثانى هو كفاية الحج الاستيجارى عن الحج ماشيا المنذور و في قوله: «ايجزى عنه
ذلك من مشيه» اضطراب و الظاهر ان المراد هو الاتيان بالحج الاستيجارى ماشيا و
كيف كان فليس في السؤال الاول ظهور في تحقق الاستطاعة حال النذر أو بعده قبل
العمل به فلا مجال للاستدلال بها.
ثانيتهما: صحيحة محمد بن مسلم قال سئلت ابا
جعفر (عليه السلام) عن رجل نذر أن يمشى الى بيت اللّه فمشى هل يجزيه عن حجة
الاسلام؟ قال: نعم(1) و مما ذكرنا في الرواية الاولى يظهر الكلام في
هذه الرّواية.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع و العشرون ح ـ 1
(الصفحة 483)مسئلة 7 ـ يجوز الاتيان بالحج المندوب قبل الحج النذرى الموسعو لو خالف
فى المضيق و اتى بالمستحب صح و عليه الكفارة1.
1 ـ وجه الجواز عدم قيام دليل على المنع بالاضافة الى الحج النذرى و لا مجال
للقياس على حجة الاسلام بناء على المنع فيها كما قام الدليل على المنع في الصوم
على ما هو المشهور و قد وقع الاختلاف في باب الصلوة و انه هل يجوز التطوع في
وقت الفريضة او لمن هى عليه او لا يجوز و كيف كان بعد عدم قيام الدليل على
المنع في المقام لا وجه للحكم به و مقتضى القاعدة الجواز.
ثم انه يرد على بعض الاعلام انه مع حكمه في المسئلة السابقة بان عنوان الوفاء
بالنذر لا يحتاج الى القصد و ان من نذر ان يصلى صلوة الليل تقع صلوة ليله صحيحة
و وفاء بالنذر و ان كان غافلا عن النذر بالمرة لان نفس الاتيان بها كافية في
حصوله و تحققه كيف حكم هنا بان الحج الواقع اوّلا بنية الندب يقع كذلك و لا
يتحقق به الوفاء بالنذر مع ان لازم ما ذكره هناك وقوعه وفاء للنذر قهرا فان
العنوان إذا لم يكن مفتقرا الى قصده و نيّته فكيف لا يقع بالحج الواقع اوّلا مع
ان متعلق النذر هو الحج المستحب كما هو المفروض و الاختلاف من جهة الوجوب و
الاستحباب لا يقدح لان المفروض في ذلك المثال ايقاع صلوة الليل بقصد الاستحباب
مضافا الى ما عرفت منا من عدم سراية الوجوب من متعلقه الذى هو عنوان الوفاء
بالنذر الى عنوان المنذور مثل الحج و صلوة الليل فالجمع بين الامرين على ما
ذكره مما لا مجال له اصلا هذا في الحج النذرى الموسع و اما المضيق فلو خالفه و
اتى بالمستحب يقع صحيحا بناء على صحة العبادة مع المزاحمة للاهم ـ كما هو
التحقيق ـ و ان اختلفوا في وجه الحكم بالصحة فالمقام مثل ما إذا اشتغل بصلوة
تحية المسجد في مثال الصلوة و الازالة المعروف فان الحق صحتها و ان كانت
مستلزمة لترك الازالة التى
(الصفحة 484)مسئلة 8 ـ لو علم ان على الميت حجا و لم يعلم انه حجة الاسلام او حج
النذر وجب قضائه عنه من غير تعيين و لا كفارة عليه، و لو تردد ما عليه بين ما
بالنذر او الحلف مع الكفارة وجبت الكفارة ايضا، و يكفى الاقتصار على اطعام عشرة
مساكين، و الاحوط الستون1.
هى واجبة فورا نعم في المقام يترتب على مخالفة النذر العمدية القضاء و الكفارة
و قد مرّ البحث عن وجوب القضاء في المضيق.
1 ـ الكلام في هذه المسئلة يقع في فرعين:
الاول ما إذا علم ان على الميت حجا و لم
يعلم انه حجة الاسلام او حج النذر فبناء على وجوب قضاء حج النذر عن الميت ـ كما
اخترناه ـ يكون وجوب القضاء عنه معلوما تفصيلا و ان كان مرددا بين كونه قضاء
حجة الاسلام او قضاء الحج النذرى و لا يلزم من هذه الجهة الاتيان بحجين بل يكفى
حجة واحدة بعنوان القضاء عنه من غير تعيين كونه قضاء للاولى او الثانية و هذا
كما إذا علم بفوت صلوة منه مرددة بين الظهر و العصر فانه و ان كان العنوانان من
العناوين القصدية و اللازم مراعاتهما الا انه يكفى الاتيان بصلوة واحدة بقصد ما
في الذمة من غير تعيين.
و اما الكفارة فعلى تقدير القول بلزومها على الوارث في موردها لا تجب في المقام
لان ثبوتها متفرع اولا على احراز كون الفائت الحج النذرى و ثانيا على احراز كون
مخالفة الميت للتكليف بوجوب الوفاء بالنذر مخالفة عمدية اختيارية و كلاهما
مشكوكان و لو فرض العلم بانه على تقدير كون الثابت هو الحج النذرى لكانت
مخالفته عن عمد و اختيار لما كانت الكفارة واجبة ايضا لعدم احراز الامر الاول و
منه يعلم ان قوله في المتن: «و لا كفارة عليه» يشمل كلا الفرضين هذا كله بناء
على القول بوجوب القضاء في الحج النذرى ايضا.
و اما بناء على القول بالعدم و اختصاص وجوب القضاء بحجة الاسلام فلا يجب
(الصفحة 485)
القضاء كالكفارة نعم في خصوص ما إذا كانت المخالفة في الحج النذرى مخالفة عمدية
موجبة للكفارة على تقدير كون الثابت هو الحج النذرى يكون احد طرفى العلم
الاجمالى قضاء حجة الاسلام و الطرف الآخر الكفارة لاجل مخالفة النذر العمدية
على ما هو المفروض و اللازم مراعاة كلا الامرين فيجب القضاء و الكفارة معا.
الثانى ما إذا تردد ما على الميت بين الحج
النذرى و بين الحج الثابت عليه باليمين مع احراز كون الترك و المخالفة عمدية
موجبة للكفارة فلا اشكال في وجوب القضاء عنه من غير تعيين بناء على ثبوته في
النذر و اليمين فيأتى الوارث بحج واحد قضاء عنه مرددا بين النذر و اليمين و
بعبارة اخرى يقصد ما في الذمة كما في المثال الذى عرفت.
و يجب هنا الكفارة ايضا من التركة بناء على ثبوتها بعد الموت فيها ايضا لان
المفروض كون الحنث في كلا الامرين موجبا للكفارة كما ان المفروض تحقق المخالفة
العمدية على كلا التقديرين و ـ حينئذ ـ ان قلنا بعدم مغايرة كفارة النذر لكفارة
اليمين المصرح بها في الكتاب بقوله تعالى: لا يؤاخذكم اللّه باللغو في ايمانكم
و لكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون
اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم
إذا حلفتم الى آخر الاية فاللازم كفارة واحدة من غير تعيين كالقضاء و قد اختار
هذا القول جماعة من الفقهاء.
و ان قلنا بالمغايرة و ان كفارة النذر انما هى كفارة الافطار في شهر رمضان و هى
التخيير بين الخصال الثلث عتق الرقبة و صيام ستين يوما و اطعام ستين مسكينا ـ
كما هو المشهور ظاهرا ـ فان اختار العتق المشترك بين الكفارتين فيكفى تحرير
رقبة واحدة من غير تعيين ايضا و اما ان اختار الاطعام فقد اختار في المتن كفاية
الاقتصار على اطعام عشرة مساكين و احتاط الستين بالاحتياط الاستحبابى و لكن
السيد (قدس سره)
(الصفحة 486)
فى العروة حكم بلزوم الاحتياط و لا بدّيته غاية الامر انه يكفى في ذلك اطعام
ستين مسكينا لان فيه اطعام عشرة ايضا و مراده انه لا يلزم في الاحتياط الجمع في
جميع الموارد فان مقتضاه الاخذ بما هو المتيقن و هو قد يتحقق بالجمع كما في
كثير من الموارد و قد يتحقق بالاخذ باحد طرفى العلم الاجمالى كما في دوران
الامر بين التعيين و التخيير فان مقتضى الاحتياط فيه الاخذ بخصوص ما يحتمل
تعيينه لا الجمع كما هو ظاهر.
ثم ان مبنى ما في المتن من كفاية الاقتصار على اطعام العشرة انما هو كون المقام
من صغريات مسئلة دوران الامر بين الاقل و الاكثر الارتباطيين و حيث ان مختاره
فيه جريان البرائة بالاضافة الى الاكثر فاللازم الاكتفاء باطعام العشرة و عدم
لزوم ما زاد عليه.
و اما ما افاده في العروة من الحكم بلزوم الاحتياط باطعام الستين فالوجه فيه
احد امرين:
الاول كون مبناه في مسئلة دوران الامر بين
الاقل و الاكثر الارتباطيين عدم جريان البرائة و لزوم الاحتياط على خلاف مبنى
المتن.
الثانى عدم كون المقام من صغريات تلك
المسئلة بل الامر دائر في المقام بين المتبائنين لاختلاف الكفارتين من جهتين:
احديهما الاختلاف في الاطراف و الخصال و ان
كان بينهما اشتراك في الجملة كما فى العتق و في اصل الاطعام.
ثانيتهما كون كفارة النذر مخيرة محضة و
كفارة اليمين مخيرة و مرتبة كما في الاية الشريفة حيث انه تصل النوبة بعد عدم
القدرة على الامور الثلاثة الى صيام ثلاثة ايام و عليه فالاختلاف من هاتين
الجهتين يقتضى كون المقام من قبيل الدوران بين المتباينين خصوصا إذا قلنا في
الواجب التخييرى بتعلق الوجوب بما هو الجامع