(الصفحة 60)
و انه على ابيه كما في رواية زرارة المتقدمة و تقريبه ان ما ورد في الصيد يشتمل
على امرين احدهما اصل ثبوت الكفارة في الصيد و ثانيهما ثبوتها على الاب و لا
مجال لالغاء الخصوصية من الامر الاول بعد كون الصيد له اهمية خاصة فلا يمكن
استفادة ثبوت الكفارة في غير الصيد من الرواية الواردة فيه و اما لو استفيد
ثبوتها من الادلة الاخرى و ثبت اشتراك غير الصيد معه في اصل ثبوت الكفارة فلا
مانع من الغاء الخصوصية بالاضافة الى الامر الثانى و الحكم بثبوت سائر الكفارات
على الولى ايضا.
و هذا الامر و ان كان غير بعيد الا ان الغاء الخصوصية ليس بمثابة توجب
الطمانينة للنفس و الوثوق بها كما لا يخفى.
ثانيهما التسبيب لا بمعنى صيرورة الولى سببا
لتحقق محرم الاحرام من الصبى فان الولى و ان صار سببا لاحرامه فانه الذى احرمه
الا ان الاحرام لا يكون سببا و موجبا لصدور محرمه من التظليل و لبس المخيط و
اشباههما بل السبب له هو ارادة الصبى و قصده لاغراض مترتبة عليه فان كونه غير
مميز لا ينافى كونه مريدا و قاصدا و لذا اضيف العمد اليه في قوله (عليه السلام)
عمد الصبى و خطأه واحد بل بمعنى ان الولى كان مكلفا بعد الاحرام بالاتقاء عليهم
كما في رواية زرارة و النهى عنهم كما في رواية على بن جعفر (ع) و صدور محرم
الاحرام يكون دليلا غالبا على عدم تحقق المراقبة اللازمة و المحافظة الواجبة
نعم يمكن صدور محرم الاحرام من الطفل احيانا مع كمال مراقبة الولى و شدة
محافظته الا انه من الندرة بمكان.
و على ما ذكرناه فيمكن ان يقال بان عدم المراقبة ـ مع فرض كون الطفل غير مميز ـ
يوجب الاستناد الى الولى فكانه صدر هذا المحرم منه فيثبت عليه الكفارة و هذا
الامر و ان كان يمكن المناقشة فيه بان مخالفة الولى للتكليف المتوجه اليه
بالاضافة الى الاتقاء و النهى لا يوجب ثبوت الكفارة عليه بل يترتب عليها
استحقاق العقوبة و المواخذة الا انه طريق الى ان يكون مقتضى الاحتياط هو الثبوت
على الولى
(الصفحة 61)مسئلة 6 ـ لو حج الصبى المميز و ادرك المشعر بالغا و المجنون كمل قبل
المشعر يجزيهما عن حجة الاسلام على الاقوى و ان كان الاحوط الاعادة بعد ذلك مع
الاستطاعة1.
خصوصا مع ملاحظة الامر الاول ايضا فالحق ـ ح ـ ما في المتن من اقتضاء الاحتياط
اللزومى للثبوت على الولى.
1 ـ القول بالاجزاء في الفرضين هو المشهور بين الاصحاب و في الشرايع كالمحكى عن
المعتبر و المنتهى الاجزاء على تردد و في محكى المدارك: التردد في محله و عن
ظاهر النافع و صريح الجامع لابن سعيد هو المنع و في المستند نسب المنع الى
جماعة من متأخرى المتأخرين و جعله الاظهر.
و لا يخفى ان مقتضى القاعدة بعد شرطية البلوغ ـ مثلا ـ في حجة الاسلام هو عدم
الاجزاء لان مقتضاها اعتبار اشتمال جميع اجزاء الواجب على الشرط فكما ان مقتضى
اعتبار شرطية الطهارة في الصلوة لزوم تحققها في جميع اجزاء الصلوة من اولها الى
اخرها فكذلك لازم اعتبار البلوغ في حجة الاسلام عدم تحققها بدونه و لو في شىء
من اجزائها و عليه فاللازم على القائل بالاجزاء اقامة الدليل عليه فنقول قد
استدل عليه بامور:
الاول الاجماع الذى ادعاه الشيخ في محكى
الخلاف حيث استدل على الاجزاء باجماع الفرقة و اخبارهم و العلامة في محكى
التذكرة حيث قال: «و ان بلغ الصبى او اعتق العبد قبل الوقوف بالمشعر فوقف به او
بعرفة بالغا معتقا و فعل باقى الاركان اجزأ عن حجة الاسلام و كذا لو بلغ او
اعتق و هو واقف عند علمائنا اجمع» قال صاحب الجواهر بعد نقل العبارة: و هو
الحجة.
و يرد عليه منع الصغرى و الكبرى اما الاول فلعدم حجية الاجماع المنقول بخبر
الواحد و لو كان ناقله ثقة عدلا و قد حقق ذلك في محله و اما الثانى فلانه على
تقدير الحجية بل و على فرض التحصيل لا يكون له في مثل المقام اصالة لاحتمال
(الصفحة 62)
ان يكون مستند المجمعين شيئا من الوجوه الآتية فلا بد ملاحظتها.
الثانى الروايات المتعددة الواردة في العبد
إذا اعتق و ادرك المشعر بعده الدالة على اجزائه عن حجة الاسلام مثل رواية شهاب
عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في رجل اعتق عشية عرفة عبدا له قال يجزى عن
العبد حجة الاسلام و يكتب للسيد اجران ثواب العتق و ثواب الحج.(1)
و رواية معاوية بن عمار قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) مملوك اعتق يوم
عرفة قال: إذا ادرك احد الموقفين فقد ادرك الحج.(2) و غيرهما من
الروايات الدالة على ذلك بتقريب ان المستفاد منها حكم عام بالاضافة الى كل من
كان ناقصا ـ و لاجله لا يكون عليه حجة الاسلام ـ إذا كمل و ادرك المشعر كاملا
يكون حجه مجزيا عن حجة الاسلام فلا فرق بين العبد و بين غيره من الصبى و
المجنون في هذه الجهة اصلا و يمكن الايراد عليه بانه مع عدم تعرض شىء من
الروايات الواردة في العبد لعلة الاجزاء حتى يتعدى عن موردها الى سائر موارد
وجود العلة لا بد من القطع بالملاك و المناط و من الواضح انه لا مجال لتحقق هذا
القطع خصوصا بعد ملاحظة عدم الاجزاء في بعض الموارد المشابهة كما قاله السيد فى
العروة حيث ذكر ان لازم الغاء الخصوصية الالتزام بالاجزاء فيمن حج متسكعا ثم
حصل له الاستطاعة قبل المشعر و لا يقولون به.
الثالث الاخبار الدالة على ان من لم يحرم من
مكة احرم من حيث امكنه مثل رواية على بن جعفر (عليه السلام) عن اخيه موسى بن
جعفر (عليهما السلام) قال سئلته عن رجل نسى الاحرام بالحج فذكر و هو بعرفات ما
حاله قال يقول اللهم على كتابك و سنة نبيك فقد تم احرامه فان جهل ان يحرم يوم
التروية بالحج حتى رجع الى
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع عشر ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع عشر ح ـ 2
(الصفحة 63)
بلده ان كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه.(1)
قال صاحب الجواهر في تقريب الاستدلال بها: «فالوقف صالح لانشاء الاحرام فكذا
الانقلابه او قلبه مع انهما قد احرما من مكة و اتيا بما على الحاج من الافعال
فلا يكونان اسوء حالا ممن احرم من عرفات ـ مثلا ـ و لم يدرك الا المعشر» بل في
كلام بعض دلالتها على المقام بالاولوية.
و يرد عليه ان مقتضى ظهورها في كون الاحرام من حيث امكن واجبا في موردها و
مقتضى ملاحظة مواردها اختصاص الحكم بمن كان الحج واجبا عليه و لم يتحقق منه
الاحرام في مكة لنسيان او جهل او عصيان او مانع غيرها فانه يجب عليه ان يحرم من
حيث امكن و اما الصبى الذى لا يجب عليه الحج و لا يكون مكلفا به فلا يستفاد
حكمه منها و انه إذا بلغ قبل الوقوف بالمشعر يقع حجه حجة الاسلام و لذا اكتفى
السيد في الجواب عن هذا الوجه بقوله و فيه ما لا يخفى.
الرابع الاخبار الدالة على ان من ادرك
المشعر فقد ادرك الحج ففى رواية جميل بن دراج عن ابيعبد اللّه (عليه السلام)
قال من ادرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد ادرك الحج و من ادرك يوم عرفة
قبل زوال الشمس فقد ادرك المتعة.(2) و رواية هشام بن الحكم عن ابى
عبد اللّه (عليه السلام) قال من ادرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس فقد
ادرك الحج.(3) و رواه الصدوق مثله الا انه قال على خمسة من الناس.و
غير ذلك من الروايات الدالة على ذلك.
و اورد السيد في العروة على الاستدلال بهذه الطائفة بان موردها من لم يحرم فلا
يشمل من احرم سابقا لغير حجة الاسلام.
و اعترض عليه اكثر الشراح بعدم اختصاص موردها بمن لم يحرم بل يعمه
-
1 ـ ئل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 8
-
2 ـ ئل ابواب الوقوف بالمشعر الباب الثالث و العشرون ح ـ 8
-
3 ـ ئل ابواب الوقوف بالمشعر الباب الثالث و العشرون ح ـ 10
(الصفحة 64)
و من احرم وفات منه الوقوف بعرفة لمانع من حبس او غيره و في الحقيقة يكون
المراد من هذه الروايات ان فوت الوقوف بعرفة الذى هو من الاركان لا يقدح في صحة
الحج إذا كان ذلك لا عن عمد بل ادراك المشعر موجب لادراك الحج فلا فرق بين من
احرم قبله و من لم يحرم اصلا.
و الحق في الجواب عن اصل الاستدلال ما افيد مما يرجع الى عدم انطباق الدليل على
المدعى بوجه فان مقتضى الروايات صحة الحج و تماميته بسبب ادراك المشعر و عدم
كون فوت عرفة قادحا في ذلك و المدعى يرجع الى اجزاء الحج بعد البلوغ و ادراك
المشعر عن حجة الاسلام و من المعلوم ان الاجزاء و عدمه امر و الصحة و عدمها امر
آخر و بعبارة اخرى لا شبهة في صحة حج الصبى و لو بلغ قبل الوقوف بالمشعر انما
الاشكال فى الاجزاء و الروايات بعيدة عن اثباته و اجنبية عن افادته.
الخامس ما حكى عن بعض المحققين من ان مقتضى
القاعدة هو الاجزاء لان الفعل المأمور به بالامر الندبى عين الفعل المأمور به
بالامر الايجابى من دون تفاوت بينهما اصلا لان كلا من الفعلين واجد للملاك و
المصلحة و الاختلاف انما هو في الامر من جهة الوجوب و الاستحباب فالحج نظير
الصلوة فكما انه إذا بلغ الطفل في اثناء الصلوة او بعدها قبل خروج الوقت بل في
اثنائه لا تجب عليه اعادة الصلوة لانها طبيعة واحدة و قد تحقق الاتيان بها
فكذلك الحج نعم ورد في باب الحج روايات تدل على ان البلوغ بعد الحج يمنع عن
الاجزاء و انه لو حج الصبى عشرة حجج يجب عليه حجة الاسلام بعد البلوغ و تحقق
الشرائط و اما البلوغ في الاثناء فلم يرد فيه نص دال على عدم الاجزاء بوجه
فمقتضى القاعدة فيه الاجزاء و اورد عليه بوجهين:
الاول منع كون الحج طبيعة واحدة و حقيقة
فاردة و ان كانت الصورة متحدة نظير الصلوة بالاضافة الى انواعها كالظهر و العصر
و النافلة و الفريضة و التضاء و الاداء