(الصفحة 69)
الانعتاق او البلوغ في المقام.
اقول ـ مضافا الى انه لا مجال لحمل روايات
العبد الدالة على الاجزاء على ما إذا كان هناك استطاعة سابقة و حين الشروع في
الاعمال إذا قلنا بان العبد لا يملك لانه لا يبقى لها مورد فتدبر و الى ما عرفت
من العلامة في التذكرة من القول بوجوب الحج على الصبى البالغ قبل الوقوف او في
وقته وجوبا فوريا يوجب تركه استقرار الوجوب من دون فرق بين ما إذا كان موسرا او
معسرا غاية الامر انه يمكنه الحج مع الاعسار ـ.
ان مقتضى روايات «من ادرك المشعر فقد ادرك الحج» بضميمة ادلة اعتبار الاستطاعة
انه من استطاع و ادرك المشعر يكون حجه حجة الاسلام و من الواضح انه لا يعتبر في
هذه الاستطاعة الاّ الاستطاعة و لو في ساعة قبل ادراك المشعر و لا مجال هنا
لدعوى لزوم كون الاستطاعة متحققة من اول اعمال الحج بحيث لو كان يأتى بالحج
بتمام افعاله و اجزائه كان مع الاستطاعة فالاستطاعة المعتبرة هى الاستطاعة عند
وجوب الحج و عليه فلا فرق بين عدم الاتيان بالاعمال السابقة على الوقوف او
الاتيان بها كما في المقام اذ لا يكون الاتيان مانعا عن تحقق حجّة الاسلام كما
لا يخفى.
الثالث ان الاستطاعة المعتبرة هل هى
الاستطاعة من البلد او الميقات؟الظاهر هو الثانى لان طىّ الطريق الى الميقات لا
يكون داخلا في الحج و لذا لو طىّ الطريق متسكعا ثم استطاع من الميقات يجب عليه
حجة الاسلام.
الجهة الثالثة قد وقع التعبير في المتن تبعا
للشرايع و بعض العبارات بادراك المشعر لكن في نصوص العبد و معقد اجماع التذكرة
و جملة من العبارات الاكتفاء في ادراك الحج بادراك احد الموقفين لا خصوص المشعر
قال في الجواهر بعد نقل ذلك: و لعله لان ادراك المشعر متأخر عن موقف عرفة
فالاجتزاء باحدهما يقتضى انه الاقصى في الادراك و لو فرض تمكنه من موقف عرفة
دون المشعر فلا يبعد عدم الاجزاء
(الصفحة 70)
ضرورة ظهور النص و الفتوى في ان كل واحد منهما مجز مع الاتيان بما بعده لا هو
نفسه.
اقول الظاهر ان الحكم من هذه الجهة لا يكون
حكما جديدا بل حال الصبى من هذه الجهة حال غيره سواء كان المستند هو الغاء
الخصوصية من الروايات الواردة في العبد او كان المستند هى الروايات الدالة على
من ادرك المشعر فقد ادرك الحج على ما عرفت اما على الثانى فواضح لعدم ورودها في
خصوص الصبى و مثله بل الحكم عام فاللازم ملاحظة ان الموجب لادراك الحج هو ادراك
خصوص المشعر او ان المناط هو ادراك احد الموقفين و سيأتى البحث فيه في محله
انشاء اللّه تعالى و اما على الاول فلان الظاهر عدم كون الروايات الواردة في
العبد ناظرة الى خصوصية للعبد من هذه الجهة بل مفادها عدم اعتبار الحرية في
تمام الاعمال و كفاية تحققها في المقدار الذى يوجب ادراك الحج كما لا يخفى.
الجهة الرابعة في ان الحكم بالاجزاء يختص
بغير حج التمتع من القران و الافراد او يعم حج التمتع بلحاظ تقدم عمرته على حجه
ايضا و في هذه الجهة بحثان:
الاول في انه هل يشمل ادلة الاجزاء حج
التمتع ام لا يمكن ان يقال بعدم الشمول نظرا الى انصرافها عن حج التمتع مع
ملاحظة تقدم عمرته على حجه و لكن الظاهر انه لا مجال لدعوى الانصراف و ثبوت
الاطلاق لتلك الادلة.
الثانى انه بعد الشمول هل يكون مقتضاها
الاجزاء بالاضافة الى العمرة الواقعة بتمامها فى حال عدم البلوغ او ان مقتضاها
هو الاجزاء بالاضافة الى الحج فقط فالمحكى عن الخلاف و التذكرة التصريح بالاول
و في محكى الدروس نسبته الى ظاهر الفتوى، و ظاهر كاشف اللثام هو الثانى قال في
محكى كشفه: «انه ـ اى الاجزاء بالاضافة الى العمرة ايضا ـ لم يساعده الدليل ان
لم يكن عليه اجماع فان ادراك احد الموقفين الاختياريين يفيد صحة الحج و العمرة
فعل اخر مفصول منه وقعت بتمامها في الصغر او الجنون كعمرة
(الصفحة 71)
مسئلة 7 ـ لو مشى الصبى الى الحج فبلغ قبل ان يحرم من الميقات و كان
مستطيعا و لو من ذلك الموضع فحجه حجة الاسلام1.
اوقعها في عام اخر فلا جهة للاكتفاء بها و إذا قيل بالعدم فيكون كمن عدل الى
الافراد اضطرارا فاذا اتم المناسك اتى بعمرة مفردة في عامه ذلك او بعده».
و قيل في تتميمه: انه يأتى بعد التمام بعمرة اخرى للتمتع في ذلك العام ان كانت
اشهر الحج باقية و يسقط الترتيب بين عمرة التمتع و حجه للضرورة و ان لم يبق
اشهر الحج اتى بالعمرة في القابل و هل يجب عليه فيه حجة اخرى وجهان: من الاصل و
من دخول العمرة فى الحج و وجوب الاتيان بهما في عام واحد على المتمتع
اقول لا ينبغى الترديد في ان المستفاد من
ادلة الاجزاء بحسب ما هو المتفاهم منها هو كفاية العمرة الواقعة في حال الصغر
او العبودية و الوجه فيه كون حج التمتع و عمرته فعلا واحدا بخلاف حج القران و
الافراد مضافا الى تقدم العمرة على الحج فبعد الالتزام بشمول ادلة الاجزاء لحج
التمتع لا يكون مفادها الا ذلك.
و من هذه الادلة العامة الشاملة لحج التمتع يظهر انه لو بلغ الصبى في اثناء
العمرة او بعدها قبل الشروع في الحج يكون عمله مجزيا عن حجة الاسلام كما إذا
بلغ في اثناء الحج قبل الوقوف بالمشعر كما لا يخفى.
1 ـ لا شبهة في كون الحج في المورد المفروض في المتن حجة الاسلام لفرض وقوعه
بتمامه في حال الكمال مع الاستطاعة و من الواضح كفاية الاستطاعة من موضع
الاحرام و عدم لزوم ثبوتها من البلد بعد كون طى الطريق مقدمة لا دخل له في اصل
الحج و المفروض الاتيان به في حال الصغر فهو كمن طى الطريق متسكعا ثم استطاع في
موضع الاحرام فانه لا شبهة في وجوب الحج عليه.
و الذى ينبغى التعرض له في هذه المسئلة فرعان:
الاول الفرع الذى لم ار من تعرض له و هو ما
إذا كان الصبى مستطيعا في البلد و لكنه غير بالغ و يعلم بانه سيصير بالغا قبل
الاحرام و في المدينة ـ مثلا ـ لتمامية
(الصفحة 72)
سنه المعتبر في البلوغ في ذلك الوقت فهل يلزم عليه ـ و لو من ناحية العقل ـ ان
يسلك الطريق و يوصل نفسه الى الميقات للاحرام و يأتى بحجة الاسلام او انه لا
تجب عليه الحجة في هذا العام بل ان بقيت استطاعته الى العام القابل يجب عليه
فيه؟ربما يتخيل الثانى نظرا الى انه لا سبيل الى الزام الصبى بشىء اصلا فلا
مجال لايجاب طى الطريق عليه و لو مع العلم بما ذكر.
و لكن الظاهر بطلان هذا التخيل فان الالزامات الشرعية و ان كانت مرفوعة عن
الصبى بحديث رفع القلم و مثله الا ان الالزامات العقلية لا مجال لدعوى عدم
ثبوتها في حق الصبى المميز فكما ان الحسن و القبح العقليين يجريان في الصبى
المميز فالظلم منه قبيح و الاحسان منه حسن فكذلك الالزامات العقلية ثابتة في
حقه و طى الطريق يكون مشمولا لذلك فاذا كانت الاستطاعة البلدية موجودة على
الفرض و الصبى يعلم بارتفاع النقص قبل الشروع في العمل فما المانع من توجه وجوب
الحج اليه لا فعلا بل عند البلوغ و ما المسوغ لترك الواجب في حقه و التأخير عن
وقته و عدم فعلية وجوب الحج فعلا لا يمنع عن تحقق الالزام العقلى بعد فرض
اجتماع شرائط الوجوب قبل الاتيان بالواجب فهذا المقام نظير المقدمة التى يعلم
المكلف بعدم التمكن منها في ظرف فعلية التكليف و تحقق شرائطه و لكنه متمكن منها
فعلا فالظاهر انه محكوم من ناحية العقل بطى الطريق للاتيان بالواجب في وقته.
الثانى ما تعرض له بعض الاعلام في شرح
العروة معترضا على الماتن من جهة عدم التعرض له و هو ما لو بلغ بعد الاحرام و
قبل الشروع في الاعمال و ذكر في حكمه: انه هل يتم ذلك ندبا او حين البلوغ ينقلب
الى حجة الاسلام فيعدل اليها او يستأنف و يحرم ثانيا من الميقات ثم رجح
الاحتمال الثالث نظرا الى ان الاكتفاء بالاحرام الاول بدعوى انقلاب حجه الى حجة
الاسلام لا دليل عليه، و اتمامه ندبا لا وجه له الا ما قيل من ان المحرم ليس له
ان يحرم ثانيا و هذا واضح الدفع فان الاحرام
(الصفحة 73)
الاول ينكشف فساده بالبلوغ المتأخر و لذا لو علم حال الاحرام بانه يبلغ بعد
يومين ـ مثلا ـ ليس له ان يحرم و هو صبى فلا بد من اعادة الاحرام و يرجع الى
الميقات و يحرم احرام حجة الاسلام و هكذا لو دخل في افعال العمرة و اتمها ثم
بلغ فانه يجب عليه الرجوع الى الميقات و اتيان العمرة ثانيا إذا وسع الوقت.
اقول لم يظهر لى كون هذا الفرع فرعا جديدا
مغايرا لما وقع التعرض له في المسئلة السادسة المتقدمة و هو ما إذا بلغ الصبى و
ادرك المشعر فان عمدة مستند الحكم بالاجزاء فيه هو الروايات الواردة في انعتاق
العبد و هو يصرح في مسئلة العبد التى تعرض لها بعد صفحات بعموم روايات العبد و
شموله لحج التمتع ايضا من جهة و بان المستفاد من اطلاق النصوص عدم الفرق بين
حصول الحرية قبل الشروع في اعمال الحج و حصولها فى اثناء العمرة و بين حصول
الحرية بعد العمرة و قبل الموقف بمدة يسيرة ـ مثلا ـ فان الميزان في الاجتزاء
كونه حرا في احد الموقفين سواء حصلت الحرية في اثناء العمرة ام بعدها قبل احد
الموقفين.
فاذا كان هذا حال العبد و الملاك هو حصول الحرية في احد الموقفين فيكون حال
الصبى ايضا كذلك لانه لا فرق بينهما الا ان يستثنى من حكم العبد خصوص ما إذا
انعتق بعد الاحرام و قبل الشروع في اعمال العمرة في حج التمتع و من الواضح انه
لا وجه لهذا الاستثناء بعد كون الضابط ما ذكر خصوصا بعد تصريحه هنا بانه إذا
بلغ بعد اتمام العمرة يجب عليه الرجوع الى الميقات للاتيان بالعمرة ثانيا و ان
كان مستند الحكم بالاجزاء في الصبى هى الروايات الدالة على ان من ادرك المشعر
فقد ادرك الحج فقد عرفت ان مقتضاها ان ادراك المشعر و ان كان مقرونا بفوات
عرفات يوجب ادراك الحج فالميزان هو ادراك المشعر سواء ادرك الوقوف بعرفات ام لا
و من المعلوم تحققه في المقام لا لان له خصوصية بل لانه من مصاديق الفرع
المتقدم.
|