(الصفحة 75)
الموافقة في الامور العبادية.
و على تقدير عدم اعتبار قصد الوجه ايضا فالوجه في الاشكال ـ ح ـ ان قصد الوجه و
ان لم يكن معتبرا على ما هو المفروض الاّ انه يمكن ان يقال بان مرجع عدم
الاعتبار الى عدم لزوم نية الوجوب او الاستحباب و اما نية الخلاف فقادحة في
تحقق الامتثال و المفروض في المقام ثبوت هذه النية.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه على التقدير الاول الذى يبتنى على تعدد الحقيقة و تكثر
الطبيعة لا محيص عن الاشكال و الحكم بالبطلان لما ذكر من مغايرة ما قصده لما
عليه من جهة الحقيقة و لا مجال معها للاجزاء كما عرفت في مثال الصلوة.
نعم يستثنى فرض يمكن ان يتحقق و هو ما إذا اخطأ في التطبيق و نظيره في مئال
الصلوة ان تكون نيته امتثال الامر المتعلق بما هو الواجب اولا بعد زوال الشمس
غاية الامر انه يتخيل انه معنون بعنوان صلوة العصر فالمنوى و ان كان هذا
العنوان الا ان النية كانت متعلقة بالاصل بما هو الواجب او لا فيكون الخطأ و
الاشتباه في التطبيق بحيث لو كان يعلم بان الواجب اولا هى صلوة الظهر لكان
يقصدها و في المقام ان تكون نيته امتثال الامر المتعلق بالحج المتوجه اليه
بعنوان انه يأتى به اول مرة مثلا غاية الامر انه يتخيل لاجل اعتقاد عدم البلوغ
او عدم الاستطاعة انه امر ندبى و لاجله ينوى متعلقه المغاير في الحقيقة مع الحج
الوجوبى فالمنوى اولا و بالاصل هو الحج الذى تكون وظيفته في هذه السنة الاتيان
به و لاجل الاشتباه في التطبيق تخيل انه الحج الندبى فنواه و قصده لاجل ذلك.
ففى هذه الصورة يرتفع الاشكال و الحكم فيها الاجزاء عن حجة الاسلام كما لا
يخفى.
و اما على التقدير الثانى فيمكن التخلص عن الاشكال بان قصد الوجه على تقدير
اعتباره في تحقق الامتثال في الامور العبادية على خلاف ما هو الحق المحقق
(الصفحة 76)ثانيها الحرية1.
في محله لكن القدر المتيقن من دليل اعتباره هو ما إذا كان وجه العمل من الوجوب
و الاستحباب مشخصا للمكلف و ظاهرا له فاللازم عليه ـ ح ـ رعاية هذا القصد و اما
في مثل المقام مما إذا كان اعتقاده مخالفا لما هو الواقع فيقصد الندب في مورد
الوجوب و بالعكس فالظاهر انه لا دلالة لدليل الاعتبار على لزوم الرعاية في مثله
كما لا يخفى و اما على التقدير الثالث و فيمكن التخلص ايضا بان قادحية نية
الخلاف و لو على تقدير عدم اعتبار قصد الوجه انما هى فيما إذا كانت نية الخلاف
واضحة للمكلف في حال العمل و الامتثال و اما في مثل المقام مما إذا كانت نية
الخلاف مقرونة باعتقاد انها نية الوفاق فلا مجال للحكم بقادحيتها اصلا كما لا
يخفى و قد ظهر لك بملاحظة المباحث السابقة ان الاقوى هو تعدد حقيقة الحج و
اختلاف انواعه و عليه فالحكم في الفرضين المذكورين فى المتن هو عدم الاجزاء الا
في صورة الخطاء و الاشتباه في التطبيق كما عرفت.
1 ـ اقتصر سيدنا الاستاذ الاعظم الماتن ـ ادام اللّه ظله الشريف ـ على بيان
اشتراط الحرية و لم يتعرض لمسائله و فروعه نظرا الى عدم الابتلاء بمسائل العبيد
و الاماء في هذه الازمنة و قد ترك مسائلهما بل الكتب الفقهية المتعلقة بهما
ككتاب العتق في «تحريره» المشتمل على المباحث الفقهية من اولها الى آخرها نظرا
الى ما ذكرنا و نحن نقتفى اثره و نقول: المشهور بين الفقهاء اعتبار الحرية في
الحج دون سائر العبادات بل في الجواهر الاجماع بقسميه منا و من غيرنا كما ان
ظاهر المحكى من المعتبر ايضا ذلك حيث قال: ان عليه اجماع العلماء.
و ليعلم ان اعتبار الحرية في وجوب حجة الاسلام لا يرتبط بمسئلة الاستطاعة التى
يكون تحققها في العبد موردا للاشكال للاختلاف في ملكيته على اقوال: القول بعدم
الملكية مطلقا كما هو المشهور و القول بالملكية كذلك و القول بالتفصيل و فيه
(الصفحة 77)
ايضا اقوال من القول بملك فاضل الضريبة خاصة التى يضربها عليه مولاه و القول
بملكه مع ارش الجناية و الفول بارش الجناية خاصة.
و الوجه في عدم الارتباط ـ مضافا الى الاتفاق في المقام و الاختلاف في مسئلة
ملك العبد على ما عرفت ـ ان اشتراط الحرية في كلمات الفقهاء انما وقع هو بعنوان
امر مستقل فى رديف شرطية الاستطاعة.
و كيف كان فيدل على اعتبار هذا الشرط طوائف من الروايات:
الطائفة الاولى ما تدل على انه ليس على
المملوك حج مثل: ما رواه فضل بن يونس قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام)فقلت
يكون عندى الجوارى و انا بمكة فامرهن ان يعقدن بالحج يوم التروية فاخرج بهن
فيشهدن المناسك او اخلفهن بمكة؟فقال ان خرجت بهن فهو افضل، و ان خلفتهن عند ثقة
فلا بأس فليس على المملوك حج و لا عمرة حتى يعتق.(1)
و ما رواه فضل بن يونس ايضا عن ابى الحسن موسى (عليه السلام)قال ليس على
المملوك حج و لا عمرة حتى يعتق.(2) و الظاهر اتحادها مع الرواية
الاولى و ان جعلهما في الوسائل روايتين.
و رواية آدم بن على عن ابى الحسن (عليه السلام) قال ليس على المملوك حج و لا
جهاد و لا يسافر الا باذن مالكه.(3)
و رواية يونس بن يعقوب قال قلت لابيعبد اللّه (عليه السلام)قال ان معنا مماليك
لنا و قد تمتعوا علينا ان نذبح عنهم قال فقال: ان المملوك و لا حج له و لا عمرة
لا شىء.(4)
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الخامس عشر ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الخامس عشر ح ـ 2
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الخامس عشر ح ـ 4
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الخامس عشر ح ـ 3
(الصفحة 78)
و ظاهرها انه لا يتحقق منه الحج صحيحا و لذا حملها الشيخ (قدس سره) على عدم اذن
مولاه قال في الوسائل: و يحتمل الحمل على نفى الوجوب.
الطائفة الثانية ما يدل على لزوم اعادة الحج
على المملوك بعد الانعتاق فلو لم تكن الحرية شرطا لوجوب حجة الاسلام لما كان
وجه للزوم الاعادة كما هو ظاهر هذه الطائفة مثل: و رواية على بن جعفر عن اخيه
موسى بن جعفر (عليهما السلام)قال المملوك إذا حج ثم اعتق فان عليه اعادة الحج.(1)
رواية مسمع بن عبد الملك عن ابى عبد اللّه (عليه السلام)قال لو ان مملوكا (عبدا
خ ل) حج عشر حجج ثم اعتق كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع الى ذلك سبيلا(2)
و رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال المملوك إذا حج
و هو مملوك ثم مات قبل ان يعتق اجزأه ذلك الحج فإن اعتق اعاد الحج.(3)
و غير ذلك من الروايات الواردة في هذه الجهة.
الطائفة الثالثة ما تدل على ان المملوك إذا
حج فادرك احد الموقفين معتقا اجزأه عن حجة الاسلام فلو لم تكن الحرية شرطا لما
كان وجه للزوم ادراكه معتقا كما لا يخفى و هذه الطائفة هى الروايات التى استند
اليها للقول بالاجزاء في بعض المسائل المتقدمة في الصبى الذى بلغ و ادرك المشعر
او احد الموقفين و قد تقدم نقل بعض رواياتها و نضيف اليه رواية معاوية بن عمار
قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) مملوك اعتق يوم عرفة قال إذا ادرك احد
الموقفين فقد ادرك الحج(4) فلا اشكال بعد ملاحظة هذه الطوائف في
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 3
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 5
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 4
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع عشر ح ـ 2
(الصفحة 79)ثالثها الاستطاعة من حيث المال و صحة البدن و قوته و تخلية السرب و
سلامته، وسعة الوقت و كفايته.1
مسئلة ـ 9 لا تكفى القدرة العقلية في وجوبه بل يشترط فيه الاستطاعة
الشرعية و هى الزاد و الراحلة و سائر ما يعتبر فيها، و مع فقدها لا يجب و لا
يكفى عن حجة الاسلام من غير فرق بين القادر عليه بالمشى مع الاكتساب بين الطريق
و غيره، كان ذلك مخالفا لزيه و شرفه ام لا، و من غير فرق بين القريب و البعيد2 .
اعتبار الحرية اصلا.
1 ـ ذكر في الجواهر في وصف الاستطاعة قوله: التى هى شرط في الوجوب باجماع
المسلمين و النص في الكتاب المبين و المتواتر من سنة سيد المرسلين بل لعل ذلك
من ضروريات الدين كاصل وجوب الحج.
و الظاهر ـ كما نبهنا عليه مرارا ـ ان مراده من كون اعتبار الاستطاعة في وجوب
الحج ضروريا من الدين هو ضرورى الفقه لا ضرورى الاسلام و كيف كان فلا شبهة في
اعتبار الاستطاعة في وجوب الحج بل وقع التعرض في اية الحج لهذا الشرط فقط في
قوله تعالى: من استطاع اليه سبيلا و اما المراد من الاستطاعة و شمولها للامور
المذكورة في المتن فسيأتى التعرض للتفصيل في ضمن المسائل الآتية انشاء اللّه
تعالى
2 ـ فى هذه المسئلة جهات من الكلام:
الجهة الاولىلا اشكال في ان الشرط في وجوب
الحج بمقتضى النصوص الآتية المفسرة للاستطاعة و المبينة لما يشترط في وجوب الحج
من هذه الناحية هى الاستطاعة الشرعية بمعنى الزاد و الراحلة و سائر ما يعتبر
فيها انما الاشكال في انه لو لا تلك النصوص و كان الدليل منحصرا بالاية الظاهرة
في اعتبار الاستطاعة فهل كان مفادها هى الاستطاعة و القدرة العقلية المعتبرة في
جميع الواجبات فتكون الاية ارشادا الى حكم العقل و لا دلالة لها على ازيد مما
هو معتبر في سائر التكاليف او ان مفادها هى