(الصفحة 144)
الذى كان فيه السائل بالفعل و ذلك للحكم بلزوم اخراج الزكوة من نفس هذه الدراهم
فى ذلك البلد في الجواب السابق إذا كان نسبة الفضة معلومة و عليه فيقع الاشكال
من جهة انه لا وجه لتخليص المجموع بعد كون تخليص واحد او اثنين كافيا للعلم
بمقدار الفضة الموجودة فيه او فيهما و بالنتيجة للعلم بمقدارها في الدراهم
الاخر.
و اما الاشكال بضعف السند فيمكن الجواب عنه بان الظاهر استناد المشهور اليها في
باب الزكوة مع قولهم بعدم وجوب الفحص في الشبهة الموضوعية و استناد المشهور الى
رواية يوجب انجبار ضعفها نعم الاشكال عليها من جهة عدم جواز التعدى عن موردها
الذى هى الزكوة الى غيرها من الخمس و الحج يكون باقيا بحاله و اما الاشكال
بورودها في مورد العلم بوجوب الزكوة و الشك في الزيادة فالظاهر اندفاعه بعدم
الفرق بين الصورتين اصلا بعد عدم كون الاقل و الاكثر في مثلها ارتباطيا و عليه
فالشك في الزيادة شك في تكليف مستقل بل يمكن ان يقال باولوية المقام من مورد
الرواية لعدم تحقق مخالفة اصل التكليف فيه بخلاف ما نحن فيه الذى يكون اجراء
البرائة من دون محض مستلزما لمخالفة التكليف بالكلية فتدبر.
ثم انه ظهر ان الرواية المذكورة و ان كانت لا تنهض لاثبات وجوب الفحص في موردها
فضلا عن غيره الا انه إذا انضمت الرواية الى ما علم من الشرع من اهمية الزكوة و
الخمس و الحج لان الاولين من المسائل الاقتصادية التى اهتم الاسلام بشأنها و
لذا نرى اقتران الزكوة بالصلوة في كثير من موارد الكتاب العزيز و الحج قد عرفت
اهتمام الشرع به بحيث كان مما بنى عليه الاسلام و يصير التارك له الى آخر العمر
مبعوثا يوم القيامة يهوديا او نصرانيا و قد وقع التعبير عن تركه بالكفر احتمالا
في آية الحج يظهر انه لا مجال لتركها بمجرد احتمال عدم بلوغ النصاب و عدم زيادة
الربح و عدم الاستطاعة إذا كان رفعه متوقفا على مجرد المراجعة الى الدفتر و صرف
ساعة من الوقت ـ مثلا ـ خصوصا مع ما عرفت من عدم حكم العقل بالبرائة في الشبهات
(الصفحة 145)
مسئلة 21 ـ لو كان ما بيده بمقدار الحج و له مال لو كان باقيا يكفيه في
رواج امره بعد العود و شك في بقائه فالظاهر وجوب الحج كان المال حاضرا عنده او
غائبا1.
الموضوعية قبل الفحص فمثل ذلك يقتضى انه لو لم يجز الفتوى بوجوب الفحص فلا اقل
من اقتضائه ايجابه احتياطا كما افاده في المتن.
1 ـ هذه المسئلة من فروعات مسئلة شرطية الرجوع الى الكفاية في وجوب حجة الاسلام
ـ التى سيأتى البحث فيها انشاء اللّه تعالى و وقع الخلاف و الكلام في اعتبارها
ـ و كان المناسب ان يقع التعرض لها بعدها و كيف كان فعلى تقدير اعتبار الرجوع
الى الكفاية لو كان له مال زائدا على الاستطاعة الكافية للحج لو كان باقيا
يكفيه في رواج امره بعد العود و لكنه يشك في بقائه ففى المتن تبعا للعروة الحكم
بوجوب الحج عليه غاية الامر انه فرض المسئلة في المال الغائب و لعله لكون الشك
في البقاء انما يتحقق نوعا فيه كما لا يخفى و علله في العروة باستصحاب البقاء و
عدم كونه معدودا من الاصول المثبتة.
و لكن جريان الاستصحاب مبنى على القول بجريانه في الامور الاستقبالية ايضا إذا
كان لبقاء المستصحب الى ذلك الزمان اثر شرعى فعلى كاستصحاب بقاء الدم الى ثلثة
ايام الذى يترتب عليه الحكم بالحيضية بالاضافة الى الدم الموجود الذى يشك في
بقائه الى الثلاثة و كما في المقام لان البقاء بعد العود يترتب عليه الحكم
بوجوب الحج فعلا لانه من شرائطه.
كما ان عدم كونه مثبتا مبنى على كون المأخوذ في لسان ادلة اعتبار هذا الشرط هو
ان يكون للمكلف مال بعد العود من الحج فان الاستصحاب على هذا التقدير لا يكون
مثبتا بوجه و اما لو كان المأخوذ فيه هو عنوان «الرجوع الى الكفاية» فاستصحاب
بقاء المال لا يثبت هذا العنوان الذى هو الموضوع للحكم بالشرطية الشرعية.
ثم انه يمكن ان يقال ان الدليل العمدة على اعتبار هذا الشرط هى قاعدة نفى
(الصفحة 146)
مسئلة 22 ـ لو كان عنده ما يكفيه للحج فان لم يتمكن من المسير لاجل عدم
الصحة في البدن او عدم تخلية السرب فالاقوى جواز التصرف فيه بما يخرجه عن
الاستطاعة، و ان كان لاجل عدم تهيئة الاسباب او فقدان الرفقة فلا يجوز مع
احتمال الحصول فضلا عن العلم به، و كذا لا يجوز له التصرف قبل مجىء وقت الحج
فلو تصرف استقر عليه لو فرض رفع العذر فيما بعد في الفرض الاول و بقاء الشرائط
في الثانى، و الظاهر جواز التصرف لو لم يتمكن في هذا العام و ان علم بتمكنه في
العام القابل فلا يجب ابقاء المال الى السنين القابلة1.
الحرج التى اقتضت استثناء مثل الدار و الثياب و الخادم و اشباهها ـ على ما عرفت
ـ و عليه ففى المقام يكون الشك في بقاء المال مرجعه الى الشك في ثبوت الحرج و
عدمه و من المعلوم انه مع الشك في ثبوت الحرج لا مجال للاخذ بالقاعدة بل لا بد
من احرازه فلا دليل في مقابل دليل وجوب الحج في مثل المقام فاللازم ـ ح ـ الحكم
بالوجوب و ان لم يجر الاستصحاب.
1 ـ يظهر من صاحب الجواهر و كثير ممن قبله من الفقهاء كالمدارك و كشف اللثام و
الذخيرة و مجمع البرهان و الدروس و التذكرة و المنتهى ان المناط في المنع عن
التصرف فيما عنده مما يكفيه للحج بما يخرجه عن الاستطاعة هو خروج الرفقة و سفر
الوفد فلو كان التصرف قبله يجوز التصرف المذكور و صريح السيد (قدس سره) في
العروة هو تعليق الجواز بما إذا كان قبل التمكن من المسير فيجوز قبله و لا يجوز
بعده و ان كان قبل خروج الرفقة و فصل في المتن بين ما إذا كان عدم التمكن من
المسير لاجل عدم الصحة في البدن او عدم تخلية السرب فيجوز التصرف المذكور و بين
ما إذا كان لاجل عدم تهيئة الاسباب او فقدان الرفقة فلا يجوز.
و حكى في «المستمسك» عن بعض الاعاظم في حاشية العروة الحكم بعدم الجواز إذا دخل
اشهر الحج و لو لم يتمكن من المسير بوجه و قبله إذا تمكن من المسير
(الصفحة 147)
فالشرط في جواز التصرف المزبور امران ينتفى الحكم بانتفاء احدهما.
هذا و الظاهر ان مراد السيد (قدس سره) من التمكن من المسير هى الصحة في البدن و
تخلية السرب اللتان هما من الشرائط الوجوبية في باب الحج كالاستطاعة المالية و
لذا يعبر عن الاولى بالاستطاعة البدنية و عن الثانى بالاستطاعة السربية و اما
تهيوء الاسباب و وجود الرفقة فلا مدخل لمثلهما في اصل الحكم و تحقق الوجوب بل
من الشرائط و المقدمات الوجودية و عليه فالظاهر ما قاله السيد من الاختصاص
بالاولين كما يظهر من المستمسك و العجب من بعض الاعلام حيث فسر التمكن من
المسير في العروة بخصوص المقدمات الوجودية و لذا اورد عليه بعدم مدخليته في
فعلية وجوب الحج اصلا لان المعتبر فيه هى الاستطاعة المفسرة في الروايات بالزاد
و الراحلة و صحة البدن و تخلية السرب و لا مدخل للتمكن من المسير في ذلك مع انك
عرفت ان مراده هى الاستطاعة من حيث البدن و الاستطاعة من ناحية السرب.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه لا مجال للاشكال في جواز التصرف المذكور قبل
اجتماع شروط الوجوب باجمعها لانه لم يتحقق الوجوب بعد على ما هو المفروض فكما
انه لا يجب تحصيل الاستطاعة المالية قبل تحققها فكذلك لا يجب ابقائها قبل حصول
الشروط الاخرى لانه لا موجب له اصلا.
و اما في صورة اجتماع الشروط كلها فالكلام يقع تارة فيما هو مقتضى الادلة
العامة الواردة في الحج من الاية و الرواية المفسرة للاستطاعة المذكورة فيها و
اخرى فيما هو مقتضى الادلة الخاصة على تقديرها.
اما من الجهة الاولى فبعد وضوح حكمين لا مجال للخدشة فيهما احدهما عدم وجوب
تحصيل الاستطاعة المالية بوجه و ثانيهما انه لو سرق الزاد و الراحلة ينتفى
الوجوب و كذلك لو حدث مانع من السفر كالسيل او العدو او منع الحكومة و امثالها
نقول:
(الصفحة 148)
انه ذكر بعض الاعلام في شرح العروة انه لا ينبغى الريب في عدم جواز تعجيز نفسه
بعد وجوب الحج بشرائطه و حدوده و ان كان الواجب متأخرا لان الميزان في عدم جواز
تعجيز النفس عن اتيان الواجب هو تنجز الوجوب و فعليته و ان كان زمان الواجب
متأخرا و مبدء هذا الوجوب ليس خروج الرفقة و لا التمكن من المسير و لا دخول
اشهر الحج بل مقتضى الاية و الروايات الواردة في تفسيرها تنجز الوجوب بحصول
الزاد و الراحلة و ما يحج به و تخلية السرب و صحة البدن بحيث لا يكون الحج
حرجيا و لا فرق في حصول ذلك بين اشهر الحج و خروج الرفقة و التمكن من المسير و
اشهر الحج انما هى ظرف الواجب لا انها ظرف الوجوب و هو غير محدّد بزمان خاص و
عليه يظهر عدم جواز تعجيز نفسه في هذه السنة إذا تمكن من الحج في السنة الثانية
و يجب عليه ابقاء المال الى المقبل.
و لم يقع في كلامه التعرض لان بقاء الاستطاعة هل يكون معتبرا في وجوب الحج ام
لا و انه إذا لم يكن معتبرا فكيف لا يكون الوجوب ثابتا فيما إذا سرق الزاد و
الراحلة و إذا كان معتبرا فكيف يجب تحصيله مع ان تحصيل اصل الاستطاعة و حدوثها
لا يكون كذلك و هذه الجهة هى المشكلة الاصلية في هذه المسئلة لا كون وجوب الحج
تعليقيا.
و من اجل ما ذكرنا ذكر بعض الاعاظم في شرح العروة ان مقتضى القواعد الاولية
جواز التصرف المخرج عن الاستطاعة و ان تمكن من المسير و اجتمعت الشرائط نظرا
الى ان الزاد و الراحلة موضوع لوجوب الحج و لذلك لم يتوهم احد وجوب تحصيلهما
على من كان فاقدا لهما و الى انهما كما يكونان موضوعا لوجوب الحج حدوثا كذلك
يكون موضوعا بقاء و لذلك لا اشكال في انه إذا تلف ماله في اثناء الاعمال يكشف
عن عدم وجوب الحج عليه من اول الامر و الى ان اذهاب الموضوع ليس حراما في حد
نفسه ما لم يرد دليل خاص على حرمته و لذا لا يحرم
|