(الصفحة 239)
ان محط السؤال و ان كان هو الجواز و عدمه الا ان توصيف حجه بكونه حجة الاسلام
لا يكاد ينطبق الا على الوجوب لان الوجوب مأخوذ في معناها بل قد عرفت ان الحج
الواجب في الشريعة ليس الا حجة الاسلام فالرواية ظاهرة الدلالة على مرام الشيخ
(قدس سره) و تؤيد الرواية المذكورة روايات:
منها صحيحة محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال سئلته عن الرجل يحتاج الى مال ابنه قال يأكل منه ما شاء من
غير سرف، و قال في كتاب على (عليه السلام) ان الولد لا يأخذ من مال والده شيئا
الا باذنه و الوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء و له ان يقع على جارية ابنه إذا لم
يكن الابن وقع عليها و ذكر ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال لرجل انت و
مالك لابيك.(1) و لا يخفى ان تقييد الاكل بعدم الاسراف في صدر
الرواية ثم ايراد ما في كتاب على (عليه السلام) و نقل ما قاله رسول اللّه (صلى
الله عليه وآله) يشعر بعدم كون المراد منهما الاطلاق و ان مال الابن مال الوالد
مطلقا يفعل به ما يشاء.
و منها صحيحة على بن جعفر في كتابه عن اخيه
موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال: سئلته عن الرجل يكون لولده الجارية ايطأها
قال ان احبّ، و ان كان لولده مال و احب ان يأخذ منه فليأخذ، و ان كانت الام حية
فلا احب ان تأخذ منه شيئا الا قرضا(2)
و منها رواية محمد بن سنان ان الرضا (عليه
السلام) كتب اليه فيما كتب من جواب مسائله: و علة تحليل مال الولد لوالده بغير
اذنه و ليس ذلك للولد لان الولد موهوب للوالد في قوله ـ عز و جل ـ يهب لمن يشاء
اناثا و يهب لمن يشاء الذكور، مع انه المأخوذ بمؤنته صغيرا و كبيرا، و المنسوب
اليه و المدعو له لقوله ـ عز و جل ـ ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند اللّه، و لقول
النبى (صلى الله عليه وآله) انت و مالك لابيك و ليس للوالدة مثل ذلك لا تأخذ من
ماله شيئا الا باذنه او اذن الاب و لان الوالد مأخوذ بنفقة الولد و لا تؤخذ
-
1 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 10
(الصفحة 240)
المرأة بنفقة ولدها.(1)
و في مقابل هذه الروايات روايات اخرى: مثل صحيحة ابى حمزة الثمالى عن ابى جعفر
(عليه السلام) ان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال لرجل انت و مالك لابيك
ثم قال ابو جعفر (عليه السلام) ما احب ان يأخذ من مال ابنه الا ما احتاج اليه
مما لا بد منه ان اللّه لا يجب الفساد.(2) و ما في الذيل من قول ابى
جعفر (عليه السلام) اما ايماء الى عدم صحة ما اشتهر نقله من رسول اللّه ـ كما
في الجواهر ـ و اما اشارة الى عدم كون ذلك حكما فقهيا كليا جاريا في جميع
الموارد بل حكما في واقعة خاصة ناشيا عن الجهات الادبية و الاخلاقية كما يظهر
من بعض الروايات الآتية.
و صحيحة ابن سنان قال سئلته ـ يعنى ابا عبد اللّه (عليه السلام) ما ذا يحل
للوالد من مال ولده؟قال اما إذا انفق عليه ولده باحسن النفقة فليس له ان يأخذ
من ماله شيئا، و ان كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له ان يطأها الا ان
يقومها قيمة تصير لولده قيمتها عليه قال: و يعلن ذلك قال و سئلته عن الوالد
ايرزأ(3) من مال ولده شيئا قال نعم و لا يرزأ الولد من مال والده
شيئا الا باذنه، فان كان للرجل ولد صغار لهم جارية فاحب ان يقتضيها فليقومها
على نفسه قيمة ثم ليصنع بها ما شاء ان شاء وطأ وإن شاء باع.(4)
و منها صحيحة الحسين بن ابى العلا قال قلت
لابى عبد اللّه (عليه السلام) ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال قوته (قوت خ ل)
بغير سرف إذا اضطر اليه قال فقلت له: فقول رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)
للرجل الذى اتاه فقدم اباه فقال له: انت و مالك لابيك فقال انما
-
1 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 9
-
2 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 2
-
3 ـ رزأه ماله كجعله و علمه رزءا بالضم اصاب منه شيئا كارتزأ ماله و رزأه
رزءا و مرزئة اصاب منه خيرا.
-
4 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 3
(الصفحة 241)
جاء بابيه الى النبى صلّى اللّه عليه و اله فقال يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه
و اله هذا ابى و قد ظلمنى ميراثى عن امى فاخبره الاب انه قد انفقه عليه و على
نفسه و قال انت و مالك لابيك و لم يكن عند الرجل شىء او كان رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و اله يحبس الاب للابن.(1) و هذه هى الرواية التى اشرنا
اليها و قلنا بدلالتها على عدم كون حكم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)و قوله
حكما كليا فقهيا بل حكما ادبيا اخلاقيا واقعا في واقعة خاصة و يؤيده انه لا
معنى لكون الابن بنفسه ملكا للاب بحيث يعامل معه معاملة العبد المملوك يبيعه و
يتصرف فيه بما يتصرف فيه فهو يدل على عدم كون اضافة ماله اليه اضافة ملكية
كاموال نفس الاب.
و منها رواية على بن جعفر (عليه السلام) عن
ابى ابراهيم (عليه السلام) قال سئلته عن الرجل ياكل من مال ولده؟قال لا الاّ ان
يضطر اليه فيأكل منه بالمعروف و لا يصلح للولدان يأخذ من مال والده شيئا الاّ
باذن والده.(2)
و منهاصحيحة اسحق بن عمار عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال سئلته عن الوالد يحل له من مال ولده إذا احتاج اليه قال: نعم
و ان كان له جارية فاراد ان ينكحها قومها على نفسه و يعلن ذلك قال و ان كان
للرجل جارية فابوه املك بها ان يقع عليها ما لم يمسها الابن.(3) ثم
انه ذكر السيد (قدس سره) في العروة ان قول الشيخ ضعيف و ان كان يدل عليه صحيح
سعيد بن يسار و استدل عليه باعراض الاصحاب عنه قال مع امكان حمله على الاقتراض
من ماله مع استطاعته من مال نفسه، او على ما إذا كان فقيرا و كانت نفقته على
ولده و لم يكن نفقة السفر الى الحج ازيد من نفقته في الحضر اذ الظاهر الوجوب ـ
ح ـ اقول: اما الاعراض فلا مجال لاثباته بل لا مجال لدعويه بعد ذهاب الشيخين
-
1 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 8
-
2 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب الثامن و السبعون ح ـ 6
-
3 ـ ئل ابواب ما يكتسب به الباب التاسع و السبعون ح ـ 2
(الصفحة 242)
الى مفاده و الفتوى على طبقه خصوصا مع ادعاء الشيخ الاجماع على وفقه كما عرفت
في عبارته المتقدمة و فتوى المشهور على الخلاف لا دلالة لها على الاعراض فانه
يمكن ان يكون وجهها ترجيح الطائفة المعارضة و تقديمها عليه لا الاعراض و اما
امكان الحمل الاول المحكى عن الاستبصار و بعض كتب العلامة فلا يكفى بمجرده بعد
عدم اقتضاء الجمع العرفى له و كذا امكان الحمل الثانى المحكى عن كاشف اللثام
فانه ايضا بمجرده لا يكفى الا إذا كان مقتضى الجمع العرفى.
و التحقيق في المقام ان يقال ان ما استدل به الشيخ لمرامه في كتاب الخلاف امران
احدهما: الحديث النبوى و قوله صلّى اللّه عليه و اله انت و مالك لابيك الثانى:
صحيح سعيد بن يسار.
اما الحديث النبوى فظاهره و ان كان ثبوت الملكية للوالد بالاضافة الى مال الولد
مطلقا لكنه قد ورد في تفسيره و بيان المراد منه طائفتان من الروايات من الائمة
الاطهار ـ عليهم الصلوة و السلام ـ و من الظاهر ثبوت المعارضة بين الطائفتين و
عدم امكان الجمع بين التفسيرين فانه كيف يجتمع ثبوت الملكية المطلقة التى
مقتضاها التصرف فيه ما شاء و باىّ نحو اراد مع كون المراد هو القوت مع الاضطرار
اليه بدون ان يتحقق الاسراف و بعد تحقق التعارض لا محيص عن الرجوع الى المرجحات
و قد ذكرنا مرارا ان اول المرجحات على ما يستفاد من المقبولة هى موافقة الشهرة
الفتوائية و من المعلوم موافقتها مع الروايات الحاكمة بالتحديد و لزوم الاقتصار
على القوت المذكور.
نعم بعض الروايات المتقدمة خالية عن التعرض للنبوى و التفسير له و تدل على جواز
وطى جارية الابن ان احبّ الاب و لكنها قابلة للحمل على ما إذا قومها على نفسها
بشهادة الروايات الاخر المتعددة الدالة على ذلك و مقتضى الجمع مع ذلك انّه حكم
ارفاقى بالاضافة الى الوالد على خلاف القاعدة لدلالته على جواز التقويم
(الصفحة 243)مسئلة 41 ـ لو حصلت الاستطاعةلا يجب ان يحج من ماله فلو حج متسكعا او من
مال غيره ولو غصبا صح واجزأه نعم الاحوط عدم صحة صلوة الطواف مع غصبية ثوبه، و
لو شراه بالذمة او شرى الهدى كذلك فان كان بنائه الاداء من الغصب ففيه اشكال و
الا فلا اشكال في الصحة، وفي بطلانه مع غصبية ثوب الاحرام والسعى اشكال والاحوط
الاجتناب1.
ولو من غير اذن الابن او رضاه و الظاهر انه لا فرق فيه بين ما إذا كان الابن
صغيرا او كبيرا للتعبير عن الولد بالرجل في بعض الروايات المتقدمة.
و اما صحيحة سعيد بن يسار فلو كانت خالية من الذيل المشتمل على التعليل بالنبوى
و التفسير له بما يوافق احدى الطائفتين المتقدمتين لكان من الممكن القول بوجوب
الحج على الوالد من مال الولد لعدم المخالف له في هذه الجهة و عدم منافاته مع
التفسير بالقوت بغير سرف كعدم منافاة تقويم الجارية لنفسه على ما عرفت الا ان
اشتمالها على التعليل المزبور المبتنى على احد التفسيرين و رجحان التفسير الاخر
عليه يوجب ضعف الرواية و عدم امكان الالتزام بمفادها فالحق ـ ح ـ ما عليه
المشهور من عدم الوجوب بل عدم الجواز مطلقا حتى في الفرض الذى استظهر السيد
(قدس سره) الوجوب فيه كما لا يخفى.
1 ـ الاستطاعة الحاصلة شرط لوجوب الحج و ثبوته على المكلف و اما صرفها في الحج
فلا دليل على وجوبه الا فيما إذا توقف الاتيان بالحج عليه و في غير هذه الصورة
لا مجال لتوهم الوجوب و عليه فلو حج المستطيع متسكعا و مضيقا على نفسه في
المركب و المسكن و غيرهما لا يقدح ذلك في صحة حجه و تمامية عمله بوجه كما انه
لو حج من مال غيره مثل ما إذا بذل له الغير مصارف الحج ليحج لنفسه فقبل و صرف
المال المبذول لا يضر ذلك بعمله اصلا و لا يوجب عدم اتصاف حجه بكونه حجة
الاسلام الواجبة بسبب الاستطاعة المالية بل لو كان مال الغير الذى صرفه في الحج
قد صرفه بغير اذنه و رضاه فانه لا يوجب البطلان نعم الكلام يقع في موارد خاصة: