(الصفحة 244)
منها الطواف فانه حكم جماعة و منهم السيد
(قدس سره) في العروة باعتبار الستر في الطواف كاعتباره في الصلوة و لذا افتى
السيد (قدس سره) في المقام بعدم الصحة إذا كان ثوب الطواف غصبا و يظهر من
الماتن (قدس سره) عدم الاعتبار لتعرضه لحكم صلوة الطواف مع غصبية الثوب دون نفس
الطواف و قد احتاط وجوبا في كتاب الصلوة في مسئلة اعتبار الستر في الصلوة
باعتباره في الطواف ايضا و قد اخترنا هناك عدم الاعتبار.
و كيف كان فالظاهر عندنا عدم البطلان سواء قلنا باعتباره في اصل الطواف او
باعتباره فى خصوص صلوته لان البطلان مبنى على القول بالامتناع و تقديم جانب
النهى في مسئلة اجتماع الامر و النهى المعروفة او على القول بالاجتماع و دعوى
عدم امكان كون المبعد مقربا في الخارج كما اختاره سيدنا العلامة الاستاذ
البروجردى (قدس سره) و اما على تقدير القول بالاجتماع و امكان اجتماع المقرب و
المبعد في عمل واحد خارجى لاجل العنوانين و انطباق المفهومين فاللازم هو القول
بالصحة و يظهر من الماتن (قدس سره) الترديد في ذلك لجعل عدم الصحة مقتضى
الاحتياط الوجوبى و كان (قدس سره) في مجلس الدرس ايضا مرددا فى هذه الجهة.
و منها الهدى فانه لو اشتراه بثمن معين
مغصوب فالمعاملة باطلة و لازمها عدم انتقال الهدى الى ملكه و عليه يكون الحج
باطلا و لو اشتراه بثمن كلى في الذمة فمقتضى اطلاق بعض الكلمات الصحة و لو ادى
الثمن من المال المغصوب فان الاداء المذكور لا يوجب بطلان المعاملة بل غايته
ثبوت الثمن في ذمته بعد صحة المعاملة هذا و لكن يظهر من الماتن (قدس سره) انه
في هذه الصورة إذا كان بنائه حال المعاملة على الاداء من المال المغصوب ففى صحة
المعاملة اشكال و هو يستلزم الاشكال في صحة الحج و الوجه فيه انه مع هذا البناء
ربما يمكن ان يقال بتحقق اكل المال بالباطل المنهى عنه نعم مع عدم هذا البناء
لا مجال للاشكال في الصحة سواء كان بنائه على
(الصفحة 245)مسئلة 42 ـ يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية فلا يجب على مريض لا
يقدر على الركوب او كان حرجا عليه و لو على المحمل و السيارة و الطيارة، و
يشترط ايضا الاستطاعة الزمانية فلا يجب لو كان الوقت ضيقا لا يمكن الوصول الى
الحج او امكن بمشقة شديدة، و الاستطاعة السربية بان لا يكون في الطريق مانع لا
يمكن معه الوصول الى الميقات او الى تمام الاعمال و الا لم يجب، و كذا لو كان
خائفا على نفسه او بدنه او عرضه او ماله و كان الطريق منحصرا فيه او كان جميع
الطرق كذلك، و لو كان طريق الا بعد مأمونا يجب الذهاب منه، و لو كان الجمع
مخوفا لكن يمكنه الوصول اليه بالدوران في بلاد بعيدة نائية لا تعد طريقا اليه
لا يجب على الاقوى1.
الاداء من مال نفسه او لم يكن له بناء على الاداء من اىّ مال.
و منها ثوب الاحرام و قد حكم السيد (قدس
سره) في العروة بعدم الصحة مع غصبيته مع انه حكم في مباحث الاحرام بعدم مدخلية
لبس الثوبين في ماهية الاحرام و حقيقته بل هو واجب تعبدى آخر و لا يكون من
الاركان و عليه فلا يكون غصبيته موجبة لبطلان الحج اصلا.
نعم لو كان دخيلا و شرطا في الاحرام لكان اللازم الحكم بالبطلان بناء على
مبناهم و اما على ما اخترنا فلا مجال للحكم بالبطلان و لو على هذا التقدير كما
لا يخفى.
و منها ثوب السعى و الظاهر انه لا مجال
للحكم بالبطلان مع كونه مغصوبا اصلا لانه لا يعتبر فيه الستر و يصح حتى في صورة
عدم وجوده و كونه عاريا و لكنه ذكر السيد (قدس سره) في العروة انه لا يصح الحج
في هذا المورد ايضا.
1 ـ تشتمل هذه المسئلة على اعتبار ثلاث استطاعات في وجوب الحج:
الاولى الاستطاعة البدنية و الكلام فيها يقع
في مراحل:
المرحلة الاولى اصل اعتبارها في الوجوب في
الجملة و يدل عليه ـ مضافا الى ما في الجواهر: من قوله بلا خلاف اجده فيه بل عن
المنتهى كانه اجماعى بل عن المعتبر
(الصفحة 246)
اتفاق العلماء عليه.بل في المستند دعوى الاجماع صريحا ـ الروايات المستفيضة
الظاهرة في ذلك بل في بعضها تفسير الاستطاعة الواردة في الاية الشريفة بما
يشتمل عليها
منها صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال سئل
حفص الكناسى ابا عبد اللّه ـ (عليه السلام) ـ و انا عنده عن قول اللّه عز و جل:
و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا.ما يعنى بذلك؟قال من كان صحيحا
في بدنه مخلى سربه له زاد و راحلة فهو ممن يستطيع الحج او قال ممن كان له
مال.فقال له حفص الكناسى: فاذا كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد و راحلة
فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج؟ قال: نعم.(1)
و منها خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه
السلام) في كتابه الى المأمون قال: و حج البيت فريضة على من استطاع اليه سبيلا،
و السبيل الزاد و الراحلة مع الصحة(2)
و منها صحيحة هشام بن الحكم عن ابى عبد
اللّه (عليه السلام) في قوله ـ عز و جل ـ و للّه على الناس حج البيت من استطاع
اليه سبيلا ما يعنى بذلك؟قال: من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه، له زاد و راحلة.(3)
و منها رواية الرحمن بن سيابة عن ابى عبد
اللّه (عليه السلام) في قوله: و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا
قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد و راحلة فهو مستطيع للحج.(4)
و منها رواية عبد الرحمن بن الحجاج قال سئلت
ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن قوله: و للّه على الناس حج البيت من استطاع
اليه سبيلا قال الصحة في بدنه و القدرة في ماله(5)
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 4
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 6
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 7
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 10
-
5 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 12
(الصفحة 247)
و منها صحيحة معاوية بن عمار عن ابى عبد
اللّه (عليه السلام) قال: قال اللّه تعالى و للّه على الناس حج البيت من استطاع
اليه سبيلا قال هذه لمن كان عنده مال و صحة، و ان كان سوّفه للتجارة فلا يسعه و
ان مات على ذلك فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام إذا هو يجد ما يحج به الحديث.(1)
و منها صحيحة ذريح المحاربى عن ابى عبد
اللّه (عليه السلام) قال من مات و لم يحج حجة الاسلام لم يمنعه عن ذلك حاجة
تجحف به او مرض لا يطيق فيه الحج او سلطان يمنعه فليمت يهوديا او نصرانيا.و
فيما رواه الشيخ قال: ان شاء يهوديا و ان شاء نصرانيا.(2) و لكن
ربما يتوهم انه تعارض هذه الروايات ما رواه السكونى عن ابى عبد اللّه (عليه
السلام) قال سئله رجل من اهل القدر فقال يابن رسول اللّه اخبرنى عن قول اللّه ـ
عز و جل ـ و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا اليس قد جعل اللّه
لهم الاستطاعة؟ فقال: ويحك انما يعنى بالاستطاعة الزاد و الراحلة ليس استطاعة
البدن الحديث.(3) و يدفع التوهم المذكور ـ مضافا الى عدم تمامية
الرواية من حيث السند ـ ان ظاهر الجواب باعتبار كونه جوابا عن سؤال كون المراد
بالاستطاعة في الاية خصوص الاستطاعة البدنية المتحققة في غالب الناس انه ليس
المراد خصوص ذلك بل ما يشمل الزاد و الراحلة اللذين يحتاجان الى التحصيل نوعا و
على تقدير الاجمال في الجواب تكون الروايات السابقة مبنية للمراد منه و مفسرة
لما اريد و انه ليس المراد نفى مدخلية الاستطاعة البدنية رأسا بل المراد عدم
كونها بخصوصها مرادة من الاستطاعة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس ح ـ 1 و في الوسائل بدل
سوفه: سوقه و الظاهر عدم صحته.
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع ح ـ 1
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 5
(الصفحة 248)
القرآنية كما انه لو فرض ثبوت التعارض يكون الترجيح مع تلك الروايات لموافقتها
للشهرة الفتوائية المحققة على ما عرفت فلا مجال للاشكال في اصل اعتبار
الاستطاعة البدنية في الجملة.
المرحلة الثانية في المراد من الاستطاعة
البدنية قد ظهر مما تقدم ان العنوان المأخوذ فى اكثر الروايات المتقدمة الصحة
في البدن و في صحيحة ذريح جعل المانع المرض الذى لا يطيق فيه الحج و الظاهر ان
هذا هو الملاك باعتبار تناسب الحكم و الموضوع و كون المراد من الطاقة هى الطاقة
العرفية لا العقلية كما هو واضح فالمرض الذى لا يكون الحج معه مقدورا عرفا يمنع
عن تحقق الوجوب و عليه فمثل الاعمى و الاصم و الاخرس و الاعرج و بعض الامراض
المنافى لصحة البدن غير المنافى للحج بوجه لا يكون خارجا بالاستطاعة البدنية و
كذلك السفيه و لو فرض كون السفه شعبة من الجنون لا يكون خارجا عن دائرة الحكم
بالوجوب.
و يظهر مما ذكرنا ان الملاك كون المرض لا يطيق فيه الحج فلا يختص بعدم القدرة
على الركوب فقط كما يستشم من كلمات الفقهاء حيث انهم فرعوا على اعتبار
الاستطاعة البدنية عدم القدرة على الركوب و عليه فلو كان منشأ عدم القدرة شيئا
آخر غير مسئلة الركوب كالاستيحاش الذى لا يتحمل من جهة رؤية تلك الجمعية
الكثيرة المجتمعة في مكة و كذلك بعض الجهات الاخر يكون ذلك مانعا عن الوجوب.
المرحلة الثالثة في الفرعين اللذين الحقهما
السيد (قدس سره) في العروة بعدم القدرة على الركوب و حكم فيهما بعدم الوجوب
قال: و كذا لو تمكن من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤنته، و كذا لو
احتاج الى خادم و لكن عنده مؤنته و موردهما ما إذا كانت الاستطاعة المالية
المناسبة لشأنه متحققة و لكن المرض صار مانعا عن الجرى على طبقها فكان شأنه
الركوب على الدابة و لكنه لا يقدر عليه بل على الركوب على المحمل و مثله فى هذه
الازمنة ما إذا كان شأنه الركوب على السيارة