(الصفحة 323)
يستدل به من الروايات كالغاء الخصوصية على ما عرفت و كالرواية الآتية فلا يكون
الاجماع على فرض تحققه دليلا مستقلا.
و اما مرسلة المعتبر فهى و ان كانت معتبرة من حيث السند لانها من جملة المرسلات
التى اسند المرسل الرواية الى الامام (عليه السلام) بمثل «قال» و هذا يكفى في
اعتبار الرواية لان ذلك بمنزلة توثيق جميع الوسائط الا انه نوقش في دلالتها من
وجهين:
احدهما ما يظهر من بعض الاعلام في بيان
مقتضى القاعدة في حج النذر من ان النذر واجب فيما إذا كان الرجحان في متعلقه في
ظرف العمل بمعنى ان النذر انما ينعقد و يجب الوفاء به إذا كان المنذور راجحا في
ظرف العمل به و اما إذا كان مرجوحا و محرما في نفسه فلا ينعقد من الاول و ينحل
و لا يجب الوفاء به و يقدم الواجب الاخر عليه فان العمل لا بد ان يكون في نفسه
راجحا مع قطع النظر عن تعلق النذر به و عليه إذا فرض ان خروج الزوجة من البيت
من دون اذن الزوج محرم كما في النصوص المعتبرة فلا ينعقد نذرها للحج المستلزم
للخروج من البيت.
و محصل هذه المناقشة عدم انعقاد النذر فلا يكون هناك معصية الخالق حتى لا تكون
اطاعة للمخلوق بالاضافة اليها كما لا يخفى.
و يدفع هذه المناقشة بعد تسليم اعتبار
الرجحان في المتعلق في ظرف العمل و تحقق الفعل ان المنذور و هو الحج لا يكون
فاقدا للرجحان في ظرف الاتيان به و استلزامه للخروج من البيت بغير اذن الزوج لا
يستلزم فقدان الحج للرجحان لانه لا موجب لذلك اصلا غاية الامر ان الاستلزام
المذكور موجب لتحقق المزاحمة بين دليل وجوب الوفاء بالنذر و دليل حرمة الخروج
من البيت بغير اذن الزوج فاذا فرض ان المرسلة اقتضت عدم ثبوت الطاعة للمخلوق في
معصية الخالق فلازمه تقديم وجوب الوفاء بالنذر و ان كان مستلزما للخروج المذكور
و الانصاف ان هذا الكلام من بعض الاعلام في غاية الغرابة و نهاية الاستبعاد.
(الصفحة 324)
ثانيهما ما يظهر من صاحب «جامع المدارك» من
ان المرسلة ناظرة الى ما لم تكن اطاعة المخلوق اطاعة للّه تعالى ايضا و في مثل
المقام من الزوج و المولى تكون اطاعة الزوجة و العبد اطاعة له تعالى لانها
واجبة من قبل الشرع فهو خارج عن المرسلة.
و يدفعه ـ مضافا الى استناد الفقهاء اليها
في موارد وجوب الاطاعة مثل ما إذا اذن المولى لعبده في الحج ثم رجع في اثناء
الحج عن اذنه و في غيره ـ انه لا معنى لحمل المرسلة على موارد الاطاعة غير
الواجبة فانه لا معنى لان تكون الاطاعة الكذائية مقدمة على اطاعة الخالق و
ارتكاب معصية بل الظاهر هى الاطاعة الواجبة مع قطع النظر عن معصية الخالق
فالمراد انه لاطاعة لمخلوق فيما تجب اطاعته في نفسه إذا كانت مستلزمة لمعصية
الخالق فالانصاف تمامية الاستدلال بالمرسلة لعدم اشتراط مثل حج النذر و الحج
الاستيجارى باذن الزوج فتدبر.
الرابعة يشترط اذن الزوج في الحج المندوب و
في الجواهر: اجماعا محكيا عن التذكرة بل في المدارك نسبته الى علمائنا اجمع بل
فيها عن المنتهى لا نعلم فيه خلافا بين اهل العلم و هو الحجة.
و استدل عليه ـ مضافا الى الاجماع ـ بان حق الزوج واجب فلا يجوز تفويته بما ليس
بواجب و بموثقة اسحق بن عمار عن ابى ابراهيم (ع) قال: سئلته عن المرأة الموسرة
قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها احجّنى مرة اخرى، اله ان يمنعها؟ قال: نعم،
يقول لها: حقى عليك اعظم من حقك علىّ في هذا.(1) لكن في محكى
المدارك: «و قد يقال ان الدليل الاول انما يقتضى المنع من الحج إذا استلزم
تفويت حق الزوج و المدعى اعم من ذلك، و الرواية انما تدل على ان للزوج المنع و
لا يلزم منه التوقف على الاذن...» و اجاب عن الاشكال على الاول في «المستمسك»
بما حاصله ان الروايات الدالة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب التاسع و الخمسون ح ـ 2
(الصفحة 325)
على عدم جواز خروج المرئة من بيتها الا باذنه بل على سقوط نفقة الزوجة بالخروج
من بيتها بغير اذنه يدل على ان من حقوقه الاستيذان منه في السفر فلا يجوز لها
تفويته و السفر بدون اذنه و عليه فالحج بدون اذنه مستلزم لتفويت حقه دائما ثم
قال: نعم دلالة الموثق على وجوب الاستيذان غير ظاهرة على ان سوق السؤال فيه و
في غيره من النصوص المتقدمة في حجة الاسلام يقتضى ان وظيفة الزوجة الاستيذان لا
عدم المنع فلا حظ.
اقول: لا مجال للتمسك بالاجماع على اشتراط
الاذن في الحج المندوب بعد عدم اتصافه بالاصالة و كون المدرك له ـ قطعا او
احتمالا ـ الوجوه الاخر و اما استلزام تفويت حق الزوج بالمعنى الذى افاده في
«المستمسك» لا بالمعنى المذكور في الاشكال فهو امر مسلم لا ارتياب فيه و مرجعه
الى ثبوت تكليفين هنا احدهما الاستحباب المتعلق بعنوان الحج لفقد شرائط وجوبه
اما لعدم تحقق الاستطاعة بعد و اما للاتيان بحجة الاسلام قبلا و ثانيهما الحرمة
المتعلقة بخروجها من البيت بغير اذنه و حيث ان الحج بدون الاذن ملازم لتحقق
العنوان المحرم فلا محالة يقع التزاحم بين التكليفين و من المعلوم انه في مورد
التزاحم بين تكليف لزومى و بين غيره يكون الترجيح مع التكليف اللزومى لانه لا
يزاحمه ما لا يكون في رتبته من جهة اللزوم و عليه فاللازم رعاية التكليف
المتعلق بالخروج من البيت بغير الاذن.
و هذا الدليل يكفى في مقام الاستدلال الاّ ان الذى يرد عليه انه لو خالفت
الزوجة التكليف الالزامى التحريمى و حجت بغير اذنه لا يكون مقتضى الدليل بطلان
حجها لما حقق في مسئلة الصلوة و الازالة من ان الصلوة مكان الازالة صحيحة غير
باطلة لاحدى الوجوه المذكورة هناك مع ان المدعى في المقام اشتراط الاذن بحيث
يكون الحج مع عدمه باطلا.
فاللازم الاستناد في ذلك الى الموثقة و الظاهر تمامية دلالتها على اعتبار الاذن
(الصفحة 326)
منه في صحة حجها المندوب و ذلك لان مقتضى الجمود على ظاهر السؤال فيها و ان كان
هو السؤال عن ثبوت حق المنع للزوج و ثبوته لا يلازم التوقف على الاذن الاّ ان
المراد منه انه هل الحج المندوب الذى تأتى به مرة اخرى مثل حجة الاسلام التى
اتت بها او لا فكما انه لا يشترط الاذن في صحتها كذلك لا يشترط في صحة الحج
المندوب ام لا فالسؤال انما يرجع الى كونه مثل حجة الاسلام في الجهة الممتازة و
هو عدم التوقف على الاذن.
و يؤيده بل يدل عليه التعليل الذى علمه الزوج في مقابل المرئة إذا اعترضت عليه
و هو قوله حقى عليك اعظم من حقك علىّ في هذا فهل مقتضى الاعظمية مجرد ثبوت حق
المنع للزوج ام مقتضاها اشتراط اذنه في صحة عملها؟و الظاهر هو الثانى و عليه
فمقتضى الموثقة منطبق على ما افتى به الاصحاب من الاشتراط و التوقف
الخامسة: ظاهر المتن اشتراط اذن الزوج في
الحج الواجب الموسع قبل التضيق لكن التعبير بالاقوى فيه دون الحج المندوب يشعر
بوجود المخالف فيه و هو كذلك فان صاحب المدارك بعد قوله: و ربما قيل بان للزوج
المنع في الموسع الى محل التضييق...قال: و هو ضعيف لاصالة عدم سلطنته عليها في
ذلك...» و يرد عليه انه لا مجال للاصل المذكور بعد ثبوت الاطلاق لادلة حرمة
الخروج من البيت بغير اذنه فانّ مقتضاه عدم الجواز في مثل المقام نعم لو كان
التزاحم بين الحرمة المذكورة و بين اصل الوجوب كما في حجة الاسلام و مثل حج
النذر لما كان للحرمة موقعية لكن التزاحم في المقام بين الحرمة و بين الاتيان
بالواجب الموسع في اول وقته او وسطه قبل عروض التضيق و من المعلوم تقدم الحرمة
كتقدمها على الاستحباب في الحج المندوب و لكن لازم ما ذكرنا تحقق مخالفة الحكم
التكليفى إذا حجت بدون اذن الزوج لا ثبوت البطلان لاجل فقدان شرط الصحة كما هو
مقتضى العطف و التشريك في الحكم في المتن.
(الصفحة 327)
و بالجملة المدعى هو الاشتراط و التوقف الذى لازمه البطلان مع الفقدان و الدليل
لا يقتضيه بل غاية ما يدل عليه تقدم الحرمة مع التزاحم كما عرفت و لو لا دلالة
الموثقة على الاشتراط في الحج المندوب لما كان مقتضى القاعدة فيه الاشتراط ايضا
السادسة: ظاهر المتن ان للزوج المنع من
الخروج مع اول الرفقة في حجة الاسلام ايضا مع وجود اخرى قبل تضيق الوقت و
الدليل عليه ما ذكرنا في الحج الواجب الموسع و يجرى فيه ايضا المناقشة المذكورة
هناك من ان غاية مفاد الدليل تقدم الحرمة مع التزاحم لعدم كون طرفها اصل الواجب
بل تقديمه مع اول الرفقة.
و يمكن دفع المناقشة هنا بالخصوص بان مقتضى ظاهر المتن هنا مجرد جواز منع الزوج
لا التوقف على اذنه و الاشتراط و من المعلوم ثبوته و ان له المنع و ان لم يكن
مؤثرا فى البطلان بوجه كما لا يخفى.
السابعة: ان المطلقة الرجعية بحكم الزوجة ما
دامت في العدة فلا يشترط اذن الزوج فى حجها الواجب و البحث فيها تارة مع قطع
النظر عن الروايات الخاصة الواردة في المطلقة و اخرى مع ملاحظتها.
اما من الحيثية الاولى فالظاهر انصراف الروايات المتقدمة الواردة في حجة
الاسلام الدالة على عدم اشتراط اذن الزوج فيها عن المطلقة الرجعية لانها و ان
كانت زوجة و يترتب عليها حكمها الاّ ان المنسبق الى الذهن منها غير المطلقة نعم
مقتضى الدليل العام الشامل لكل حج واجب و هو قوله لاطاعة المخلوق في معصية
الخالق ـ بناء على تمامية الاستدلال به كما اخترناه ـ عدم اشتراط الاذن في
المطلقة الرجعية ايضا.
و اما من الحيثية الثانية فالروايات الواردة فيها على اربعة اقسام:
الاول: ما تدل على ان المطلقة لا تحج في
عدتها و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين حجة الاسلام و بين غيرها و كذلك عدم الفرق
بين اذن الزوج و عدمه كما ان مقتضى اطلاقها انه لا فرق بين المطلقة الرجعية و
بين المطلقة البائنة و هى صحيحة معاوية بن