(الصفحة 348)
بكونه حجة الاسلام؟!من المعلوم انه لا يمكن الالتزام به فهذا الاحتمال لا مجال
له ايضا
و اما: ما اختاره في المهذب و احتمله الشهيد
فيرد عليه ـ مضافا الى ان عدّ طواف النساء من جملة الاركان مع ان اصل جزئيته
محل اشكال فضلا عن ركنيته لا وجه له ـ ان تخصيص اعتبار بقاء الشرائط بخصوص
الاركان لا دليل عليه فان مقتضى ادلة الشرائط اعتبار بقائها في مجموع العمل و
لا خصوصية للاركان من هذه الجهة بعد عدم قيام الدليل عليه.
و اما ما ذكره المشهور فالظاهر ان الحد
المذكور في الذيل و هو الى اليوم الثانى عشر من ذى الحجة لا يكون مذكورا في
كلام المشهور بل انما اضاف اليه مثل السيد (قدس سره) في العروة نظرا الى ان
تمامية الحج انما تتحقق في اليوم المذكور و عليه فلو لم يكن المبيت بمنى من
افعال الحج لا يكون ذلك اشكالا على المشهور فانهم ذكروا ان ما يتحقق به
الاستقرار عبارة عن مضى زمان يمكن ان يقع فيه الحج مستجمعا للشرائط في حال
الاختيار و اللازم ملاحظة اعمال الحج و ان اىّ عمل يكون جزء له و اىّ عمل لا
يكون كذلك.
و الظاهر ان كلام المشهور مطابق للقاعدة و ادلة الشرائط من دون فرق بين الحياة
و العقل و بين غيرهما من الشرائط كالاستطاعة بانواعها الاربعة و ذلك لما عرفت
من ظهورها في اعتبارها في جميع افعال الحج و لا فرق بين الاركان و غيرها و اما
نفقة العود و الاياب بناء على اعتبارها فاللازم و ان كان وجودها حين الاعمال
الا انه لا دليل على اعتبار بقائها بعد تمامية الحج بحيث لو تلفت قبل عود الحاج
يكشف ذلك عن عدم وجوب الحج عليه من الاول و كذا لو مرض بعد الفراغ عن الحج مرضا
يشق معه السفر و لذا اعترض صاحب المدارك على ما قاله العلامة في التذكرة من
العبارة المتقدمة بان فوات الاستطاعة بعد الفراغ من افعال الحج لم يوثر في
سقوطه قطعا و الا لوجب اعادة الحج مع تلف المال في الرجوع او حصول المرض الذى
يشق معه السفر
(الصفحة 349)
و هو معلوم البطلان و ان ناقش فيه صاحب الجواهر بقوله بعد نقل ما في المدارك
قلت قد يمنع معلومية بطلانه بناء على اعتبار الاستطاعة ذهابا و ايابا في
الوجوب.
و بما ذكرنا يندفع الاشكال على المشهور و محصل الاشكال ان نفقة العود و الاياب
ان كانت ملحوظة بنحو الشرطية لوجوب الحج فاللازم ان يكون ذهابها بعد الفراغ عن
اعمال الحج قبل مضى زمان يمكن فيه العود كاشفا عن عدم وجوب الحج لانتفاء شرطه و
ان لم يكن كاشفا عن ذلك بل كان غير مناف للوجوب و لوقوع الحج حجة الاسلام فما
معنى شرطية نفقة العود و اعتبارها في الوجوب كما لا يخفى.
و يندفع الاشكال المزبور بان ثمرة الشرطية و فائدة الاعتبار انه لو لم تكن له
هذه النفقة عند ارادة الحج لا يجب عليه الحج و الخروج اليه و كذا لو علم عند
ارادة الحج بسرقة النفقة المزبورة بعد الفراغ عن الحج قبل مضى الزمان المذكور و
اما كون ذهابها في الزمان المذكور كاشفا عن عدم وجوب الحج من الاول فلا و السرّ
في ذلك ان عمدة الدليل على اعتبار نفقة العود هى قاعدة «لا حرج» و مقتضاها
باعتبار ورودها في مقام الامتنان عدم الوجوب مع انتفائها من الاول او مع العلم
به بعد الفراغ قبل مضى الزمان المذكور و اما انتفائها بعد وجودها من الاول فلا
يكون مقتضى القاعدة الكشف عن عدم الوجوب بعد عدم ثبوت الامتنان في هذه الصورة
لانه لا مجال لثبوته بلحاظ الحكم بعدم كون حجه الذى اتى به حجة الاسلام و يجرى
ذلك بالاضافة الى الرجوع الى الكفاية فانه لو فرض تلفها بعد الرجوع بلا فصل لا
يكون ذلك كاشفا عن عدم وجوب حجه و ان كان شرطا في الوجوب كما مرّ.
و مما ذكرنا من تأييد كلام المشهور يظهر توجه الاشكال على ما في المتن و العروة
من اعتبار مضى زمان يمكن معه العود بالاضافة الى استجماع الشرائط فانك عرفت ان
لازم الشرطية ليس هو اعتبار البقاء الى الزمان المذكور مضافا الى انه يرد
عليهما انه ما الفرق بين نفقة العود و بين الرجوع الى الكفاية حيث اعتبر مضى
زمان
(الصفحة 350)
يمكن فيه العود بالاضافة الى نفقة العود و لم يعتبر شىء بالنسبة الى الرجوع الى
الكفاية فانقدح ان الحق في المسئلة ما عليه المشهور.
ثم انه تعرض في العروة في ذيل مسئلة الاستقرار لامرين:
احدهما ان هذا ـ يعنى اعتبار بقاء الشرائط
الى مضى الزمان المذكور ـ إذا لم يكن فقد الشرائط مستندا الى ترك المشى و الا
استقر عليه كما إذا علم انه لو مشى الى الحج لم يمت او لم يقتل او لم يسرق ماله
ـ مثلا ـ فانه ـ ح ـ يستقر عليه الوجوب لانه بمنزلة تفويت الشرط على نفسه و اما
لو شك في ان الفقد مستند الى ترك المشى اولا فالظاهر عدم الاستقرار للشك في
تحقق الوجوب و عدمه واقعا.
اقول: اما اصل ما افاده من انحصار اعتبار
بقاء الشرائط بما إذا لم يكن فقد الشرائط مستندا الى ترك المشى و الا استقر
عليه فالدليل عليه ما افاده من انه بمنزلة تفويت الشرط على نفسه فهو كما لو
اتلف الاستطاعة بيده فانه لا يمنع عن وجوب الحج عليه.
و اما ما افاده من الحكم بعدم الاستقرار في صورة الشك للشك في تحقق الوجوب و
عدمه واقعا فيرد عليه ان لازمه الحكم بعدم الوجوب فيما لو احتمل انتفاء
الاستطاعة ـ مثلا ـ قبل الشروع في الاعمال او في اثنائها لان الاستطاعة شرط
للوجوب و الشك في الشرط شك في المشروط فتجرى اصالة البرائة عن الوجوب مع انه لا
مجال لجريانها و الحكم بعدم الوجوب لان مقتضى الاستصحاب بقاء الاستطاعة و ثبوت
الوجوب و لو ظاهرا فهو نظير الشك في القدرة فانه لا يجوز تفويت الواجب بمجرده و
لا يجوز للعبد الاحتجاج على المولى في مخالفة التكليف بالشك في القدرة على
المكلف به بل لا بد من احراز عدمها و ثبوت العجز عن موافقته و المقام من هذا
القبيل فانه لا يكون الشك في استناد الفقد الى ترك المشى او غيره عذرا في
مخالفة التكليف بل اللازم احراز عدم الاستناد الى غيره كما لا يخفى.
(الصفحة 351)
ثانيهما التفكيك بين الاستقرار و بين
الاجزاء قال في العروة بعد معنى الاستقرار: «هذا بالنسبة الى استقرار الحج لو
تركه و اما لو كان واجدا للشرائط حين المسير فسار ثم زال بعض الشرائط في
الاثناء فاتمّ الحج على ذلك الحال كفى حجه عن حجة الاسلام إذا لم يكن المفقود
مثل العقل بل كان هو الاستطاعة البدنية او المالية او السربية و نحوها على
الاقوى.
اقول: اللازم هو التفصيل في الشرائط غير
العقل و الحيات فان كان الدليل على اعتبارها الادلة الدالة على مدخليتها في
الوجوب من الروايات الخاصة سيما الواردة منها فى تفسير الاستطاعة المأخوذة في
الآية الشريفة فاللازم بمقتضى مدخليتها ـ حدوثا و بقاء ـ كون انتفائها في اثناء
الاعمال كاشفا عن عدم الوجوب فاذا انتفت الاستطاعة المالية في اثناء الاعمال
بحيث تقع بقية الاعمال خالية عن الاستطاعة فلا مجال للحكم بالوجوب و كون حجه
حجة الاسلام.
و ان كان الدليل على اعتبارها هى المزاحمة و اهمية الواجب الآخر على الحج كحفظ
النفس و اداء الدين ـ مثلا ـ فعدم رعايتها من الاول غير قادح في الصحة فضلا عن
انتفائها فى الاثناء كما لا يخفى.
و ان كان الدليل هى قاعده نفى الحرج مثل نفقة العود فانتفائها في الاثناء لا
يوجب البطلان بمعنى الخروج عن كونه حجة الاسلام كانتفائها بعد الاعمال قبل مضى
زمان يمكن فيه العود لما عرفت من عدم اقتضاء القاعدة بالاضافة الى بعد الاعمال
او في الاثناء شيئا ينافى الامتنان فالحق في هذا الامر هو التفصيل الذى عرفت.
بقى الكلام في اصل المسئلة فيما وقع التعرض
له في المتن في الذيل و هو ما لو استقر عليه العمرة فقط او الحج فقط كما في حج
القران و الافراد و قد صرح في الجواهر بانه قد تستقر العمرة وحدها و قد يستقر
الحج وحده و قد يستقران و الوجه في ذلك ان كلا من الحج و العمرة في القران و
الافراد واجب مستقل يجب مع
(الصفحة 352)مسئلة ـ 55 تقضى حجة الاسلام من اصل التركة ان لم يوص بها سواء كانت حج
التمتع او القران او الافراد او عمرتهما، و ان اوصى بها من غير تعيين كونها من
الاصل او الثلث فكذلك ايضا، و لو اوصى باخراجها من الثلث وجب اخراجها منه، و
تقدمت على الوصايا المستحبة و ان كانت متأخرة عنها في الذكر، و ان لم يف الثلث
بها اخذت البقية من الاصل، و الحج النذرى كذلك يخرج من الاصل، و لو كان عليه
دين او خمس او زكوة و قصرت التركة فان كان المال المتعلق به الخمس او الزكوة
موجودا قدما فلا يجوز صرفه فى غيرهما، و ان كانا في الذمة فالاقوى توزيعه على
الجميع بالنسبة فان وفت حصة الحج به فهو و الا فالظاهر سقوطه، و ان وفت ببعض
افعاله كالطواف فقط ـ مثلا ـ و صرف حصته فى غيره، و مع وجود الجميع
الاستطاعة اليه وحده دون الاخر و هذا بخلاف حج التمتع الذى لا يكون مع عمرته
الا واجبا واحدا و الاستطاعة المعتبرة ملحوظة بالنسبة الى المجموع و كيف كان
فالدليل على وجوب الاتيان بحج القران و الافراد بعد الاستقرار و وجوب القضاء
بعد الموت هى الروايات المتقدمة الواردة في مورد استقرار حجة الاسلام فان حجة
الاسلام عنوان عام شامل لاقسام الحج باجمعها و لا اختصاص له بحج التمتع فنفس
الروايات المتقدمة شاملة لحج القران و الافراد ايضا.
و اما العمرة المفردة فيمكن ان يقال بانها جزء من حجة الاسلام و ان كان عملا
مستقلا فتشملها ايضا الروايات المتقدمة ايضا و لو نوقش في ذلك فيدل على وجوب
القضاء عنه الذى هو لازم وجوب ادائه مع التسكع صحيحة زرارة عن ابى جعفر (عليه
السلام) قال: إذا احصر الرجل بعث بهديه الى ان قال: قلت فان مات و هو محرم قبل
ان ينتهى الى مكة قال: يحج عنه ان كان حجة الاسلام و يعتمر انما هو شىء عليه(1)
فان قوله (عليه السلام)و يعتمر ظاهر في وجوب قضاء العمرة كقضاء حجة الاسلام و
التعليل دليل على وجوب ادائه على المكلف في حال الحيوة و لو مع التسكع.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس و العشرون ح ـ 3