(الصفحة 371)
على الدين و نقصانه بالنسبة بل هو باق باجمعه و كذا لو غصب بعض التركة و
الانكار بمنزلة الغصب خصوصا إذا كان جاحدا و هذا دليل على نفى الاشاعة و بعده
نقول ان قلنا بالمبنى الاول الذى مرجعه الى بقاء ملكية الميت بالاضافة الى
مقدار الدين بنحو الكلى في المعين كالصاع من الصبرة على ما مر فاللازم على
الوارث المقرّ ان يدفع مقدار الدين الى الدائن من حصته من التركة فيجب عليه في
المثال المتقدم دفع جميع الاربعمأة نعم لا يجب عليه التكميل من ماله الشخصى بلا
ريب لبقاء هذا المقدار على ملكية الميت على حسب اقراره فيجب عليه دفعه.
و ان قلنا بالمبنى الثانى الذى مرجعه الى انتقال جميع التركة الى الوارث غاية
الامر تعلق حق الدائن بالمجموع فالظاهر ان مقتضاه لزوم دفع جميع ما في يده ايضا
لانه بدفع المأتين في المثال لا يزول الحق المتعلق بالباقى بل هو باق بقوته و
لا يرتفع الا بدفع الجميع فمقتضى القاعدة على كلا المبنيين لزوم دفع جميع
الاربعمأة في المثال و دفع جميع الدين إذا فرض في المثال كون التركة الفين
فيلزم دفع جميع الخمسمأة و يبقى للمقر ثلاثماة.
المقام الثانى في مقتضى النص الوارد في هذا
الباب و هى موثقة اسحق بن عمار عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) في رجل مات فاقر
بعض ورثته لرجل بدين قال: يلزم ذلك في حصته.(1) و قال صاحب الوسائل
بعد نقل الرواية انه حملها الشيخ (قدس سره) على انه يلزم بقدر ما يصيب حصته لما
يأتى و مراده بما يأتى خبر ابى البخترى وهب بن وهب عن جعفر بن محمد عن ابيه
(عليهما السلام) قال قضى على (عليه السلام) في رجل مات و ترك ورثة فاقر احد
الورثة بدين على ابيه انه يلزم (يلزمه خ ل) ذلك في حصته بقدر ما ورث و لا يكون
ذلك في ماله كله، و ان اقر اثنان من الورثة و كانا عدلين اجيز ذلك على الورثة،
و ان لم يكونا عدلين الزما في حصتهما بقدر ما ورثا و كذلك ان
-
1 ـ ئل كتاب الوصايا الباب السادس و العشرون ح ـ 3
(الصفحة 372)
اقر بعض الورثة باخ او اخت انما يلزمه في حصته(1) اقول ظاهر الموثقة
في نفسها ثبوت ذلك اى مجموع الدين المقر به في حصته بمعنى ان حصة المقر ظرف
لمجموع الدين الذى اقر به فكما ان ثبوت الدين في مجموع التركة مرجعه الى لزوم
ادائه من مجموعها كذلك ثبوته في حصة المقر مرجعه الى لزوم اداء مجموعه من سهمه
فاذا كان بمقدار الحصة او زائدا عليه يلزم صرف مجموع الحصة فيه نعم في مورد
النقصان لا يلزم التكميل من الاموال الشخصية المتعلقة بالمقر و بالجملة لا
ينبغى الارتياب في ظهور الموثقة في نفسها فيما ذكرنا لا في التوزيع الذى هو
مورد الفتوى.
و اما جعل رواية ابى البخترى قرينة على الحمل على خلاف الظاهر و هو التوزيع
فليس بلحاظ قوله (عليه السلام) في الصدر يلزم ذلك في حصته بقدر ما ورث لان
اضافة قوله بقدر ما ورث لا تقتضى الدلالة على خلاف ما يدل عليه الموثقة و كذا
قوله و لا يكون ذلك في ماله كله لانه ليس المراد بالمال هى الحصة المتعلقة
بالمقر بل الاموال الشخصية المتعلقة به بل بلحاظ قوله (عليه السلام) في الذيل
في مورد الاقرار بالنسب كالاخ او الاخت: انما يلزمه في حصته نظرا الى انه في
مورد الاقرار بالنسب لا يكون جميع حصة المقر له في حصة المقر بل يكون حصة المقر
بينهما بنحو التساوى بل بنحو التوزيع المذكور في المقام فاذا اقر احد الابنين
الوارثين بابن ثالث يكون سهم المقر و هو النصف بينهما نصفين على القول الاول او
يكون ثلث سهم المقر للمقر له على القول الاخر و على التقديرين يكون مقتضى
الرواية عدم ثبوت جميع حصة المقر له في حصة المقر فاذا كان المراد من الذيل ذلك
لا محالة فهو يصير قرينة على ان المراد من صدرها و كذا المراد من الموثقة
المشتملة على نفس هذا التعبير هو التوزيع كما لا يخفى.
-
1 ـ ئل كتاب الوصايا الباب السادس و العشرون ح ـ 5
(الصفحة 373)
هذا و لكن ضعف سند الرواية بابى البخترى الذى قيل في حقه انه من اكذب البرية
يمنع عن صلاحيتها للقرينية و للتصرف في ظاهر الموثقة بحملها على التوزيع
فاللازم الاخذ بظاهر الموثقة و الحكم بثبوت مجموع الدين المقر به في حصة المقر
فتصير الرواية مطابقة للقاعدة الا ان يقال ان ادعاء صاحب الجواهر نفى خلاف محقق
معتد به كما عرفت فى اول البحث و ان لم يكن معتبرا من جهة الاجماع الا ان
دلالته على ثبوت الشهرة المحققة لا ينبغى الارتياب فيها و حيث ان الشهرة موافقة
لرواية ابى البخترى فتصير جابرة لضعفها و مع ذلك تصلح للقرينية للموثقة و حملها
على خلاف ظاهرها فتكون النتيجة التوزيع الذى هو مورد الفتوى كما لا يخفى.
ثم ان توزيع الدين على حصة المقر يقتضى لزوم دفع ما يخصه من التركة بعده في
الدين و حيث انه لا يكون واجبا ارتباطيا بل انحلاليا يكون دفع اىّ مقدار منه
موجبا لتحقق البرائة بالاضافة الى ذلك المقدار فدفع المأتين في المثال الذى
ذكره صاحب الجواهر يوجب سقوط الدين بهذا المقدار و اما الحج فحيث يكون واجبا
ارتباطيا لا يكفى ما يخصه من التركة بعد التوزيع للحج لا محالة و قد مرّ ان فرض
الكفاية مع هذه الخصوصية لا مجال له اصلا و ـ ح ـ يقع الكلام في مصرف هذا
المقدار فنقول يستفاد من المتن ان فيه صورا ثلاثة:
الاولى ما إذا علم بعدم تبدل انكار المنكرين
الى الاقرار الى الابد و عدم وجود متبرع يدفع التتمة كذلك و ظاهر المتن بلحاظ
الحكم بعدم وجوب الدفع الرجوع الى المقر و صيرورته جزء من حصته مع انه محل نظر
بل منع فانه لو قلنا بعدم انتقال ما يساوى الدين او مصرف الحج الى الوارث و
بقائه على ملك المالك فاللازم الالتزام ببقاء المأتين في المثال على ملك الميت
و حيث انه لا يكفى للحج فاللازم الصرف في جهات الميت الاقرب فالاقرب و ان قلنا
بالانتقال و تعلق الحق كتعلق حق الرهانة فتعلق الحق بحصته مانع عن التصرف و لا
مجال للحكم بجواز صرف جميع حصنه
(الصفحة 374)
فى جهات نفسه و اغراضه كما لا يخفى.
الثانية ما لو شك في التبدل المذكور و وجود
المتبرع و عدمه و قد احتاط فيه في المتن بالاحتياط اللزومى بالحفظ اى حفظ مقدار
حصته ليتحقق الحال و يظهر في الاستقبال و الظاهر ان منشأ لزوم الاحتياط هو ان
الشك في القدرة يكون مجرى اصالة الاحتياط بنظر المشهور مع انه يمكن المناقشة في
مثل المقام مما يكون عدم القدرة مسبوقا بالحالة السابقه المتيقنة فان مقتضى
الاستصحاب ـ ح ـ عدم ثبوت التكليف فاستصحاب عدم الاقرار و عدم وجود المتبرع
يقتضى عدم لزوم الحفظ و اجراء حكم الصورة الاولى عليه فاذا قلنا فيها بعدم وجوب
الدفع و الرجوع الى المقر يكون الحكم في المقام ايضا كذلك و لا مانع من اجراء
الاستصحاب بالاضافة الى الامور الاستقبالية إذا ترتب عليها اثر في الحال كما
هنا.
الثالثة ما لو كان الاقرار و المتبرع مرجو
الوجود و المراد صورة العلم او الاطمينان بالوجود و الحكم في هذه الصورة كما في
المتن وجوب الحفظ و وجهه ظاهر.
الفرع الثانى ما لو كان عليه حج فقط و لم
يكف تركته به و قد استظهر في المتن انها للورثة و مرجعه الى انه لا يجب صرف
التركة في وجوه البر او التصدق عن الميت لكن احتاط في العروة بالاحتياط
الاستحبابى بالتصدق عنه لرواية على بن مزيد (فرقدكا) صاحب السابرى قال اوصى الى
رجل بتركته فامرنى ان احج بها عنه فنظرت فى ذلك فاذا هو شىء يسير لا يكفى للحج
فسئلت ابا حنيفة و فقهاء اهل الكوفة فقالوا تصدق بها عنه الى ان قال فلقيت جعفر
بن محمد في الحجر فقلت له رجل مات و اوصى الىّ بتركته ان احج بها فنظرت في ذلك
فلم يكف للحج فسئلت من عندنا من الفقهاء فقالوا تصدق بها فقال ما صنعت؟قلت
تصدقت بها قال ضمنت الا ان لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة، فان كان لا يبلغ ما
يحج به من مكة فليس عليك
(الصفحة 375)
ضمان، و ان كان يبلغ ما يحج به من مكة فانت ضامن.(1) و الوجه في
الحكم بالاستحباب ضعف سند الرواية لجهالة الراوى و لكن الرواية مع ذلك واردة
اولا في مورد الوصية بالحج و ثانيا تدل على ان الانتقال الى الصدقة انما هو بعد
عدم بلوغ التركة للحج من مكة الذى هو حج الافراد و اما بعد بلوغها اليه فلا
مجال للانتقال بل ينتقل حج التمتع الواجب على الميت لكون الظاهر انه كوفى و هو
يجب عليه حج التمتع الى الافراد.
ثم الظاهر ان الفرق بين هذا الفرع الذى يكون الحكم فيه كون التركة للورثة و بين
ما تقدم من اقرار بعض الورثة بثبوت الحج على الميت حيث قلنا بان مقتضى القاعدة
صرف المأتين المقر به في المثال الذى ذكره صاحب الجواهر فيما يرجع الى جهات
الميت الاقرب فالاقرب من دون فرق بين المبنيين انه هناك حيث تكون التركة وافية
بالحج بحسب الواقع فلا محالة تكون المأتان باقية على ملك الميت او متعلقة لحقه
و اما في المقام فحيث لا تكون التركة وافية بالحج اصلا فلا مجال للحكم بالبقاء
على ملك الميت او تعلق حقه بها.
ثم انه استثنى في المتن صورة احتمال كفاية التركة للحج بعد ذلك او وجود متبرع
يدفع التتمة و حكم فيه بوجوب الابقاء و قد مر ان مقتضى الاستصحاب عدم الوجوب
لان استصحاب عدم الكفاية مع الشك فيها فيما بعد و كذا استصحاب عدم وجود المتبرع
يقتضى الحكم بعدم وجوب الابقاء و يرد على المتن اشكال آخر و هو ان الحكم
بالاحتياط اللزومى في الفرع السابق في صورة الشك و الفتوى بوجوب الابقاء هنا في
صورة الاحتمال لا يكاد يجتمع.
الفرع الثالث ما لو تبرع متبرع بالحج عن
الميت فالكلام تارة في اصل صحة التبرع عن الميت و اخرى في رجوع اجرة الاستيجار
الى الورثة و ثالثة في
-
1 ـ ئل كتاب الوصايا الباب السابع و الثلاثون ح ـ 2