(الصفحة 401)
معذور و لا موضوعية له اصلا و عليه فبعد كون التكليف الفعلى بعد تحقق الموت
متوجها الى الوارث و ان كان المنشأ هو اهمال الميت و استقرار الحج عليه او
تخليه عدم الوجوب الا انه بالفعل لا يكون متوجها الاّ الى الوارث او الوصى
فاللازم مراعاة تقليد نفسه ليتحقق الفراغ عن التكليف المتوجه اليه قطعا فاذا
كان مقلده ـ بالفتح ـ يرى وجوب الحج مع عدم الرجوع الى الكفاية و المفروض ان
الميت كان فاقدا له و لاجله ترك الحج تقليدا لمن يقول بالاعتبار و عدم الوجوب
مع عدم الرجوع فكيف يجوز للوارث ترك القضاء و عدم الاتيان بالحج مع ان مقتضى
تقليده وجوب الحج على الميت و انه يجب القضاء عنه بعد الموت و هكذا بالاضافة
الى المكان.
و بالجملة لا ينبغى الاشكال في ان اللازم على الولى مراعاة تقليده لانه المكلف
بالفعل دون الميت و ان فتوى مجتهده حجة بالاضافة اليه دون فتوى مجتهد الميت و
كون الحج قضاءا عنه لا يقتضى رعاية تقليد الميت.
نعم لو كان الاجتهاد او التقليد معتبرا من باب الموضوعية لكان المدار هو نظر
الميت لكنه مستلزم للتصويب الباطل بلا ريب و لذا يحكم في موارد تبدل رأى
المجتهد بان الملاك هو الرأى الثانى فاذا كان رأى المجتهد اوّلا اعتبار الرجوع
الى الكفاية في وجوب الحج و لاجله ترك الحج لفقدان الرجوع ثم بعد مضى سنين ـ
مثلا ـ تبدل رأيه و اختار عدم اعتبار الرجوع اليها لكان اللازم عليه ـ الحج ـ
فعلا ـ و لو متسكعا لانه يرى انه كان في ذلك الزمان واجب الحج و قد تركه و ان
كان في الترك معذورا.
و بالجملة لا ينبغى الاشكال في ان العبرة انما هو بنظر الوارث او الوصى و قد
عرفت ان السيد (قدس سره) عدل في باب الوصية عما افاده في كتاب الحج و العمدة في
وجهه ما اشرنا اليه من كون التكليف متوجها الى الوارث و اللازم عليه رعاية
تقليد نفسه لانه الحجة بالاضافة اليه و لا يرتبط ذلك بالميت و تقليده اصلا غاية
الامر
(الصفحة 402)
كون المكلف به هو القضاء عن الميت الذى استقر عليه الحج و لم يأت به و هذا لا
يوجب الارتباط بتقليد الميت اصلا كما انه لا يكون نظره في الموضوع حجة بالاضافة
الى الوارث فاذا كان نظره انه لم يكن مستطيعا و لاجله ترك الحج و لكن الوارث
يعتقد بانه كان مستطيعا فاللازم على الوارث القضاء كما في الدين فاذا لم يكن
الميت معتقدا بثبوت الدين عليه و لكن الوارث كان معتقدا به فاللازم عليه اداء
الدين بمقتضى قوله تعالى: (من بعد وصية يوصى بها او دين) فان تشخيصه موكول الى
الوارث كما هو ظاهر.
المقام الثانى: فيما إذا كان الاختلاف ـ في
اصل الوجوب او في المكان ـ متحققا بين الورثة فيرى بعضهم ـ اجتهادا او تقليدا ـ
عدم الوجوب و البعض الاخر ـ كذلك ـ الوجوب او يرى بعضهم البلدية و الاخر
الميقاتية، و قد ذكر السيد (قدس سره) في العروة في الفرض الثانى انه يعمل كلّ
على تقليده فمن يعتقد البلدية يؤخذ من حصته بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء
بالبلدية بالاقرب فالاقرب الى البلد ثم قال: و يحتمل الرجوع الى الحاكم لرفع
النزاع فيحكم بمقتضى مذهبه نظير ما إذا اختلف الولد الاكبر مع الورثة في الحبوة
و ظاهر المتن تعين هذا الاحتمال و لا بد قبل بيان الاحتمالين و مبناهما من بيان
ان الرجوع الى الحاكم مع كون الاختلاف في الحكم دون الموضوعات انما هو لاجل كون
الاختلاف فيه مؤثرا في الحق او المال كما في مثال الحبوة المذكور في كلام السيد
(قدس سره) فان الاختلاف في ثبوت الحبوة و عدمها انما يترتب عليه اختصاص الحبوة
بالولد الاكبر و عدمه و في مثله لا يرتفع التنازع و التخاصم الذى يكون مطلوب
الشارع رفعه الا بالمراجعة الى الحاكم و هو يحكم بمقتضى مذهبه و لا مجال في
مثله للبينة و اليمين و الحصر في قوله صلّى اللّه عليه و اله: «انما اقضى بينكم
بالبينات و الايمان» اضافى لا يقتضى عدم جريان القضاء في باب الاحكام في المورد
المذكور.
(الصفحة 403)
إذا ظهر لك ما ذكرنا فاعلم ان مبنى لزوم عمل كل على تقليده بالنحو المذكور هو
ثبوت مصرف الحج في التركة على سبيل الاشاعة لانه حينئذ لا يكون نزاع في البين و
كل واحد من الورثة يعمل على طبق رأيه ـ اجتهادا او تقليدا ـ فاذا كانت التركة
مقدار مأة الف ـ مثلا ـ و كان مصرف الحج البلدى عشرين الفا و الحج الميقاتى
عشرة آلاف و كان الوارث منحصرا في ذكرين ـ مثلا ـ فالذى يرى الحج البلدى يعتقد
بان سهم الحج هو الخمس من اصل التركة و الذى يعتقد الحج الميقاتى يرى ان نصيب
الحج هو العشر فاللازم ان يدفع الاول خمس ما يتعلق به و هو خمسون الفا و ان
يدفع الثانى عشر ما يتعلق به فالاول يدفع عشرة آلاف و الثانى خمسة آلاف و
المجموع خمس عشر الفا فيستأجر من الاقرب الى البلد فالاقرب.
و مبنى الاحتمال الثانى ان الحج عن الميت واجب في اصل المال و الارث انما هو
بعد الحج و لا ينتقل المال اليه الا بعده و ثبوت الحج كالدين انما هو كالكلى في
المعين فله ـ اى للوارث ـ مطالبة الاخر بالحج لينتقل اليه المال و عليه فمرجع
النزاع الى ان من يرى الحج البلدى يعتقد بان التركة لا تنتقل الا بعد ادائه من
البلد و الاخر ينكر ذلك و يقول بان عزل مقدار الحج الميقاتى يكفى في تحقق
الانتقال و ثبوت الارث و في مثله لا يرتفع التخاصم الا بالمراجعة الى الحاكم و
لو كان المتداعيان مجتهدين فانه في هذه الصورة ايضا يتعين الرجوع الى الحاكم
ليحكم على طبق نظره و فتويه.
ثم انه ذكر في ذيل المسئلة موارد كثيرة يكون الحكم فيها الرجوع الى تقليد
الوارث او الوصى منها ما إذا لم يعلم فتوى مجتهد الميت و الوجه في الحكم
المذكور واضح فانه فيما لو علم فتوى مجتهده و الاختلاف بينها و بين فتوى
المتصدى إذا كان المدار تقليد الثانى فهو في هذه الموارد يكون بطريق اولى.
(الصفحة 404)
مسئلة 63 ـ لو علم استطاعته مالا و لم يعلم تحقق سائر الشرائط و لم يكن
اصل محرز لها لا يجب القضاء عنه، و لو علم استقراره عليه و شك في اتيانه يجب
القضاء عنه،وكذا لو علم باتيانه فاسدا،ولو شك في فساده يحمل على الصحة1.
نعم ذكر السيد (قدس سره) في العروة مسئلة عدم العلم بفتوى المجتهد و ذكر فيها
وجهين: وجوب الاحتياط و الرجوع الى تقليد الوارث او الوصى في هذه الصورة.
و يرد عليه انه مع جعل المدار تقليد الميت لا مجال للرجوع الى غيره مع عدم
العلم بفتوى مجتهده بل يتعين الاحتياط للوصول الى فتوى مجتهده او البرائة و
بالجملة لا يجتمع ما ذكره مع جعل المدار تقليد الميت كما لا يخفى.
1 ـ فى هذه المسئلة فروع:
الاول: ما لو علم الوارث استطاعة الميت من
جهة المال و لم يعلم تحقق سائر الشرائط
الدخيلة في اصل التكليف و وجوب الحج كالاستطاعات الثلاثة الآخر لا يجب عليه
القضاء عن الميت لعدم احراز توجه التكليف اليه و ثبوت وجوب الحج عليه لان
المفروض الشك في تحقق بعض شرائط الوجوب فتوجه التكليف اليه مشكوك و مقتضى اصالة
البرائة العدم و مع عدمه لا يبقى موضوع لوجوب القضاء على الوارث نعم لو كان
هناك امارة على تحقق سائر الشرائط او اصل محرز لها كما إذا قامت البينة على
وجود الاستطاعات الثلاثة في عام الاستطاعة المالية او كان مقتضى الاستصحاب ذلك
يجب القضاء على الوارث لفرض وجود الدليل على توجه التكليف الى الميت كما هو
ظاهر.
الثانى: ما لو علم استقراره عليه و انه كان
جميع الشرائط للوجوب متحققة و مع ذلك اهمل و لم يأت بالحج في عام الوجوب و شك
في اتيانه بعد الاستقرار ففى المتن الحكم بوجوب القضاء عنه و احتمل في العروة ـ
بعد استظهار الوجوب
(الصفحة 405)
نظرا الى اصالة بقائه في ذمته ـ عدم الوجوب عملا بظاهر حال المسلم و انه لا
يترك ما وجب عليه فورا.
و الظاهر انه لا مجال لهذا الاحتمال بعد عدم حجية ظهور حال المسلم و عدم قيام
الدليل على اعتباره فان منشأ هذا الظهور اما الغلبة او كون اسلامه مقتضيا لذلك
او اشباههما و لم يقم دليل على حجية شىء منها نعم قد يكون في بعض الموارد قواعد
اخرى قام الدليل على اعتبارها كاصالة الصحة الجارية في فعل المسلم إذا شك في
صحة العمل الصادر منه قطعا و فساده و قاعدة الشك بعد الوقت في الصلوة و قاعدتى
الفراغ و التجاوز و امثالها من القواعد المعتبرة و اما في غير هذه الموارد فلم
ينهض دليل على حجية ظهور حال المسلم فهذا الاحتمال ساقط و اما استصحاب عدم
الاتيان بما استقر عليه من الحج فيمكن المناقشة فيه بوجهين:
احدهما: ان استصحاب عدم الاتيان لا يثبت
عنوان «الفوت» المأخوذ في دليل وجوب القضاء لانه امر وجودى لا يثبت بالاستصحاب
العدمى.
و الجواب انه لو سلم ذلك فانما يكون مورده
ما إذا كان هناك عنوان «القضاء» في مقابل «الاداء» كما إذا شك المكلف في انه
صام في شهر رمضان الماضى ام لا فانه يمكن ان يقال ان استصحاب عدم الاتيان لا
يثبت عنوان «الفوت» و اما في باب الحج فلا يكون عنوان القضاء في مقابل الاداء
سواء تحقق الحج من نفس المكلف في زمن حيوته ام تحقق من الوارث فان المستطيع
الذى استقر عليه الحج إذا شك في زمان في الاتيان بالحج الواجب عليه لا اشكال في
لزوم الاتيان عليه نظرا الى استصحاب عدم الاتيان و هكذا الوارث و التعبير بوجوب
القضاء عنه على الوارث ليس المراد به هو القضاء في مقابل الاداء بل هو الاتيان
و العمل كقضاء حاجة المؤمن ـ مثلا ـ و عليه ففى صورة شك الوارث يجرى الاستصحاب
بلا مناقشة لان الواجب عليه الاتيان في صورة ترك الميت له و هو مجرى الاستصحاب
فلا مجال للمناقشة من هذه الجهة
|