(الصفحة 439)
ثانيها ما اختاره المحقق في الشرايع حيث
قال: «و لا تنعقد من الولد مع والده الا مع اذنه و كذا يمين المرأة و المملوك
الا ان يكون في فعل واجب او ترك حرام» و مقتضاه استثناء صورة ما إذا كان في فعل
الواجب او ترك الحرام من قوله (صلى الله عليه وآله) لا يمين للولد مع والده.
ثالثها ما نفى عنه البعد في المتن و استظهره
السيد (قدس سره) من الكلمات من عدم الفرق بين الموارد اصلا حتى ما إذا كان في
فعل واجب او ترك حرام و ان احتاط وجوبا في المتن بالاضافة اليهما.
و يرد على ما افاده صاحب الجواهر اولا انه لو سلم كون المقدر هى المعارضة و
المنع لكن الظاهر من الرواية بلحاظ عدم وقوع التعرض فيها لمتعلق اليمين من
الفعل او الترك الذى يراد بسبب اليمين و الالتزام ايجاده في الخارج بل التعرض
فيها انما هو لنفس اليمين و النفى قد تعلق بطبيعتها و عليه فالظاهر تعلق
المعارضة و المنع بنفسها التى هى التزام من الولد و الزوجة فالمراد ان نفس
الالتزام اليمينى إذا كان ممنوعا من قبل الوالد او الزوج فلا ينعقد الالتزام و
لا يترتب عليه آثاره و احكامه فلا مجال لجعل المنفى نفس الالتزام و اضافة المنع
الى متعلقه فانه خلاف الظاهر جدّا.
و ثانيا ان حمل الرواية على المعنى المذكور
يوجب الالتزام بامرين يكون كل واحد منهما خلاف الظاهر:
احدهما الالتزام بكون مفادها هو مفاد قوله:
لا يمين في المعصية على ما ورد في بعض الروايات فهل يكون المتفاهم عند العرف من
الروايتين امرا واحدا او انه لا ينبغى انكار كون المستفاد من احديهما غير ما
يستفاد من الاخر مع انه على تفسير صاحب الجواهر لا بد من الالتزام بوحدة المفاد
كما لا بخفى.
ثانيهما ان ظاهر الرواية كون العناوين
الثلاثة المذكورة فيها و هى عنوان الوالد و المولى و الزوج لها خصوصية ناشئة عن
اهميتها و عظمتها عند الشارع بحيث
(الصفحة 440)
كان مراد الشارع من الرواية اثبات حرمة لها مقتضية لاعتبار اذنها و لا اقل عدم
منعها و معارضتها و هذا انما يتحقق على تقدير كون عدم الاذن او المنع راجعا الى
نفس اليمين و الالتزام لانه لو كان راجعا الى المتعلق لا ينحصر الحكم بهذه
العناوين بل يجرى في الزوج بالاضافة الى الزوجة فانه لو حلف على عدم رعاية بعض
حقوقها الواجبة كالنفقة و نحوها يكون الحكم ايضا كذلك لعدم الفرق بين حلف
الزوجة على عدم رعاية بعض حقوقه الواجبة و بين العكس و هكذا في المولى بالاضافة
الى العبد كما لو حلف المولى على ترك انفاق العبد مع كونه واجبا عليه بل و كذا
في الوالد بالاضافة الى الولد في بعض الحقوق الواجبة على الوالد بل لا يختص
بذلك فانه يجرى في جميع الموارد التى تعلق الحلف بما هو متعلق حق الغير و كان
متعلقه عدم رعاية حقه كما إذا حلف الراهن على بيع العين المرهونة مع عدم
المراجعة الى المرتهن او حلف المفلس على بيع العين التى هى متعلق حق الغرماء من
دون رعاية حقهم فاللازم بمقتضى ما ذكر حمل الرواية على ظاهرها الذى هو الاختصاص
بالعناوين الثلاثة المذكورة فيها و لازمه ارتباط الاذن و المنع بنفس اليمين من
دون فرق بين كون متعلقها منافيا لحقهم الواجب و بين عدم كونه كذلك كما في
الامثلة المذكورة في كلام السيد (قدس سره).
و يرد على ما افاده صاحب الشرايع انه لم يعلم وجه لاستثناء فعل الواجب و ترك
الحرام من عموم دليل التوقف على الاذن او مانعية المنع الا دعوى انصراف الدليل
المزبور عما إذا كان هناك الزام و التزام اخر غير الالتزام اليمينى و مرجعها
الى ان الظاهر من الدليل انحصار الالتزام بما يرتبط باليمين و عليه فاللازم ان
لا يكون متعلقه فعل واجب او ترك حرام.
و الظاهر عدم تمامية دعوى الانصراف فانه حيث تكون الرواية ناظرة الى خصوص
الالتزام اليمينى الذى يترتب على مخالفته ثبوت الكفارة و من المعلوم مغايرة
(الصفحة 441)
هذا الالتزام لما يكون في فعل الواجب و ترك الحرام فلا مجال لدعوى اختصاصها
بغير ما إذا كان هناك التزام آخر فالانصاف كما هو ظاهر كلمات القوم و نفى عنه
البعد في المتن شمول الرواية لجميع الموارد حتى المورد المستثنى في كلام
الشرايع و لكنه حيث يكون القائل بالاستثناء هو المحقق الذى يكون علو مقامه و
عظمة شأنه في الفقه قليل النظر فذلك يقتضى لزوم رعاية الاحتياط و ترتيب آثار
اليمين في فعل واجب او ترك حرام و لو مع عدم تحقق الاذن او المنع كما هو ظاهر
هذا تمام الكلام في اليمين.
المبحث الثانى في النذر و المشهور بينهم انه
كاليمين في المملوك و الزوجة و حكى عن الدروس بل عن جملة من كتب العلامة الحاق
الولد ايضا و ما يمكن ان يستدل به على الالحاق المطلق امران:
احدهما دعوى تنقيح المناط و يؤيدها ما عن
الرياض من ان مقتضى الاستقراء و التتبع التام اشتراك النذر و اليمين في كثير من
الاحكام.و الجواب عن هذا الامر منع هذه الدعوى بعد كون النذر و اليمين عنوانين
متغايرين و ان كانا مشتركين في جملة من الاحكام لكن ذلك لا يصحح الدعوى
المذكورة و منه يظهر الجواب عن الاستقراء فان الاشتراك في جملة من الاحكام بل
في كثير منها لا يوجب الاطمينان بالاشتراك في الجميع و الظن لا يغنى من الحق
شيئا و يدل على الفرق اختلاف التعبير في الرواية الواردة في اليمين فانّه فيها
بعد الحكم بتوقف اليمين على اذن الوالد و المولى و الزوج قال: «لا نذر في معصية
و لا يمين في قطيعة» فان اختلاف التعبير يكشف عن كون كل من اليمين و النذر
موضوعا خاصا مغايرا للاخر و يترتب عليه احكامه.
ثانيهما اطلاق عنوان اليمين على النذر في
جملة من الروايات بعضها في كلام الامام (عليه السلام) و اكثرها في كلام الراوى
بضميمة تقرير الامام (عليه السلام) له و اظهرها موثقة اسحق بن عمار: «انما
اليمين الواجبة التى ينبغى لصاحبها ان يفى بها ما جعل للّه تعالى
(الصفحة 442)
عليه في الشكر ان هو عافاه من مرضه، او عافاه من امر يخافه، اورد عليه ماله، او
رده من سفره، او رزقه رزقا: فقال للّه علىّ كذا و كذا شكرا فهذا الواجب على
صاحبه.»(1) نظرا الى ان اطلاق اليمين على النذر ان كان بنحو الحقيقة
و يؤيده قوله تعالى: «ذلك كفاره ايمانكم إذا حلفتم» نظرا الى ظهوره في كون
الحلف اخص من اليمين فاللازم جريان الرواية المتقدمة في اليمين المشتملة على
اعتبار اذن الثلاثة في النذر ايضا و ان كان بغير نحو الحقيقة بل بنحو المجاز و
الاستعارة فمقتضى عدم ثبوت الخصوصية لشىء من وجوه المشابهة ثبوت المشاركة في
جميع الاحكام.
و الجواب عن هذا الامر بعد ظهور كون الاطلاق
و الاستعمال لا بنحو الحقيقة ان توصيف اليمين بكونها واجبة و ينبغى لصاحبها ان
يفى بها في صدر الرواية و كذا قوله في الذيل فهذا الواجب على صاحبه يدل على كون
النظر في المشابهة انما هو الى وجوب الوفاء و لزوم العمل على طبقه و لا دلالة
لها على المشاركة في جميع الاحكام اصلا.
نعم ورد في خصوص الزوجة رواية ظاهرة في توقف نذرها على اذن الزوج و هى ما رواه
الصدوق و الشيخ باسانيد صحيحة عن عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه (عليه
السلام) ليس للمرأة مع زوجه امر في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر
في مالها الا باذن زوجها الا في حج او زكاة او برّ والديها او صلة قرابتها
(رحمها).(2) و الظاهر في هذه الرواية تقدير كلمة الوجود بعد كلمة
«مع» لاستثناء صورة اذن الزوج و هو لا يلائم مع تقدير المعارضة و المنع او عدم
الاذن كما لا يخفى كما ان الحاجة الى ذكر وجود الزوج انما هو للتعبير بالمرأة
لا الزوجة فلا مجال للقياس
-
1 ـ ئل ابواب النذر الباب السابع عشر ح ـ 1
-
2 ـ ئل ابواب النذر الباب الاول ملحق الحديث: 1
(الصفحة 443)
بالرواية المتقدمة الواردة في اليمين و قد استشكل في الاستدلال بالرواية
بالاضافة الى الزوجة من وجهين:
الاول كونها اخص من المدعى لانه عبارة عن
توقف مطلق نذر الزوجة على اذن الزوج و هى مقيدة بما إذا كان في مالها فلا دلالة
لها على التوقف في النذر في الاعمال كما إذا نذرت قرائة القرآن او صلوة الليل
او غيرهما مع فرض عدم المنافاة لحقوق الزوج بوجه و لا مجال لدعوى الغاء
الخصوصية من المال بعد احتمال كون التصرف المالى له خصوصية من جهة ان عدم
التوقف على الاذن فيه مستلزما لخروجه من يد الزوجة بالنذر مع عدم الالتفات و
التوجه الى الحاجة اليه لكونها بعيدة عن المسائل الاقتصادية المالية نوعا فلا
وجه لالغاء خصوصية المال.
الثانى ان الرواية مشتملة على التوقف في
جملة من الامور مع عدم توقفها على اذن الزوج اصلا كالعتق و الصدقة و الهبة فهو
يوجب خروجها عن الحجية و عدم صلاحيتها لاثبات التوقف في النذر.
و اجاب عنه جماعة كالسيد (قدس سره) في العروة بان اشتمالها على ما لا نقول به
لا يضر و مرجعه الى انه لو كانت الرواية مشتملة على احكام متعددة و لم يمكن
الالتزام بجملة منها فهذا لا يوجب خروجها عن الاعتبار بالاضافة الى ما يمكن
الالتزام به لعدم قيام دليل على عدم امكان الالتزام.
و لكنه اورد على هذا الجواب بعض الاعلام في شرحها بان الامر و ان كان كذلك لكنه
فيما إذا كان في الرواية جمل متعددة على اشكال فيه ايضا و اما إذا كان جميع
الفقرات بيانا لصغريات لكبرى واحدة فالمتبع ظهور تلك الكبرى و في الحقيقة لا
تكون الرواية مشتملة الا على جملة واحدة غاية الامر التعرض لبعض الصغريات ايضا
و هذا كما في المقام لانه لا يكون في البين الا جملة واحدة مشتملة على الضابطة
و بيان الكبرى و هو قوله: ليس للمرأة مع زوجها امر و يؤيده بل يدل عليه استثناء
الحج