(الصفحة 445)
الدالة على وجوب الوفاء بالعهد الشاملة لصورة عدم الاذن و مع عدم الدليل على
التوقف في مقابلها لا مجال الا للاخذ بمقتضى الادلة المطلقة.
نعم يمكن ان يقال بما تقدم في النذر من دعوى شمول دليل اليمين له كشموله للنذر
و لكن قد عرفت الجواب عنه من ان الاطلاق و الاستعمال اطلاق مجازى و الغرض
التشبيه في وجوب الوفاء و لزوم العمل فالحق ـ ح ـ ما في المتن.
بقى الكلام في اصل المسئلة في امور:
الاول هل الزوجة في باب اليمين و كذا النذر
على تقدير كونه كاليمين تشمل الزوجة المنقطعة او تختص بالدائمة فالمحكى عن
الرياض الثانى قال: و ينبغى القطع باختصاص الحكم في الزوجة بالدائمة دون
المنقطعة لعدم تبادرها منها عند الاطلاق مضافا الى قوة احتمال كون صدقها عليها
على سبيل المجاز دون الحقيقة.
و يظهر من السيد (قدس سره) في العروة الترديد حيث اقتصر على بيان احتمالين لكن
قد قوى في المتن الشمول.
اقول ان منشأ دعوى عدم الشمول اما عدم كونها زوجة حقيقة نظرا الى انها مستأجرة
و يؤيده قوله تعالى فما استمتعتم به منهن ف آتوهن اجورهن للتعبير عن صداقها
بالاجرة الظاهرة في الاجارة و التعبير عنها في بعض الروايات بقوله (عليه
السلام): هن مستأجرات.
و اما الانصراف على تقدير كونها زوجة حقيقة عنها و انسباق الزوجة الدائمة من
اطلاق كلمة «الزوجة».
و يدفع الاول ان اطلاق المستأجرة عليها انما هو على سبيل المجاز و العناية و
يؤيده ـ مضافا الى وقوع التعرض لمباحث النكاح المنقطع في كتاب النكاح في جميع
الكتب الفقهية للاصحاب و الفقهاء دون كتاب الاجارة ـ انه لو كان بنحو الاجارة
لكان اللازم صحة التعبير في صيغته بالاجارة و الاستيجار مع انه من الواضح عدم
الاكتفاء به
(الصفحة 446)
و يدفع الثانى منع الانصراف كما في سائر الادلة الواردة في الاحكام المترتبة
على الزوجة و هذا من دون فرق بين ان نقول في الزوجية المنقطعة بما افاده صاحب
الجواهر (قدس سره)من ان الزوجية الانقطاعية عين الزوجية الدائمية غاية الامر ان
الانقطاع نشأ من قبل الشرط في ضمن العقد و لذا ذكر المشهور انه لو نسى ذكر
الاجل ينعقد دائما و بين ان نقول بما عن المحقق النائينى (قدس سره) من
اختلافهما في الحقيقة و الماهية غاية الامر ان اختلافهما انما هو بالنوع و
يشتركان في الجنس و هو اصل الزوجية و يترتب على هذا الاختلاف الاختلاف في
الاحكام كالعدة و النفقة و التوارث على كثير من الاقوال و بعض الآثار الآخر و
ذلك لانه على التقدير الثانى يكون الحكم مترتبا على الجنس الذى يشترك فيه
النوعان و لا مجال لدعوى الانصراف الى خصوص احدهما اصلا فالحق في هذا الامر ما
افاده الماتن (قدس سره).
الثانى هل الحكم يشمل ولد الولد ام يختص
بالولد من دون واسطة ظاهر العروة فيه الترديد ايضا و عن الرياض ان الشمول لا
يخلو من قرب، و نسب الى الدروس الجزم به.و اختار في المتن عدم الشمول.
و الوجه فيه ان كلمة «الولد» و ان كانت تشمل ولد الولد ايضا ككلمة «الابن» غير
المختص بالابن من دون واسطة و لو كانت الواسطة هى الانثى لقول رسول اللّه (صلى
الله عليه وآله) في الحسنين (عليهما السلام) هذان ابناى امامان...و لا اعتبار
لقول الشاعر: بنونا بنو ابنائنا و بناتنا، و بنوهن ابناء الرجال الا باعد كما
ان كلمة «الاب» يشمل الجد ايضا لقوله تعالى حكاية عن جملة من الكفار: ما سمعنا
بهذا في آبائنا الاولين الا ان الظاهر ان كلمة «الوالد» المذكورة في رواية
اليمين المتقدمة تختص بالاب من دون واسطة كما هو المتفاهم منها عند العرف.
الثالث ان الولد الذى يتوقف يمينه على اذن
الوالد لا يختص بالولد الذكور بل يعم الانثى ايضا لاطلاق عنوانه و شموله لها.
(الصفحة 447)
مسئلة 3 ـ لو نذر الحج من مكان معين فحج من غيره لم تبرء ذمته،و لو عينه
فى سنة فحج فيها من غير ما عينه وجبت عليه الكفارة، و لو نذر ان يحج حجة
الاسلام من بلد كذا فحج من غيره صح و وجبت الكفارة، و لو نذر ان يحج في سنة
معينة لم يجز التاخير، فلو اخر مع التمكن عصى و عليه القضاء و الكفارة، و لو لم
يقيده بزمان جاز التأخير الى ظن الموت و لو مات بعد تمكنه يقضى عنه من اصل
التركة على الاقوى، و لو نذر و لم يتمكن من ادائه حتى مات لم يجب القضاء عنه، و
لو نذر معلقا على امر و لم يتحقق المعلق عليه حتى مات لم يجب القضاء عنه نعم لو
نذر الاحجاج معلقا على شرط فمات قبل حصوله و حصل بعد موته مع تمكنه قبله
فالظاهر وجوب القضاء عنه، كما انه لو نذر احجاج شخص في سنة معينة فخالف مع
تمكنه وجب عليه القضاء و الكفارة و ان مات قبل اتيانهما يقضيان من اصل التركة و
كذا لو نذر احجاجه مطلقا او معلقا على شرط و قد حصل و تمكن منه و ترك حتى مات1.
الرابع ان الام لا تلحق بالاب في توقف يمين
الولد على اذنها لان الوالد لا يشملها و الحكم انما هو في مقابل اطلاقات ادلة
اليمين فاللازم الاقتصار على المقدار الذى دل عليه الدليل نعم يلزم على قول
السيد تبعا لصاحب الجواهر في معنى الرواية الواردة في اليمين تعميم الحكم للام
ايضا لعدم اختصاص وجوب الاطاعة بالاب و مورد الرواية عليه يختص بما ينافى وجوب
الاطاعة كما تقدم.
الخامس لا يلحق الكافر الوالد بالمسلم لوضوح
ان مناط الحكم رعاية احترام الوالد و حفظ شؤونه و الكافر لا احترام له اصلا و
لو كان والدا كما لا يخفى.
1 ـ فى هذه المسئلة فروع كثيرة:
الاول ما لو نذر الحج من مكان معين كما إذا
نذر الحج من بلده ـ مثلا ـ فحج من غيره و الحكم فيه عدم برائة ذمته بذلك و لكنه
لا بد قبل ملاحظة الحكم من
(الصفحة 448)
ملاحظة ان اصل انعقاد النذر بهذه الصورة مع عدم كون الشروع من بلده ـ مثلا ـ
مشتملا على خصوصية راجحة و مزية زائدة و المعتبر في صحة النذر و انعقاده كون
المتعلق راجحا انما هو لاجل عدم كون النذر متعلقا بالخصوصية حتى يلزم ان تكون
راجحة بل النذر انما تعلق بالحج من البلد و هذا راجح في مقابل ترك الحج و هذا
كما إذا نذر صلوة الليل في منزله و داره فان خصوصية وقوعها في داره و ان لم تكن
راجحة بل مرجوحة بالاضافة الى خصوصية وقوعها في المسجد الا انه حيث لا يكون
المنذور هى الخصوصية بل صلوة الليل في داره في مقابل الترك و لا شبهة في
رجحانها فلا اشكال في صحة النذر و انعقاده.
و اما الحكم فهى عدم برائة الذمة بالحج الذى اتى به لانه مغاير للمنذور و لا
يتحقق الوفاء بسببه فاللازم الاتيان به من ذلك المكان بعد عدم مدخلية زمان خاص
فيه و هذا كما لو نذر ان يعطى الفقير العالم مقدارا من المال فبذل ذلك المقدار
الى الفقير غير العالم فانه لا شبهة في عدم تحقق الوفاء كما انه لا شبهة في صحة
اصل حجه و تمامية عمله و لكنه لا ينطبق عليه عنوان الوفاء كما لا يخفى.
الفرع الثانى ما لو عين مكانا معينا و سنة
خاصة فحج في تلك السنة لكنه من غير ذلك المكان المعين و لا شبهة بملاحظة ما
ذكرنا في الفرع الاول في صحة النذر و انعقاده و الفرق بينهما انه في الفرع
الاول لم تكن المخالفة المتحققة بالحج من غير المكان المعين موجبة لعدم التمكن
من الوفاء بالنذر لفرض عدم تعيين الزمان اصلا و اما في هذا الفرع تكون المخالفة
المكانية مع وجود قيد الزمان و رعايته موجبة لعدم التمكن من العمل على طبق
النذر لفرض مضى ذلك الزمان و عليه فاللازم عليه هنا الكفارة لاجل المخالفة
العمدية و عدم امكان الوفاء اصلا نعم في اصل صحة الحج المأتى به اشكال سيأتى
التعرض له في الفرع الثالث.
الفرع الثالث ما لو نذر ان يحج حجة الاسلام
من بلد كذا و مثله ما في العروة
(الصفحة 449)
مما إذا كان هناك نذران احدهما تعلق بالحج من غير تقييد بمكان ثانيهما تعلق
بكون الحج المنذور بالنذر الاول من مكان معين فخالف فحج من غير ذلك المكان.
و لا يخفى اختلاف هذا الفرع مع الفرعين الاولين فانه حيث كان متعلق اصل النذر
في ما في المتن و كذا متعلق النذر الثانى في مثال العروة هى الخصوصية المكانية
لا اصل الحج لانه كان واجبا باصل الشرع كما في حجة الاسلام او بالنذر الاول كما
في النذرين فلا بد من فرض الكلام فيما إذا كانت الخصوصية راجحة و الا لا ينعقد
النذر و عليه فالمثال لهذا الفرع ما إذا نذر الحج من مسجد الشجرة ـ مثلا ـ الذى
هو افضل المواقيت و مثله من الخصوصيات الراجحة و البحث في هذا الفرع تارة في
حكم الحج المأتى به من غير ذلك المكان الذى عينه و اخرى في وجوب الكفارة و
عدمه: اما البحث من الجهة الاولى فقد ناقش في صحته في «المستمسك» حيث قال: «و
ان اخذ ـ يعنى حجة الاسلام ـ قيدا للمنذور ـ كما هو ظاهر الفرض وجب تحصيله
فيرجع قوله: للّه علىّ ان احج حجة الاسلام من بلد كذا، الى قوله: للّه علىّ ان
لا احج الا من بلد كذا، لان وجوب المحافظة على حصول قيد المنذور يقتضى المنع من
حصوله لئلا يعجز عن اداء المنذور المؤدى الى تركه، فاذا حج من غير البلد المعين
حج الاسلام فقد فوت الموضوع و عجّز نفسه عن اداء المنذور، و هذا التعبير حرام
عقلا فيكون تجريا فلا يصح التعبد به فاذا بطل لفوات التقرب بقى النذر بحاله
فيجب الاتيان بالمنذور بعد ذلك و ـ حينئذ ـ لا تجب الكفارة لان الكفارة انما
تجب بترك المنذور، لا بمجرد التجرى في تركه و تفويته الحاصل بالاقدام على افراغ
الذمة عن حجة الاسلام.
و اورد عليه بعض الاعلام ايرادات:
منها: ان النذر انما يتعلق بايقاع الطبيعة
في ضمن فرد خاص و اما عدم ايقاعها في ضمن فرد آخر فهو من باب الملازمة بين وجود
احد الضدين و عدم الضد الاخر لا من جهة تعلق النذر بذلك و الا لا ينعقد النذر
من اصله لان ترك الحج من غير بلد
|