(الصفحة 498)
ما في محكى كشف اللثام من انه يمكن القول بانه من اىّ بلد يقصد فيه السفر الى
الحجّ لتطابق العرف و اللغة فيه.و المراد من مساعدة اللغة ما عرفت في اوّل كتاب
الحج من انه في اللغة بمعنى القصد فينطبق على اىّ بلد كذلك.
5 ـ القول بانه اوّل أفعال الحج و في الجواهر: «انه الاصح» و الوجه فيه ـ كما
فيها ـ ان المشى في قوله للّه على ان احج ماشيا حال من الحج و الحج اسم لمجموع
المناسك المخصوصة فلا يجب المشى الاّ حاله.
6 ـ ما اختاره في العروة من انه مع عدم التعيين و الانصراف ان كانت العبارة هى
قوله: للّه على ان احجّ ماشيا فالمبدء اوّل أفعال الحج و ان كانت قوله: للّه
على ان امشى الى بيت اللّه او مثله فالمبدء حين الشروع في السّفر.
و اما ما في المتن من ان المبدء تابع للتعيين و لو انصرافا فهل المراد منه انه
لا يمكن الخلو عن التعيين و لو انصرافا غاية الامر انه لا بد من ملاحظة المنصرف
اليه و انه أيّ شيء و من أيّ مكان أو انه يمكن الخلو منهما و لكنه لم يقع
التعرض لحكمه في المتن كما قد وقع التعرض له في عبارة السيّد و الوجه في الاوّل
انه لا يتصور الابهام و الاجمال بالاضافة الى نفس الناذر مع ان حقيقة النذر
عبارة عن التزامه، كما ان الوجه في الثانى امكان أن يكون الالتزام مقصورا على
ما هو مفاد اللفظ و مدلول الصيغة من دون زيادة و نقصان.
و كيف كان فالظاهر ان المبدء ما ذكره في كشف اللثام من دون فرق بين العبارتين
اللتين وقع التفصيل بينهما في العروة فانه لا فرق بنظر العرف بين أن يقول
الناذر: للّه علىّ أن أزور مشهد الرّضا ـ عليه آلاف التحية و الثناء ـ ماشيا أو
يقول: للّه على أن أمشى الى زيارته (عليه السلام) كذلك و المراد من كليهما هو
محلّ الشروع لسفر الزيارة فهذا الوجه هو الظاهر.
و اما المنتهى فمع عدم التعيين فالمنسوب الى
المشهور انه طواف النساء و اختار السيد في العروة انه رمى الجمار و قيل ـ من
دون أن يعرف قائله: هى الافاضة
(الصفحة 499)
من عرفات.
وجه الاول ان طواف النساء و ان كان خارجا من
الحج و ليس من اجزائه الاّ انه بنظر العرف يكون معدودا من اجزائه و لا محالة
يكون مشمولا للالتزام النذرى.
و وجه الثانى جملة من الروايات الصحيحة التى
منها رواية اسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)قال: قال أبو عبد
اللّه (عليه السلام): في الذي عليه المشي في الحج إذا رمى الجمرة زار البيت
راكبا و ليس عليه شىء.(1) و رواية جميل قال: قال أبو عبد اللّه
(عليه السلام): إذا حججت ماشيا و رميت الجمرة فقد انقطع المشي.(2) و
رواية علي بن أبي حمزة عن أبى عبد اللّه (عليه السلام) قال سئلته متى ينقطع مشى
الماشى قال إذا رمى الجمرة العقبة و حلق رأسه فقد انقطع مشيه فليزر راكبا.(3)
و غير ذلك من الروايات الدالة على ذلك.
و اما القول بان المنتهى هي الافاضة من عرفات فمستنده هي رواية يونس بن يعقوب
قال سئلت أبا عبد اللّه (عليه السلام) متى ينقطع مشى الماشى؟قال: إذا افضت من
عرفات.(4) قال فى الوسائل بعد نقل الرواية: «أقول: ينبغى حمله على
من أفاض و رمى لما مرّ و يمكن الحمل على التطوع بالمشى و عدم وجوبه بنذر و
شبهه».
و على تقدير عدم صحة شىء من الحملين تكون الرواية معرضا عنها لما مرّ من انه لم
يعرف القائل بمفادها، و اما الروايات المتقدمة فحيث انه لم يثبت اعراض المشهور
عنها لعدم ثبوت الشهرة فاللازم الأخذ بمفادها و الفتوى على طبقها كما في المتن.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج الباب الخامس و الثلاثون ح ـ 3
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج الباب الخامس و الثلاثون ح ـ 2
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج الباب الخامس و الثلاثون ح ـ 4
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج الباب الخامس و الثلاثون ح ـ 6
(الصفحة 500)مسئلة 10 ـ لا يجوز لمن نذره ماشيا أو المشى في حجه أن يركب البحرو نحوه،
و لو اضطر اليه لمانع في سائر الطرق سقط، و لو كان كذلك من الاول لم ينعقد، و
لو كان في طريقه نهر أو شط لا يمكن العبور الا بالمركب يجب أن يقوم فيه على
الاقوى1.
و الاشكال في دلالتها بعدم التعرض فيها لجمرة العقبة عدا الرواية الاخيرة التى
لا تكون معتبرة من حيث السند مدفوع بان التعرض في كثير منها لزيارة البيت راكبا
قرينة على كون المراد هى تمامية أعمال منى بسبب رمى الجمار بحيث كان المراد
العود الى مكة للطوافّ فلا مناقشة فيها من حيث الدلالة و كونها مخالفة للقاعدة
المقتضية للعمل بالنذر ممنوع اوّلا لان المفروض عدم التعيين من ناحية الناذر
بالاضافة الى المنتهى و ثانيا ان المخالفة للقاعدة لا تقدح في لزوم العمل
بالرواية و الفتوى على طبقها كما لا يخفى.
1 ـ قد وقع التعرض في هذه المسئلة لأمرين:
الاوّل: انه لو نذر الحج ماشيا أو المشى في
حجه كما انه لا يجوز له أن يركب السيّارة و الطيّارة و الخيل و البغال و الحمير
و اشباهها كذلك لا يجوز أن يركب البحر و يسافر من طريقه لمنافاته للمشى الذي هو
متعلق النذر أو قيده فان مثل السفينة و الركوب عليها يكون من أقسام الركوب
المغاير للمشى و هذا ظاهر.
نعم لو اضطر الى طريق البحر لمانع في سائر الطرق سقط وجوب الوفاء بالنذر و ظاهر
المتن و ان كان هو السقوط مطلقا الاّ ان اللازم تقييده بما إذا كان الحج واجبا
فوريا في ذلك العام كما إذا نذر المشى في طريق حجة الاسلام التى تكون واجبة
عليه أو نذر الحج ماشيا مقيدا بهذه السنة و امّا إذا كان المنذور هو الحج ماشيا
من غير تقييد بهذه السنة ـ و قد عرفت ان الحكم فيه هو جواز التأخير الى
الاطمينان بالموت أو الفوت فالظاهر ان وجود المانع في سائر الطرق في هذا العام
لا يوجب سقوط وجوب المشى كما انه إذا نذر المشى فى حج التطوع أو
(الصفحة 501)
فى حج واجب غير فورى لا يجوز السفر من طريق البحر و لو مع وجود المانع في سائر
الطرق كذلك بل اللازم الانتظار و التأخير الى زمان رفع المانع و لعلّ التعبير
بالاضطرار في المتن يستفاد منه ما ذكرنا من التقييد.
و لو كان المانع موجودا من الاوّل لم ينعقد النذر و ان كان الناذر جاهلا به
لاعتبار التمكن من المتعلق في انعقاد النذر و صحته و يمكن القول بعدم الانعقاد
في الفرض الاوّل ايضا لان القدرة المعتبرة انما هى القدرة حال الوفاء لا حال
النذر و الالتزام و عروض المانع يكشف عن عدم التمكن كذلك فلا ينعقد من الاول.
الثانى في النذر المذكور لو كان في طريقه
نهر او شط لا يمكن العبور الاّ بالمركب ففى المتن ـ تبعا للمشهور ـ وجوب القيام
فيه و عدم جواز الجلوس و اختار السيد (قدس سره)فى العروة عدم الوجوب و مستند
المشهور ما رواه السكونى عن جعفر عن ابيه عن آبائه (عليهم السلام)ان عليّا
(عليه السلام) سئل عن رجل نذر أن يمشى الى البيت فعبر في المعبر، قال: فيلقم في
المعبر قائما حتى يجوزه.(1) و المعبر ـ بكسر الميم ـ هى السفينة
التى يركب عليها في البحر و نحوه.
و لكنه أورد عليه في العروة بضعف السند مع ان الظاهر اعتباره لوثاقة السكونى
بالتوثيق الخاص و النوفلى الراوى عنه بالتوثيق العام و على تقدير الضعف فهو
منجبر باستناد المشهور اليه و الفتوى على طبقه خصوصا مع كون الحكم فيه على خلاف
القاعدة سواء كان مورد السؤال فيه هو نذر المشى في جميع الطريق حتى ما فيه من
الشطوط و الانهار أو كان مورد السؤال هو نذر المشى في جميع أجزاء الطريق ما عدى
الشطوط و الانهار.
اما على الفرض الاّول فالظاهر عدم انعقاد النذر مطلقا أو في خصوص ما ذكر من
الشطوط و الانهار لفرض عدم التمكن من العبور عنها الاّ بالمعبر و المركب و لا
-
1 ـ ئل أبواب وجوب الحج الباب السابع و الثلاثون ح ـ 1
(الصفحة 502)مسئلة ـ 11 لو نذر الحج ماشيا فلا يكفى عنه الحج راكبا فمع كونه موسعا
يأتى به، و مع كونه مضيقا تجب الكفارة لو خالف دون القضاء و لو نذر المشى في حج
معين و اتى به راكبا صح و عليه الكفارة دون القضاء، و لو ركب بعضا دون بعض
فبحكم ركوب الكل1.
يمكن ان يتحقق المشى بالاضافة اليهما و بعد عدم الانعقاد لا يبقى وجه لوجوب
القيام عليه في المعبر.
و اما على الفرض الثانى فهما خارجان عن دائرة متعلق النذر فلا مجال ايضا لوجوب
القيام فيه فالرواية على كلا التقديرين مخالفة للقاعدة لكن استناد المشهور
اليها يوجب الفتوى على طبقها و الحكم بلزوم القيام.
ثم انه ذكر السيد (قدس سره) في العروة بعد الحكم بضعف الرواية ان التمسك بقاعدة
«الميسور» لا وجه له و على فرضه فالميسور هو التحرك لا القيام.
و مراده ان «المشى» يشتمل على خصوصيات ثلاثة: كون الرجلين على الارض و القيام و
التحرك فاذا صار الاوّل معسورا فالميسور و هو الامر ان الاخران لا يسقط بسقوطه
فمراده من القيام المنفى هو القيام فقط لا القيام مطلقا.
لكن المهم في عدم جريان القاعدة المزبورة ـ على فرض تماميتها و سعة دائرة
شمولها ـ ان القيام و لو كان مع التحرك لا يكون ميسورا للمشى أصلا فان القيام
كذلك في السفينة مع كون التحرك الى المقصد و القرب اليه انما يتحقق بها و لا
أثر للتحرك فيها قائما بوجه بالاضافة اليه فهو لا يكون ميسورا للمشى أصلا بنظر
العرف و لكن بعد تمامية الاستدلال بالرواية لا حاجة الى القاعدة بوجه فالأقوى
ما في المتن.
1 ـ الكلام في ركوب الكلّ في الفروض الثلاثة المذكورة في المتن يقع من جهتين:
تارة من جهة القضاء و الكفارة و اخرى من جهة صحة الحج الذى أتى به راكبا و
بطلانه.
اما الكلام من الجهة الاولى ففى الفرض الاوّل الذى يكون النذر موسعا