(الصفحة 63)
بلده ان كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه.(1)
قال صاحب الجواهر في تقريب الاستدلال بها: «فالوقف صالح لانشاء الاحرام فكذا
الانقلابه او قلبه مع انهما قد احرما من مكة و اتيا بما على الحاج من الافعال
فلا يكونان اسوء حالا ممن احرم من عرفات ـ مثلا ـ و لم يدرك الا المعشر» بل في
كلام بعض دلالتها على المقام بالاولوية.
و يرد عليه ان مقتضى ظهورها في كون الاحرام من حيث امكن واجبا في موردها و
مقتضى ملاحظة مواردها اختصاص الحكم بمن كان الحج واجبا عليه و لم يتحقق منه
الاحرام في مكة لنسيان او جهل او عصيان او مانع غيرها فانه يجب عليه ان يحرم من
حيث امكن و اما الصبى الذى لا يجب عليه الحج و لا يكون مكلفا به فلا يستفاد
حكمه منها و انه إذا بلغ قبل الوقوف بالمشعر يقع حجه حجة الاسلام و لذا اكتفى
السيد في الجواب عن هذا الوجه بقوله و فيه ما لا يخفى.
الرابع الاخبار الدالة على ان من ادرك
المشعر فقد ادرك الحج ففى رواية جميل بن دراج عن ابيعبد اللّه (عليه السلام)
قال من ادرك المشعر يوم النحر قبل زوال الشمس فقد ادرك الحج و من ادرك يوم عرفة
قبل زوال الشمس فقد ادرك المتعة.(2) و رواية هشام بن الحكم عن ابى
عبد اللّه (عليه السلام) قال من ادرك المشعر الحرام و عليه خمسة من الناس فقد
ادرك الحج.(3) و رواه الصدوق مثله الا انه قال على خمسة من الناس.و
غير ذلك من الروايات الدالة على ذلك.
و اورد السيد في العروة على الاستدلال بهذه الطائفة بان موردها من لم يحرم فلا
يشمل من احرم سابقا لغير حجة الاسلام.
و اعترض عليه اكثر الشراح بعدم اختصاص موردها بمن لم يحرم بل يعمه
-
1 ـ ئل ابواب المواقيت الباب الرابع عشر ح ـ 8
-
2 ـ ئل ابواب الوقوف بالمشعر الباب الثالث و العشرون ح ـ 8
-
3 ـ ئل ابواب الوقوف بالمشعر الباب الثالث و العشرون ح ـ 10
(الصفحة 64)
و من احرم وفات منه الوقوف بعرفة لمانع من حبس او غيره و في الحقيقة يكون
المراد من هذه الروايات ان فوت الوقوف بعرفة الذى هو من الاركان لا يقدح في صحة
الحج إذا كان ذلك لا عن عمد بل ادراك المشعر موجب لادراك الحج فلا فرق بين من
احرم قبله و من لم يحرم اصلا.
و الحق في الجواب عن اصل الاستدلال ما افيد مما يرجع الى عدم انطباق الدليل على
المدعى بوجه فان مقتضى الروايات صحة الحج و تماميته بسبب ادراك المشعر و عدم
كون فوت عرفة قادحا في ذلك و المدعى يرجع الى اجزاء الحج بعد البلوغ و ادراك
المشعر عن حجة الاسلام و من المعلوم ان الاجزاء و عدمه امر و الصحة و عدمها امر
آخر و بعبارة اخرى لا شبهة في صحة حج الصبى و لو بلغ قبل الوقوف بالمشعر انما
الاشكال فى الاجزاء و الروايات بعيدة عن اثباته و اجنبية عن افادته.
الخامس ما حكى عن بعض المحققين من ان مقتضى
القاعدة هو الاجزاء لان الفعل المأمور به بالامر الندبى عين الفعل المأمور به
بالامر الايجابى من دون تفاوت بينهما اصلا لان كلا من الفعلين واجد للملاك و
المصلحة و الاختلاف انما هو في الامر من جهة الوجوب و الاستحباب فالحج نظير
الصلوة فكما انه إذا بلغ الطفل في اثناء الصلوة او بعدها قبل خروج الوقت بل في
اثنائه لا تجب عليه اعادة الصلوة لانها طبيعة واحدة و قد تحقق الاتيان بها
فكذلك الحج نعم ورد في باب الحج روايات تدل على ان البلوغ بعد الحج يمنع عن
الاجزاء و انه لو حج الصبى عشرة حجج يجب عليه حجة الاسلام بعد البلوغ و تحقق
الشرائط و اما البلوغ في الاثناء فلم يرد فيه نص دال على عدم الاجزاء بوجه
فمقتضى القاعدة فيه الاجزاء و اورد عليه بوجهين:
الاول منع كون الحج طبيعة واحدة و حقيقة
فاردة و ان كانت الصورة متحدة نظير الصلوة بالاضافة الى انواعها كالظهر و العصر
و النافلة و الفريضة و التضاء و الاداء
(الصفحة 65)
و الدليل على التعدد في المقام الروايات الدالة على عدم اجزاء حج الصبى البالغ
بعد الحج عن حجة الاسلام و لو حج عشرة حجج و ما يدل على عدم اجزاء حج المتسكع و
عدم اجزاء حج العبد فان المستفاد منها تغاير طبيعة الحج و اختلاف حقيقته و ان
كانت الصورة واحدة و عليه فالحج مثل انواع الصلوة لا مثل نوع واحد منها كما لا
يخفى.
ثم انه على المستدل اثبات وحدة الحقيقة و يكفى للقائل بالعدم عدم ثبوت الوحدة
لان الاجزاء متوقف على احراز الوحدة كما لا يخفى.
الثانى انه لو سلم كون الحج حقيقة واحدة لكن
اطلاق بعض الروايات الواردة في عدم اجزاء حج الصبى يشمل ما إذا بلغ اثناء العمل
و قبل اتمامه كصحيحة اسحق بن عمار قال سئلت ابا الحسن (عليه السلام) عن ابن عشر
سنين يحج؟قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم، و كذا الجارية عليها الحج إذا طمثت.(1)
فانه و ان كان تصوير البلوغ في الاثناء بالاضافة الى الصبى المفروض في السؤال
بعيدا جدا لكن تصوير حدوث الطمث بالنسبة الى الجارية مع عدم فرض سن خاص لها امر
ممكن و مقتضى الرواية ـ ح ـ انه لا فرق في عدم الاجزاء بين حدوث الطمث بعد تمام
الحج و بين حدوثه في الاثناء و يويده انه لا شبهة بحسب فتاويهم ظاهرا في عدم
الاجزاء إذا بلغ بعد الموقفين و قبل اتمام بقية الاعمال و مستندهم ظاهرا نفس
هذه الروايات فتدبر.
و الحق في هذه الجهة ان يقال ان مقتضى هذه الرواية ان الجارية إذا طمثت يجب
عليها الحج فالطمث موجب لثبوته و لزومه و إذا انضمت هذه الرواية الى الروايات
المتقدمة الدالة على ان من ادرك المشعر فقد ادرك الحج يستفاد ان ما تاتى به
الجارية بعد الطمث تكون حجة الاسلام إذا كان الطمث قبل الوقوف بالمشعر
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثانى عشر ح ـ 1
(الصفحة 66)
و بعبارة اخرى المستفاد من تلك الروايات كما عرفت هو صحة الحج و تماميته بادراك
المشعر و مفاد هذه الرواية وجوب الحج الصحيح عليها بعد الطمث فملاحظة مجموعهما
تصير دليلا للمشهور القائل بالاجزاء و ان كان كل واحد منهما غير صالح للاستدلال
به فالحق ـ ح ـ ما عليه المتن تبعا لهم.
بقى في هذه المسئلة جهات من البحث بعد الفراغ عن الاجزاء و اختياره:
الاولى قال السيد في العروة في مسئلة العبد
المنعتق قبل الوقوف بالمشعر التى يكون الاجزاء فيها ثابتا بالاجماع و النصوص:
«هل يشترط في الاجزاء تجديد النية للاحرام بحجة الاسلام بعد الانعتاق من باب
القلب اولا بل هو انقلاب شرعى؟ قولان مقتضى اطلاق النصوص الثانى و هو الاقوى
فلو فرض انه لم يعلم بانعتاقه حتى فرغ او علم و لم يعلم الاجزاء حتى يجدد النية
كفاه و اجزأه».و قد تبع فيما اختاره صاحب الجواهر حيث تمسك باطلاق النص و
الفتوى و ان مقتضاه هو الاجزاء الشرعى» خلافا لما حكى عن الخلاف من وجوب تجديد
نية الاحرام و لما حكى عن المعتبر و المنتهى و الروضة من اطلاق تجديد نية
الوجوب و لما عن الدروس من تجديد النية.
اقول ان كان المستند في جريان الحكم في
الصبى هو الغاء الخصوصية من الروايات الواردة في انعتاق العبد قبل الوقوف
بالمشعر الدالة على اجزاء حجه عن حجة الاسلام كما يظهر من الجواهر فلا مانع من
التمسك باطلاق تلك الروايات بالاضافة الى المقام ايضا و الحكم بعدم لزوم تجديد
النية و ان كان يمكن المناقشة على هذا التقدير ايضا فتدبر جيدا.
كما انه لو كان المستند في الحكم بالاجزاء في الصبى البالغ هو الوجه الخامس
الذى عرفته من ان الحج لا يكون حقائق متعددة و طبايع متكثرة بل هو حقيقة واحدة
و طبيعة فاردة قد يعرض لها الاستحباب و قد يعرض لها الوجوب و لا يوجب ذلك
(الصفحة 67)
الاختلاف بوجه فاللازم ايضا ان يقال بعدم لزوم تجديد النية اصلا.
و اما لو منعنا الغاء الخصوصية في روايات العبد و منعنا وحدة الطبيعة و اتحاد
الحقيقة بل قلنا بالتعدد و التكثر و استندنا في الحكم بالاجزاء الى ما ذكرنا من
ضم روايات «من ادرك المشعر فقد ادرك الحج» الى الاطلاق في رواية الجارية الدالة
على ان عليها الحج إذا طمثت فاللازم الحكم بلزوم تجديد نية الاحرام لان مقتضى
ذلك الدليل وجوب الحج بالبلوغ لفرض التمكن منه بسبب ادراك المشعر و هذا لا
ينافى لزوم التجديد بعد كون مقتضى القاعدة ذلك لفرض اختلاف الحقيقة و تعدد
الطبيعة و بعبارة اخرى بعد كون اللازم بحسب القاعدة تجديد النية ليس هناك ما
يدل على عدم اللزوم و الاكتفاء بالنية الاولى كما لا يخفى فالحكم في هذه الجهة
مبنى على ملاحظه دليل الاجزاء و الثمرة بين القولين تظهر في الفرعين المذكورين
في كلام السيد (قدس سره) في العروة.
الجهة الثانية في اعتبار الاستطاعة في
الاجزاء و عدمه و في هذه الجهة مباحث:
الاول في اصل اعتبار الاستطاعة و عدمه و
صريح الجواهر عدم اعتبار الاستطاعة نظرا الى اطلاق نصوص العبد و الروايات
الواردة فيه قال: و لا استبعاد في استثناء ذلك مما دل على اعتبارها فيها اى في
حجة الاسلام بل حكى عن التذكرة انه قال: «لو بلغ الصبى و اعتق العبد قبل الوقوف
او في وقته و امكنهما الاتيان بالحج وجب عليهما ذلك لان الحج واجب على الفور و
لا يجوز لهما تأخيره مع امكانه كالبالغ الحرّ خلافا للشافعى و متى لم يفعلا
الحج مع امكانه فقد استقر الوجوب عليهما سواء كانا موسرين او معسرين لان ذلك
واجب عليهما بامكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده».
و استدل السيد في العروة ـ مضافا الى اطلاق نصوص العبد ـ بانصراف ما دل على
اعتبار الاستطاعة عن المقام.
و لكن في محكى كشف اللثام جعل شرطية الاستطاعة في الاجزاء من المعلوم