(الصفحة 67)
الاختلاف بوجه فاللازم ايضا ان يقال بعدم لزوم تجديد النية اصلا.
و اما لو منعنا الغاء الخصوصية في روايات العبد و منعنا وحدة الطبيعة و اتحاد
الحقيقة بل قلنا بالتعدد و التكثر و استندنا في الحكم بالاجزاء الى ما ذكرنا من
ضم روايات «من ادرك المشعر فقد ادرك الحج» الى الاطلاق في رواية الجارية الدالة
على ان عليها الحج إذا طمثت فاللازم الحكم بلزوم تجديد نية الاحرام لان مقتضى
ذلك الدليل وجوب الحج بالبلوغ لفرض التمكن منه بسبب ادراك المشعر و هذا لا
ينافى لزوم التجديد بعد كون مقتضى القاعدة ذلك لفرض اختلاف الحقيقة و تعدد
الطبيعة و بعبارة اخرى بعد كون اللازم بحسب القاعدة تجديد النية ليس هناك ما
يدل على عدم اللزوم و الاكتفاء بالنية الاولى كما لا يخفى فالحكم في هذه الجهة
مبنى على ملاحظه دليل الاجزاء و الثمرة بين القولين تظهر في الفرعين المذكورين
في كلام السيد (قدس سره) في العروة.
الجهة الثانية في اعتبار الاستطاعة في
الاجزاء و عدمه و في هذه الجهة مباحث:
الاول في اصل اعتبار الاستطاعة و عدمه و
صريح الجواهر عدم اعتبار الاستطاعة نظرا الى اطلاق نصوص العبد و الروايات
الواردة فيه قال: و لا استبعاد في استثناء ذلك مما دل على اعتبارها فيها اى في
حجة الاسلام بل حكى عن التذكرة انه قال: «لو بلغ الصبى و اعتق العبد قبل الوقوف
او في وقته و امكنهما الاتيان بالحج وجب عليهما ذلك لان الحج واجب على الفور و
لا يجوز لهما تأخيره مع امكانه كالبالغ الحرّ خلافا للشافعى و متى لم يفعلا
الحج مع امكانه فقد استقر الوجوب عليهما سواء كانا موسرين او معسرين لان ذلك
واجب عليهما بامكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده».
و استدل السيد في العروة ـ مضافا الى اطلاق نصوص العبد ـ بانصراف ما دل على
اعتبار الاستطاعة عن المقام.
و لكن في محكى كشف اللثام جعل شرطية الاستطاعة في الاجزاء من المعلوم
(الصفحة 68)
و يظهر الاعتبار من الدروس و الروضة و غيرهما و هو الظاهر و ذلك ـ مضافا الى
منع الانصراف المتقدم ـ لان الروايات الواردة في العبد انما يكون محطّ النظر
فيها هو حيث الحرية و العبودية و في الحقيقة تكون هذه الروايات ناظرة الى ادلة
اعتبار الحرية في حجة الاسلام و ان المراد منها ليس هو اعتبارها في جميع افعال
الحج و مناسكه بل إذا تحققت قبل الوقوف بالمشعر يكفى ذلك في الاجزاء و اتصاف
حجه بكونه حجة الاسلام و لا نظر فى هذه الروايات الى سائر الشرائط المعتبرة
فيها التى منها الاستطاعة و لا اطلاق فيها بالاضافة اليها اصلا و لذا لو جنّ
بعد الانعتاق او مقارنا له لا مجال للحكم بالصحة تمسكا باطلاق الادلة و الوجه
فيه هو عدم كون محط نظرها الاّ الخصوصية الراجعة الى الحرية و الرقية و لا تكون
نافية لسائر الشرائط اصلا و عليه فلا تعارض بين روايات العبد و بين ادلة اعتبار
الاستطاعة لا بنحو العموم و الخصوص مطلقا الذى عبر عنه في الجواهر بالاستثناء
كما عرفت و لا بنحو العموم و الخصوص من وجه كما تنزل اليه في الجواهر في ذيل
كلامه و قال انه على هذا التقدير ايضا يكون الترجيح للمقام و على ما ذكرنا يكون
الظاهر هو اعتبار الاستطاعة.
الثانى ان الاستطاعة المعتبرة هل هى
الاستطاعة في حال البلوغ او الاستطاعة من اول اعمال الحج فيه وجهان بل قولان
قال في كشف اللثام: «من المعلوم ان الاجزاء عن حجة الاسلام مشروط بالاستطاعة
عند الكمال...» و المحكى عن الدروس و الروضة و غيرهما اعتبار سبق الاستطاعة و
بقائها و قد ضعف بعض الاعاظم على ما في تقريراته في شرح العروة ما افاده كاشف
اللثام نظرا الى ان اطلاق ادلة اشتراط الاستطاعة في حجة الاسلام الشامل للمقام
انما يدل على اشتراط ثبوتها من اول الاعمال الى آخرها بحيث لو فقدت في جزء منها
لم يجز عنها فان قلنا بانصراف اطلاقها عن المقام فاللازم القول بعدم اعتبارها
اصلا و ان لم نقل بالانصراف فلا بد من القول باشتراطها من اول الاعمال الى
آخرها فلا مجال للقول باشتراطها من حين
(الصفحة 69)
الانعتاق او البلوغ في المقام.
اقول ـ مضافا الى انه لا مجال لحمل روايات
العبد الدالة على الاجزاء على ما إذا كان هناك استطاعة سابقة و حين الشروع في
الاعمال إذا قلنا بان العبد لا يملك لانه لا يبقى لها مورد فتدبر و الى ما عرفت
من العلامة في التذكرة من القول بوجوب الحج على الصبى البالغ قبل الوقوف او في
وقته وجوبا فوريا يوجب تركه استقرار الوجوب من دون فرق بين ما إذا كان موسرا او
معسرا غاية الامر انه يمكنه الحج مع الاعسار ـ.
ان مقتضى روايات «من ادرك المشعر فقد ادرك الحج» بضميمة ادلة اعتبار الاستطاعة
انه من استطاع و ادرك المشعر يكون حجه حجة الاسلام و من الواضح انه لا يعتبر في
هذه الاستطاعة الاّ الاستطاعة و لو في ساعة قبل ادراك المشعر و لا مجال هنا
لدعوى لزوم كون الاستطاعة متحققة من اول اعمال الحج بحيث لو كان يأتى بالحج
بتمام افعاله و اجزائه كان مع الاستطاعة فالاستطاعة المعتبرة هى الاستطاعة عند
وجوب الحج و عليه فلا فرق بين عدم الاتيان بالاعمال السابقة على الوقوف او
الاتيان بها كما في المقام اذ لا يكون الاتيان مانعا عن تحقق حجّة الاسلام كما
لا يخفى.
الثالث ان الاستطاعة المعتبرة هل هى
الاستطاعة من البلد او الميقات؟الظاهر هو الثانى لان طىّ الطريق الى الميقات لا
يكون داخلا في الحج و لذا لو طىّ الطريق متسكعا ثم استطاع من الميقات يجب عليه
حجة الاسلام.
الجهة الثالثة قد وقع التعبير في المتن تبعا
للشرايع و بعض العبارات بادراك المشعر لكن في نصوص العبد و معقد اجماع التذكرة
و جملة من العبارات الاكتفاء في ادراك الحج بادراك احد الموقفين لا خصوص المشعر
قال في الجواهر بعد نقل ذلك: و لعله لان ادراك المشعر متأخر عن موقف عرفة
فالاجتزاء باحدهما يقتضى انه الاقصى في الادراك و لو فرض تمكنه من موقف عرفة
دون المشعر فلا يبعد عدم الاجزاء
(الصفحة 70)
ضرورة ظهور النص و الفتوى في ان كل واحد منهما مجز مع الاتيان بما بعده لا هو
نفسه.
اقول الظاهر ان الحكم من هذه الجهة لا يكون
حكما جديدا بل حال الصبى من هذه الجهة حال غيره سواء كان المستند هو الغاء
الخصوصية من الروايات الواردة في العبد او كان المستند هى الروايات الدالة على
من ادرك المشعر فقد ادرك الحج على ما عرفت اما على الثانى فواضح لعدم ورودها في
خصوص الصبى و مثله بل الحكم عام فاللازم ملاحظة ان الموجب لادراك الحج هو ادراك
خصوص المشعر او ان المناط هو ادراك احد الموقفين و سيأتى البحث فيه في محله
انشاء اللّه تعالى و اما على الاول فلان الظاهر عدم كون الروايات الواردة في
العبد ناظرة الى خصوصية للعبد من هذه الجهة بل مفادها عدم اعتبار الحرية في
تمام الاعمال و كفاية تحققها في المقدار الذى يوجب ادراك الحج كما لا يخفى.
الجهة الرابعة في ان الحكم بالاجزاء يختص
بغير حج التمتع من القران و الافراد او يعم حج التمتع بلحاظ تقدم عمرته على حجه
ايضا و في هذه الجهة بحثان:
الاول في انه هل يشمل ادلة الاجزاء حج
التمتع ام لا يمكن ان يقال بعدم الشمول نظرا الى انصرافها عن حج التمتع مع
ملاحظة تقدم عمرته على حجه و لكن الظاهر انه لا مجال لدعوى الانصراف و ثبوت
الاطلاق لتلك الادلة.
الثانى انه بعد الشمول هل يكون مقتضاها
الاجزاء بالاضافة الى العمرة الواقعة بتمامها فى حال عدم البلوغ او ان مقتضاها
هو الاجزاء بالاضافة الى الحج فقط فالمحكى عن الخلاف و التذكرة التصريح بالاول
و في محكى الدروس نسبته الى ظاهر الفتوى، و ظاهر كاشف اللثام هو الثانى قال في
محكى كشفه: «انه ـ اى الاجزاء بالاضافة الى العمرة ايضا ـ لم يساعده الدليل ان
لم يكن عليه اجماع فان ادراك احد الموقفين الاختياريين يفيد صحة الحج و العمرة
فعل اخر مفصول منه وقعت بتمامها في الصغر او الجنون كعمرة
(الصفحة 71)
مسئلة 7 ـ لو مشى الصبى الى الحج فبلغ قبل ان يحرم من الميقات و كان
مستطيعا و لو من ذلك الموضع فحجه حجة الاسلام1.
اوقعها في عام اخر فلا جهة للاكتفاء بها و إذا قيل بالعدم فيكون كمن عدل الى
الافراد اضطرارا فاذا اتم المناسك اتى بعمرة مفردة في عامه ذلك او بعده».
و قيل في تتميمه: انه يأتى بعد التمام بعمرة اخرى للتمتع في ذلك العام ان كانت
اشهر الحج باقية و يسقط الترتيب بين عمرة التمتع و حجه للضرورة و ان لم يبق
اشهر الحج اتى بالعمرة في القابل و هل يجب عليه فيه حجة اخرى وجهان: من الاصل و
من دخول العمرة فى الحج و وجوب الاتيان بهما في عام واحد على المتمتع
اقول لا ينبغى الترديد في ان المستفاد من
ادلة الاجزاء بحسب ما هو المتفاهم منها هو كفاية العمرة الواقعة في حال الصغر
او العبودية و الوجه فيه كون حج التمتع و عمرته فعلا واحدا بخلاف حج القران و
الافراد مضافا الى تقدم العمرة على الحج فبعد الالتزام بشمول ادلة الاجزاء لحج
التمتع لا يكون مفادها الا ذلك.
و من هذه الادلة العامة الشاملة لحج التمتع يظهر انه لو بلغ الصبى في اثناء
العمرة او بعدها قبل الشروع في الحج يكون عمله مجزيا عن حجة الاسلام كما إذا
بلغ في اثناء الحج قبل الوقوف بالمشعر كما لا يخفى.
1 ـ لا شبهة في كون الحج في المورد المفروض في المتن حجة الاسلام لفرض وقوعه
بتمامه في حال الكمال مع الاستطاعة و من الواضح كفاية الاستطاعة من موضع
الاحرام و عدم لزوم ثبوتها من البلد بعد كون طى الطريق مقدمة لا دخل له في اصل
الحج و المفروض الاتيان به في حال الصغر فهو كمن طى الطريق متسكعا ثم استطاع في
موضع الاحرام فانه لا شبهة في وجوب الحج عليه.
و الذى ينبغى التعرض له في هذه المسئلة فرعان:
الاول الفرع الذى لم ار من تعرض له و هو ما
إذا كان الصبى مستطيعا في البلد و لكنه غير بالغ و يعلم بانه سيصير بالغا قبل
الاحرام و في المدينة ـ مثلا ـ لتمامية
|