(الصفحة 78)
و ظاهرها انه لا يتحقق منه الحج صحيحا و لذا حملها الشيخ (قدس سره) على عدم اذن
مولاه قال في الوسائل: و يحتمل الحمل على نفى الوجوب.
الطائفة الثانية ما يدل على لزوم اعادة الحج
على المملوك بعد الانعتاق فلو لم تكن الحرية شرطا لوجوب حجة الاسلام لما كان
وجه للزوم الاعادة كما هو ظاهر هذه الطائفة مثل: و رواية على بن جعفر عن اخيه
موسى بن جعفر (عليهما السلام)قال المملوك إذا حج ثم اعتق فان عليه اعادة الحج.(1)
رواية مسمع بن عبد الملك عن ابى عبد اللّه (عليه السلام)قال لو ان مملوكا (عبدا
خ ل) حج عشر حجج ثم اعتق كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع الى ذلك سبيلا(2)
و رواية عبد اللّه بن سنان عن ابى عبد اللّه (عليه السلام) قال المملوك إذا حج
و هو مملوك ثم مات قبل ان يعتق اجزأه ذلك الحج فإن اعتق اعاد الحج.(3)
و غير ذلك من الروايات الواردة في هذه الجهة.
الطائفة الثالثة ما تدل على ان المملوك إذا
حج فادرك احد الموقفين معتقا اجزأه عن حجة الاسلام فلو لم تكن الحرية شرطا لما
كان وجه للزوم ادراكه معتقا كما لا يخفى و هذه الطائفة هى الروايات التى استند
اليها للقول بالاجزاء في بعض المسائل المتقدمة في الصبى الذى بلغ و ادرك المشعر
او احد الموقفين و قد تقدم نقل بعض رواياتها و نضيف اليه رواية معاوية بن عمار
قال قلت لابى عبد اللّه (عليه السلام) مملوك اعتق يوم عرفة قال إذا ادرك احد
الموقفين فقد ادرك الحج(4) فلا اشكال بعد ملاحظة هذه الطوائف في
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 3
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 5
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السادس عشر ح ـ 4
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب السابع عشر ح ـ 2
(الصفحة 79)ثالثها الاستطاعة من حيث المال و صحة البدن و قوته و تخلية السرب و
سلامته، وسعة الوقت و كفايته.1
مسئلة ـ 9 لا تكفى القدرة العقلية في وجوبه بل يشترط فيه الاستطاعة
الشرعية و هى الزاد و الراحلة و سائر ما يعتبر فيها، و مع فقدها لا يجب و لا
يكفى عن حجة الاسلام من غير فرق بين القادر عليه بالمشى مع الاكتساب بين الطريق
و غيره، كان ذلك مخالفا لزيه و شرفه ام لا، و من غير فرق بين القريب و البعيد2 .
اعتبار الحرية اصلا.
1 ـ ذكر في الجواهر في وصف الاستطاعة قوله: التى هى شرط في الوجوب باجماع
المسلمين و النص في الكتاب المبين و المتواتر من سنة سيد المرسلين بل لعل ذلك
من ضروريات الدين كاصل وجوب الحج.
و الظاهر ـ كما نبهنا عليه مرارا ـ ان مراده من كون اعتبار الاستطاعة في وجوب
الحج ضروريا من الدين هو ضرورى الفقه لا ضرورى الاسلام و كيف كان فلا شبهة في
اعتبار الاستطاعة في وجوب الحج بل وقع التعرض في اية الحج لهذا الشرط فقط في
قوله تعالى: من استطاع اليه سبيلا و اما المراد من الاستطاعة و شمولها للامور
المذكورة في المتن فسيأتى التعرض للتفصيل في ضمن المسائل الآتية انشاء اللّه
تعالى
2 ـ فى هذه المسئلة جهات من الكلام:
الجهة الاولىلا اشكال في ان الشرط في وجوب
الحج بمقتضى النصوص الآتية المفسرة للاستطاعة و المبينة لما يشترط في وجوب الحج
من هذه الناحية هى الاستطاعة الشرعية بمعنى الزاد و الراحلة و سائر ما يعتبر
فيها انما الاشكال في انه لو لا تلك النصوص و كان الدليل منحصرا بالاية الظاهرة
في اعتبار الاستطاعة فهل كان مفادها هى الاستطاعة و القدرة العقلية المعتبرة في
جميع الواجبات فتكون الاية ارشادا الى حكم العقل و لا دلالة لها على ازيد مما
هو معتبر في سائر التكاليف او ان مفادها هى
(الصفحة 80)
الاستطاعة العرفية التى هى اضيق من الاستطاعة العقلية؟فيه وجهان ذهب الى الاول
بعض الاعاظم في شرح العروة و كذا بعض الاعلام في شرحه عليها و الظاهر هو الوجه
الثانى نظرا الى ان الاستطاعة إذا اخذت في الدليل الشرعى يكون المرجع فيها هو
العرف كسائر العناوين المأخوذة في ادلة الاحكام فكما ان الحاكم و المرجع في
تشخيص الدم في قوله الدم نجس يكون هو العرف و هو لا يرى اللون الضعيف الباقى
بعد غسله مرات ـ مثلا ـ دما بل يحكم بطهارته مع ان العقل يرى بقاء اللون و لو
بمرتبة ضعيفة كاشفا عن بقاء الدم فكذلك المرجع في تشخيص الاستطاعة المأخوذة في
الدليل هو العرف لا العقل و على ما ذكرنا فلو كان الدليل منحصرا بالاية الشريفة
لكان مفادها اعتبار الاستطاعة العرفية و يؤيده انه لو كان المراد هى الاستطاعة
العقلية لما كان وجه لتخصيص وجوب الحج من بين الواجبات بها و لو كان بنحو
الارشاد كما لا يخفى.
الجهة الثانية لا شبهة في اعتبار الراحلة في
الاستطاعة الشرعية بالاضافة الى البعيد في الجملة و لا خلاف فيه حتى من العامة
انما الاشكال في انه هل يختص اعتبار وجود الراحلة بصورة الحاجة اليها لعدم
قدرته على المشى او كونه مشقة عليه او منافيا لشرفه او يشترط مطلقا و لو مع عدم
الحاجة اليها؟حكى عن الشيخ (قدس سره) في الخلاف الاجماع على عدم الفرق بين من
اطاق المشى و غيره في اعتبار الراحلة و يظهر من المدارك عدم العلم بوجود القائل
بعدم اعتبار الراحلة في حق البعيد إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة و لكن
قال في المستند: يمكن استفادة التفصيل بين المحتاج الى الراحلة و غيره من كلام
جماعة قيدوها بالاحتياج و الافتقار و كيف كان فمنشأ الخلاف او توهمه اختلاف
الاخبار الواردة في الباب فطائفة كثيرة منها دالة باطلاقها على ما ذهب اليه
المشهور:
منها صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال سئل
حفص الكناسى ابا عبد اللّه ـ (عليه السلام) ـ و انا عنده عن قول اللّه ـ عز و
جل ـ و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه
(الصفحة 81)
سبيلا ما يعنى بذلك قال: من كان صحيحا في بدنه مخلّى سربه له زاد و راحلة فهو
ممّن يستطيع الحج او قال: ممّن كان له مال فقال له حفص الكناسى فاذا كان صحيحا
في بدنه مخلى في سربه له زاد و راحلة فلم يحج فهو ممّن يستطيع الحج؟ قال: نعم.(1)
و منها صحيح هشام بن الحكم عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) في قوله عز و جل و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا
ما يعنى بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلّى سربه له زاد و راحلة.(2)
و منها رواية السكونى عن ابى عبد اللّه
(عليه السلام) قال سئله رجل من اهل القدر فقال يابن رسول اللّه اخبرنى عن قول
اللّه عز و جل و للّه على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا أليس قد جعل لهم
الاستطاعة؟فقال: ويحك انما يعنى بالاستطاعة الزادوا الراحلة ليس استطاعة البدن
الحديث.(3) و الظاهر ان المراد باستطاعة البدن هى صحة الجسم و
المراد من نفيه نفى كونه معتبرا فقط كما لا يخفى.
و منها خبر الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه
السلام) في كتابه الى المأمون قال: و حج البيت فريضة على من استطاع اليه سبيلا
و السبيل الزاد و الراحلة مع الصحة.(4)
و منها غير ذلك من الروايات الظاهرة
باطلاقها في اعتبار الراحلة و انها من المراد بالاستطاعة المذكورة في الآية.
و في مقابلها روايات يمكن الاستدلال بها على ان اعتبار الراحلة مقيد بصورة
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 4
-
2 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 7
-
3 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 5
-
4 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب الثامن ح ـ 6
(الصفحة 82)
الحاجة اليها و هى ايضا كثيرة:
منها صحيحة محمد بن مسلم في حديث قال قلت
لابى جعفر (عليه السلام) فان عرض عليه الحج فاستحيى؟قال هو ممن يستطيع الحج و
لم يستحيى و لو على حمار اجدع ابتر قال فان كان يستطيع ان يمشى بعضا و يركب
بعضا فليفعل.(1)
و الاستدلال بها مبنى على ان يكون المراد من قوله و لم يستحيى الخ هو الاعتراض
على استحيائه نظرا الى انه لو كانت الراحلة المعروضة عليه هو حمارا اجدع ابتر
لكان اللازم عليه القبول لتحقق الاستطاعة التى هى شرط في وجوب الحج بذلك بل
يستفاد من الذيل انه لو كان قادرا على ان يمشى بعضا و يركب بعضا لكان يكفى في
تحققها و ثبوت الوجوب عليه و بما ان القدرة على مشى البعض لا خصوصية لها
فيستفاد منها ان القدرة على مشى كل الطريق كافيه في ثبوت الوجوب لتحقق
الاستطاعة و يظهر من صاحب الوسائل حمل الرواية على هذا المعنى حيث جعل عنوان
الباب: وجوب الحج على من بذل له زادو راحلة و لو حمارا و وجوب قبوله....
و لكن الظاهر ان المراد من قوله: و لم يستحيى بعد الحكم بانه ممن يستطيع الحج
انه لو عرض عليه الحج فاستحيى و لم يحج فهو ممن ترك الحج بعد الاستطاعة و الحكم
فيه انه يستقر عليه الحج و لازمه الاتيان بالحج و لو على حمار اجدع ابتر و عليه
فالذيل ايضا راجع الى هذه الصورة و من المعلوم انه في هذا الفرض إذا كان قادرا
على المشى يجب عليه ان يحج و لو ماشيا كما سيأتى انشاء للّه تعالى في بحث
الاستقرار.
نعم لو قلنا بعدم ظهور الرواية في هذا المعنى فلا اقل من عدم ظهورها في المعنى
الاول الذى عليه يبتنى الاستدلال فلا تصلح الرواية للنهوض في مقابل الروايات
المتقدمة.
-
1 ـ ئل ابواب وجوب الحج و شرائطه الباب العاشر ح ـ 1