(الصفحة 240)
مسألة 22 : للتجارة والتكسّب آداب مستحبّة ومكروهة :
أمّا المستحبّة: فأهمّها: الإجمال في الطلب والاقتصاد فيه بحيث لا يكون مضيّعاً ولا حريصاً .
ومنها : إقالة النادم في البيع والشراء لو استقاله .
ومنها : التسوية بين المتبايعين في السعر، فلا يفرّق بين المماكس وغيره، بأن يقلّل الثمن للأوّل ويزيده للثاني . نعم ، لابأس بالفرق بسبب الفضل والدِّين ونحو ذلك ظاهراً .
ومنها : أن يقبض لنفسه ناقصاً ويُعطي راجحاً1.
1 ـ يدلّ على استحباب الإجمال في الطلب والاقتصار فيه بالنحو المذكور في المتن رواية عبدالله بن سليمان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : إنّ الله ـ عزّوجلّ ـ وسّع في أرزاق الحمقى ليعتبر العقلاء، ويعلموا أنّ الدُّنيا ليس ينال ما فيها بعمل ولا حيلة(1) .
ومرسلة ابن فضّال، عمّن ذكره، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيّع، ودون طلب الحريص الراضي بدنياه، المطمئنّ إليها ، ولكن أنزل
- (1) الكافي 5: 82 ح10، تهذيب الأحكام 6: 322 ح884، وعنهما وسائل الشيعة 17: 48، كتاب التجارة، أبواب مقدّماتها ب13 ح1 والوافي 17: 55 ح16850.
- وفي مرآة العقول 19: 30 ح10 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 258 ح5 عن التهذيب.
- وفي بحار الأنوار 103: 28 ح47 ومستدرك الوسائل 13: 33 ح14663 عن علل الشرائع: 92 ب83ح1.
- وفي بحار الأنوار 103: 34 ذح 63 عن تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1: 14، وفي ص35 ح70 عن التمحيص: 53 ح102.
(الصفحة 241)
نفسك من ذلك بمنزلة المنصف (النصف خ ل) المتعفّف، ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف، وتكسب ما لابدّ للمؤمن منه ، إنّ الذين اُعطوا المال ثمّ لم يشكروا
لا مال لهم(1) .
وغير ذلك من الروايات(2) التي تدلّ على ما ذكر . ومن المعلوم أنّه لا حاجة
إلى ملاحظة أسانيدها بعد وجود قاعدة التسامح في أدلّة السنن المحرّرة
في الاُصول .
ويدلّ على استحباب الإقالة رواية هارون بن حمزة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أيّما عبد أقال مسلماً في بيع، أقاله الله عثرته يوم القيامة(3) .
ومرسلة الصدوق عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : أيّما مسلم أقال مسلماً بيع ندامة أقاله الله ـ عزّوجلّ ـ عثرته يوم القيامة(4) .
وغير ذلك من الروايات التي ورد في بعضها إقالة النادم من دون التقييد
- (1) الكافي 5: 81 ح8 ، تهذيب الأحكام 6: 322 ح882، وعنهما وسائل الشيعة 17: 48، كتاب التجارة، أبواب مقدّماتها ب13 ح3 والوافي 17: 53 ح16848.
- وفي مرآة العقول 19: 27 ح8 عن الكافي.
- وفي بحار الأنوار 103: 33 ح63 عن تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1: 13، وفي ص36 ح75 عن التمحيص :54 ح107.
- (2) وسائل الشيعة 17: 48 ـ 51، كتاب التجارة، أبواب مقدّماتها ب13 والوافي 17: 51 ـ 57 ب5 وبحار الأنوار 103: 18 ـ 40 ب2.
- (3) الكافي 5: 153 ح16، الفقيه 3: 122 ح526، مصادقة الإخوان 178 ب31 ح1، تهذيب الأحكام 7: 8 ح26، وعنها وسائل الشيعة 17: 386، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب3 ح2.
- وفي الوافي 17: 440 ح17595 عن الكافي والتهذيب والفقيه.
- (4) المقنع: 299، وعنه وسائل الشيعة 17: 387، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب3 ح4.
(الصفحة 242)
بالمسلم(1) ، كما أنّ التقييد بالبيع كما في المتن وإن كان موجوداً في أكثر الروايات، إلاّ أنّ بعضها خال عنه .
ويدلّ على استحباب التسوية بين المتبايعين من دون فرق بين المماكس وغيره، رواية عامر بن جذاعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنّه قال في رجل عنده بيع فسعّره سعراً معلوماً، فمن سكت عنه ممّن يشتري منه باعه بذلك السعر ، ومن ماكسه وأبى أن يبتاع منه زاده، قال: لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس، فأمّا أن يفعله بمن أبى عليه وكايسه ويمنعه من لم يفعل فلايعجبني إلاّ أن يبيعه بيعاً واحداً(2).
واستدرك في المتن ما إذا كان الفرق وعدم التسوية لأجل الفضل أو الدِّين أو السيادة أو الفقر أو مثلها دون المماكسة ، والوجه فيه: رجحان ملاحظة هذه الاُمور في نفسها .
ويدلّ على استحباب الأخير رواية السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : مرَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) على جارية قد اشترت لحماً من قصّاب وهي تقول : زدني ، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) : زدها فإنّه أعظم للبركة(3) .
- (1) الخصال: 224 ح55، وعنه وسائل الشيعة 17: 387، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب3 ح5، وج20: 46، كتاب النكاح، أبواب مقدّماته وآدابه ب12 ح4، وبحار الأنوار 7: 269 ح48، وج75: 19 ح13، وج103: 96 ح24، وج104: 193 ح3.
- (2) الكافي 5: 152 ح10، تهذيب الأحكام 7: 8 ح25، وعنهما وسائل الشيعة 17: 398، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب11 ح1.
- وفي الوافي 17: 456 ح17628 ومرآة العقول 19: 136 ح10 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 465 ح25 عن التهذيب.
- (3) الكافي 5: 152 ح8، تهذيب الأحكام 7: 7 ح20، الفقيه 3: 122 ح524، وعنها وسائل الشيعة 17: 392، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب7 ح1، والوافي 17: 485 ح17687، وروضة المتّقين 7: 19.
- وفي بحار الأنوار 41: 129 ح39 ومرآة العقول 19: 136 ح8 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 463 ح20 عن التهذيب.
(الصفحة 243)
ومرسلة إسحاق بن عمّار قال : قال: من أخذ الميزان بيده فنوى أن يأخذ
لنفسه وافياً لم يأخذ إلاّ راجحاً ، ومن أعطى فنوى أن يُعطي سواء،
لم يعط إلاّ ناقصاً(1) . وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال (2)،
فراجع .
- (1) الكافي 5: 159 ح2، الفقيه 3: 123 ح534، تهذيب الأحكام 7: 11 ح46، وعنها وسائل الشيعة 17: 393، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب7 ح5، والوافي 17: 485 ح17681.
- وفي مرآة العقول 19: 147 ح2 عن الكافي.
- وفي روضة المتّقين 7: 25 ـ 26 عن الفقيه.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 475 ح46 عن التهذيب.
- (2) وسائل الشيعة 17: 392 ـ 394، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب7 ، والوافي 17: 483ـ 486 ب76.
(الصفحة 244)
وأمّا المكروهة، فأُمور:
منها : مدح البائع لمتاعه .
ومنها : ذمّ المشتري لما يشتريه .
ومنها : اليمين صادقاً على البيع والشراء .
ومنها : البيع في موضع يستتر فيه العيب .
ومنها : الربح على المؤمن إلاّ مع الضرورة، أو كان الشراء للتجارة، أو كان اشتراؤه للمتاع أكثر من مائة درهم; فإنّ ربح قوت اليوم منه غير مكروه .
ومنها : الربح على من وعده بالإحسان إلاّ مع الضرورة .
ومنها : السوم ما بين الطلوعين .
ومنها : الدخول في السوق أوّلاً والخروج منه آخراً .
ومنها : مبايعة الأدنين الذين لايبالون بما قالوا وما قيل لهم .
ومنها : التعرّض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه .
ومنها : الاستحطاط من الثمن بعد العقد .
ومنها : الدخول في سوم المؤمن على الأظهر. وقيل بالحرمة، ولا يكون منه الزيادة فيما إذا كان المبيع في المزايدة1.
1 ـ يدلّ على كراهة مدح البائع لما يبيعه وكذا ذمّ المشتري لما يشتريه روايات :
منها : رواية السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : من باع واشترى فليحفظ خمس خصال، وإلاّ فلا يشترينّ ولا يبيعنّ : الربا، والحلف، وكتمان العيب، والحمد إذا باع، والذمّ إذا اشترى(1) .
- (1) الكافي 5: 150 ح2، تهذيب الأحكام 7: 6 ح18، الفقيه 3: 120 ح515، الخصال: 285 ح38، وعنها وسائل الشيعة 17: 383، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب2 ح2.
- وفي الوافي 17: 437 ح17586 عن الكافي والتهذيب والفقيه.
- وفي بحار الأنوار 103: 95 ح18 عن الخصال.