(الصفحة 161)
تماثيل سبع، أو طير أيصلّى فيه؟ قال : لابأس(1) .
وعنه عن أخيه (عليه السلام) قال: سألته عن البيت فيه صورة سمكة، أو طير، أو شبهها، يعبث به أهل البيت، هل تصلح الصلاة فيه؟ قال : لا حتّى يقطع رأسه منه ويفسد(2) .
والظاهر منها فرض ما إذا كانت الصورة مجسّمة وإن كانت دلالة ما قبلهما ولو بالإطلاق على هذه الصورة التي هي مورد الفرض محلّ إشكال بل منع، كما لايخفى .
وروايات متعدّدة واردة في موارد مختلفة يظهر من الجميع عدم الحرمة وثبوت الكراهة في البيت، إمّا مطلقاً، أو في خصوص حال الصلاة(3) .
فانقدح من جميع ما ذكرنا أنّ الأقوى ما عليه المتن من الجواز بالإضافة إلى الاُمور المذكورة فيه .
نعم ، ينبغي التنبيه على أمر; وهو أنّه على فرض القول بالحرمة، فالظاهر أنّ الحرام هو الاقتناء والبيع والشراء . وأمّا النظر المجرّد فلا دليل على تحريمه، بل الظاهر عدم التزام القائل بالحرمة في الأمرين، بها في النظر، وإلاّ فيشكل الأمر ; لوجود الابتلاء به في السفر إلى بعض البلدان الداخليّة والخارجيّة، بل في الاُمور
- (1) قرب الإسناد: 211 ح827 ، مستطرفات السرائر : 123 ح2، وعنهما وسائل الشيعة 4: 442، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب45 ح23.
- وفي ج5: 173، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب32 ذ ح 10 والبحار 83 : 252 ح20 عن القرب.
- (2) المحاسن 2: 459 ح2587، قرب الإسناد: 185 ح690، وعنهما وسائل الشيعة 4: 441، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي ب45 ح18، وج5: 173، كتاب الصلاة، أبواب مكان المصلّي ب32 ح12، وبحار الأنوار 79: 288 ح14 وج83 : 288 ملحق ح1.
- (3) راجع وسائل الشيعة 5: 170 ـ 174، كتاب الصلاة ، أبواب مكان المصلّي ب32 وغيره ، وقد ذكرنا بعض مواردها في ص147.
(الصفحة 162)
المصنوعة للصغار بعنوان أسباب اللعب من المجسّمات الكثيرة الشائعة، وإن كان أصل إحداثها ولو في المعامل الكبيرة مع أدوات خاصّة ومكائن مخصوصة محرّماً ـ على ما هو المفروض من كونه بعنوان المجسّمة، كما لايخفى ـ إلاّ في موارد يكون إيجادها في الخارج بأيدي الكفّار والشراء منهم للغرض المذكور أو مثله، فتدبّر جيّداً .
ثمّ إنّه ربما يتخيّل كما في بعض المقالات المنسوبة إلى بعض الماضين من الفضلاء رحمه الله ـ تعالى ـ أنّه لا يكون إيجاد صورة ذات الروح محرّماً ولو كان بنحو التجسيم; نظراً إلى ما اشتهر(1) من سيّدنا الاُستاذ الماتن (قدس سره) من أنّ لعنصريّ الزمان والمكان دخلاً في استنباط الحكم والوصول إلى ما هو الحقّ .
وفي المقام يقال : إنّ الأخبار وإن كان مفادها الحرمة في الصورة المذكورة، إلاّ
أنّه حيث كانت الأصنام المتداولة في الجاهليّة صور ذوات الأرواح المختلفة غالباً، يبدو في النظر أنّ الحكم بالحرمة في الصورة المذكورة إنّما هو لأجل أن لا يرجعوا إلى ما كان عليه أهل الجاهليّة . ومن المعلوم انتفاء هذا الوجه في مثل
زماننا الذي لا تكون عبادة الأصنام معمولة ولا يكون الزمان قريباً إلى ذلك
الزمان ، مع أنّ الظاهر أنّ مدخليّة العنصرين إنّما هي في صورة تبدّل عنوان الموضوع، كالشطرنج الذي كانت آلة للقمار، والآن وسيلة لارتقاء الفكر وخارجاً عن آلية القمار .
مضافاً إلى أنّ ما دلّ على حرمة المجسّمة من ذوات الأرواح صادر عن
(الصفحة 163)
الصادقين(عليهما السلام)(1)، والفصل بينهما، وبين زمان الجاهليّة يكون أزيد من مائة وخمسين سنة، فكيف يجوز حمل رواياتهما على ما ذكر ، فتدبّر جيّداً.
وإلى أنّ الأمر التعجيزي يوم القيامة بالنفخ لا يلائم ما ذكره .
- (1) راجع وسائل الشيعة 5: 303 ـ 308، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساكن ب3، وج17: 295ـ 298 كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب94.
(الصفحة 164)حرمة الغناء
مسألة 13 : الغناء حرام فعله وسماعه والتكسّب به، وليس هو مجرّد تحسين الصوت، بل هو مدّه وترجيعه بكيفيّة خاصّة مطربة تناسب مجالس اللهو، ومحافل الطرب، وآلات اللهو والملاهي ، ولا فرق بين استعماله في كلام حقّ; من قراءة القرآن والدعاء والمرثية، وغيره من شعر أو نثر ، بل يتضاعف عقابه لو استعمله فيما يُطاع به الله تعالى .
نعم ، قد يستثنى غناء المغنّيات في الأعراس، وهو غير بعيد، ولا يترك الاحتياط بالاقتصار على زفّ العرائس والمجلس المعدّ له مقدّماً ومؤخّراً، لا مطلق المجالس ، بل الأحوط الاجتناب مطلقاً1.
1 ـ يقع الكلام في هذه المسألة في مقامات :
المقام الأوّل : في حكم الغناء من حيث حرمة الفعل، والسماع، والتكسّب به وعدمه ، ويدلّ على الحرمة ـ مضافاً إلى دعوى الإجماع عليها من أصحابنا الإماميّة وفقهائنا ، بل دعوى الضرورة الدينيّة من جملة من الأجلاّء(1)وإن نوقش(2) فيها بعدم دلالة مثلها على الكشف عن رأي المعصوم (عليه السلام) بعد وجود روايات مستفيضة في تفسير جملة من الآيات الكريمة الآتية ، بل ادّعاء التواتر من محكي الإيضاح(3) ـ طائفة من الآيات :
منها : قوله ـ تعالى ـ {وَ اجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ}(4)، حيث وردت في تفسيره
- (1) رياض المسائل 8 : 62 ، جواهر الكلام 22: 44، مستند الشيعة 14: 126.
- (2) المناقش هو السيّد الخوئي في مصباح الفقاهة 1: 477.
- (3) إيضاح الفوائد 1: 405.
- (4) سورة الحجّ 22: 30.
(الصفحة 165)
روايات، مثل :
صحيحة زيد الشحّام قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قوله ـ عزّوجلّ ـ : {وَ اجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ}قال : قول الزور: الغناء(1) .
ومرسلة ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله ـ تعالى ـ : {وَ اجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ} قال : قول الزور: الغناء(2) .
ورواية أبي بصير ـ التي في طريقها سهل بن زياد ـ قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله ـ عزّوجلّ ـ : {فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَـنِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ} قال: الغناء(3).
وما عن تفسير علي بن إبراهيم ـ صحيحاً ـ عن هشام، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قوله ـ تعالى ـ : {فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الاَْوْثَـنِ وَ اجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ} قال : الرجس من الأوثان: الشطرنج ، وقول الزور: الغناء(4) .
وبعض آخر من الروايات الواردة في تفسير الآية (5) وإن كان الأمر بالاجتناب
- (1) الكافي 6: 435 ح2، الفقيه 4: 41 ح135، وعنهما وسائل الشيعة 17: 303، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح2 وص318 ب102 ح1.
- وفي بحارالأنوار 79: 244 ح17 عن أمالي الطوسي 294 ح575 بسند آخر عن الصادق (عليه السلام) .
- (2) الكافي 6: 436 ح7، وعنه وسائل الشيعة 17: 305، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح8 وص318 ب103 ح3، ومرآة العقول 22: 308 ح7، و رواه في بحار الأنوار 67: 135 مرسلاً.
- (3) الكافي 6: 431 ح1، وعنه وسائل الشيعة 17: 305، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح9، ومرآة العقول 22: 300 ح1.
- (4) تفسير القمّي 2: 84 ، وعنه وسائل الشيعة 17: 310، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ح26.
- (5) وسائل الشيعة 17: 303 ـ 310، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب99 ، وبحار الأنوار 79: 239ـ 247 ب99 وغيرهما.