(الصفحة 244)
وأمّا المكروهة، فأُمور:
منها : مدح البائع لمتاعه .
ومنها : ذمّ المشتري لما يشتريه .
ومنها : اليمين صادقاً على البيع والشراء .
ومنها : البيع في موضع يستتر فيه العيب .
ومنها : الربح على المؤمن إلاّ مع الضرورة، أو كان الشراء للتجارة، أو كان اشتراؤه للمتاع أكثر من مائة درهم; فإنّ ربح قوت اليوم منه غير مكروه .
ومنها : الربح على من وعده بالإحسان إلاّ مع الضرورة .
ومنها : السوم ما بين الطلوعين .
ومنها : الدخول في السوق أوّلاً والخروج منه آخراً .
ومنها : مبايعة الأدنين الذين لايبالون بما قالوا وما قيل لهم .
ومنها : التعرّض للكيل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم يحسنه .
ومنها : الاستحطاط من الثمن بعد العقد .
ومنها : الدخول في سوم المؤمن على الأظهر. وقيل بالحرمة، ولا يكون منه الزيادة فيما إذا كان المبيع في المزايدة1.
1 ـ يدلّ على كراهة مدح البائع لما يبيعه وكذا ذمّ المشتري لما يشتريه روايات :
منها : رواية السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : من باع واشترى فليحفظ خمس خصال، وإلاّ فلا يشترينّ ولا يبيعنّ : الربا، والحلف، وكتمان العيب، والحمد إذا باع، والذمّ إذا اشترى(1) .
- (1) الكافي 5: 150 ح2، تهذيب الأحكام 7: 6 ح18، الفقيه 3: 120 ح515، الخصال: 285 ح38، وعنها وسائل الشيعة 17: 383، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب2 ح2.
- وفي الوافي 17: 437 ح17586 عن الكافي والتهذيب والفقيه.
- وفي بحار الأنوار 103: 95 ح18 عن الخصال.
(الصفحة 245)
والنهي محمول على الكراهة، ولايكون ذكر الربا قرينة على الحرمة، وإلاّ يلزم حرمة الحلف وإن كان صادقاً ، مع أنّه من المعلوم خلافه ، والراوي عن السكوني هو النوفلي الذي هو من ثقات تفسير عليّ بن إبراهيم .
والرواية بإطلاقها تدلّ على كراهية الحلف صادقاً في البيع والشراء ، وهنا روايات كثيرة اُخرى بعضها صريح في الحلف صادقاً وحرمة الحلف كاذباً(1) .
وأمّا البيع في موضع يستتر فيه العيب، فيدلّ على كراهته رواية هشام بن الحكم قال : كنت أبيع السابري(2) في الظلال فمرّ بي أبو الحسن الأوّل (عليه السلام) راكباً، فقال لي : يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ، والغشّ لا يحلّ(3) . بناءً على أنّه لا خصوصيّة للظلّ إلاّ جهة ستره .
ثمّ إنّه لا ينافي استفادة الكراهة من الرواية، مع ما مرّ منّا من دلالتها على حرمة الغشّ ; لأنّ الظاهر أنّ تطبيق عنوان الغشّ على المورد إنّما هو على سبيل المسامحة ، ولذا نقول فيها بالكراهة ، فتدبّر .
وأمّا كراهية الربح على المؤمن إلاّ في الموارد الثلاثة المذكورة في المتن، فيدلّ
- (1) وسائل الشيعة 17: 382 ـ 385، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب2 وص419 ـ 421 ب25.
- (2) السابري: ضرب من الثياب الرِّقاق تعمل بسابور، موضع بفارس، مجمع البحرين 2: 808.
- (3) الكافي 5: 160 ح6، الفقيه 3: 172 ح770، تهذيب الأحكام 7: 13 ح54، وعنها وسائل الشيعة 17: 466، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب58 ح1، والوافي 17: 467 ح17650، وروضة المتّقين 7: 265.
- وفي مرآة العقول 19: 149 ح6 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 477 ح54، عن التهذيب.
(الصفحة 246)
عليها ـ سوى الضرورة التي لا مجال لاحتمال الكراهة فيهاـ رواية سلمان بن صالح وأبي شبل جميعاً، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مائة درهم، فاربح عليه قوت يومك، أو يشتريه للتجارة، فاربحوا عليهم وارفقوا بهم(1) .
والروايات الكثيرة الاُخرى(2) .
ويدلّ على كراهية الربح على من وعده بالإحسان رواية علي بن عبدالرحيم، عن رجل، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سمعته يقول : إذا قال الرجل للرجل هلمّ أحسن بيعك، يحرم عليه الربح(3) .
وذكر صاحب الوسائل أنّه حمله بعض الأصحاب على الكراهة(4) ، وغير ذلك من الروايات(5) الاُخر .
- (1) الكافي 5: 154 ح22، تهذيب الأحكام 7: 7 ح23، الاستبصار 3: 69 ح232، وعنها وسائل الشيعة 17: 396، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب10 ح1.
- وفي الوافي 17: 458 ح17634، ومرآة العقول 19: 140 ح22 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 464 ح23 عن التهذيب.
- (2) وسائل الشيعة 17: 396 ـ 398، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب10.
- (3) الكافي 5: 152 ح9، تهذيب الأحكام 7: 7 ح21، الفقيه 3: 173 ح774، وعنها وسائل الشيعة 17: 395، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب9 ح1، والوافي 17: 457 ـ 458 ح17632 و17633، وروضة المتّقين 7: 268.
- وفي مرآة العقول 19: 136 ح9 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 10: 464 ح21 عن التهذيب.
- (4) شرائع الإسلام 2: 20، مسالك الأفهام 3: 185، الحدائق الناضرة 18: 25، رياض المسائل 8 : 160، جواهر الكلام 22: 456، ومفتاح الكرامة 12: 437.
- (5) وسائل الشيعة 17: 395 ـ 396، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب9.
(الصفحة 247)
وأمّا السوم ما بين الطلوعين، فيدلّ على حكمه قول النبيّ(صلى الله عليه وآله) في مرفوعة علي ابن اسباط ونهيه عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس(1) .
وأمّا الدخول في السوق أوّلاً والخروج منه آخراً، فيدلّ على حكمه مثل مرسلة الصدوق المعتبرة قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : جاء أعرابيّ من بني عامر إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) فسأله عن شرّ بقاع الأرض وخير بقاع الأرض ؟
فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) : شرّ بقاع الأرض الأسواق; وهي ميدان إبليس، يغدو برايته، ويضع كرسيّه، ويبثّ ذرّيته، فبين مطفّف في قفيز، أو سارق في ذراع، أو كاذب في سلعة ، فيقول: عليكم برجل مات أبوه وأبوكم حيّ، فلا يزال مع ذلك أوّل داخل وآخر خارج .
ثمّ قال (عليه السلام) : وخير البقاع المساجد، وأحبّهم إلى الله أوّلهم دخولاً وآخرهم خروجاً منها(2) .
وأمّا كراهة مبايعة الأدنين، فلم أظفر فيها برواية دالّة عليها بعد الفحص بالمقدار اللازم في الوسائل، إلاّ أنّ الاعتبار يساعدها; لعدم الاعتماد على أقوالهم وتعهّداتهم بالنسبة إلى الثمن والمثمن، أو الجهات الاُخرى المتعلِّقة بالمبايعة، كما لايخفى .
- (1) الكافي 5: 152 ح13، الفقيه 3: 122 ح529، تهذيب الأحكام 7: 8 ح28، وعنها وسائل الشيعة 17: 399، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب12 ح2، والوافي 17: 445 ح17610، وروضة المتّقين 7: 22.
- (2) الفقيه 3: 124 ح539، معاني الأخبار: 168 ح1، وعنهما وسائل الشيعة 5: 293، كتاب الصلاة، أبواب أحكام المساجد: ب68 ح1، وج17: 468، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب60 ح1.
- وفي بحار الأنوار 84 : 11 ح87 وج103: 97 ح228 عن المعاني.
- وفي روضة المتّقين 7: 28 ـ 36 عن الفقيه.
(الصفحة 248)
وأمّا كراهية التعرّض للكيل أو الوزن أو مثلهما إذا لم يحسنه، فيدلّ عليه مرسلة مثنّى الحنّاط، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : قلت له : رجل من نيّته الوفاء وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل ، قال : فما يقول الذين حوله؟ قلت : يقولون: لا يوفي ، قال : هذا(1) لا ينبغي له أن يكيل(2) .
ويدلّ على كراهة الاستحطاط من الثمن بعد العقد رواية إبراهيم الكرخي (الكلابي خ ل) قال : اشتريت لأبي عبدالله (عليه السلام) جارية ، فلمّا ذهبت أنقدهم قلت : أستحطّهم؟ قال : لا ، إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة(3) .
وأمّا الدخول في سوم المؤمن، فقد جعل الأظهر الكراهة ونسب الحرمة إلى القيل ، ومنشأ الخلاف ما ورد في حديث المناهي عن الصادق، عن آبائه (عليهم السلام) قال : ونهى رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم(4) .
- (1) في الفقيه: هو ممّن، بدل «هذا».
- (2) الكافي 5: 159 ح4، تهذيب الأحكام 7: 12 ح47، الفقيه 3: 123 ح533، وعنها وسائل الشيعة 17: 394، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب8 ح1، والوافي 17: 484 ح17683 و 17684، وروضة المتّقين 7: 24 ـ 25.
- (3) الكافي 5: 286 ح1، تهذيب الأحكام 7: 80 ح345 وص233 ح1017، الاستبصار 3: 73 ح343، الفقيه 3: 145 ح641، وعنها وسائل الشيعة 17: 452، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب44 ح1، وروضة المتّقين 7: 143.
- وفي الوافي 17: 471 ح17660 عن الكافي والتهذيب والفقيه.
- وفي مرآة العقول 19: 383 عن الكافي.
- وفي ملاذ الأخيار 11: 450 ـ 451 عن التهذيب.
- (4) الفقيه 4: 3 ح1، وعنه وسائل الشيعة 17: 459، كتاب التجارة، أبواب آداب التجارة ب49 ح3، وروضة المتّقين 9: 340.
- وفي بحارالأنوار76:329 قطعة منح1،وج103: 80 صدر ح1 عن أمالي الصدوق:510 قطعة من ح707.
- ورواه في مكارم الأخلاق 2: 307 قطعة من ح2655.