(الصفحة 271)
وأمّا قبول علي بن موسى الرضا(عليهما السلام) الولاية(1) من قبل المأمون ـ لعنة الله عليه ـ فهو إمّا أن يكون بالإكراه المقرون بتوعيد القتل، كما هو الظاهر وله قرائن وشواهد . وإمّا أن يكون صوريّاً لم يترتّب عليه فعل وانفعال، كما يشهد به قرائن اُخرى ، وعلى كلا التقديرين فله حكم خاصّ .
- (1) وسائل الشيعة 17: 201ـ 206، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب48، وبحار الأنوار 49: 128ـ 156 ب13، وعوالم العلوم 22: 243ـ 286 ب5 ـ 7.
(الصفحة 272)
مسألة 25 : ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي مع شرائطها ـ جنساً أو نقداًـ و على النخيل والأشجار، يُعامل معها معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فيبرأ ذمّة الدافع عمّا كان عليه من الخراج الذي هو اُجرة الأرض الخراجيّة ، ويجوز لكلّ أحد شراؤه وأخذه مجّاناً وبالعوض، والتصرّف فيه بأنواع التصرّف ، بل لو لم تأخذه الحكومة وحوّل شخصاً على من عليه الخراج بمقدار، فدفعه إلى المحتال يحلّ له، وتبرأ ذمّة المحال عليه عمّا عليه ، لكن الأحوط ـ خصوصاً في مثل هذه الأزمنة ـ رجوع من ينتفع بهذه الأراضي، ويتصرّف فيها في أمر خراجها ـ وكذلك من يصل إليه من هذه الأموال شيء ـ إلى حاكم الشرع أيضاً .
والظاهر أنّ حكم السلطان المؤالف كالمخالف، وإن كان الاحتياط بالرجوع إلى الحاكم في الأوّل أشدّ1.
1 ـ لا إشكال في أنّ الأراضي الخراجيّة ملك لجميع المسلمين(1)، ولابدّ من أن تصرف منافعها ـ سواء كانت خراجاً أو مقاسمة ـ في مصالح جميع المسلمين . وكذا لا إشكال في أنّ أمر الخراج والمقاسمة بيد الإمام (عليه السلام) مع حضوره(2) . وأمّا مع غيبته كما في زماننا هذا، فقد ذكر السيّد الطباطبائي في تعليقة المكاسب أقوالاً متعدّدة في هذا المجال (3).
والظاهر أنّه يجوز دفعه إلى السلطان اختياراً; من دون فرق بين المؤالف والمخالف وإن كان الثاني غاصباً للخلافة والإمامة ، ويبدو في بادئ النظر أنّه لا يجوز الأخذ
- (1 ، 2) حاشية كتاب المكاسب للسيّد اليزدي 1: 233، حاشية كتاب المكاسب للايرواني 1: 355، مصباح الفقاهة 1: 830 .
- (3) حاشية كتاب المكاسب للسيّد اليزدي 1: 234 ـ 236.
(الصفحة 273)
منه ، كما أنّه لا يجوز أخذه ويكون ضامناً، إلاّ أنّه قد دلّت الروايات الكثيرة(1) على جواز الردّ إليه والأخذ منه تسهيلاً على الشيعة بعدم وقوعهم في الحرج في المعاملات ومثلها .
نعم ، الظاهر عدم جواز دفع الصدقات إلى الجائر، كما هو مقتضى القاعدة، وإن كان ربما يستأنس من بعض الروايات سيّما مع ملاحظة التعليل في بعضها الجواز(2)، لكنّه مجرّد استئناس لا دليل عليه .
هذا، وقد احتاط في المتن وجوباً رجوع من ينتفع بهذه الأراضي، ويتصرّف فيها في أمر خراجها ـ وكذلك من يصل إليه من هذه الأموال شيء ـ إلى الفقيه وحاكم الشرع أيضاً، خصوصاً فيما إذا أخذه السلطان الغاصب وإن كان الاحتياط فيه أشدّ، كما لايخفى .
- (1) وسائل الشيعة 9: 251 ـ 254، كتاب الزكاة، أبواب المستحقّين للزكاة ب20، وج15: 155 و157، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدوّ ب71 ح1 و6، وج17: 213ـ 221، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به ب51 ـ 53.
- (2) راجع وسائل الشيعة 9: 251 ـ 253، كتاب الزكاة أبواب المستحقّين للزكاة ب20.
(الصفحة 274)
مسألة 26 : يجوز لكلّ أحد أن يتقبّل الأراضي الخراجيّة ، ويضمنها من الحكومة بشيء، وينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس أو غيره، أو يقبلها ويضمنها لغيره ولو بالزيادة، على كراهية في هذه الصورة ، إلاّ أن يُحدث فيها حدثاً; كحفر نهر أو عمل فيها بما يُعين المستأجر ، بل الأحوط ترك التقبيل بالزيادة إلاّ معه1.
1 ـ الأراضي الخراجيّة التي لها شرائط مخصوصة مذكورة في محلّه، مثل كونها مأخوذة بالفتح ومعمورة حال الفتح، وكون الفتح بإذن الإمام (عليه السلام) ، وإن كان في اعتبار بعض الشروط اختلاف يجوز أخذها من السلطان المدّعي للرئاسة العامّة، وإن كان مخالفاً غاصباً للخلافة الإلهيّة; لما عرفت من رعاية الشارع التسهيل على الاُمّة وعدم إيقاعهم في الحرج والمشقّة .
وحينئذ فتارةً: ينتفع بها بنفسه ببناء أو غرس أو زرع أو غيرها . غاية الأمر أنّه يضمنها من الحكومة بشيء لأجل صرفه في مصالح المسلمين وحوائجهم .
واُخرى: يقبّلها ويضمنها لغيره مع الزيادة أو بدونها . غاية الأمر أنّه إن أحدث فيها حدثاً كحفر نهر أو عمل فيها بما يعين المستأجر، فلا إشكال في الجواز ولو على نحو الكراهة ، وإن لم يحدث فيها حدثاً فقد حكم فيه في المتن بالكراهة ، بل احتاط وجوباً بالترك .
وقد فصّلنا الكلام في هذا المجال في شرح كتاب الإجارة(1) ، وإن كان يبدو في النظر أنّ بين المقامين فرقاً; من جهة أنّ موضوع البحث هناك ما إذا استأجر العين الشخصيّة من مالكها أو مالك منفعتها مع عدم شرط المباشرة، وهنا تكون
- (1) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الإجارة: 349 ـ 420 مسألة 25 و 26.
(الصفحة 275)
الأراضي ملكاً لجميع المسلمين ولا إختصاص لخصوص المؤجر بها ، واللازم صرف منافعها فيما يصلح لعموم المسلمين ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الحكم جار في مورد الإجارة ، والظاهر أنّه لا فرق بين الصورتين ، فيجري ما ذكرناه هناك هنا أيضاً ، فتدبّر .