(الصفحة 294)
والموثقة وغيرهما .
كصحيحة سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قضى عليّ (عليه السلام) في دية المقتول أنّه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم ، إذا لم يكن على المقتول دين ، إلاّ الإخوة والأخوات من الأُمّ فإنّهم لا يرثون من ديته شيئاً(1) .
وصحيحة عبدالله بن سنان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام) : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّ الدية يرثها الورثة إلاّ الإخوةوالأخوات من الأُمّ، فإنّهم لا يرثون من الدية شيئاً(2).
وصحيحة محمد بن قيس ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الدية يرثها الورثة على فرائض الميراث إلاّ الإخوة من الأُمّ ، فإنّهم لا يرثون من الدية شيئاً(3) .
ورواية عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لا يرث الإخوة من الأُمّ من الدية شيئاً(4) .
ورواية أبي العبّاس ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته هل للإخوة من الأُمّ من الدية شيء؟ قال: لا(5) .
وبعد ملاحظة هذه الروايات لا يبقى مجال للارتياب في استثناء المتقرّب بالأُم في الجملة ، لكن يقع الكلام في جهات:
الأُولى: أنّ اشتمال بعض الروايات على استثناء خصوص الإخوة من دون التعرّض للأخوات لا يوجب الاختصاص ، بعد وضوح كون المراد من
- (1) وسائل الشيعة: 17 / 393 ، أبواب موانع الإرث ب 10 ح1 .
- (2) وسائل الشيعة: 17 / 393 ، أبواب موانع الإرث ب 10 ح2 .
- (3) وسائل الشيعة: 17 / 394 ، أبواب موانع الإرث ب 10 ح4 .
- (4) وسائل الشيعة: 17 / 394 ، أبواب موانع الإرث ب 10 ح5 .
- (5) وسائل الشيعة: 17 / 394 ، أبواب موانع الإرث ب 10 ح6 .
(الصفحة 295)مسألة 6 ـ الأحوط عدم جواز المبادرة للوليّ إذا كان منفرداً إلى القصاص سيّما في الطرف إلاّ مع إذن والي المسلمين ، بل لا يخلو من قوّة ، ولو بادر .
الإخوة الأعم من الأخوات ، ولو بقرينة التصريح بها في الروايات الأُخر ، كما لا يخفى .
الثانية: أنّ الحكم هل يختصّ بالإخوة والأخوات أو يعمّ مطلق المتقرّب بالأمّ كما في كلام المشهور وقوّاه في المتن؟ ظاهر الروايات الأوّل ، ولكنّه ربّما يعمّم لمطلق المتقرّب ، إمّا للأولويّة وإمّا لعدم القول بالفصل ، ولا يبعد القول به ، وإن كان الاحتياط في غير الإخوة والأخوات حسناً ، كما في المتن .
الثالثة: أنّه ربّما يستشكل على المشهور بأنّ الحكم بعدم إرث المتقرّب بالأُمّ من الدية يقتضي الحكم بعدم إرثه من القصاص بطريق أولى ، لأهمّية القصاص وأقوائيّته من الدية ، فكيف حكموا بإرث المتقرّب بالأمّ من القصاص ، كما عرفت في المسألة السابقة .
ويظهر من الجواهر(1) الجواب بأنّ ما يدلّ عليه روايات استثناء المتقرّب بالأمّ من إرث الدية هو عدم إرثه من الدية الثابتة بالأصالة ، إمّا لظهورها فيه ، وإمّا لأنّه القدر المتيقّن بعد كون الحكم على خلاف القاعدة ، وعليه فالدية التي هي بدل عن القصاص صلحاً أو شرطاً لا استثناء فيها في هذه الجهة ، وعليه فلا أولويّة ، لأنّ الدية التي هي بدل القصاص لا ممنوعية من إرثها ، والدّية الثابتة بالأصالة لا يكون القصاص أولى منها ، كما لا يخفى . ولكن الجواب خلاف ظاهر إطلاق كلام المشهور ، فتدبّر .
- (1) جواهر الكلام: 42 / 286 .
(الصفحة 296)فللوالي تعزيره ، ولكن لا قصاص عليه ولا دية1..
1 ـ صرّح المحقّق في الشرائع بجواز المبادرة(1)، وحكي ذلك عن موضع من المبسوط(2) وعن الفاضل(3) وولده(4) والشهيدين(5) وأبي العبّاس(6) والمقدس الأردبيلي(7) ، بل في المسالك نسبته إلى الأكثر(8) ، وفي الرياض إلى أكثر المتأخّرين بل عامّتهم(9) .
والمحكيّ عن المقنعة(10) والخلاف(11) والغنية(12) والمهذب(13) وموضع آخر من المبسوط(14) والعلاّمة في القواعد(15) عدم جواز المبادرة بدون إذن الإمام أو من يأمره .
والظاهر أنّ محلّ الخلاف ما إذا كان الموجب للقصاص ثابتاً من دون حكم
- (1) شرائع الإسلام: 4 / 1002 .
- (2) المبسوط : 7 / 56 .
- (3) تحرير الأحكام: 2 / 255 ، مختلف الشيعة: 9 / 472 مسألة 164 .
- (4) إيضاح الفوائد: 4 / 622 .
- (5) اللمعة الدمشقية: 179 ، الروضة البهية: 10 / 94 .
- (6) المقتصر : 434 .
- (7) مجمع الفائدة والبرهان: 13 / 429 .
- (8) مسالك الأفهام: 15 / 229 .
- (9) رياض المسائل: 10 / 334 .
- (10) المقنعة: 736 .
- (11) الخلاف: 5 / 205 مسألة 80 .
- (12) غنية النزوع: 407 .
- (13) المهذّب : 485 .
- (14) المبسوط : 7 / 100 .
- (15) قواعد الأحكام: 2 / 299 .
(الصفحة 297)
الحاكم ، كما إذا أقرّ القاتل بالقتل وعلم وليّ المقتول بذلك مثلاً ، فإنّه في مثله وقع الخلاف في جواز المبادرة وعدم المراجعة إلى الحاكم والاستئذان منه وعدمه ، وأمّا مع ثبوت الاختلاف في أصل الموجب وتوقّف الثبوت على حكم الحاكم ، كما إذا ثبت القتل بالقسامة ، فالظاهر أنّ ثبوته عند الحاكم كاف ولا يحتاج بعد الثبوت إلى الاستئذان منه في إجراء القصاص وإعماله ، بحيث كان اللاّزم المراجعة إليه في مرحلتين : إثبات الموجب ، وإجراء القصاص .
ولعلّ من تحرير محلّ النزاع يظهر عدم جواز المبادرة ، لاستلزام الجواز تحقّق القتل بعنوان القصاص في موارد كثيرة لم يتحقّق الموجب فيها ، وهو يستلزم الاختلال في الجامعة الإسلامية ومجتمع المسلمين . وبه يظهر الفرق بين حق القصاص وبين مثل حقّ الشفعة ، الذي تجوز المبادرة إلى استيفائه من دون مراجعة إلى الحاكم ، ضرورة عدم تحقّق تال فاسد فيه بعد بقاء حياة الأشخاص الذين يرتبط بهم حقّ الشفعة ، وهذا بخلاف المقتول بعنوان القصاص ، فإنّه لو فرض عدم ثبوت الوليّ له والمفروض موته لا سبيل إلى إثبات كونه لا بهذا العنوان واقعاً ، وهذا أمر أهمّ من مجرّد الاحتياط ، حتّى يقال كما في الجواهر(1) بعدم وجوب مراعاته .
ويؤيّده دعوى نفي الخلاف فيه في محكي الخلاف ، حيث قال: لا ينبغي أن يقتصّ بنفسه ، لأنّ ذلك للإمام (عليه السلام) أو من يأمره بلا خلاف(2) . وإن كان التعبير بـ «لا ينبغي» لا يكون ظاهراً في عدم الجواز ، خصوصاً مع فتوى الشيخ في موضع
- (1) جواهر الكلام: 42 / 287 .
- (2) الخلاف: 5 / 205 مسألة 80 .
(الصفحة 298)
من المبسوط بالجواز كما عرفت ، ومع حكمه في الخلاف بعدم التعزير مع المخالفة . وكذا يؤيّده دعوى نفي الخلاف أيضاً من الغنية ، حيث قال: ولا يستقيد إلاّ سلطان الإسلام أو من يأذن له في ذلك ، وهو ولي من ليس له ولي ، إلى أن نفى الخلاف في ذلك كلّه(1) . كما أنّه يؤيّده رواية محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: من قتله القصاص بأمر الإمام فلا دية له في قتل ولا جراحة(2) .
بقي الكلام في أمرين:
أحدهما: أنّ القصاص في الطرف أولى وأشدّ من جهة رعاية الاحتياط من القصاص في النفس ، والوجه فيه أنّ المحكيّ عن المهذّب(3) والمقتصر(4) الإجماع على توقّف الاقتصاص فيه على الإذن ، وإنّ الخلاف إنّما هو في النفس ، وهذه الدعوى وإن كانت فاقدة للحجّية خصوصاً مع شهادة التتبع لكلمات الأصحاب بخلافه ، كما في الجواهر(5) ، إلاّ أنّ اقتضائها للزوم رعاية الاحتياط بعنوانه مما لا مجال لانكاره ، كما لايخفى .
ثانيهما: أنّه على تقدير عدم الجواز ولزوم المراجعة إلى الحاكم والاستئذان منه ، لو خالف وبادر إلى القصاص يجب تعزيره لعدم رعايته لما هو وظيفته من المراجعة ، ولا خلاف ولا إشكال في عدم كونه ضامناً ، بحيث يترتّب على عمله القصاص أو الدية، ضرورة أنّه استوفى حقّه وإن أثم بترك المراجعة ، ولازمه ثبوت التعزير فقط.
- (1) غنية النزوع: 407 ـ 408 .
- (2) وسائل الشيعة: 19 / 47 ، أبواب القصاص في النفس ب 24 ح8 .
- (3) المهذّب البارع: 5 / 222 .
- (4) المقتصر : 434 .
- (5) جواهر الكلام: 42 / 288 .