(الصفحة 405)مسألة 32 ـ في ثدي المرأة وحلمته قصاص ، فلو قطعت امرأة ثدي أخرى أو حلمة ثديها يقتصّ منها ، وكذا في حلمة الرجل القصاص فلو قطع [الرجل] حلمته يقتصّ منه مع تساوي المحلّ ، فاليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، ولو قطع الرجل حلمة ثدي المرأة فلها القصاص من غير ردّ1..
بالاُذن التي عرفت استقلالها عن القوّة السامعة ، وجريان الاقتصاص في الصحيحة وإن كان المجنيّ عليها صمّاء ، وذلك للفرق بارتباط النطق باللسان بخلاف الاُذن ، كما لا يخفى . ولا فرق في الاقتصاص بين الخصوصيات من جهة الفصاحة والخفّة وغيرهما .
ولو قطع لسان طفل ، فإن ظهر فيه علامات الخرس فلا يجري فيه الاقتصاص ، كما أنّه لو ظهر فيه علامات النطق يتحقّق الاقتصاص بلا إشكال ، وفي صورة الشكّ وعدم ظهور شيء من العلامتين فظاهر المتن الثبوت . ولعلّ الوجه فيه أصالة السلامة الناشئة من غلبتها المعتبرة عند العقلاء ، وإلاّ فالظاهر عدم الثبوت ، لأنّه لا مجال للتمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية للمخصّص . بل يمكن القول بأنّ المقام شبهة مصداقية لنفس العامّ ، لاعتبار المماثلة في مفهوم القصاص وهي مشكوكة ، ولا شبهة فيه في عدم جواز التمسك ، كما لا يخفى .
1 ـ أمّا أصل ثبوت القصاص في ثدي المرأة وكذا في حلمته وفي حلمة الرجل فلما مرّ من عموم أدلّة القصاص ، غاية الأمر لزوم رعاية تساوي المحلّ من جهة اليمين واليسار ، فلو تساوى الجاني والمجنيّ عليه من جهة الذكورة والاُنوثة فالأمر واضح . ولو اختلفا فان قطع الرجل حلمة ثدي المرأة ففي المتن: ان لها القصاص من غير ردّ ، ومقتضاه ثبوت القصاص في العكس أيضاً . ومرجعه إلى أنّ اختلاف
(الصفحة 406)مسألة 33 ـ في السنّ قصاص بشرط تساوي المحلّ ، فلا يقلع ما في الفكّ الأعلى بما في الأسفل ولاالعكس ، ولا ما في اليمين باليسار وبالعكس ، ولا تقلع الثنية بالرباعية أو الطاحن أو الناب أو الضاحك وبالعكس ، ولا تقلع الأصلية بالزائدة ، ولا الزائدة بالأصلية ، ولا الزائدة بالزائدة مع اختلاف المحلّ1..
الحلمتين في الآثار وترتّب آثار مهمّة على حلمة ثدي المرأة لا يوجب خللاً في القصاص ، وليس مثل العضو الصحيح والشلل ، وهذا هو الظاهر .
1 ـ الدليل على ثبوت القصاص في السنّ قوله تعالى:
{وَالسِنَّ بِالسِنِّ}(1) وكذا عمومات أدلّة القصاص كتاباً وسنّة . والظاهر لزوم رعاية تساوي المحلّ من جهة الفكّ الأعلى والأسفل ، ومن جهة اليمين واليسار ، وكذا من جهة العناوين الموجودة في السنين ، حيث إنّها ثمان وعشرون واحداً ، اثنتا عشر في مقاديم الفم ، ثنيتان من فوق وهما وسطها ، ورباعيتان خلفهما ، ونابان خلفهما ، ومثلها من أسفل . والمآخير ستّة عشر وهي في كلّ جانب ضاحك ، وثلاثة أضراس ، ومثلها من أسفل . وزاد الشافعي(2) أضراس العقل وهي النواجذ الأربعة ، فتكون اثنتين وثلاثين . ولكنه ليست غالبة في العادة ، والوجه في لزوم رعاية الجهتين اعتبار المماثلة في القصاص كما عرفت .
ولكنّه ربّما يقال بعدم اعتبار تساوي المحلّ أخذاً بإطلاق قوله تعالى:
{وَالسِنَّ بِالسِنِّ} ، وقد عرفت مراراً عدم جواز الأخذ بمثله بعد عدم كونه في مقام البيان من هذه الجهة ، مضافاً إلى وضوح الاختلاف باختلاف المحلّ ، كما في سائر الأعضاء .
- (1) المائدة 5 : 45 .
- (2) الحاوي الكبير: 15 / 349 ـ 350 ، المجموع : 20 / 71 .
(الصفحة 407)مسألة 34 ـ لو كانت المقلوعة سنّ مثغر ، أي أصلي نبت بعد سقوط أسنان الرضاع ففيها القصاص ، وهل في كسرها القصاص أو الدية والأرش؟ وجهان الأقرب الأوّل ، لكن لابدّ في الاقتصاص كسرها بما يحصل به المماثلة كالآلات الحديثة ، ولا يضرب بما يكسرها لعدم حصولها نوعاً1..
وأمّا قلع الأصلية بالزائدة ، فإن كان المراد بالزائدة هي التي نبتت مع الأصلية من منبت واحد فالظاهر عدم الجواز ; لعدم تحقّق المماثلة بوجه; وإن كان المراد بها هي التي يعبَّر عنها بالنابتة ، وهي ما نبتت في مكان الأصلية بعد قلعها ، على خلاف حكم أهل الخبرة بعدم العود وهي التي تكون هبة الله ، فالظاهر الجواز لثبوت المساواة وتحقّق المماثلة . ولكن الظّاهر عدم كون المراد بالزائدة الوجه الثاني ، خصوصاً بعد كون دية الزائدة ثلث دية الأصلية ودية النابتة تمامها . وممّا ذكرنا يظهر أنّه لا يجوز قلع الزائدة بالأصلية أيضاً . نعم يجوز قلع الزائدة بالزائدة مع اتحاد المحلّ لتحقّق المماثلة حينئذ .
1 ـ المراد بالمثغر هو الشخص الذي نبت سنّه بعد سقوط أسنان الرضاع من أصلها الذي يكون مدفوناً في اللحم ، وعليه فجعله بمعنى الأصلي الذي هي صفة للسنّ فيه مسامحة كما في المتن ، مع أنّه على هذا التقدير كان المناسب جعله وصفاً يتبع الموصوف في الإعراب ، فكان اللاّزم نصب السنّ ، كما لا يخفى .
وكيف كان فثبوت القصاص فيه مع القلع إنّما هو لدلالة الآية عليه كما عرفت ، بل هو المصداق الظاهر لها . وأمّا مع الكسر دون القلع فالظاهر ثبوت القصاص فيه أيضاً ، لأنّه وإن كان من العظام إلاّ أنّه حيث يكون لحماً بارزاً ظاهراً يشاهد من أكثر جوانبه يمكن تحقّق المماثلة فيه من جهة الكسر ، خصوصاً بالآلات الحديثة
(الصفحة 408)مسألة 35 ـ لو عادت المقلوعة قبل القصاص فهل يسقط القصاص أم لا؟ الأشبه الثاني ، والمشهور الأوّل ، ولا محيص عن الاحتياط بعدم القصاص ، فحينئذ لو كان العائدة ناقصة أو متغيّرة ففيها الحكومة ، وإن عادت كما كانت فلا شيء غير التعزير إلاّ مع حصول نقص ففيه الأرش1..
الشائعة في زماننا هذا . نعم لا مجال للضرب بما يكسره ، لامكان التفاوت بين الضربين وعدم حصول المماثلة نوعاً .
1 ـ لو عادت المقلوعة المفروضة في المسألة السابقة قبل القصاص ، كما إذا تأخّر القصاص مدّة لفرار الجاني أو غيره فهل يسقط القصاص أم لا؟ صريح المتن إنّ المشهور هو الأوّل(1) ، وفي الجواهر بعد حكم المحقّق(2) بنفي القصاص والدية قال: بلا خلاف محقّق أجده فيه(3) . والوجه في السقوط ما عرفت من الرواية الواردة في الاُذن الدالّة على أنّ القصاص إنّما يكون لأجل الشين(4) ، والمفروض ارتفاعه بعود المقلوعة وإن كان على خلاف العادة ، كما أنّ الوجه في عدم السقوط ـ مضافاً إلى الاستصحاب ـ كون هذه نعمة وهبة جديدة من الله تعالى بانباته ، فلا يسقط حقّه به على الجاني ، لكنّ الاحتياط اللاّزم في ترك القصاص .
ثمّ على تقدير عدم القصاص تارة تكون المقلوعة ناقصة أو متغيّرة ، واُخرى تكون كما كانت ، ففي الفرض الأوّل يكون فيها الحكومة والأرش ، وهل هي
- (1) مسالك الأفهام: 15 / 289 .
- (2) شرائع الإسلام: 4 / 1011 .
- (3) جواهر الكلام: 42 / 387 .
- (4) تقدّمت في ص387 .
(الصفحة 409)
تفاوت ما بين قيمته بسنّ تامّة لو فرض عبداً وما بين قيمته بسنّ متغيّرة وملاحظة التفاوت مع الدية الكاملة ، كما هو المحكي عن بعض(1) ، أو أنّها عبارة عن تفاوت ما بين كونه مقلوع السنّ مدّة ثم نبتت متغيّرة ، وبين كونه بسنّ في تلك المدّة وبعدها غير متغيّرة ، كما عن غاية المراد(2) والمسالك(3) للشهيدين؟ وجهان .
وفي الفرض الثاني حكم في المتن بأنّه لا شيء فيه غير التعزير إلاّ مع حصول نقص ففيه الارش ، وقد استحسن المحقّق في الشرائع(4) ثبوت الأرش فيه مطلقاً ، وقد أوضحه الشهيد في محكى غاية المراد بأن يقوّم مقلوعها مدّة وغير مقلوعها أصلاً(5) ، وإنّما كان ذلك هو الوجه ; لأنّه نقص دخل على المجنيّ عليه بسبب الجاني فلا يهدر ، للحديث(6) ولزوم الظلم ، وعود السنّ نافي القصاص أو الدية لا ذلك النقص ، لاستحالة إعادة المعدوم .
وأمّا التفصيل في ثبوت الأرش في هذا الفرض بين مورد حصول النقص وغيره ، فالظاهر أنّ النظر فيه إلى أنّ المقلوعية مدّة هل أوجبت نقصاً كمرض ونحوه أم لا؟ فإن أوجبت يلاحظ التفاوت بالإضافة إليه ، وعليه فمرجعه إلى عدم تسلّم ما في غاية المراد ، فيدلّ على أنّ المراد بالحكومة في الفرض الأوّل هو الوجه الأول . ولعلّ الوجه فيه ما في الجواهر : من عدم كون الحرّ مالا يدخله النقص في
- (1) كالفاضل المقداد في التنقيح الرائع: 4 / 457 .
- (2) غاية المراد: 375 .
- (3) مسالك الأفهام: 15 / 290 .
- (4) شرائع الإسلام: 4 / 1011 .
- (5) غاية المراد: 375 .
- (6) وسائل الشيعة : 19/134 ، أبواب قصاص الطرف ب14 ح3 وص258 ، أبواب ديات الأعضاء ب33 .