(الصفحة 108)مسألة 48 ـ لو اشترك في قتل رجل امرأتان قتلتا به من غير ردّ شيء ، ولو كنّ أكثر فللوليّ قتلهنّ وردّ فاضل ديته يقسّم عليهنّ بالسوية ، فإن كنّ ثلاثاً وأراد قتلهنّ ردّ عليهنّ دية امرأة وهي بينهنّ بالسوية ، وإن كنّ أربعاً فدية امرأتين كذلك ، وهكذا ، وإن قتل بعضهنّ ردّ البعض الآخر ما فضل من جنايتها ، فلو قتل في الثلاث اثنتين ردّت المتروكة ثلث ديّته على المقتولين (المقتولتين ـ ظ) بالسوية ، ولو اختار قتل واحدة ردّت المتروكتان على المقتولة ثلث ديتها ، وعلى الوليّ نصف دية الرجل1..
من واحد وتعدّدها ، فمع الوحدة تتحقّق الشركة لا محالة ، ومع التعدّد لا مجال لحصولها ، كما لايخفى .
1 ـ لا خلاف في أنّه لو اشترك في قتله امرأتان تقتلان به ولا ردّ ، إذ لا فضل لهما عن ديته . وفي صحيحة محمد بن مسلم ، قال : سألت أباجعفر (عليه السلام) عن امرأتين قتلتا رجلاً عمداً؟ قال: تقتلان به ، ما يختلف في هذا أحد(1) .
وعلى ما ذكر ، فلو كنّ أكثر من اثنتين يجوز للوليّ قتلهنّ أجمع ، وردّ فاضل ديته المساوية لاثنتين عليهنّ ، فإن كنّ ثلاثاً يردّ عليهنّ دية امرأة ، وإن كنّ أربعاً دية رجل ، وهكذا . وإن قتل بعضهنّ ردّ البعض غير المقتولة ما فضل من جنايتها ، فلو قتل في الثلاث اثنتين ردّت الباقية غير المقتولة ثلث دية الرجل على المقتولتين بالسوية ، وإن اختار في الفرض قتل واحدة تردّ الباقيتان اللّتان على عهدة كلّ منهما ثلث دية الرجل على المقتولة ثلث دية المرأة ، وعلى الوليّ تمام ديتها التي هي نصف دية الرجل .
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 62 ، أبواب القصاص في النفس ب 33 ح 15 .
(الصفحة 109)مسألة 49 ـ لو اشترك في قتل رجل رجلٌ وامرأةٌ فعلى كلّ منهما نصف الدية ، فلو قتلهما الوليّ فعليه ردّ نصف الدية على الرّجل ، ولا ردّ على المرأة ، ولو قتل المرأة فلا ردّ ، وعلى الرّجل نصف الدية ، ولو قتل الرّجل ردّت المرأة عليه نصف ديته لا ديتها1..
1 ـ ظاهر العبارة إنّ وليّ المقتول يتخيّر في مفروض المسألة بين أُمور أربعة:
أحدها: أخذ الدية من كلّ منهما بدلاً عن القصاص ، ومن الواضح أنّه لا يجوز أخذ الزائد من دية كاملة ، لعدم تحقّق قتل أزيد من واحد ، والدية بينهما على نحو التنصيف ، لاشتراك الجناية بينهما وإضافتها إليهما من دون ترجيح ، وكون دية المرأة نصف دية الرجل لا يقتضي عدم التنصيف بعد كون الدية في مقابل الجناية ، وهي مشتركة بينهما ، كما لا يخفى .
هذا ، مضافاً إلى أنّه لا خلاف فيه ظاهراً ، ويدلّ عليه بعض النصوص الآتية .
ثانيها: قتل كلّ من الرجل والمرأة ، ولا شبهة بملاحظة ما تقدّم في مشروعيّته وجوازه ، وعليه يجب على وليّ المقتول ردّ نصف الدية على الرجل فقط ، ولا يشترك فيه المرأة وفاقاً للأكثر ، بل المشهور(1) ، وخلافاً للمحكيّ عن مقنعة المفيد (قدس سره)(2): من أنّه يقسّم النصف بينهما أثلاثاً . والقاعدة موافقة لما هو المشهور ، لما عرفت من اشتراكهما في الجناية بنحو يكون النصف بحسابه والنصف بحسابها ، ولذا يجب على كلّ منهما نصف الدية كما عرفت في الأمر الأوّل ، فإذا كان النصف بحساب الرّجل فاللاّزم ردّ نصف الدية إليه فقط جبراً للنصف ، والمرأة لا تستحقّ شيئاً بعد
- (1) النهاية: 745 ، المهذّب: 2 / 468 ، السرائر: 3 / 345 ، مسالك الأفهام: 15 / 104 .
- (2) المقنعة: 752 .
(الصفحة 110)
كون ديتها بقدر الجناية المتحقّقة منه من دون نقص وزيادة ، ولا مجال للتثليث أصلاً .
ويؤيّده صحيحة أبي بصير ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سئل عن غلام لم يدرك وامرأة قتلا رجلاً خطأ ، فقال: إنّ خطأ المرأة والغلام عمد ، فإن أحبّ أولياء المقتول أن يقتلوهما قتلوهما ، ويردّوا على أولياء الغلام خمسة آلاف درهم ، وإن أحبّوا أن يقتلوا الغلام قتلوه وتردّ المرأة على أولياء الغلام ربع الدية ، وإن أحبّ أولياء المقتول أن يقتلوا المرأة قتلوها ويردّ الغلام على أولياء المرأة ربع الدية . قال: وإن أحبّ أولياء المقتول أن يأخذوا الدية كان على الغلام نصف الدية ، وعلى المرأة نصف الدية(1) .
ولكن اشتمال الرواية على أنّ خطأ المرأة والغلام عمد ، مع كونه مخالفاً للمشهور بل الاجماع ، كما عن المجلسي (قدس سره) في المرآة(2) ، وللرّوايات الدالّة على أنّ عمد الصبيّ خطأ تحمله العاقلة يوجب الوهن فيها ، مع ثبوت الخلل فيها من بعض الجهات الاُخر أيضاً ، كما تأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى .
ثالثها: قتل المرأة فقط ، ولا ريب في جوازه بعد جواز قتلها مع الرجل معاً ، ولا ردّ عليها بعد كون جنايتها بمقدار ديتها . نعم يجب على الرجل الجاني غير المقتول نصف الدية وردّه إلى أولياء المقتول لإضافة نصف الجناية إليه ، واللاّزم تداركه بالدية التي هي نصف الدية الكاملة . نعم في رواية أبي بصير المتقدّمة لزوم ردّ ربع الدية إلى أولياء المرأة ، وهي مخالفة للقاعدة ، والمشهور من جهتين ولا يمكن
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 64 ، أبواب القصاص في النفس ب 34 ح1 .
- (2) مرآة العقول: 24 / 64 .
(الصفحة 111)مسألة 50 ـ قالوا: كلّ موضع يوجب الردّ يجب أولاً الردّ ثم يستوفى ، وله وجه . ثمّ إنّ المفروض في المسائل المتقدّمة هو الرّجل المسلم الحرّ والمرأة كذلك1..
الالتزام به .
رابعها: قتل الرجل فقط ، واللاّزم بمقتضى ما ذكرنا من إضافة الجناية إليه وإلى المرأة بالنصف لزوم ردّ نصف الدية إليه من جانب المرأة ، لإضافة النصف إليها ، واللاّزم تداركه وردّه إلى الرجل . والمحكيّ عن النهاية(1) والمهذَّب(2) لزوم ردّ ربع الدية الذي هو نصف دية المرأة من جانبها ، فلو كان المستند فيه هي رواية أبي بصير المتقدّمة فالظّاهر أنّه لا يمكن الإلتزام به بعد وجود الخلل فيها من جهات متعدّدة ، وإن كان المستند فيه هي القاعدة ، فمقتضاها النصف ، كما عرفت .
1 ـ وقع التصريح بالتقديم في الشرائع(3) والقواعد(4) . ولابدّ أوّلاً من بيان أنّ العموم يشمل ما إذا كان من يجب عليه الرّد هو وليّ المقتول المتصدّي للقصاص ، وما إذا كان من يجب عليه الرّد هو الشريك في الجناية الذي لم يقصد قصاصه ، كما إذا اشترك رجلان في قتل رجل ، فإن أراد الوليّ قتلهما يكون الرّد واجباً عليه ، وإن أراد قتل أحدهما يكون الرّد واجباً على الشريك الباقي ، كما أنّ الظاهر شمول العموم
- (1) النهاية: 745 .
- (2) المهذّب : 2 / 468 .
- (3) شرائع الإسلام : 4/979 .
- (4) قواعد الأحكام : 2 / 285 .
(الصفحة 112)
لما إذا كان قصاصاً في الطرف دون النّفس .
والظاهر أيضاً أنّ مراد القائلين بلزوم الرّد أوّلاً ليس مجرّد ثبوت حكم تكليفي نفسي ، بل مرادهم شرطية الرّد لثبوت حق القصاص ، بحيث إذا لم يتحقّق الرّد لم يكن له حقّ في القصاص ، لتوقّفه عليه واشتراطه به .
ثمّ إنّ البحث في المسألة تارة بلحاظ ما هو مقتضى القاعدة في الباب ، واُخرى بلحاظ الروايات الواردة فيها ، فنقول:
أمّا من جهة القاعدة: فالظاهر أنّ مقتضاها ـ فيما إذا كان من يجب عليه الرّد هو وليّ المقتول ـ هو عدم لزوم الرّد أوّلاً ، لأنّه بعد قيام الدليل على جواز قصاص أزيد من نفس واحدة في صورة تحقّق الجناية بنحو الاشتراك ، ودلالة الدليل أيضاً على لزوم ردّ الزائد على ما يقابل نفساً واحدة ، يفهم العرف ثبوت حقّين في المقام ووقوع التعارض بينهما ، ومن المعلوم أنّه لا ترجيح لأحدهما على الآخر مع عدم قيام الدليل عليه .
وأمّا إذا كان من يجب عليه الردّ هو الشريك في الجناية ، فعدم لزوم الردّ أوّلاً أوضح ، لعدم الارتباط بين الحقّين: حقّ القصاص الثابت للوليّ وحقّ الردّ الثابت لأحد الشريكين على الآخر .
وأمّا من جهة الروايات: فأظهر الروايات الواردة في المقام صحيحة أبي مريم الأنصاري المتقدّمة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل، قال: إن أحبّ أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد فاقتسماها ثم يقطعهما ، وإن أحبّ أخذ منهما دية يد. قال: وإن قطع يدأحدهماردّالذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية(1) .