(الصفحة 419)مسألة 41 ـ لو أزالت بكر بكارة أخرى فالظاهر القصاص ، وقيل بالدية ، وهو وجيه مع عدم إمكان المساواة ، وكذا تثبت الدية في كلّ مورد تعذّر المماثلة والمساواة1.
وهنا فروع:
الأوّل: لو قطع من كان يده ناقصة بإصبع أو أزيد يداً كاملة صحيحة فللمجنيّ عليه القصاص . فهل له بعد القطع أخذ دية ما نقص عن يد الجاني؟ قيل: لا ، وقيل: نعم فيما يكون قطع إصبعه بجناية وأخذ ديتها أو استحقّها ، وأمّا إذا كانت مفقودة خلقة أو بآفة لم يستحقّ المقتصّ شيئاً ، والأشبه أنّ له الدية مطلقاً ، .
طلبت ذلك(1) .
وظاهر أنّ المراد بقطع الفرج هو قطع اللّحمين المذكورين ، وفي المتن أنّ الرواية غير معتمد عليها ، والظاهر أنّ نظره إلى ابن سيابة ، حيث لم يرد فيه توثيق ، ولكن حيث إنّه واقع في أسانيد كامل الزيارات(2) لا مانع من الحكم بصحّة روايته ، غير أنّ الظاهر أنّه لم يفت الأصحاب على طبقها .
ثمّ إنّه ظهر أنّه مع قطع المرأة ذكر الرجل أو خصيته أو قطع رجل مقطوع الذكر أو الخصية لا مجال للقصاص ، بل تتعيّن الدية .
1 ـ ثبوت القصاص إنّما هو على تقدير إمكان المساواة ، وعليه فالاختلاف يرجع إلى الإمكان وعدمه ، لكونها من البواطن ولا تدرك بالبصر .
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 128، أبواب قصاص الطرف ب 9 ح2 .
- (2) كامل الزيارات: 149 باب 23 ح1 .
(الصفحة 420)ولو قطع الصحيح الناقص عكس ما تقدّم فهل تقطع يد الجاني بعد أداء دية ما نقص من المجنيّ عليه ، أو لا يقتصّ وعليه الدية ، أو يقتصّ ما وجد وفي الباقي الحكومة؟ وجوه ، والمسألة مشكلة مرّ نظيرها1..
1 ـ في هذا الفرع أمران:
الأمر الأوّل: لو قطع من كان يده ناقصة ـ بإصبع أو أزيد ـ يداً كاملة فلا اشكال ولا خلاف في عدم منع ذلك من القصاص بوجه ، إنّما الخلاف في أنّه بعد القصاص منه يستحقّ دية ما نقص من الإصبع أو الأزيد أم لا؟ وفيه أقوال ثلاثة:
أحدها: ما جعله في المتن الأشبه ـ واختاره الشيخ في الخلاف(1) وموضع من المبسوط(2) والعلاّمة في التحرير(3) والشهيد الثاني(4) والمحقّق الكركي(5) وبعض آخر(6) بل ادّعى في الخلاف الإجماع عليه ـ من استحقاق أخذ الدية مطلقاً ، سواء كانت مفقودة خلقة، أو بآفة، أو قصاصاً، أو بجناية موجبة لاستحقاق الدية، سواء استوفاها أم لا؟
والدليل عليه أنّه بعد عدم إمكان القصاص بالإضافة إليه لابدّ من الحكم بالانتقال إلى الدية ، والشاهد عليه جريان القصاص فيه مستقلاًّ مع الإمكان ، وثبوت ديته كذلك مع عدم الإمكان ، وعدم استحقاق شيء في اقتصاص اليد
- (1) الخلاف : 5 / 193 مسألة 60 .
- (2) المبسوط: 7 / 79 ـ 80 .
- (3) تحرير الأحكام: 2 / 260 .
- (4) مسالك الأفهام: 15 / 292 .
- (5) قال السيّد العاملي في مفتاح الكرامة: 11 / 133 : وقد حكي [هذا القول] عن المحقّق الثاني.
- (6) كالمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان:14/100 ، والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع: 2/130.
(الصفحة 421)
الشلاّء بالصحيحة إنّما هو لأجل أنّ الاختلاف بينهما إنّما هو في الكيفية ووصف الصحّة والسلامة الموجود في المجنيّ عليه ، فهومثل اقتصاص المرأة بالرجل ، وأمّا المقام فالاختلاف في الكمية والنقص والتمام . فالمقام كما قيل نظير ما لو أتلف على شخص صاعي حنطة ووجد للمتلف صاع واحد فقط ، فإنّ لصاحب الحقّ أخذه والمطالبة ببدل الفائت ، دون ما لو وجد له صاعي حنطة رديئة مثلاً، فإنّه ليس له أخذها والمطالبة ببدل الفائت ، وإن قال في الجواهر بعد نقله: فيه نظر واضح(1) . ووجهه وجود عنوانين في الحنطة من جهة وحدة الصاع وتعدّده، بخلاف المقام الذي لا يوجب اختلاف اليد في النقص والتمام تعدّد العنوان ، ولكن مع ذلك لا يوجب الخلل في التنظير الاشكال في أصل الحكم: وهو ثبوت الدية من دون فرق بين صور الفقدان المذكورة .
ثانيها: ما اختاره الشيخ (قدس سره) في موضع آخر من المبسوط(2) وتبعه ابن البراج في محكي الكتابين المهذّب(3) والجواهر(4) من التفصيل بين ما إذا كانت مفقودة خلقة أو بآفة فلا يستحق وبين غيرهما من الموارد فيستحقّ ، وقد استدلّ عليه برواية سورة بن كليب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن رجل قتل رجلاً عمداً وكان المقتول أقطع اليد اليمنى ، فقال: إن كانت قطعت يده في جناية جناها على نفسه أو كان قطع فأخذ دية يده من الذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده الذي قيد منها إن كان أخذ دية يده ويقتلوه ، وإن شاؤوا
- (1) جواهر الكلام: 42 / 397 .
- (2) المبسوط: 7 / 85 .
- (3) المهذّب: 2 / 477 .
- (4) جواهر الفقه: 215 ـ 216 مسألة 748 .
(الصفحة 422)
طرحوا عنه دية يد وأخذوا الباقي ، قال: وإن كانت يده قطعت في غير جناية جناها على نفسه ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله ولا يغرم شيئاً ، وإن شاؤوا أخذوا دية كاملة . قال: وهكذا وجدناه في كتاب علي (عليه السلام) (1) .
ولكنّ الرواية ـ مضافاً إلى ضعف سندها لعدم توثيق سورة بن كليب ـ واردة في القتلولادليل على الجريان في الطرف أيضاً . مع أنّ موردها كون المجنيّ عليه ناقصاً، ومحلّ الكلام في المقام ما إذا كان الجاني كذلك ، فلا يمكن الاستدلال بها لما نحن فيه .
ثالثها: عدم استحقاق الدية مطلقاً ، وهو الذي اختاره بعض متأخري المتأخّرين(2) ، وربّما يستدلّ له أنّه لا دليل على ثبوتها بعد صدق اليد باليد ، كما ورد في بعض الروايات(3) .
ولكن يرد عليه ـ مضافاً إلى عدم كون مثل اليد باليد وارداً في مقام البيان من هذه الجهة ـ عدم تحقّق المقاصّة المعتبرة في مفهومها المماثلة بدون الدية، فالأشبه كما في المتن هو القول الأوّل .
الأمر الثاني: مالو قطع الصحيح الناقص عكس الأمر الأوّل، وفيه أيضاً وجوه ثلاثة:
أحدها: ما عن القواعد(4) والتحرير(5) والمسالك(6) من أنّه لا تقطع يد الجاني بل
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 82 ، أبواب القصاص في النفس ب 50 ح1 .
- (2) راجع مجمع الفائدة والبرهان: 14 / 81 .
- (3) وسائل الشيعة: 19 / 131 ، أبواب قصاص الطرف ب 12 ح2 .
- (4) قواعد الأحكام: 2 / 304 .
- (5) تحرير الأحكام: 2 / 260 .
- (6) مسالك الأفهام: 15 / 293 .
(الصفحة 423)الثاني : لو قطع إصبع رجل فسرت إلى كفّه بحيث قطعت ثمّ اندملت ثبت القصاص فيهما ، فتقطع كفّه من المفصل ، ولو قطع يده من مفصل الكوع ثبت القصاص ، ولو قطع معها بعض الذراع اقتصّ من مفصل الكوع، وفي الزائد يحتمل الحكومة ويحتمل الحساب بالمسافة (حة ـ ظ)، ولو قطعها من المرفق فالقصاص ، وفي الزيادة ما مرّ ، وحكم الرجل حكم اليد، ففي القطع من المفصل قصاص ، وفي الزيادة ما مرّ1..
يقطع منها الأصابع التي قطعها ، ويؤخذ منه حكومة الكفّ .
ثانيها: المنع عن القصاص على هذا الوجه لعدم المماثلة . قال في الجواهر: ولعلّ هذاالقول هو المحكي عن ابن إدريس(1) بل هو الذي فهمه بعض من عبارة الإرشاد: يقتصّ للكامل من الناقص ولا يضمّ أرش ، ولا يجوز العكس فتثبت الدية(2)(3) .
ثالثها: قطع يد الجاني بعد أداء دية ما نقص من المجنيّ عليه ، وهذا القول هو المشهور ، بل عن الغنية دعوى الإجماع عليه(4) ، وقد تقدّم البحث في نظير هذه المسألة، فراجع ما هناك(5) .
1 ـ في هذا الفرع أُمور:
الأوّل: ما لو قطع إصبع رجل مثلاً فسرت إلى كفّه بحيث قطعت ثم اندملت . وفي الشرائع بعد الحكم بثبوت القصاص فيهما قال: وهل له القصاص في الاصبع وأخذ
- (1) لاحظ السرائر: 3 / 416 .
- (2) إرشاد الأذهان: 2 / 207 .
- (3) جواهر الكلام: 42 / 398 .
- (4) غنية النزوع: 410 .
- (5) تقدّم في ص357 ـ 360 .