(الصفحة 417)نصفاً فنصفاً ، وإن ثلثاً فثلثاً ، وهكذا1.
مسألة 39 ـ في الخصيتين قصاص ، وكذا في أحداهما مع التساوي في المحلّ، فتقتصّ اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى ، ولو خشي ذهاب منفعة الاُخرى تؤخذ الدية، ولا يجوز القصاص إلاّ أن يكون في عمل الجاني ذهاب المنفعة فيتقصّ ، فلو لم تذهب بالقصاص منفعة الاُخرى مع ذهابها بفعل الجاني فإن أمكن إذهابها مع قيام العين يجوز القصاص وإلاّ فعليه الدية ، ولو قطع الذكر والخصيتين اقتصّ منه، سواء قطعهما على التعاقب أو لا2..
1 ـ لا إشكال ولا خلاف في ثبوت القصاص في قطع الذكر ، لعموم الأدلّة وإمكان التساوي والمماثلة من دون فرق بين الموارد والخصوصيات ، نعم لا يقطع الصحيح بذكر العنين ومن في ذكره شلل ، والأوّل نوع من الثاني أو بحكمه . والمراد من الثاني أن يكون منقبضاً لا ينبسط ولو في الماء الحارّ ، أو منبسطاً لا ينقبض ولو في الماء البارد ، وإن التذّ صاحبه وأمنى بالمساحقة وأولد . والدليل ما ورد في اليد من عدم قطع الصحيحة بالشلاّء ، نعم لا مانع من العكس كما في اليد أيضاً .
وكما يكون القصاص ثابتاً في قطع تمام الذكر ، كذلك يكون ثابتاً في قطع بعضه من الحشفة بتمامها أو بعضها أو الزائد عليها . والتقدير بلحاظ القياس إلى الأصل من النصف والثلث ومثلهما ، لا بلحاظ الطول ; لعدم كون تقدير الجناية بهذا اللحاظ بحسب نظر العرف بخلاف الرأس ، كما تقدّم .
2 ـ لا إشكال ولا خلاف أيضاً في ثبوت القصاص في الخصيتين ، وكذا في إحداهما مع رعاية التساوي في المحل وإمكان المعاملة بالمثل ، فلو خشي ذهاب منفعة الأخرى في الجاني من دون أن يكون في عمله مثله ينتقل إلى الدية ولا يجوز
(الصفحة 418)مسألة 40 ـ في الشفرين القصاص ، والمراد بهما اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم ، وكذا في إحداهما ، وتتساوى فيه البكر والثّيب والصغيرة والكبيرة ، والصحيحة والرتقاء والقرناء والعفلاء والمختونة وغيرها، والمفضاة والسليمة ، نعم لا تقتصّ الصحيحة بالشلاّء ، والقصاص في الشفرين إنّما هو فيما جنت عليها المرأة . ولو كان الجاني عليها رجلاً فلا قصاص عليه ، وعليه الدية ، وفي رواية غير معتمد عليها: إن لم يؤدّ إليها الدية قطع لها فرجه ، وكذا لو قطعت المرأة ذكر الرجل أو خصيته لا قصاص عليها وعليها الدية1..
القصاص، وكذا في صورة ذهاب المنفعة في المجنيّ عليه إن كان القصاص موجباً لذهابها في الجاني وإلاّ فبما أمكن ، خصوصاً في هذه الأزمنة ومع عدم الإمكان يأخذ الدية زائداً على قصاص الأولى ، وكما يتحقّق القصاص في خصوص الذكر أو الخصيتين يجري في مجموعهما من دون فرق بين وقوع الجناية دفعة أو على نحو التعاقب . ومن دون فرق في صورة التعاقب بين ما إذا شلّ الذكر بعد قطع الخصيتين ، وبين ما إذا لم يتحقّق الشلل ، وذلك لأنّ الشلل الجائي من قبل الجاني مضمون لا يمنع عن القصاص بوجه ، كما لا يخفى .
1 ـ الدليل فيه ما تقدّم في المسائل السابقة من عموم الأدلّة وإمكان المساواة ، ولا فرق فيه بين الموارد والخصوصيات ، نعم لا تقتصّ الصحيحة بالشلاّء ، كما أنّ مورد القصاص ما إذا كان الجاني امرأة واجدة للشفرين ، أمّا مع انتفاء إحدى الخصوصيتين لا مجال للقصاص ، بل تتعيّن الدية . نعم هنا رواية وهي رواية عبدالرحمن بن سيابة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إنّ في كتاب علي (عليه السلام) : لو أنّ رجلاً قطع فرج امرأته لأغرمته لها ديتها ، وإن لم يؤدّ إليها الدية قطعت لها فرجه إن
(الصفحة 419)مسألة 41 ـ لو أزالت بكر بكارة أخرى فالظاهر القصاص ، وقيل بالدية ، وهو وجيه مع عدم إمكان المساواة ، وكذا تثبت الدية في كلّ مورد تعذّر المماثلة والمساواة1.
وهنا فروع:
الأوّل: لو قطع من كان يده ناقصة بإصبع أو أزيد يداً كاملة صحيحة فللمجنيّ عليه القصاص . فهل له بعد القطع أخذ دية ما نقص عن يد الجاني؟ قيل: لا ، وقيل: نعم فيما يكون قطع إصبعه بجناية وأخذ ديتها أو استحقّها ، وأمّا إذا كانت مفقودة خلقة أو بآفة لم يستحقّ المقتصّ شيئاً ، والأشبه أنّ له الدية مطلقاً ، .
طلبت ذلك(1) .
وظاهر أنّ المراد بقطع الفرج هو قطع اللّحمين المذكورين ، وفي المتن أنّ الرواية غير معتمد عليها ، والظاهر أنّ نظره إلى ابن سيابة ، حيث لم يرد فيه توثيق ، ولكن حيث إنّه واقع في أسانيد كامل الزيارات(2) لا مانع من الحكم بصحّة روايته ، غير أنّ الظاهر أنّه لم يفت الأصحاب على طبقها .
ثمّ إنّه ظهر أنّه مع قطع المرأة ذكر الرجل أو خصيته أو قطع رجل مقطوع الذكر أو الخصية لا مجال للقصاص ، بل تتعيّن الدية .
1 ـ ثبوت القصاص إنّما هو على تقدير إمكان المساواة ، وعليه فالاختلاف يرجع إلى الإمكان وعدمه ، لكونها من البواطن ولا تدرك بالبصر .
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 128، أبواب قصاص الطرف ب 9 ح2 .
- (2) كامل الزيارات: 149 باب 23 ح1 .
(الصفحة 420)ولو قطع الصحيح الناقص عكس ما تقدّم فهل تقطع يد الجاني بعد أداء دية ما نقص من المجنيّ عليه ، أو لا يقتصّ وعليه الدية ، أو يقتصّ ما وجد وفي الباقي الحكومة؟ وجوه ، والمسألة مشكلة مرّ نظيرها1..
1 ـ في هذا الفرع أمران:
الأمر الأوّل: لو قطع من كان يده ناقصة ـ بإصبع أو أزيد ـ يداً كاملة فلا اشكال ولا خلاف في عدم منع ذلك من القصاص بوجه ، إنّما الخلاف في أنّه بعد القصاص منه يستحقّ دية ما نقص من الإصبع أو الأزيد أم لا؟ وفيه أقوال ثلاثة:
أحدها: ما جعله في المتن الأشبه ـ واختاره الشيخ في الخلاف(1) وموضع من المبسوط(2) والعلاّمة في التحرير(3) والشهيد الثاني(4) والمحقّق الكركي(5) وبعض آخر(6) بل ادّعى في الخلاف الإجماع عليه ـ من استحقاق أخذ الدية مطلقاً ، سواء كانت مفقودة خلقة، أو بآفة، أو قصاصاً، أو بجناية موجبة لاستحقاق الدية، سواء استوفاها أم لا؟
والدليل عليه أنّه بعد عدم إمكان القصاص بالإضافة إليه لابدّ من الحكم بالانتقال إلى الدية ، والشاهد عليه جريان القصاص فيه مستقلاًّ مع الإمكان ، وثبوت ديته كذلك مع عدم الإمكان ، وعدم استحقاق شيء في اقتصاص اليد
- (1) الخلاف : 5 / 193 مسألة 60 .
- (2) المبسوط: 7 / 79 ـ 80 .
- (3) تحرير الأحكام: 2 / 260 .
- (4) مسالك الأفهام: 15 / 292 .
- (5) قال السيّد العاملي في مفتاح الكرامة: 11 / 133 : وقد حكي [هذا القول] عن المحقّق الثاني.
- (6) كالمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان:14/100 ، والفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع: 2/130.
(الصفحة 421)
الشلاّء بالصحيحة إنّما هو لأجل أنّ الاختلاف بينهما إنّما هو في الكيفية ووصف الصحّة والسلامة الموجود في المجنيّ عليه ، فهومثل اقتصاص المرأة بالرجل ، وأمّا المقام فالاختلاف في الكمية والنقص والتمام . فالمقام كما قيل نظير ما لو أتلف على شخص صاعي حنطة ووجد للمتلف صاع واحد فقط ، فإنّ لصاحب الحقّ أخذه والمطالبة ببدل الفائت ، دون ما لو وجد له صاعي حنطة رديئة مثلاً، فإنّه ليس له أخذها والمطالبة ببدل الفائت ، وإن قال في الجواهر بعد نقله: فيه نظر واضح(1) . ووجهه وجود عنوانين في الحنطة من جهة وحدة الصاع وتعدّده، بخلاف المقام الذي لا يوجب اختلاف اليد في النقص والتمام تعدّد العنوان ، ولكن مع ذلك لا يوجب الخلل في التنظير الاشكال في أصل الحكم: وهو ثبوت الدية من دون فرق بين صور الفقدان المذكورة .
ثانيها: ما اختاره الشيخ (قدس سره) في موضع آخر من المبسوط(2) وتبعه ابن البراج في محكي الكتابين المهذّب(3) والجواهر(4) من التفصيل بين ما إذا كانت مفقودة خلقة أو بآفة فلا يستحق وبين غيرهما من الموارد فيستحقّ ، وقد استدلّ عليه برواية سورة بن كليب، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سئل عن رجل قتل رجلاً عمداً وكان المقتول أقطع اليد اليمنى ، فقال: إن كانت قطعت يده في جناية جناها على نفسه أو كان قطع فأخذ دية يده من الذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده الذي قيد منها إن كان أخذ دية يده ويقتلوه ، وإن شاؤوا
- (1) جواهر الكلام: 42 / 397 .
- (2) المبسوط: 7 / 85 .
- (3) المهذّب: 2 / 477 .
- (4) جواهر الفقه: 215 ـ 216 مسألة 748 .