(الصفحة 424)
الدية في الباقي؟ الوجه لا ، لإمكان القصاص فيهما(1) . وعليه ففيه احتمالان:
أحدهما: ثبوت القصاص في كلّ من الأصبع والكفّ وإن تحقّق الاندمال ، والوجه فيه يظهر بعد وضوح ضمان السراية وكونها من توابع جنايته، وإن كانت الجناية المتبوعة صادرة بالمباشرة والجناية التابعة مستندة إليه لأجل أقوائية السبب . وبعد إمكان جريان القصاص في كلّ من الأمرين بقطع يد الجاني من الكفّ فهو كما إذا قطعت الكفّ ابتداء عمداً بضربة واحدة، حيث لا يجري فيه غير القصاص إلاّ مع التراضي ، بل كما لو جنى عليه باليد فسرت إلى النفس فإنّه ليس للوليّ الاقتصاص في اليد وأخذ الدية من النفس ، بل يثبت قصاص النفس .
ثانيهما: ما أشار إليه المحقّق في الشرائع(2) من ثبوت حقّ القصاص في الاصبع وجواز أخذ الدية في الباقي ولو مع عدم التراضي ، وظاهره جواز القصاص أيضاً . والوجه فيه تعدّد الجناية وثبوت حكم كلّ واحدة عليها مستقلاًّ ، فبالإضافة إلى الاصبع القصاص وبالإضافة إلى الكفّ الدية ; لعدم إمكان قصاصها مستقلّة .
وفيه : مضافاً إلى وضوح بطلان التعدّد وكون السراية من آثار الجناية الأولى وتوابعها ، إنّ لازمه حينئذ تعيّن أخذ الدية في الكفّ لا التخيير بينه وبين القصاص ، كما هو ظاهر هذا الاحتمال .
الثاني: لو قطع يده من مفصل الكوع، فالظاهر ثبوت القصاص لعموم أدلّته وإمكان تحقّق المماثلة ; لفرض كونه مفصلاً ، والمراد من مفصل الكوع هو طرف الزند الذي يلي الابهام .
- (1) شرائع الإسلام: 4 / 1011 ـ 1012 .
- (2) شرائع الإسلام: 4 / 1012 .
(الصفحة 425)
الثالث: الفرض الثاني مع إضافة قطع بعض الذراع معه ، وفيه احتمالات:
أحدها: ما في المتن تبعاً للمحقّق في الشرائع من ثبوت الاقتصاص في اليد من مفصل الكوع لامكانه وانضباطه والحكومة في الزائد دون القصاص ، لعدم المفصل واختلاف أوضاع العروق والأعصاب وعدم القصاص في كسر العظام ، والمراد بالحكومة التفاوت على تقدير هذا النقص لو فرض كونه عبداً ، كما في سائر الموارد .
ثانيها: ما عن ابن إدريس(1) من الحكم باعتبار المساحة بدل الحكومة ، والمراد بالمساحة ملاحظة النسبة ، إن كان المقطوع نصف الذراع كان عليه نصف دية الذراع ، وإن كان ثلثاً فثلث ، وهكذا . واحتمل صاحب الجواهر(2) أن يكون المراد بالحكومة في القول الأوّل هي المساحة في هذا القول ، مع أنّه خلاف الظاهر جدّاً .
ثالثها: ما عن أبي علي(3) من أنّ له القصاص من المرفق بعد ردّ الفاصل .
رابعها: ما احتمله صاحب الجواهر، حيث قال: لولا ظهور الاتّفاق أمكن القول بالانتقال إلى الدية ; لتعذّر القصاص من محلّ الجناية، ولا دليل على ثبوته في غيرها(4) .
والظاهر هو الاحتمال الأوّل الذي اختاره في المتن تبعاً للشرائع ، وذلك لأنّ الحكم بثبوت القصاص في مقدار الجناية فقط لا مجال له بعد عدم إمكان تحقّق المماثلة غالباً ، وبثبوته في المرفق الذي هو زائد على مقدار الجناية لا مجال له أيضاً ،
- (1) السرائر: 3 / 395 .
- (2) جواهر الكلام: 42 / 401 .
- (3) حكى عنه في مختلف الشيعة: 9 / 458 مسألة 136 .
- (4) جواهر الكلام: 42 / 401 .
(الصفحة 426)الثالث: يشترط في القصاص التساوي في الأصالة والزيادة ، فلا تقطع أصلية بزائدة ولو مع اتّحاد المحلّ ، ولا زائدة بأصلية مع اختلاف المحلّ ، وتقطع الأصلية بالأصلية مع اتّحاد المحلّ ، والزائدة بالزائدة كذلك ، وكذا الزائدة بالأصلية مع اتّحاد المحلّ وفقدان الأصلية ، ولا تقطع اليد الزائدة اليمنى بالزائدة اليسرى وبالعكس ، ولا الزائدة اليمنى بالأصلية اليسرى ، وكذا العكس1..
لكونه زائداً على الحق ، ولا دليل على جريان القصاص فيه . والانتقال إلى الدية في المجموع كما في الاحتمال الأخير لا سبيل له ، لأنّ التفكيك في القصاص بين قطع المفصل وبين قطع الزائد عنه في غاية الغرابة ، مع أنّ العرف يعبّر عن الثاني بقطع المفصل والزيادة ، ولازمه كون الزيادة مانعة عن القصاص ، فالظاهر حينئذ هو الجمع بين القصاص من مفصل الكوع وبين الدية بالإضافة إلى الزائد الذي لا يجري فيه القصاص .
كما أنّ الظاهر أنّ المراد من الحكومة ما ذكرنا ، لا ما هو المحكي عن ابن إدريس من حساب المساحة ، لأنّ ثبوت الدية للعضو لا يقتضي التوزيع إن نصفاً فنصف وإن ثلثاً فثلث ، وإن كان فيه كلام سيأتي في كتاب الديات إن شاء الله تعالى .
الرابع: ما لو قطع من المرفق أو الزائد عنه ، فيجري القصاص في المرفق لما ذكر ، ويجري في الزيادة الحكومة بنحو ما مرّ .
الخامس: يجري جميع الفروض المذكورة في اليد في الرجل ، ويترتّب عليه الأحكام المذكورة هناك من دون فرق أصلاً .
1 ـ لا خلاف في اعتبار التساوي في الأصالة والزيادة في القصاص ، بل
(الصفحة 427)الرابع : لو قطع كفّه فإن كان للجاني والمجنيّ عليه إصبعاً (اصبع ـ ظ) زائدة في محلّ واحد كالإبهام الزائدة في يمينها وقطع اليمين من الكفّ اقتصّ منه ، ولو كانت الزائدة في الجاني خاصّة، فإن كانت خارجة عن الكفّ يقتصّ منه وتبقى الزائدة ، وإن كانت في سمت الأصابع منفصلة فهل يقطع الكفّ وتؤتى دية الزائدة، أو يقتصّ الأصابع الخمس دون الزائدة ودون الكفّ، وفي الكفّ .
الظاهر ـ كما في الجواهر(1)ـ الاتفاق عليه ، كما اعترف به في كشف اللّثام(2) ، فلا يجوز قطع الأصليّة بالزائدة سواء اتّحد المحلّ أو اختلف ولم يتّحد ، لعدم جواز أخذ الكامل بالنّاقص بعد اعتبار المماثلة في القصاص . وكذلك لا يجوز قطع الزائدة بالأصلية في صورة اختلاف المحلّ ، وكذا في صورة وجود الأصلية . نعم مع اتّحاد المحلّ وفقدان الأصلية لا مانع من القطع ، لأنّ المفروض الفقدان والاتّحاد ، ومجرّد الاختلاف في الأصالة والزيادة لا يمنع إذا كانت الزيادة في الجاني ، لجواز أخذ الناقص بالكامل دون العكس .
وممّا ذكرنا ظهر أنّه تقطع الأصلية بالأصلية مع اتّحاد المحلّ ، وكذا الزائدة بالزائدة كذلك ، فلا تقطع اليد الزائدة اليمنى بالزائدة اليسرى وبالعكس ، للاختلاف في المحلّ . وقد عرفت أنّ مجرّد الاختلاف في الزيادة والأصالة لا يقدح فيما إذا كانت الزيادة في الجاني إذا كان هناك أمران ، اتّحاد المحل وفقدان الأصلية . فمع فقد أحدهما لا مجال لجواز القطع ، كما أنّه لا تقطع الأصلية بالزائدة مطلقاً .
- (1) جواهر الكلام: 42 / 403 .
- (2) كشف اللثام: 2 / 473 .
(الصفحة 428)الحكومة؟ وجهان، أقربهما الثاني . ولو كانت الزائدة في المجنيّ عليه خاصّة فله القصاص في الكفّ وله دية الأصبع الزائدة ، وهي ثلث دية الأصلية ، ولو صالح بالدية مطلقاً كان له دية الكفّ ودية الزائدة . ولو كان للمجنيّ عليه أربع أصابع أصلية وخامسة غير أصلية لم تقطع يد الجاني السالمة ، وللمجني عليه القصاص في أربع ودية الخامسة وأرش الكفّ1..
1 ـ في هذا الفرع الذي يرتبط بقطع الكفّ من جهة وباعتبار التساوي في الأصالة والزيادة من جهة أُخرى فروض:
أحدها: ما إذا كان لكلّ من الجاني والمجنيّ عليه اصبع زائدة في مكان واحد ، كالابهام الزائدة في يمينهما وفرض كون الجناية عبارة عن قطع اليمين من الكفّ ، ولا شبهة في جريان الاقتصاص فيه بعد ثبوت المماثلة من جميع الجهات ، كما لا يخفى .
ثانيها: ما إذا كانت الاصبع الزائدة في الجاني خاصّة ، فإن كانت خارجة عن دائرة الكفّ التي هي محلّ الاقتصاص يقتصّ منه وتبقى الزائدة ، وإن لم يكن كذلك بل كانت في سمت الأصابع منفصلة بحيث لا يكون قطع الأصابع مستلزماً لقطعها ففيه وجهان:
الاوّل: قطع الكفّ المشتمل على الأصابع والاصبع الزائدة بأجمعها وأداء دية الزائدة إلى الجاني ، عملاً ببعض الروايات ، وهي رواية الحسن بن العبّاس بن الحريش المتقدّمة(1) الواردة في رجل قطع كفّ رجل فاقد للأصابع، الدالّة على قصاص مجموع كفّ الجاني وأصابعه وإعطاء دية الأصابع .
- (1) وسائل الشيعة: 19 / 129، أبواب قصاص الطرف ب 10 ح1، وقد تقدّم ذكرها في ص359 ـ 360 .