جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة القصاص
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 183)

والمنشأ أنّ المسألة خلافيّة ، فالمحقّق في الشرائع استظهر ثبوت القصاص(1) ، ونسب صاحب الجواهر ذلك إلى أكثر المتأخّرين(2) ، والمحكيّ عن أبي علي(3)والشيخ(4) والصهرشتي والطبرسي(5) وابن حمزة(6) وابن البراج(7) ، بل وعن ظاهر الصدوق عدم ثبوت القصاص عليه(8) ، وعن غاية المراد نسبة هذا القول إلى المشهور بين الأصحاب(9) ، ومنشأ الاختلاف وجود روايتين في المسألة في مقابل عمومات أدلّة القصاص ، لابدّ من ملاحظتهما من جهة تمامية السند والدلالة وعدمها ، ومن جهة وجود الاختلاف بينهما وعدمه ، فنقول:
الأولى: رواية محمّد الحلبي قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول ، فسالت عيناه على خدّيه ، فوثب المضروب على ضاربه فقتله ، قال: فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : هذان متعدّيان جميعاً ، فلا أرى على الذي قتل الرجل قوداً ، لأنّه قتله حين قتله وهو أعمى ، والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته ، يؤخذون بها في ثلاث سنين في كلّ سنة نجماً ، فإن لم يكن للأعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في
  • (1) شرائع الإسلام: 4 / 991  .
  • (2) جواهر الكلام: 42 / 188 .
  • (3) مختلف الشيعة: 9 / 359 مسألة 47  .
  • (4) النهاية: 760  .
  • (5) حكى عنهما في مفتاح الكرامة: 11 / 32  .
  • (6) الوسيلة: 455  .
  • (7) المهذّب : 2 / 495 ـ 496  .
  • (8) الفقيه: 4 / 93 ح271  .
  • (9) غاية المراد: 367 .

(الصفحة 184)

ماله ، يؤخذ بها في ثلاث سنين ، ويرجع الأعمى على ورثة ضاربه بدية عينيه(1) .
وتضعيف سند الرواية ـ كما في المسالك(2) ـ إنّما هو على طريق الشّيخ الذي فيه محمد بن عبدالله بن هلال الذي لم يرد فيه توثيق ، بل ولا مدح ، وأمّا على طريق الصدوق الذي رواه بإسناده عن العلاء فالرواية صحيحة لا مجال للمناقشة فيها من حيث السند .
وأمّا من جهة الدّلالة ، فالظاهر أنّ محطّ النظر في السؤال إلى وقوع القتل عقيب الضرب الموجب لسيلان العينين على الخدّين ، وتحقّق العمى لا بعنوان الدفاع الذي مرجعه إلى كون غرض الضارب قتل المضروب وعدم الاكتفاء بالضرب الكذائي ، بل بعنوان العقوبة على عمله والجزاء على فعله ، بحيث لو لم يتحقّق منه ذلك لم يكن هناك أمر آخر ، فما عن المختلف(3) من حمل الرواية على قصد الدفع مخالف لظاهر السؤال ، مضافاً إلى أنّه مخالف لكثير من الأحكام المذكورة في الجواب ، مثل الحكم بكونه متعدّياً أيضاً ، وبثبوت الدّية على العاقلة أو على نفسه .
وأمّا الجواب: فالظاهر أن قوله (عليه السلام) : «والأعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته» يكون الخبر فيه هو «خطأ» بالرفع ، والمقصود إعلام كون جناية الأعمى الصادرة في حال العمد خطأً وموضوعاً للديّة المترتّبة على قتل الخطأ ، كما في التعبيرات الواردة في الصبي والمجنون المشابهة لهذا التعبير . وأمّا احتمال كون «خطأ» منصوباً للحالية ، وجعل الخبر هي الجملة الفعلية التي بعده ، كما في المسالك(4) ، فيدفعه ـ مضافاً إلى
  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 306 ، كتاب الديات ، أبواب العاقلة ب 10 ح1  .
  • (2) مسالك الأفهام: 15 / 167 ـ 168  .
  • (3) مختلف الشيعة: 9 / 360 مسألة 47  .
  • (4) مسالك الأفهام: 15 / 168  .

(الصفحة 185)

عدم اختصاص هذا الحكم بالأعمى ، بل المبصر أيضاً تكون جنايته الصادرة في حال الخطأ على العاقلة ـ أنّ الرواية صريحة في الاستدلال على نفي القود الذي موضوعه القتل العمدي الصادر من الأعمى ، ولا معنى لجعل الكبرى هو كون جناية الأعمى الصادرة في حال الخطأ على عهدة العاقلة . وحمل قوله في السؤال: «فوثب» على صورة الخطأ خطأ واضح ، فلا ينبغي الارتياب في ظهور جملة «الأعمى جنايته خطأ» بل صراحتها في أنّ عمد الأعمى خطأ ، ويترتّب عليه لزوم الدية على العاقلة ، وأنّه لا قصاص فيه بوجه .
الثانية: رواية أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أعمى فقأ عين صحيح ، فقال: إنّ عمد الأعمى مثل الخطأ ، هذا فيه الدية في ماله ، فان لم يكن له مال فالدية على الإمام ، ولا يبطل حقّ امرئ مسلم(1) .
ورمي الرواية بضعف السند ـ كما في المسالك(2) ـ أيضاً لا يكون له منشأ إلاّ وجود عمّار الساباطي في السند ، مع أنّه ثقة ، بل من أجلّ الثقات ، فلا مجال لهذا أصلاً .
وأمّا الدلالة فلو كان الجواب مشتملاً على الحكم بثبوت الدية في مورد الرواية لما كان يستفاد منه العدم في جميع موارد جناية الأعمى عمداً; لعدم إمكان القصاص في مورد الرواية كما هو الظّاهر ، وأمّا الجواب بمثل ما ذكر في الرواية ، فهو يدلّ على عدم القصاص في الأعمى مطلقاً ، لإفادته قاعدة كلية ، وهو أنّ عمد الأعمى خطأ ، فإنّ ظاهره شمول الحكم لجميع موارد عمده ، فتدلّ على عدم ثبوت
  • (1) وسائل الشيعة: 19 / 65 ، أبواب القصاص في النفس ب 35 ح1  .
  • (2) مسالك الأفهام: 15 / 167 ـ 168  .

(الصفحة 186)

الشرط السادس: أن يكون المقتول محقون الدم ، فلو قتل من كان مهدور الدم كالساب للنبي(صلى الله عليه وآله) فليس عليه القود ، وكذا لا قود على من قتله بحقّ كالقصاص والقتل دفاعاً ، وفي القود على قتل من وجب قتله حدّاً كاللاّئط .

القصاص فيه .
وقد انقدح ممّا ذكرنا تمامية الروايتين من جهة إفادة عدم القصاص في الأعمى ، ولكن يبقى في البين أمران:
أحدهما: ما ذكره الشهيد الثاني (قدس سره) في محكي المسالك(1) من ثبوت الاختلاف بين الرّوايتين ، نظراً إلى اشتمال الأُولى على كون الدية تجب ابتداء على العاقلة ، ومع عدمها تجب على الجاني; واشتمال الثانية على كون الدية تجب على الجاني دون العاقلة ، ومع عدم مال له تثبت على الامام .
ويدفعه أنّ الاختلاف بينهما إنّما هو بنحو الإطلاق والتقييد الذي لا يكون في الحقيقة اختلافاً ، لوجود الجمع الدلالي عرفاً بينهما ، فيقيّد الحكم بالثبوت على الجاني في الثانية بما إذا لم يكن للأعمى عاقلة ، بشهادة الرّواية الأُولى التي وقع فيها هذا القيد ، كما أنه يستفاد من الثانية ثبوت الدية على الإمام إذا لم يكن للجاني مال ، فيقيّد به إطلاق الأولى لو كان لها إطلاق ، من دون أن يكون بينهما اختلاف بوجه .
ثانيهما: أنّه على تقدير عدم الاختلاف وثبوت الجمع بالنحو المذكور ، يصير حاصل مفاد الروايتين ثبوت الدية على العاقلة أوّلاً ، وعلى الجاني ثانياً ، وعلى الإمام ثالثاً; مع أنّ الشهرة على خلافه ، لعدم كون حكم الخطأ الثبوت على الجاني بعد عدم العاقلة ، فتصير الروايتان معرَضاً عنهما ، فكيف يجوز الاعتماد عليهما .

  • (1) مسالك الأفهام: 15 / 168  .

(الصفحة 187)

والزاني والمرتدّ فطرة بعد التوبة تأمّل وإشكال ، ولا قود على من هلك بسراية القصاص أو الحدّ1..

ويمكن دفعه أيضاً بأنّ إعراض المشهور عن هذه الجهة لا يقدح فيما هو محلّ البحث في المقام ، وهو ثبوت القصاص وعدمه ، وقد عرفت دلالتهما على العدم ، ولم يتحقّق إعراض المشهور عن هذه الجهة ، بل ربّما تكون الشهرة موافقة لهما ، كما عرفت في نقل القولين(1) ، ولعلّ ما ذكر هو وجه تردّد المتن ، ولكنّ الظّاهر أنّه لا مساغ لرفع اليد عن مقتضى الروايتين مع اعتبارهما من حيث الدلالة ، خصوصاً مع كون مقتضى الاحتياط ذلك أيضاً .

1 ـ قد مرّ في أوّل الكتاب الإشكال على المتن ، ومثله في تعريف موجب القصاص بأنّ الجمع بين توصيف النفس بالمعصومة ، مع جعل أحد الشرائط كون المقتول محقون الدم ممّا لا وجه له ، لكون المراد منهما أمراً واحداً ، كما هو ظاهر .
وكيف كان فلا إشكال في أنّه لو كان المقتول مهدور الدم مطلقاً ولكلّ أحد ، كالسابّ للنبيّ(صلى الله عليه وآله) لا يترتّب على قتله قصاص ولو كان قتله عمداً ، كما أنّه لا إشكال في عدم ثبوت القود بالإضافة إلى ورثة المقتول إذا اختاروا القصاص وقتلوا القاتل . ففي صحيحة أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث قال: سألته عن رجل قتله القصاص له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتصّ من أحد . وقال: من قتله الحدّ فلا دية له(2) .
فإنّ السؤال وإن كان عن ثبوت الدية لمن قتله القصاص ، إلاّ أنّ الاستدلال في
  • (1) تقدّم في ص183 .
  • (2) وسائل الشيعة: 19 / 46 ، أبواب القصاص في النفس ب 24 ح1  .