(الصفحة 257)
إحرازه إثباتاً غالباً .
وممّا ذكرنا ظهر أنّ سيادة الحسنين (عليهما السلام) ومن ينتسب إليهما بالأب إنّما كان لأجل أمير المؤمنين(عليه السلام) لا لأجل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يكون انتسابهما إليه بالاُمّ ، وكذلك ظهر أنّه لا فرق في السيادة بين الحسنين (عليهما السلام) وغيرهما من أولاد أمير المؤمنين(عليه السلام) الذين لا تكون اُمّهم فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، كأبي الفضل العبّاس ومحمّدبن الحنفية وغيرهما ، كما أنّه ظهر اشتراك الهاشميين العلويّين مع العبّاسيين والعقيليّين وغيرهما ممّن يكون انتسابه بالأب دون الاُمّ; لاشتراك الجميع في عنوان الهاشمي ، وقد عرفت دلالة بعض الروايات السابقة على حرمة الصدقة لبني العبّاس ، ويكون لهم ذريّة في هذا الزمان حتّى يوجد فيهم بعض العلماء والشخصيات العلميّة .
ويكون في زماننا هذا سيّما في مملكتنا إيران لكلّ أحد سجلّ يعبّر عنه بالفارسية بـ «شناسنامه» ويكون ذلك السجلّ مشتملاً على ذكر أكثر خصوصيات الرجل ، وعمدتها الاسم واللقب الذي يعبّر عنه بـ «فاميل» ويكون لقب كلّ أحد تابعاً للقب أبيه دون اُمّه ، مشعراً بأنّه من تلك الطائفة والقبيلة ، ولا يكون الانتساب إلى الاُمّ معهوداً في هذه الجهة أصلاً ، ويؤيّده سائر الاُمور المشتملة على ياء النسبية ، فلا يقال القمّي مثلاً إلاّ لمن كان أبوه قمّياً لا اُمّه ، وكذلك الطهراني ومثله .
فانقدح من جميع ذلك أنّ الأصحّ كما في المتن هو اعتبار الانتساب من طرف الأب وعدم كفاية الانتساب من طرف الاُمّ ، ويؤيّده بناء المتشرّعة على ذلك ، فإنّهم لا يعاملون مع من انتسب من طرف الاُمّ السيادة ولا يجوّزون التلبّس بلباسها له ، كما لا يخفى .
كما أنّه يؤيّده بعض الروايات الضعيفة الدالّة على ذلك ـ وإن كان يمكن دعوى انجبار ضعفها بفتوى المشهور على طبقها ، وإن أمكن المناقشة بأنّ الموافقة أعمّ من
(الصفحة 258)مسألة 2 : يعتبر الإيمان أو ما في حكمه في جميع مستحقّي الخمس ، ولا يعتبر العدالة على الأصحّ ، والأحوط عدم الدفع إلى المتهتّك المتجاهر بالكبائر ، بل يقوى عدم الجواز إن كان في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح وفي المنع ردع عنه ، والأولى ملاحظة المرجّحات في الأفراد1 .
الاستناد ، والملاك هو الثاني ـ مثل مرسلة حمّاد المفصّلة المشتملة على ذلك : من كانت اُمّه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإنّ الصدقات تحلّ له وليس له من الخمس شيء(1) .
1 ـ أمّا اعتبار الايمان في مستحقّي الخمس من الأصناف الثلاثة الأخيرة فليس لأجل التعليل الوارد في بعض روايات منع الزكاة من غير المؤمن; وهو كونهم مشركين وزنادقة(2) ، فإنّه ـ مضافاً إلى عدم تماميّته في مورده ; لأنّ المفروض عدم الاتّصاف بالإيمان فقط لا الاتّصاف بالكفر والشرك ـ يشكل بعدم تمامية الرواية المشتملة على التعليل من حيث السند ، بل الدليل ما أشرنا إليه مراراً من بدلية الخمس عن الزكاة ، ومرجعه إلى أنّ الفقير المستحقّ للزكاة إذا لم يكن هاشميّاً فهو مستحقّ للخمس إذا كان كذلك ، وقد دلّ الدليل على اعتبار الإيمان وأنّه يعطى للفقير المخالف الحجر(3) ، كما أنّه قد ورد عدم الاجتزاء بالزكاة التي اُعطي إليها ولو صار مستبصراً; لأنّه وضعها في غير موضعها(4) ، فيستفاد من ذلك عدم استحقاق
- (1) الكافي 1 : 539 ح4 ، الوسائل 9 : 513 ، أبواب قسمة الخمس ب1 ح8 .
- (2) الوسائل 9 : 228 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب7 ح4 .
- (3) الوسائل 9 : 223 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب5 ح7 .
- (4) الوسائل 9 : 216 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب3 .
(الصفحة 259)مسألة 3 : الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى ، أمّا ابن السبيل ـ أي المسافر في غير معصية ـ فلا يعتبر فيه في بلده . نعم ، يعتبر الحاجة في بلد التسليم وإن كان
غير المؤمن للخمس ولو كان هاشميّاً .
ثمّ إنّ المراد ممّا في حكمه اللحوق بالمؤمن وإن لم يتّصف بذلك أصالة ، كالولد الملحق بالمؤمن لأجل عدم بلوغه .
وأمّا عدم اعتبار العدالة ـ فمضافاً إلى أنّه لا دليل عليه يوجب اعتبارها ـ قلّة المستحقّين للخمس جدّاً; لعدم وجود هذا الوصف في أكثرهم ، بل عدم وجود الأمارة الشرعية على العدالة; وهي حسن الظاهر فيه ، مضافاً إلى ما ورد في شارب الخمر من عدم جواز دفع الزكاة إليه(1) ، فإنّ مقتضى البدلية المنع عن الخمس أيضاً . نعم ، قد وقع البحث هناك في جواز التعدّي إلى المحرّمات المهمّة الاُخرى ، سيّما مثل ترك الصلاة الذي هو أهمّ من شرب الخمر .
وقد احتاط في المتن بعدم الدفع إلى المتهتّك المتجاهر بالكبائر ، بل قوّى عدم الجواز فيما إذا كان في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح وفي المنع ردع عنه ، والوجه في ذلك حرمة الإعانة ووجوب المنع عن المحرّم ، وإن كانت الإعانة راجعة إلى قصد وقوع المعان عليه من المعان ، وهنا لا يكون الأمر كذلك ، لكنّ هذا لا ينافي الاحتياط .
ثمّ إنّه جعل في الذيل أنّ الأولى ملاحظة المرجّحات في الأفراد ، ككونه أهل العلم ، أو أشدّ فقراً من أقوامه أو جيرانه ، والوجه فيه واضح .
- (1) الكافي 3: 563 ح15 ، المقنعة: 242 ، التهذيب 4: 52 ح138 ، الوسائل 9: 249 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب17 ح1 .
(الصفحة 260)
غنيّاً في بلده ، كما مرّ في الزكاة1 .
1 ـ أمّا اعتبار الفقر في اليتامى فهو المعروف والمشهور بين الفقهاء(1) ، وهو المناسب لعلّة تشريع الخمس; وهو سدّ حاجة بني هاشم(2) كالزكاة لغير بني هاشم ، وإن كان ظاهر الآية الشريفة باعتبار عطف المساكين على اليتامى يقتضي المغايرة ، وأنّ اليتامى موضوع مستقلّ في مقابل المساكين ، لكن الظاهر أنّ العطف إنّما هو بلحاظ الاهتمام بيتامى الفقراء في مقابل غيرهم من المساكين ، ويؤيّده بل يدلّ عليه بعض الروايات الضعيفة(3) التي يمكن دعوى استناد المشهور إليها ، مضافاً إلى استبعاد استحقاق اليتيم للخمس ولو كان في كمال الغنى .
وأمّا ابن السبيل ، فالبحث فيه تارةً من حيث الموضوع ، واُخرى من جهة الحكم .
أمّا من الجهة الاُولى: فقد صرّح صاحب العروة(4) بأنّه لا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية ، ولكن صريح المتن أنّ المراد بابن السبيل هو المسافر في غير معصية ، أي الذي لا يكون سفره محرّماً ولا غايته كذلك وإن لم يكن في طاعة ، وهو المناسب للاعتبار ، فإنّ من يكون سفره في معصية لا يناسب إعطاء الخمس له ، خصوصاً إذا كان فيه الإعانة على الإثم بالمعنى المتقدّم وفي المنع الردع عنه .
وأمّا من الجهة الثانية: فالظاهر عدم اعتبار الفقر فيه ، بل اعتبار الحاجة في بلد
- (1) الروضة البهية 2 : 82 ، الحدائق الناضرة 12: 385 .
- (2) وسائل الشيعة 9 : 520 ، أبواب قسمة الخمس ب3 .
- (3) الوسائل 9 : 513 ، أبواب قسمة الخمس ب1 ح8 وص553 ، أبواب الأنفال ب4 ح21 .
- (4) العروة الوثقى 2 : 403 مسألة 1 .
(الصفحة 261)مسألة 4 : الأحوط إن لم يكن الأقوى عدم دفع من عليه الخمس إلى من تجب نفقته عليه ، سيّما زوجته إذا كان للنفقة ، أمّا دفعه إليه لغير ذلك ممّا يحتاج إليه ولم يكن واجباً عليه فلا بأس ، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليه ولو للإنفاق حتّى الزوجة المعسر زوجها1 .
مسألة 5 : لا يصدّق مدّعي السيادة بمجرّد دعواه . نعم ، يكفي في ثبوتها
التسليم وإن كان غنيّاً في بلده ; لأنّ الملاك فيه هي الحاجة لذلك لا الفقر المطلق ، ولذا عطف على المساكين ، والعطف دليل المغايرة .
1 ـ الوجه في الاحتياط اللازم بل الأقوى عموم التعليل الوارد في بعض الروايات الصحيحة الدالّة على المنع من إعطاء الزكاة لواجبي النفقة ، من قوله(عليه السلام) : إنّهم عياله لازمون له(1) ، فإنّ المستفاد منه أنّ نفقتهم إنّما هي كنفقة نفسه ، ولا ريب في عدم جواز إنفاق خمس نفسه لنفقتها ، ولو في الاُمور المتعلّقة للخمس غير المرتبطة بمؤونة السنة كالمعدن ونحوه ; لأنّ الواجب عليه الدفع لا الصرف . نعم ، في الاُمور الزائدة على النفقة الواجبة المحتاج إليها لا بأس بدفع الخمس بلحاظها ، كما أنّه لا بأس بدفع خمس الغير إلى واجبي النفقة ، كالزوجة التي يكون زوجها معسراً غير قادر على إنفاقها; لأنّ مجرّد وجوب الإنفاق لا يكفي في عدم جواز دفع الخمس مع فرض عدم القدرة عليه ، كما لا يخفى .
كما أنّه يجوز للزوجة التي يجب عليها الخمس دفع خمسها إلى زوجها لو كان مستحقّاً له ولو لإنفاق هذه الزوجة ، فتدبّر .
- (1) الوسائل 9 : 240 ، أبواب المستحقّين للزكاة ب13 ح1 .