(الصفحة 276)
مسألة 10 : يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر وإن كان عروضاً ، ولكن الأحوط أن يكون ذلك بإذن المجتهد حتّى في سهم السادات1 .
نظره ، وسواء كان الهدف عدم الضمان مع تعيّن النقل إليه ، وسواء كان الهدف تعيّن مرجع التقليد لذلك .
نعم ، قد عرفت ظهور بعض العبارات في عدم الضمان في صورة أولوية النقل ، وهو مع أنّه مخالف للواقع مغاير لما سبق ، فلا مجال للتكرير أصلاً ، خصوصاً مع ما عرفت من التعبير في المسألة السابقة بالخمس الذي هو أعمّ من سهم الإمام(عليه السلام) في الآية الشريفة ، وفي الروايات المأثورة ، وفي التعبيرات الفقهية ، كما عرفت .
1 ـ لا شبهة في أنّه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من نفس المال الذي تعلّق به ، كما إذا أراد أن يدفع خمس المعدن من نفس ما استخرجه منه مع البلوغ حدّ النصاب المتقدّم ، بل هو الأصل في دفع الخمس بعد تعلّقه بالعين .
وأمّا إذا أراد أن يدفع من مال آخر ، فتارةً يكون نقداً واُخرى عروضاً ، وظاهر المتن أنّ مقتضى الاحتياط أن يكون ذلك بإذن المجتهد حتّى في سهم السادات ، والوجه في ذلك أمّا بالإضافة إلى سهم الإمام(عليه السلام) فهو أنّ اختياره بيد الحاكم الشرعي ولو من باب الولاية والنيابة ، فتبديل ماله ولو بالنقد يتوقّف على إذنه وموافقته ، وأمّا بالإضافة إلى سهم السادات العظام فسيأتي ، وتقدّم(1) أنّ مقتضى الاحتياط الوجوبي أن يكون إيصال هذا السهم بأربابه موقوفاً على إذن المجتهد; لعدم تشخّص المالك وعدم ثبوت الترجيح اللازم ، فالوليّ له حقيقة هو المجتهد ، وعليه فالتبديل مطلقاً يحتاج إلى إذنه وموافقته ، وقد عرفت أنّه (قدس سره) قد قوّى أنّ أمره
(الصفحة 277)
بيد الحاكم وقد مرّ وجهه(1) ، وعليه فإذا أراد التبديل فلا مانع منه ، هذا بناءً على الشركة في المالية .
وأمّا بناءً على الشركة الحقيقية أو الكلّي في المعيّن فالأمر أوضح ، وقد صرّح السيّد في العروة(2) بأنّ تعلّق الخمس كالزكاة إنّما هو من باب الكلّي في المعيّن ، مع أنّ التعبير في باب الخمس في الآية والروايات إنّما هو بالخمس الذي هو الكسر المشاع بالإشاعة الحقيقيّة ، كما لو فرض أنّه باع خمس داره ، فإنّه قد انتقل إلى المشتري خمس الدار بالنحو المذكور بحيث يحتاج التقسيم إلى موافقته ورضاه .
وأمّا في باب الزكاة فالتعبيرات بالإضافة إلى الاُمور التي يتعلّق بها الزكاة مختلفة ، فمن بعضها يظهر الكلّي في المعيّن ، كما في قوله(عليه السلام) : في كلّ أربعين شاة شاة(3) ، ومن بعضها تظهر الشركة الحقيقيّة ، كما في قوله : في كلّ ما سقته السماء العشر (4) ، فإنّ كلمة «العشر» مثل كلمة «الخمس» في الدلالة على الشركة المزبورة ، ومن بعضها تظهر الشركة في المالية ، مثل قوله : في كلّ خمس من الإبل شاة(5) بعد ملاحظة عدم لزوم تهيئة الشاة من الخارج ولا تكون الشاة جزءاً من خمس إبل ، فلا محالة يكون المراد الشركة في المالية .
وحيث إنّ المقطوع به أنّ كيفيّة التعلّق في جميع الأجناس الزكوية على نحو واحد ، كما تفصح عنه آية الزكاة التي وقع فيها التعبير بالصدقات وكذا الروايات ،
- (1) في ص269 .
- (2) العروة الوثقى 2 : 399 ـ 400 مسألة 76 .
- (3) الوسائل 9 : 116 ، أبواب زكاة الأنعام ب6 ح1 .
- (4) الوسائل 9 : 182 ، أبواب زكاة الغلاّت ب4 .
- (5) الوسائل 9 : 111 ، أبواب زكاة الأنعام ب2 ح6 .
(الصفحة 278)
فلا مناص من رفع اليد عن ظاهر بعض بصراحة الآخر ، فلا محالة يحمل على إرادة الشركة في المالية غير المنافية لحكمة الزكاة المجعولة للأصناف الثمانية المذكورة في الآية ، وعليه فقياس الخمس على الزكاة في غير محلّه ، وقد مرّ أنّ مقتضى الشركة الحقيقيّة أنّ الاعتبار بيد الحاكم والإناطة بإذنه ، فلابدّ من أن يكون التبديل مع موافقته .
هذا هو مقتضى القاعدة ، لكن ذكروا في باب الزكاة أدلّة لعلّ بعضها يشمل المقام ، مثل صحيحة البرقي قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام) : هل يجوز أن اُخرج عمّا يجب في الحرث من الحنطة والشعير وما يجب على الذهب دراهم قيمة ما يسوى ، أم لا يجوز إلاّ أن يخرج من كلّ شيء ما فيه؟ فأجاب(عليه السلام) : أيّما تيسّر يخرج(1) . نظراً إلى أنّ السؤال الأوّل وإن كان ظاهراً في الزكاة ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال بإطلاق السؤال الثاني وشموله للخمس .
لكن ربما يورد عليه بأنّ الإشكال في الدفع من العروض الاُخر ; لأنّ الدرهم بدل الدينار ربما ينتفع به الفقير بخلاف دفع كتاب مثلاً إليه بدله .
هذا ، ولكنّ الظاهر عدم شمول الرواية لغير الزكاة; لأنّ الذهب بعنوانه لا يكون من الاُمور المتعلّقة للخمس ، وأمّا في باب الزكاة يكون متعلّقاً لها ، خصوصاً بقرينة أنّ المراد بالذهب ليس مطلق الذهب ، بل مطلق الدينار لمقابلته بالدرهم ، ومن المعلوم أنّ الدينار لا يكون إلاّ متعلّقاً للزكاة ، وأمّا تعلّق الخمس به لأنّه كان الرائج في الأزمنة السابقة في الثمن هو النقدين ، فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ تعلّق الخمس ليس لأجل الدينار ، بل لأجل كونه من أرباح المكاسب ، كما لا يخفى .
- (1) الكافي 3 : 559 ح1 ، الوسائل 9 : 192 ، أبواب زكاة الغلاّت ب9 ح1 .
(الصفحة 279)
مسألة 11 : إذا كان في ذمّة المستحقّ دين جاز له احتسابه خمساً مع إذن الحاكم على الأحوط لو لم يكن الأقوى ، كما أنّ احتساب حقّ الإمام (عليه السلام) موكول إلى نظر الحاكم1 .
وعليه: فالظاهر عدم صلاحية الرواية للاستدلال بها للمقام ، فتدبّر . وحينئذ لو لم يكن جواز التبديل متسالماً عليه بينهم كما يظهر من بعض الكلمات فلا أقلّ من أن يكون مقتضى الاحتياط الوجوبي العدم إلاّ بإذن الحاكم وموافقته مع التبديل ، كما لا يخفى ، من دون فرق بين النقد والعروض .
1 ـ أمّا بالإضافة إلى سهم الإمام(عليه السلام) فالحكم واضح; لأنّه مرتبط به; أي بالحاكم كما تقدّم(1) ، وقد عرفت أنّ كفاية اتّحاد المصرف لابدّ وأن تلاحظ بالنظر إلى الكيفيّة والكمّية أيضاً ، فجواز الاحتساب في الفرض المزبور موكول إلى نظر الحاكم .
وأمّا بالإضافة إلى سهم السادات العظام فمنشأ الاحتياط ـ لو لم يكن الأقوى ـ أنّ مرجع الاحتساب المزبور إلى جعل ما في ذمّة المستحقّ بدلاً عن الخمس المتعلّق بالعين ، ولم يرد في باب الخمس دليل على ذلك ، سواء قلنا بأنّ الاختيار في سهم السادة بيد المالك ، أو بيد الحاكم وإن كان الحكم على الثاني أشدّ إشكالاً ، كما لايخفى . من دون فرق في أصل الحكم بين القول بكون الخمس ملكاً لبني هاشم أو كونهم مصرفاً له ، وكذا من دون فرق بين الالتزام بالإشاعة أو الكلّي في المعيّن ، وبين غيرهما . نعم ، لا شبهة في الجواز مع إذن الحاكم ، وقد مرّ في بعض المسائل
(الصفحة 280)
مسألة 12 : لا يجوز للمستحقّ أن يأخذ من باب الخمس ويردّه على المالك إلاّ في بعض الأحوال ، كما إذا كان عليه مبلغ كثير ولم يقدر على أدائه; بأن صار معسراً لا يرجى زواله وأراد تفريغ ذمّته ، فلا مانع حينئذ منه لذلك1 .
السابقة(1) أنّ الأقوى في نظره كون أمر سهم السادة أيضاً بيده ، فلا يخلو عن تهافت مع المقام .
1 ـ أمّا عدم الجواز في المستثنى منه ، فلأنّ الردّ إلى المالك إن كان لأجل الاستحقاق فالمفروض عدمه ، وربما لا يكون من السادة أصلاً وإن كان بصورة الهبة كالهبة في الأموال الشخصية ، فلأنّ المفروض عدم كون مثل هذه الهبة في شأنه ومن جملة مخارجه وحوائجه . نعم ، قد عرفت(2) أنّه لا يجوز للمالك صرف خمس نفسه في نفقة عياله وإن كان يجوز له صرف خمس الغير في نفقتها ، كما إذا كان الزوج معسراً ، وإن كان يجب عليه الخمس للمعدن ونحوه ولكنّه أتلف جميع ما استخرجه من المعدن وصار الخمس منتقلاً إلى ذمّته; لقاعدة الإتلاف .
وأمّا الجواز في المستثنى ، فلأجل صيرورته معسراً غير قادر على أداء الخمس الذي كان يجب عليه ولم يرج زوال هذا الإعسار في المستقبل ، فإنّه لو أراد تفريغ الذمّة فلا مانع من أداء مقدار بعنوان الخمس إلى المستحقّ ثمّ ردّه عليه ، وهكذا إلى أن يصل إلى المقدار الواجب ، وهو الذي يعبّر عنه بإدارة اليد ، وفي الفارسية بـ «دستگردان» ولا مجال له لأداء الواجب غير هذا الطريق ، وفي هذا الفرض لا يلزم أن يكون المالك من المستحقّين كما إذا لم يكن سيّداً أصلاً ، كما أنّ ردّ
- (1) أي في مسألة 7 .
- (2) في ص261 .