(الصفحة 146)
من جهة الكمّية .
ولا مجال لتوهّم أنّ النقصان كذلك موجب لعدم تعلّق الخمس ولو مع ارتفاع القيمة كثيراً ، كما يزعمه بعض الصائغين ، حيث يقول : بأنّ قيمة الذهب وإن علت كثيراً إلاّ أنّ أصل العين التي كانت بأيدينا في أوّل السنة صارت ناقصة وزناً فلا يتعلّق بنا الخمس .
وجه بطلان التوهّم أنّ الملاك في باب الخمس هو الماليّة وما يعامل به في السوق ، فإذا صارت قيمة مائة كيلو من الأرز مثلاً أضعاف قيمتها الأوّلية ، بحيث صارت قيمة ثمانين كيلواً مطابقة لأزيد من المائة الأوّلية يتعلّق بالزائد الخمس; لأنّه يتحقّق عنوان الربح بالزيادة ولو مع حصول نقصان في العين ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّ السيّد (قدس سره) في العروة(1) بعد الحكم باشتراك الصورتين في تعلّق الخمس بنمائهما وزيادتهما ـ سواء كانت متّصلة أو منفصلة ـ قد فرّق بينهما بعدم تعلّق الخمس بارتفاع القيمة السوقية التي هي زيادة حكمية في الصورة الاُولى ، مستنداً إلى عدم صدق التكسّب وحصول الفائدة ، ونفى البُعد عن الوجوب فيها في صورة البيع وتحقّقه ، وأمّا الصورة الثانية فاستظهر وجوب خمس ارتفاع القيمة بعد تمام السنة مع إمكان البيع وأخذ القيمة .
أقول : تعلّق الخمس بالزيادة العينية حتّى في الصورة الاُولى فقد ذكر بعض الأعلام (قدس سره) أنّه لا ينبغي الشكّ فيه ولم يستشكل فيه أحد بالإضافة إلى النماء المنفصل كنتاج الحيوان وثمر البستان ، لأنّ الحكم لا يدور مدار التكسّب والتجارة المنتفية في الصورة الاُولى ، لدورانه مدار الفائدة وهي متحقّقة ، وأمّا في النماء المتّصل فالحال
- (1) العروة الوثقى 2 : 391 مسألة 53 .
(الصفحة 147)
أيضاً كذلك إذا كانت للزيادة مالية عرفاً كالسمن ونموّ الشجر ، فإنّ الزائد والمزيد عليه وإن كانا في الخارج موجوداً وحدانيّاً لا تعدّد فيه ، إلاّ أنّه لا ينبغي التأمّل في حصول فائدة كان فاقداً لها قبلاً . نعم ، هذه الزيادة لم تتحصّل بالاكتساب(1) .
أقول : نحن وإن احتملنا عدم تعلّق الخمس بالزيادة العينية حتّى في الصورة الاُولى ، نظراً إلى عدم زيادة الفرع على الأصل خصوصاً في الزيادة المتّصلة ، إلاّ أنّ العمدة الفرق بين الصورتين في نفس البيع الخارجي وإمكانه وأخذ الثمن كما في العروة(2) وإن صرّح بالثاني في المتن أيضاً ، والظاهر أنّ منشأه أنّ إمكان البيع وأخذ الثمن كاف في حصول الفائدة ، بل التكسّب في الصورة الثانية التي يكون المقصود فيها الاتّجار .
وأمّا الصورة الاُولى التي لا يراد فيها ذلك فما دام لم يتحقّق البيع خارجاً لا مجال لصدق التكسّب ، بل الفائدة بعدما كان المقصود إبقاء العين واقتناءها والانتفاع بمنافعها .
وأمّا بعد تحقّق البيع كذلك أي خارجاً فقد فصّل فيه بعض الأعلام(3) بين ما إذا كان الانتقال إليه بالمعاوضة ، وبين ما إذا لم يكن الانتقال إليها كذلك بالمعاوضة كالإرث ، نظراً إلى أنّه في صورة الانتقال بالمعاوضة من شراء ونحوه يتحقّق الربح والفائدة عرفاً ، فيصحّ أن يقال: إنّه ربح في هذه المعاملة كذا مقداراً ، وفي صورة عدم الانتقال بالمعاوضة ينبغي التأمّل في أنّه ما لم يبع العين لا يصدق الربح ، فلا يستوجب ترقّي القيمة صدق عنوان الفائدة لتخمس . نعم ، يتحقّق الصدق بعد البيع
- (1) مستند العروة الوثقى ، كتاب الخمس : 226 ـ 227 .
- (2) العروة الوثقى 2 : 391 مسألة 53 .
- (3) مستند العروة الوثقى ، كتاب الخمس : 228 ـ 229 .
(الصفحة 148) مسألة 9 : لو كان بعض الأموال التي يتّجر بها وارتفعت قيمتها موجوداً عنده في آخر السنة وبعضها ديناً على الناس ، فإن باع الموجود أو أمكن بيعه وأخذ قيمته يجب عليه خمس ربحه وزيادة قيمته . وأمّا الذي على الناس ، فإن
في صورة الاشتراء لا مثل الإرث .
ثمّ إنّه حمل إطلاق كلام الماتن (قدس سره) الدالّ على نفي البُعد عن الوجوب على التفصيل الذي اختاره بقرينة التعبير بالشراء في الذيل الدالّ على حصول الانتقال بالمعاوضة ، مع أنّه من الظاهر أنّ ذكر الشراء إنّما هو من باب المثال لا لأجل تحقّق المعاوضة في مقابل الإرث والهبة غير المعوّضة على تقدير القول بعدم ثبوت الإرث في مثله ، بل ظاهر كلام السيّد الفرق بين أصل الصورتين بأنّ إمكان البيع وأخذ القيمة يكفي في ثبوت الخمس في الصورة الثانية ، وأمّا الصورة الاُولى ففي فرض تحقّق البيع خارجاً نفى البعد عن الثبوت من دون فرق بين كون الانتقال إليه بالمعاوضة أو بغيرها . والظاهر أنّه لا فرق بين الفرضين في عدم الوجوب; لعدم كون المقصود التجارة والاسترباح بل الاقتناء ، ومجرّد البيع الخارجي لا يوجب الإرث .
ثمّ إنّه ذكر في المتن في ذيل المسألة قوله : «وإن لم يتمكّن إلاّ في السنة التالية . . .» والظاهر أنّ المراد عدم التمكّن من أصل البيع إلاّ في السنة التالية ، وفي هذه الصورة الأظهر كون الربح مربوطاً بهذه السنة لا الماضية ، كما أنّه لو فرض التمكّن من أصل البيع في هذه السنة لكن على سبيل النسيئة التي وقتها السنة التالية ، فالظاهر دخوله في المسألة التاسعة الآتية وجريان التفصيل بين الاطمئنان بالاستحصال فيخمّس الزائد ، وعدم الاطمئنان بالاستحصال فيصبر إلى زمان تحصيله ، فمتى حصّله تكون الزيادة من أرباح سنة التحصيل .
(الصفحة 149)
كان يطمئنّ باستحصاله متى أراد بحيث يكون كالموجود عنده يخمّس المقدار الزائد على رأس ماله ، وما لا يطمئنّ باستحصاله يصبر إلى زمان تحصيله ، فمتى حصّله تكون الزيادة من أرباح سنة التحصيل1 .
1 ـ أمّا وجوب خمس الربح بالإضافة إلى القسم الأوّل فواضح; لأنّ المفروض بيع الموجود ، أو إمكان بيعه وأخذ قيمته .
وأمّا القسم الثاني ، فقد فصّل فيه بين الدين الذي يطمئنّ باستحصاله متى أراد بحيث يكون كالموجود عنده ، فاللازم تخميسه ، وبين ما لا يطمئنّ باستحصاله ، فيصبر إلى زمان تحصيله ، فمتى حصّله تكون الزيادة من أرباح سنة التحصيل ، ويلحق به ما إذا باع نسيئةً في هذه السنة ، ولكن كان وقت أداء الثمن السنة التالية ، فهل التفصيل المذكور يجري فيه بحيث كان يجب عليه خمس الربح في سنة البيع في صورة الاطمئنان باستحصاله في وقته ، أو لا يجب عليه خمس هذا الربح إلاّ في السنة التالية؟ وجهان :
وهنا فرض آخر رائج في السوق ، وهو أنّه إنّما يأخذ البائع من المشتري الصّك بالإضافة إلى طلبه ، ولكن يمكن للبائع بيع الصك الذي هو بيع ماله في ذمّة الغير حقيقة ، غاية الأمر بأقلّ من الثمن ، وهو الذي يعبّر عنه أهل السوق بـ «إسكوند» فهل إمكان البيع كذلك بمنزلة إمكان بيع أصل العين وأخذ الثمن نقداً وإن كان أقلّ من الثمن الذي باع العين به نسيئة ، أو أنّه مع البيع خارجاً كذلك ، أو أنّه لابدّ من ملاحظة بيع أصل العين وانتظار حلول وقت الثمن وإمكان استحصاله؟ وجوه ، لايبعد أن يكون خيرها أوسطها ، ولا فرق في ذلك بين بيع الصك من شخص ثالث أو من المشتري ، وإن كان التعبير المذكور يستعمل غالباً في الفرض الثاني .
ثمّ إنّ الوجه في كفاية الاطمئنان بالاستحصال هو أنّ الاطمئنان أي الظنّ
(الصفحة 150)
المتآخم للعلم يعامل معه عند العرف والعقلاء معاملة العلم ، فهي حجّة عقلائية ، كما أنّ القطع الحقيقي حجّة عقلية على ما مرّ غير مرّة ، فتدبّر .
ثمّ إنّه لا بأس بالتعرّض لمسألة مهمّة يكثر الابتلاء بها ، وقد تعرّضنا لخلاصتها في بعض رسائلنا العمليّة وإن لم يكن لها ربط بالمقام ، وهي أنّ اعتبار مالية الأثمان المعمولة التي هي من القرطاس المخصوص بشكل مخصوص المختلفة حسب اختلاف البلاد والممالك المتعدّدة ، هل هو بسبب القدرة على الابتياع ومثله المختلفة حسب اختلاف الأزمان والأمكنة ، أو أنّه يدور مدار الاعتبار من الأفراد الصالحة لذلك ، والاعتبار لا يتقوّم بثبوت مقدار من الماليّة من مثل الذهب والفضّة في مقابله ، مثلاً لابدّ أن يكون للاسكناس الذي قيمته ألف تومان أن يكون في مقابله هذا المقدار من الذهب مثلاً ؟ الظاهر هو الثاني ودوران الأمر مدار الاعتبار الذي يجري مثله في الملكية والزوجية والرقية والحرية التي يترتّب عليها أحكام كثيرة وآثار غير قليلة .
ويدلّ على ما ذكرنا وجوه كثيرة ، عمدتها ترجع إلى أنّ الأمر في نفس مثل الذهب والفضّة أيضاً كذلك; لعدم كون ماليّتهما بالذات في مقابل الأحجار غير الكريمة ، بل إنّما هو بالاعتبار ، غاية الأمر ثبوت الاعتبار العالمي بالإضافة إليهما دون مثل الاسكناس الذي له اعتبار من مملكة خاصّة ، وإلاّ فهما مشتركان في أصل الاعتبار بحيث لولاه لم يكن له مالية أصلاً; لعدم الفرق ذاتاً بين الذهب والآجر مثلاً ، فالذي يوجب اتّصاف الأوّل بثبوت ماليّة كثيرة له دون الثاني هو الاعتبار العالمي الثابت له ، مع أنّ ثبوت هذا المقدار من مثل الذهب في مقابل الاسكناس المطبوع محلّ نظر بل ممنوع ، فإنّا نرى منهم الإقدام على الطبع من دون ثبوت ذلك في مقابله ، كما أنّا لا نعلم بالمقدار الواقع في مقابله على تقديره ، فيلزم بطلان جميع