(الصفحة 149)
الذي في الشقّ، وإن كان المكان مباحاً أو مملوكاً له ، بل يشكل إذا أخذ الماء من
ذلك الشقّ وتوضّأ في مكان آخر ، وإن كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة .
[549] مسألة 10 : إذا غيّر مجرى نهر من غير إذن مالكه وإن لم يغصب الماء، ففي بقاء حقّ الاستعمال ـ الذي كان سابقاً; من الوضوء والشرب من ذلك الماء ـ لغير الغاصب إشكال ، وإن كان لا يبعد بقاؤه ، هذا بالنسبة إلى مكان التغيير ، وأمّا ما قبله وما بعده فلا إشكال .
[550] مسألة 11 : إذا علم أنّ حوض المسجد وقف على المصلّين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر ، ولو توضّأ بقصد الصلاة فيه ثمّ بدا له أن يصلّي في مكان آخر أو لم يتمكّن من ذلك فالظاهر عدم بطلان وضوئه ، بل هو معلوم في الصورة الثانية ، كما أنّه يصحّ لو توضّأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلّي فيه وإن كان أحوط ، بل لا يترك في صورة التوضّؤ بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها .
[551] مسألة 12 : إذا كان الماء في الحوض وأرضه وأطرافه مباحاً لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبيّ يشكل التوضّؤ منه(1) ، مثل الآنية إذا كان طرف منها غصباً .
[552] مسألة 13 : الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيّاً مشكل ، بل لا يصحّ(2) ، لأنّ حركات يده تصرّف في مال الغير .
[553] مسألة 14 : إذا كان الوضوء مستلزماً لتحريك شيء مغصوب فهو باطل(3) .
- (1) ولكنّ الوضوء صحيح كما مرّ.
- (2) قد مرّت الصحّة وإن كان التصرّف محرّماً.
- (3) بل صحيح على ما مرّ.
(الصفحة 150)
[554] مسألة 15 : الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عدّ تصرّفاً فيها ـ كما في
حال الحرّ والبرد المحتاج إليها ـ باطل(1) .
[555] مسألة 16 : إذا تعدّى الماء المباح عن المكان المغصوب إلى المكان المباح لا إشكال في جواز الوضوء منه .
[556] مسألة 17 : إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير إن قصد المالك تملّكه كان له ، وإلاّ كان باقياً على إباحته، فلو أخذه غيره وتملّكه ملك ، إلاّ أنّه عصى من حيث التصرّف في ملك الغير ، وكذا الحال في غير الماء من المباحات، مثل الصيد وما أطارته الريح من النباتات .
[557] مسألة 18 : إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضّأ بحيث لا ينافي فوريّته فالظاهر صحّته; لعدم حرمته حينئذ ، وكذا إذا دخل عصياناً ثمّ تاب وخرج بقصد التخلّص من الغصب ، وإن لم يتب ولم يكن بقصد التخلّص ففي صحة وضوئه حال الخروج إشكال(2) .
[558] مسألة 19 : إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح، فإن أمكن ردّه إلى مالكه وكان قابلا لذلك لن يجز التصرّف في ذلك الحوض ، وإن لم يمكن ردّه يمكن أن يقال بجواز التصرّف فيه; لأنّ المغصوب محسوب تالفاً ، لكنّه مشكل من دون رضا مالكه .
الشرط الخامس : أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة
وإلاّ بطل(3) ، سواء اغترف منه أو أداره على اعضائه ، وسواء انحصر فيه أم لا ، ومع الانحصار يجب أن يفرّغ ماءه في ظرف آخر ويتوضّأ به ، وإن لم يمكن التفريغ إلاّ
- (1) بل صحيح ، والوضوء لا يعدّ تصرّفاً فيها ولو في الحالين.
- (2) والأقوى الصحّة.
- (3) على الأحوط بالتفصيل المتقدّم في الآنية المغصوبة.
(الصفحة 151)
بالتوضّؤ يجوز ذلك، حيث إنّ التفريغ واجب ، ولو توضّأ منه جهلا أو نسياناً أو
غفلة صحّ، كما في الآنية الغصبية ، والمشكوك كونه منهما يجوز الوضوء منه كما يجوز سائر استعمالاته .
[559] مسألة 20 : إذا توضّأ من آنية باعتقاد غصبيتها أو كونها من الذهب أو الفضة، ثمّ تبيّن عدم كونها كذلك، ففي صحّة الوضوء إشكال ، ولا يبعد الصحّة إذا حصل منه قصد القربة .
الشرط السادس : أن لا يكون ماء الوضوء مستعملا في رفع الخبث ولو كان طاهراً ، مثل ماء الاستنجاء مع الشرائط المتقدّمة ، ولافرق بين الوضوء الواجب والمستحب على الأقوى، حتّى مثل وضوء الحائض ، وأمّا المستعمل في رفع الحدث الأصغر فلا إشكال في جواز التوضّؤ منه ، والأقوى جوازه من المستعمل في رفع الحدث الأكبر، وإن كان الأحوط تركه مع وجود ماء آخر .
وأمّا المستعمل في الأغسال المندوبة فلا إشكال فيه أيضاً ، والمراد من المستعمل في رفع الأكبر هو الماء الجاري على البدن للاغتسال إذا اجتمع في مكان ، وأمّا ما ينصبّ من اليد أو الظرف حين الاغتراف أو حين إرادة الإجراء على البدن من دون أن يصل إلى البدن فليس من المستعمل ، وكذا ما يبقى في الإناء ، وكذا القطرات الواقعة في الإناء ولو من البدن ، ولو توضّأ من المستعمل في الخبث جهلا أو نسياناً بطل ، ولو توضّأ من المستعمل في رفع الأكبر احتاط بالإعادة .
السابع : أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض، أو خوف عطش أو نحو ذلك ، وإلاّ فهو مأمور بالتيمّم ، ولو توضّأ والحال هذه بطل(1) ، ولو كان جاهلا بالضرر صحّ وإن كان متحقّقاً في الواقع ، والأحوط الإِعادة أو التيمّم .
(الصفحة 152)
الثامن : أن يكون الوقت واسعاً للوضوء والصلاة، بحيث لم يلزم من التوضّؤ وقوع صلاته ولو ركعة منها خارج الوقت ، وإلاّ وجب التيمّم ، إلاّ أن يكون التيمّم أيضاً كذلك، بأن يكون زمانه بقدر زمان الوضوء أو أكثر ، إذ حينئذ يتعيّن الوضوء ، ولو توضّأ في الصورة الأُولى بطل(1) إن كان قصده امتثال الأمر المتعلّق به من حيث هذه الصلاة على نحو التقييد . نعم، لو توضّأ لغاية اُخرى أو بقصد القربة صحّ ، وكذا لو قصد ذلك الأمر بنحو الداعي لا التقييد .
[560] مسألة 21 : في صورة كون استعمال الماء مضرّاً لو صبّ الماء على ذلك المحلّ الذي يتضرّر به ووقع في الضرر، ثمّ توضّأ صحّ إذا لم يكن الوضوء موجباً لزيادته ، لكنّه عصى بفعله الأوّل .
التاسع : المباشرة في أفعال الوضوء في حال الاختيار ، فلو باشرها الغير أو أعانه في الغسل أو المسح بطل ، وأمّا المقدّمات للأفعال فهي أقسام :
أحدها : المقدّمات البعيدة ، كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك ، وهذه لا مانع من تصدّي الغير لها .
الثاني : المقدّمات القريبة ، مثل صبّ الماء في كفّه ، وفي هذه يكره مباشرة الغير .
الثالث : مثل صبّ الماء على أعضائه مع كونه هو المباشر لإجرائه وغسل أعضائه ، وفي هذه الصورة وإن كان لا يخلو تصدّي الغير عن إشكال، إلاّ أنّ الظاهر صحّته ، فينحصر البطلان فيما لو باشر الغير غسله أو أعانه على المباشرة، بأن
- (1) بل يصحّ مطلقاً، وقد مرّ أنّ الوضوء لا يكون مأموراً به من قبل الصلاة أصلاً، وعلى تقديره لا يكون ذلك الأمر ملاكاً لعباديّته ; لكونه أمراً مقدّمياً توصّلياً، بل ملاك عباديّته رجحانه ومحبوبيّته ، أو تعلّق أمر استحبابي به ، وهو مع هذه الجهة تكون مقدّمة لمثل الصلاة لا نفس الغسلات والمسحات.
(الصفحة 153)
يكون الإجراء والغسل منهما معا .
[561] مسألة 22 : إذا كان الماء جارياً من ميزاب أو نحوه فجعل وجهه أو يده تحته بحيث جرى الماء عليه بقصد الوضوء صحّ ، ولا ينافي وجوب المباشرة ، بل يمكن أن يقال: إذا كان شخص يصبّ الماء من مكان عال لا بقصد أن يتوضّأ به أحد، وجعل هو يده أو وجهه تحته صحّ أيضاً ، ولا يعدّ هذا من إعانة الغير أيضاً .
وإن توقّف على الأُجرة ، فيغسل الغير أعضاءه وينوي هو الوضوء ، ولو أمكن إجراء الغير الماء بيد المنوب عنه; بأن يأخذ يده ويصبّ الماء فيها ويجريه بها هل يجب أم لا؟ الأحوط ذلك ، وإن كان الأقوى عدم وجوبه ; لأنّ مناط المباشرة في الإجراء، واليد آلة، والمفروض أنّ فعل الإجراء من النائب . نعم، في المسح لابدّ من كونه بيد المنوب عنه لا النائب ، فيأخذ يده ويمسح بها رأسه ورجليه ، وإن لم يمكن ذلك أخذ الرطوبة التي في يده ويمسح بها(2) ، ولو كان يقدر على المباشرة في بعض دون بعض بعَّض .
العاشر الترتيب، بتقديم الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليد اليسرى، ثمّ مسح الرأس، ثمّ الرجلين(3) ، ولا يجب الترتيب بين أجزاء كلّ عضو . نعم، يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مرّ ، ولو أخلّ بالترتيب ولو جهلا أو نسياناً بطل إذا تذكّر بعد الفراغ
وفوات الموالاة . وكذا إن تذكّر في الأثناء، لكن كانت نيّته فاسدة، حيث نوى
- (1) التعبير المناسب هو الاستعانة دون الاستنابة ، والفرق بينهما ظاهر من جهة النيّة ، ولكنّه حيث يكون التعبير في معقد الإجماع هي الاستنابة فمقتضى الاحتياط اللاّزم تصدّي كلّ منهما للنيّة.
- (2) والأحوط ضمّ التيمّم إليه.
- (3) والأحوط فيه تقديم اليمنى على اليسرى أيضاً.