(الصفحة 188)
ويدخل المسجد لأخذ الماء أو الاغتسال فيه ، ولا يبطل تيمّمه لوجدان هذا الماء إلاّ بعد الخروج أو بعد الاغتسال ، ولكن لا يباح بهذا التيمّم إلاّ دخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة ، فلا يجوز له(1) مسّ كتابة القرآن ولا قراءة العزائم إلاّ إذا كانا واجبين فوراً .
[660] مسألة 9 : إذا علم اجمالا جنابة أحد الشخصين(2) لا يجوز له استئجارهما ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم، أو دخول المساجد أو نحو ذلك ممّا يحرم على الجنب .
[661] مسألة 10 : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرّمات المذكورة إلاّ إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة .
فصل
في ما يكره على الجنب
وهي اُمور :
الأوّل : الأكل والشرب ، ويرتفع كراهتهما(3) بالوضوء ، أو غسل اليدين والمضمضة والاستنشاق ، أو غسل اليدين فقط .
الثاني : قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن ما عدا العزائم ، وقراءة ما زاد على السبعين أشدّ كراهة .
- (1) على الأحوط.
- (2) وكانا هما جاهلين بالجنابة، وعليه ففساد الإجارة محلّ إشكال كما مرّ.
- (3) غاية الأمر أنّ للكراهة مراتب ترتفع أُولاها بغسل اليدين، والثانية به وبالمضمضة، والثالثة بهما وبغسل الوجه، والأخيرة بالوضوء المشتمل على المضمضة.
(الصفحة 189)
الثالث : مسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد والأوراق والحواشي وما بين
السطور .
الرابع : النوم ، إلاّ أن يتوضّأ أو يتيمّم ـ إن لم يكن له الماء ـ بدلا عن الغسل .
الخامس : الخضاب ، رجلا كان أو امرأة ، وكذا يكره للمختضب قبل أن يأخذ اللون إجناب نفسه .
السادس : التدهين .
السابع : الجماع إذا كان جنابته بالاحتلام .
الثامن : حمل المصحف .
التاسع : تعليق المصحف .
فصل
[في كيفية الغسل وأحكامه]
غيري للغايات المستحبّة ، والقول بوجوبه النفسي ضعيف ، ولا يجب فيه قصد الوجوب والندب ، بل لو قصد الخلاف لا يبطل(2) إذا كان مع الجهل، بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع وتحقّق منه قصد القربة ، فلو كان قبل الوقت واعتقد دخوله
فقصد الوجوب لا يكون باطلا ، وكذا العكس ، ومع الشك في دخوله يكفي الإتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي، أو بقصد إحدى غاياته المندوبة، أو بقصد ما
- (1) مرّ في باب الوضوء أنّه لا يكون واجباً غيريّاً ولا مستحبّاً كذلك والغسل مثله.
- (2) الوجه في عدم البطلان هو كون الملاك في عباديّته رجحانه الذاتي لا تعلّق الأمر الغيري به; لأنّه مضافاً إلى منع ثبوته لا يكون إلاّ توصّلياً.
(الصفحة 190)
في الواقع من الأمر الوجوبيّ أو الندبيّ .
والواجب فيه بعد النيّة غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه ، فلا يجب غسل باطن العين والأنف والأُذن والفم ونحوها ، ولا يجب(1) غسل الشعر مثل اللحية، بل يجب غسل ما تحته من البشرة، ولا يجزئ غسله عن غسلها . نعم، يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءاً من البدن مع البشرة ، والثُقبة التي في الأُذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيّقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها ، وإن كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر وجب غسلها .
وله كيفيّتان :
الأُولى : الترتيب ، وهو أن يغسل الرأس والرقبة أوّلا، ثمّ الطرف الأيمن من البدن، ثمّ الطرف الأيسر ، والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن، والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسُرّة والعورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن، ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، والأولى أن يغسل تمامهما مع كلّ من الطرفين ، والترتيب المذكور شرط واقعيّ ، فلو عكس ولو جهلا أو سهواً بطل ، ولا يجب البدأة بالأعلى في كلّ عضو، ولا الأعلى فالأعلى، ولا الموالاة العرفيّة بمعنى التتابع، ولا بمعنى عدم الجفاف ، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صحّ ، وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد ، ولو تذكّر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء ، فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب .
الثانية : الارتماس ، وهو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية ، واللازم
(الصفحة 191)
أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد ، وإن كان غمسه على التدريج ، فلو
خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف ، كما إذا خرجت رجله، أو دخلت في الطين قبل أن يدخل رأسه في الماء ، أو بالعكس; بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله ، ولايلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء، بل لو كان بعضه خارجاً فارتمس كفى ، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل وحرّك بدنه كفى على الأقوى(1) ، ولو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الإعادة، ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط ، ويجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته ، ولا فرق في كيفيّة الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره من سائر الأغسال الواجبة والمندوبة .
نعم، في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع ، بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي إن شاءالله .
[662] مسألة 1 : الغسل الترتيبي أفضل(2) من الارتماسي .
[663] مسألة 2 : قد يتعيّن الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي ، وقد يتعيّن الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب وحال الإحرام ، وكذا إذا كان الماء للغير ولم يرض بالارتماس فيه .
[664] مسألة 3 : يجوز في الترتيبي أن يغسل كلّ عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس ، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرّات : مرّة بقصد غسل الرأس، ومرّة بقصد غسل الأيمن، ومرّة بقصد غسل الأيسر كفى ، وكذا لو حرّك بدنه تحت الماء
ثلاث مرّات، أو قصد بالارتماس غسل الرأس، وحرّك بدنه تحت الماء بقصد
- (1) ولكن الأحوط أن يكون الارتماس بعد خروج شيء من البدن من الماء، بل معظمه.
- (2) محلّ تأمّل.
(الصفحة 192)
الأيمن، وخرج بقصد الأيسر ، ويجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس والبقيّة بالترتيب ، بل يجوز غسل بعض كلّ عضو بالارتماس وبعضه الآخر بإمرار اليد .
[665] مسألة 4 : الغسل الارتماسي يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يقصد الغسل(1) بأوّل جزء دخل في الماء، وهكذا إلى الآخر، فيكون حاصلا على وجه التدريج .
والثاني : أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه، وحينئذ يكون آنيّاً، وكلاهما صحيح ، ويختلف باعتبار القصد ، ولو لم يقصد أحد الوجهين صحّ أيضاً وانصرف إلى التدريجيّ .
[666] مسألة 5 : يشترط في كلّ عضو أن يكون طاهراً حين غسله، فلو كان نجساً طهَّره أوّلا ، ولا يكفي غسل واحد لرفع الخبث والحدث كما مرّ في الوضوء ، ولا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل وإن كان أحوط .
[667] مسألة 6 : يجب اليقين بوصول الماء إلى جيمع الأعضاء ، فلو كان حائل وجب رفعه ، ويجب اليقين بزواله مع سبق وجوده ،ومع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان(2) بعدمه بعد الفحص .
[668] مسألة 7 : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر أو الباطن يجب غسله(3) ، على خلاف ما مرّ في غسل النجاسات، حيث قلنا بعدم وجوب غسله ، والفرق أنّ هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجّسه بخلافه هنا، حيث إنّ التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ . نعم، لو كان ذلك الشيء باطناً سابقاً وشك في
- (1) بحيث كان المؤثّر في تحقّق الغسل الحدوث، والبقاء في غير الجزء الأخير، والحدوث فقط في خصوص الجزء الأخير.
- (2) إذا كان للشك منشأ عقلائي.
- (3) على الأحوط.