(الصفحة 146)
[542] مسألة 3 : إذا كان في بعض مواضع وضوئه جُرح لا يضرّه الماء ولا ينقطع دمه، فليغمسه بالماء وليعصره قليلا حتّى ينقطع الدم آناً ما، ثمّ ليحرّكه بقصد الوضوء مع ملاحظة الشرائط الأُخر، والمحافظة على عدم لزوم المسح بالماء الجديد إذا كان في اليد اليسرى، بأن يقصد الوضوء بالإخراج من الماء .
الثالث : أن لا يكون على المحلّ حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة ، ولو شك في وجوده يجب الفحص(1) حتّى يحصل اليقين أو الظنّ بعدمه ، ومع العلم بوجوده يجب تحصيل اليقين(2) بزواله .
الرابع : أن يكون الماء وظرفه، ومكان الوضوء، ومصَبّ مائه مباحاً ، فلا يصحّ لو كان واحد منها غصباً، من غير فرق بين صورة الانحصار وعدمه(3) ، إذ مع فرض عدم الانحصار وإن لم يكن مأموراً بالتيمّم إلاّ أنّ وضوءه حرام من جهة كونه تصرّفاً، أو مستلزماً للتصرّف في مال الغير فيكون باطلا . نعم، لو صبّ الماء المباح من الظرف الغصبي في الظرف المباح ثمّ توضّأ لا مانع منه، وإن كان تصرّفه السابق على الوضوء حراماً ، ولا فرق في هذه الصورة بين صورة الانحصار
- (1) مع وجود منشأ عقلائي له كما مرّ ، ومعه لا يكفي حصول الظنّ بالعدم إلاّ إذا بلغ مرتبة الاطمئنان.
- (2) أو الاطمئنان.
- (3) الظاهر أنّه لا يبطل الوضوء مع كون المكان مغصوباً ، سواء اُريد به الفضاء الذي يقع فيه الغسل والمسح ، أو اُريد به المكان الذي يقرّ فيه المتوضّئ، كما أنّ الظاهر عدم مدخليّة إباحة المصبّ في الصحّة ، وإن عدّ الصبّ تصرّفاً فيه عرفاً أو كان جزءاً أخيراً للعلّة التامّة، وأمّا اعتبار إباحة الآنية التي يتوضّأ منها ففي صورة انحصار الماء بما في الآنية المغصوبة يكون الوضوء منها باطلاً ، سواء كان بالارتماس والغمس أو بالاغتراف، وفي صورة عدم الانحصار يكون الحكم فيها أيضاً البطلان إذا كان بالغمس والارتماس، وأمّا إذا كان بالاغتراف فالظاهر فيه هي الصحّة.
(الصفحة 147)
وعدمه ، إذ مع الانحصار وإن كان قبل التفريغ في الظرف المباح مأموراً بالتيمّم إلاّ أنّه بعد هذا يصير واجداً للماء في الظرف المباح . وقد لا يكون التفريغ أيضاً حراماً، كما لو كان الماء مملوكاً له، وكان إبقاؤه في ظرف الغير تصرّفاً فيه فيجب تفريغه حينئذ ، فيكون من الأوّل مأموراً بالوضوء ولو مع الانحصار .
[543] مسألة 4 : لا فرق في عدم صحّة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم والعمد والجهل أو النسيان . وأمّا في الغصب فالبطلان مختصّ بصورة العلم والعمد، سواء كان في الماء أو المكان أو المصبّ ، فمع الجهل بكونها مغصوبة أو النسيان لا بطلان ، بل وكذا مع الجهل بالحكم أيضاً إذا كان قاصراً، بل ومقصّراً أيضاً إذا حصل منه قصد القربة ، وإن كان الأحوط(1) مع الجهل بالحكم خصوصاً في المقصِّر الإعادة .
[544] مسألة 5 : إذا التفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء صح ما مضى من أجزائه ويجب تحصيل المباح للباقي ، وإذا التفت بعد الغسلات قبل المسح هل يجوز المسح بما بقي من الرطوبة في يده ويصحّ الوضوء أو لا؟ قولان، أقواهما الأوّل ; لأنّ هذه النداوة(2) لا تعدّ مالا وليس ممّا يمكن ردّه إلى مالكه ، ولكن الأحوط الثاني . وكذا إذا توضّأ بالماء المغصوب عمداً ثمّ أراد الإعادة، هل يجب عليه تجفيف ما على مَحالّ الوضوء من رطوبة الماء المغصوب أو الصبر حتّى تجفّ أو لا؟ قولان: أقواهما الثاني وأحوطهما الأوّل ، وإذا قال المالك : أنا لا أرضى أن تمسح بهذه الرطوبة أو تتصرّف فيها لا يسمع منه، بناءً على ما ذكرنا. نعم، لو فرض إمكان انتفاعه بها فله
- (1) بل الأقوى في المقصّر على تقدير اعتبار عدم الغصبية.
- (2) التعليل عليل; لأنّ الحرمة لا تدور مدار المالية، بل الملكية وهي متحقّقة، ولا يبعد التفصيل بين كون ما في اليد أجزاء مائية تعدّ ماءاً عرفاً ، وبين كونه محض الرطوبة التي كأنّها من الكيفيّات عرفاً ، فيصحّ في الثاني دون الأوّل ، وكذا في الفرض الآتي.
(الصفحة 148)
ذلك ، ولا يجوز المسح بها حينئذ .
[545] مسألة 6 : مع الشك(1) في رضا المالك لا يجوز التصرّف ، ويجري عليه حكم الغصب ، فلابدّ فيما إذا كان ملكاً للغير من الإذن في التصرّف فيه صريحاً أو فحوى أو شاهد حال قطعيّ .
[546] مسألة 7 : يجوز الوضوء والشرب من الأنهار الكبار، سواء كانت قنوات أو منشقّة من شطّ، وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين . نعم، مع نهيهم يشكل الجواز ، وإذا غصبها غاصب أيضاً يبقى جواز التصرّف لغيره ما دامت جارية في مجراها الأوّل ، بل يمكن بقاؤه(2) مطلقاً ، وأمّا للغاصب فلا يجوز ، وكذا لأتباعه; من زوجته وأولاده وضيوفه وكلّ من يتصرّف فيها بتبعيّته ، وكذلك الأراضي الوسيعة يجوز الوضوء فيها كغيره من بعض التصرّفات، كالجلوس والنوم ونحوهما ما لم ينه المالك ولم يعلم كراهته ، بل مع الظنّ أيضاً الأحوط الترك ، ولكن في بعض أقسامها يمكن أن يقال: ليس للمالك النهي أيضاً .
[547] مسألة 8 : الحياض الواقعة في المساجد والمدارس إذا لم يعلم كيفيّة وقفها ـ من اختصاصها بمن يصلّي فيها، أو الطلاّب الساكنين فيها، أو عدم اختصاصها ـ لايجوز لغيرهم الوضوء منها إلاّ مع جريان العادة(3) بوضوء كلّ من يريد مع عدم منع من أحد ، فإنّ ذلك يكشف عن عموم الإذن ، وكذا الحال في غير المساجد والمدارس، كالخانات ونحوها .
[548] مسألة 9 : إذا شقّ نهر أو قناة من غير إذن مالكه لا يجوز الوضوء بالماء
- (1) وعدم سبق الرضا.
- (2) وهو الظاهر.
- (3) وكشفها عن عموم الإذن.
(الصفحة 149)
الذي في الشقّ، وإن كان المكان مباحاً أو مملوكاً له ، بل يشكل إذا أخذ الماء من
ذلك الشقّ وتوضّأ في مكان آخر ، وإن كان له أن يأخذ من أصل النهر أو القناة .
[549] مسألة 10 : إذا غيّر مجرى نهر من غير إذن مالكه وإن لم يغصب الماء، ففي بقاء حقّ الاستعمال ـ الذي كان سابقاً; من الوضوء والشرب من ذلك الماء ـ لغير الغاصب إشكال ، وإن كان لا يبعد بقاؤه ، هذا بالنسبة إلى مكان التغيير ، وأمّا ما قبله وما بعده فلا إشكال .
[550] مسألة 11 : إذا علم أنّ حوض المسجد وقف على المصلّين فيه لا يجوز الوضوء منه بقصد الصلاة في مكان آخر ، ولو توضّأ بقصد الصلاة فيه ثمّ بدا له أن يصلّي في مكان آخر أو لم يتمكّن من ذلك فالظاهر عدم بطلان وضوئه ، بل هو معلوم في الصورة الثانية ، كما أنّه يصحّ لو توضّأ غفلة أو باعتقاد عدم الاشتراط ، ولا يجب عليه أن يصلّي فيه وإن كان أحوط ، بل لا يترك في صورة التوضّؤ بقصد الصلاة فيه والتمكّن منها .
[551] مسألة 12 : إذا كان الماء في الحوض وأرضه وأطرافه مباحاً لكن في بعض أطرافه نصب آجر أو حجر غصبيّ يشكل التوضّؤ منه(1) ، مثل الآنية إذا كان طرف منها غصباً .
[552] مسألة 13 : الوضوء في المكان المباح مع كون فضائه غصبيّاً مشكل ، بل لا يصحّ(2) ، لأنّ حركات يده تصرّف في مال الغير .
[553] مسألة 14 : إذا كان الوضوء مستلزماً لتحريك شيء مغصوب فهو باطل(3) .
- (1) ولكنّ الوضوء صحيح كما مرّ.
- (2) قد مرّت الصحّة وإن كان التصرّف محرّماً.
- (3) بل صحيح على ما مرّ.
(الصفحة 150)
[554] مسألة 15 : الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عدّ تصرّفاً فيها ـ كما في
حال الحرّ والبرد المحتاج إليها ـ باطل(1) .
[555] مسألة 16 : إذا تعدّى الماء المباح عن المكان المغصوب إلى المكان المباح لا إشكال في جواز الوضوء منه .
[556] مسألة 17 : إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير إن قصد المالك تملّكه كان له ، وإلاّ كان باقياً على إباحته، فلو أخذه غيره وتملّكه ملك ، إلاّ أنّه عصى من حيث التصرّف في ملك الغير ، وكذا الحال في غير الماء من المباحات، مثل الصيد وما أطارته الريح من النباتات .
[557] مسألة 18 : إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضّأ بحيث لا ينافي فوريّته فالظاهر صحّته; لعدم حرمته حينئذ ، وكذا إذا دخل عصياناً ثمّ تاب وخرج بقصد التخلّص من الغصب ، وإن لم يتب ولم يكن بقصد التخلّص ففي صحة وضوئه حال الخروج إشكال(2) .
[558] مسألة 19 : إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح، فإن أمكن ردّه إلى مالكه وكان قابلا لذلك لن يجز التصرّف في ذلك الحوض ، وإن لم يمكن ردّه يمكن أن يقال بجواز التصرّف فيه; لأنّ المغصوب محسوب تالفاً ، لكنّه مشكل من دون رضا مالكه .
الشرط الخامس : أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة
وإلاّ بطل(3) ، سواء اغترف منه أو أداره على اعضائه ، وسواء انحصر فيه أم لا ، ومع الانحصار يجب أن يفرّغ ماءه في ظرف آخر ويتوضّأ به ، وإن لم يمكن التفريغ إلاّ
- (1) بل صحيح ، والوضوء لا يعدّ تصرّفاً فيها ولو في الحالين.
- (2) والأقوى الصحّة.
- (3) على الأحوط بالتفصيل المتقدّم في الآنية المغصوبة.