(الصفحة 582)
أو بعده أو في سجوده أو بعده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية إلى الصف ، سواء كان لطلب المكان الأفضل، أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك ، وسواء كان المشي إلى الأمام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة، وأن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علوّ أو نحو ذلك .
نعم، لا يضر البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الأقوى إذا صدق معه القدوة، وإن كان الأحوط(1) اعتبار عدمه أيضاً ، والأقوى عدم وجوب جرّ الرجلين حال المشي، بل له المشي متخطِّياً على وجه لا تنمحي صورة الصلاة ، والأحوط ترك الاشتغال بالقراءة والذكر الواجب أو غيره ممّا يعتبر فيه الطمأنينة حاله ، ولا فرق في ذلك بين المسجد وغيره .
فصل
[في شرائط الجماعة]
يشترط في الجماعة مضافاً إلى ما مر في المسائل المتقدّمة اُمور :
أحدها : أن لا يكون بين الإمام والمأموم حائل يمنع عن مشاهدته ، وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممّن يكون واسطة في اتّصاله بالإمام، كمن في صفّه من طرف الإمام أو قدّامه إذا لم يكن في صفه من يتّصل بالإمام ، فلو كان حائل ولو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة، من غير فرق في الحائل بين كونه جداراً أو غيره، ولو شخص إنسان لم يكن مأموماً . نعم،
(الصفحة 583)
إنّما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلاً ، أمّا المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلاً بشرط أن تتمكّن من المتابعة; بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام والركوع والسجود ونحوها ، مع أنّ الأحوط فيها أيضاً عدم الحائل، هذا، وأمّا إذا كان الإمام امرأة أيضاً فالحكم كما في الرجل(1) .
الثاني : أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوّاً معتدّاً به دفعياً كالأبنية ونحوها لا انحدارياً على الأصح ، من غير فرق بين المأموم الأعمى والبصير و الرجل والمرأة ، ولا بأس بغير المعتدّ به ممّا هو دون الشبر(2) ، ولا بالعلوّ الانحداري، حيث يكون العلوّ فيه تدريجياً على وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض ، وأمّا إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه ، ولا بأس بعلوّ المأموم على الإمام ولو بكثير(3) .
الثالث : أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيراً في العادة إلاّ إذا كان في صف متّصل بعضه ببعض حتّى ينتهي إلى القريب ، أو كان في صف ليس بينه وبين الصف المتقدّم البعد المزبور، وهكذا حتّى ينتهي إلى القريب ، والأحوط احتياطاً لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام ومسجَد المأموم، أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة التي تملأ الفرج ، وأحوط(4) من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة ، والأفضل بل الأحوط أيضاً أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد; بأن يكون مسجد اللاّحق وراء موقف السابق بلا فصل .
- (1) أي في اعتبار عدم الحائل .
- (2) لا دليل على التقدير بالشبر، والمعيار العلوّ الذي لا يعتدّ به ولا يرى العرف الأرفعية له .
- (3) إذا لم يمنع عن صدق الاجتماع، كما في الأبنية العالية المتداولة في هذا العصر .
- (4) لا يترك .
(الصفحة 584)
الرابع : أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، فلو تقدّم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته(1) إن بقي على نية الائتمام ، والأحوط تأخّره(2) عنه ، وإن كان الأقوى جواز المساواة ، ولا بأس بعد تقدّم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه وسجوده لطول قامته ونحوه ، وإن كان الأحوط مراعاة عدم التقدّم في جميع الأحوال حتّى في الركوع والسجود والجلوس ، والمدار على الصدق العرفي .
[1898] مسألة 1 : لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة في أحوال الصلاة وإن كان مانعاً منها حال السجود، كمقدار الشبر، بل أزيد أيضاً . نعم، إذا كان مانعاً حال الجلوس فيه إشكال لا يترك معه الاحتياط .
[1899] مسألة 2 : إذا كان الحائل مما يتحقّق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلاً أو حال القيام لثقب في أعلاه أو حال الهويّ إلى السجود لثقب في أسفله فالأحوط والأقوى فيه عدم الجواز ، بل وكذا لو كان في الجميع لصدق الحائل معه أيضاً .
[1900] مسألة 3 : إذا كان الحائل زجاجاً يحكي من ورائه فالأقوى(3) عدم جوازه للصدق .
[1901] مسألة 4 : لا بأس بالظلمة والغبار ونحوهما ، ولا تعدّ من الحائل ، وكذا النهر والطريق إذا لم يكن فيهما بُعد ممنوع في الجماعة .
[1902] مسألة 5 : الشباك لا يعدّ من الحائل ، وإن كان الأحوط الاجتناب
- (1) جماعة دون صلاته فرادى، إلاّ مع الإخلال بما هو وظيفته فيها .
- (2) لا يترك تأخّره ولو يسيراً .
- (3) بل الأحوط .
(الصفحة 585)
معه، خصوصاً مع ضيق الثقب ، بل المنع في هذه الصورة لا يخلو عن قوّة(1) لصدق
الحائل معه .
[1903] مسألة 6 : لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض، وإن كان أهل الصف المتقدّم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيّئين(2) لها .
[1904] مسألة 7: لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأوّل أو أكثره للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف، ولاأطولية الصف الثاني مثلاً من الأوّل.
[1905] مسألة 8 : لو كان الإمام في محراب داخل في جدار ونحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار ممن يحول الحائط بينه وبين الإمام ، ويصح اقتداء من يكون مقابلاً للباب لعدم الحائل بالنسبة إليه ، بل وكذا من على جانبيه ممن لا يرى الإمام، لكن مع اتصال الصف على الأقوى، وإن كان الأحوط(3) العدم ، وكذا الحال إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلاً للباب ووقف الصف من جانبيه، فإنّ الأقوى صحّة صلاة الجميع وإن كان الأحوط العدم بالنسبة إلى الجانبين .
[1906] مسألة 9 : لا يصح اقتداء من بين الاُسطوانات مع وجود الحائل بينه وبين من تقدّمه إلاّ إذا كان متصلاً بمن لم تحل الاُسطوانة بينهم ، كما أنّه يصح إذا لم يتصل بمن لاحائل له لكن لم يكن بينه وبين من تقدّمه حائل مانع .
[1907] مسألة 10 : لو تجدّد الحائل في الأثناء فالأقوى بطلان الجماعة ويصير منفرداً .
[1908] مسألة 11 : لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلاً به لعمى أو
- (1) في القوّة إشكال .
- (2) بالتهيّؤ القريب من الدخول .
- (3) لا يترك، وكذا في الفرع الآتي .
(الصفحة 586)
نحوه لم تصح جماعة ، فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد أتمّ منفرداً ، وإلاّ بطلت .
[1909] مسألة 12 : لا بأس بالحائل الغير المستقر كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك . نعم، إذا اتصلت المارة لا يجوز، وإن كانوا غير مستقرين لاستقرار المنع حينئذ .
[1910] مسألة 13: لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه ، وكذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه ، وأمّا لو شك في وجوده وعدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلاّ مع الاطمئنان بعدمه .
[1911] مسألة 14 : إذا كان الحائل ممّا لا يمنع عن المشاهدة حال القيام ولكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس، والمفروض زواله حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟ فيه وجهان، والأحوط(1) كونه مانعاً من الأوّل ، وكذا العكس لصدق وجود الحائل بينه وبين الإمام .
نعم، إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل ودخلوا مع الإمام في صلاة اُخرى لا يبعد(3) بقاء قدوة المتأخّرين .
[1913] مسألة 16 : الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز معه الاقتداء .
- (1) إن كان المفروض صورة الشك في زواله كذلك حال الدخول، وإن كان المفروض صورة العلم به فالأقوى عدم كونه مانعاً .
- (2) مع فرض بقاء الاتصال .
- (3) مشكل، بل بعيد .