(الصفحة 439)
حصل الفصل الطويل المخلّ بالموالاة يعيد من الأوّل من غير فرق أيضاً بين العمد وغيره .
الرابع : الموالاة بين الفصول من كلّ منهما على وجه تكون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرّعة ، وكذا بين الأذان والإقامة، وبينهما وبين الصلاة ، فالفصل الطويل المخلّ بحسب عرف المتشرّعة بينهما، أو بينهما وبين الصلاة مبطل .
الخامس : الإتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية ، فلا يجزئ ترجمتهما، ولا مع تبديل حرف بحرف .
السادس : دخول الوقت ، فلو أتى بهما قبله ولو لا عن عمد لم يجتزئ بهما، وإن دخل الوقت في الأثناء . نعم، لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام، وإن كان الأحوط إعادته بعده .
السابع : الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط ، بل لا يخلو عن قوّة ، بخلاف الأذان .
[1403] مسألة : إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة لم يعتن به ، وكذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل اللاحق ، ولوشك قبل التجاوز أتى بما شك فيه .
فصل
[في مستحبّات الأذان والإقامة]
يستحب فيهما أُمور :
الأوّل : الاستقبال .
الثاني : القيام .
(الصفحة 440)
الثالث : الطهارة في الأذان ، وأمّا الإقامة فقد عرفت أنّ الأحوط بل لا يخلو عن قوّة اعتبارها فيها ، بل الأحوط اعتبار الاستقبال والقيام أيضاً فيها ، وإن كان الأقوى الاستحباب .
الرابع : عدم التكلّم في أثنائهما ، بل يكره بعد «قد قامت الصلاة» للمقيم ، بل لغيره أيضاً في صلاة الجماعة إلاّ في تقديم إمام، بل مطلق ما يتعلّق بالصلاة كتسوية صف ونحوه ، بل يستحب له إعادتها حينئذ .
الخامس : الاستقرار في الإقامة .
السادس : الجزم في أواخر فصولهما مع التأنّي في الأذان والحدر في الإقامة على وجه لا ينافي قاعدة الوقف .
السابع : الإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة في آخر كلّ فصل هو فيه .
الثامن : وضع الاصبعين في الاُذنين في الأذان .
التاسع : مدّ الصوت في الأذان ورفعه ، ويستحب الرفع في الإقامة أيضاً إلاّ أنّه دون الأذان .
العاشر : الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين(1) أو خطوة، أو قعدة، أو سجدة، أو ذكر، أو دعاء، أو سكوت، بل أو تكلّم لكن في غير الغداة ، بل لا يبعد كراهته فيها .
[1404] مسألة 1 : لو اختار السجدة يستحب أن يقول في سجوده :
«ربّ سجدت لك خاضعاً خاشعاً» ، أو يقول :
«لا إله إلاّ أنت سجدت لك خاضعاً خاشعاً» ، ولو اختار القعدة يستحب أن يقول :
«اللّهمَّ اجعل قلبي بارّاً ورزقي دارّاً وعملي سارّاً، واجعل لي عند قبر نبيّك قراراً ومستقرّاً» ، ولو اختار الخطوة أن
- (1) والأولى الفصل في صلاة المغرب بغيرهما .
(الصفحة 441)
يقول : «بالله أستفتح، وبمحمّد (صلى الله عليه وآله) أستنجح وأتوجّه ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد
وآل محمّد، واجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين» .
[1405] مسألة 2 : يستحب لمن سمع المؤذّن يقول :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله» أن يقول :
«وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمّداً رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أكتفي بها عن كلّ من أبى وجحد ، وأعين بها من أقرّ وشهد» .
[1406] مسألة 3 : يستحب في المنصوب للأذان أن يكون عدلاً، رفيع الصوت، مبصراً، بصيراً بمعرفة الأوقات ، وأن يكون على مرتفع منارة أو
[1407] مسألة 4 : من ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمداً حتّى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها لتداركهما . نعم، إذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع، منفرداً كان أو غيره حال الذكر ، لا ما إذا عزم على الترك زماناً معتدّاً به ثمّ أراد الرجوع ، بل وكذا لو بقي على التردّد كذلك ، وكذا لا يرجع لو نسي أحدهما(1) أو نسي بعض فصولهما، بل أو شرائطهما على الأحوط .
[1408] مسألة 5 : يجوز للمصلّي فيها إذا جاز له ترك الإقامة تعمّد الاكتفاء بأحدهما ، لكن لو بنى على ترك الأذان فأقام ثمّ بدا له فعله أعادها بعده .
[1409] مسألة 6 : لو نام في خلال أحدهما أو جنّ أو اُغمي عليه أو سكر ثمّ أفاق جاز له البناء مالم تفت الموالاة، مراعياً لشرطية الطهارة في الإقامة ، لكن الأحوط الإعادة فيها مطلقاً، خصوصاً في النوم ، وكذا لو ارتدّ عن ملّة(2) ثمّ تاب .
[1410] مسألة 7 : لو أذّن منفرداً وأقام ثمّ بدا له الإمامة(3) يستحب له إعادتهما .
- (1) جواز الرجوع في نسيان الإقامة لا يخلو عن قوّة .
- (2) بل مطلقاً .
- (3) أو المأموميّة .
(الصفحة 442)
[1411] مسألة 8 : لو أحدث في أثناء الإقامة أعادها بعد الطهارة بخلاف الأذان . نعم، يستحب فيه أيضاً الإعادة بعد الطهارة .
[1412] مسألة 9 : لا يجوز أخذ الاُجرة على أذان الصلاة ، ولو أتى به بقصدها بطل ، وأمّا أذان الإعلام فقد يقال بجواز(1) أخذها عليه ، لكنّه مشكل . نعم، لا بأس بالارتزاق من بيت المال .
[1413] مسألة 10 : قد يقال : إنّ اللحن في أذان الإعلام لا يضرّ ، وهو
ممنوع .
فصل
[في شرائط قبول الصلاة وزيادة ثوابها]
ينبغي للمصلّي بعد إحراز شرائط صحّة الصلاة ورفع موانعها السعي في تحصيل شرائط قبولها ورفع موانعه ، فإنّ الصحّة والإجزاء غير القبول ، فقد يكون العمل صحيحاً ولا يعدّ فاعله تاركاً بحيث يستحقّ العقاب على الترك، لكن لا يكون مقبولاً للمولى ، وعمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل، فإنّه روحه وهو بمنزلة الجسد ، فإن كان حاصلاً في جميعه فتمامه مقبول ، وإلاّ فبمقدراه ، فقد يكون نصفه مقبولاً، وقد يكون ثلثه مقبولاً، وقد يكون ربعه وهكذا ، ومعنى الإقبال أن يحضر قلبه ويتفهّم ما يقول، ويتذكّر عظمة الله تعالى، وأنّه ليس كسائر من يخاطب ويتكلّم معه، بحيث يحصل في قلبه هيبة منه ، وبملاحظة أنّه مقصّر في
أداء حقّه يحصل له حالة حياء، وحالة بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع
- (1) وهو الأقوى، بناءً على مشروعيّة أذان الإعلام .
(الصفحة 443)
ملاحظة سعة رحمته تعالى .
وللإقبال وحضور القلب مراتب ودرجات ، وأعلاها ما كان لأمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة ولا يحسّ به ، وينبغي له أن يكون مع الخضوع والخشوع والوقار والسكينة ، وأن يصلّي صلاة مودّع ، وأن يجدّد التوبة والإنابة والاستغفار ، وأن يكون صادقاً في أقواله، كقوله : «إيّاك نعبد وإيّاك نستعين» وفي سائر مقالاته ، وأن يلتفت أنّه لمن يناجي وممّن يسأل ولمن يسأل .
وينبغي أيضاً أن يبذل جهده في الحذر عن مكائد الشيطان وحبائله ومصائده التي منها إدخال العجب في نفس العابد ، وهو من موانع قبول العمل ، ومن موانع القبول أيضاً حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة ، ومنها الحسد والكبر والغيبة ، ومنها أكل الحرام وشرب المسكر ، ومنها النشوز والإباق ، بل مقتضى قوله تعالى :
[المائدة: 5 / 27] عدم قبول الصلاة وغيرها من كلّ عاص وفاسق .
وينبغي أيضاً أن يجتنب ما يوجب قلّة الثواب والأجر على الصلاة; كأن يقوم إليها كسلاً ثقيلاً في سكرة النوم أو الغفلة، أو كان لاهياً فيها أو مستعجلاً أو مدافعاً للبول أو الغائط أو الريح، أو طامحاً ببصره إلى السماء ، بل ينبغي أن يخشع ببصره شبه المغمّض للعين ، بل ينبغي أن يجتنب كلّ ما ينافي الخشوع، وكلّ ما ينافي الصلاة في العرف والعادة، وكلّ ما يشعر بالتكبّر أو الغفلة .
وينبغي أيضاً أن يستعمل ما يوجب زيادة الأجر وارتفاع الدرجة; كاستعمال الطيب، ولبس أنظف الثياب، والخاتم من عقيق، والتمشّط، والاستياك ونحو ذلك .